الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
-
النهي عن مواصلة الصوم والنهي عن صيام الدهر:
3892 -
* روى أبو داود عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الحجامة والمواصلة، ولم يحرمهما إبقاء على أصحابه، فقيل له: يا رسول الله إنك تواصل إلى السحر فقال: "إني أواصل إلى السَّحَرِ، وربي يطعمني ويسقيني".
أقول: كره بعض الفقهاء أن يواصل الإنسان يومين أو ثلاثة أو أكثر دون أن يفطر بينهما، ورخص بعضهم بمواصلة الصوم إلى السحر، وذكر ابن كثير عن بعض الصحابة أنهم كانوا يواصلون من باب الرياضة لأنفسهم، والظاهر: أن الوصال إذا كان معالجة لمرض حسي أو معنوي فهو جائز، وإذا كان أثراً عن حالة روحية خاصة فهو جائز وإلا فهو مكروه لما يترتب عليه من ضعف.
3893 -
* روى الطبراني في الأوسط عن جابر بن عبد الله قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يواصل من السَّحَرَ إلي السَّحَرِ".
3894 -
* روى الشيخان عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم "نهى ن الوصال، قالوا: إنك تواصل؟ قال: "إني لست كهيئتكم، إني أطعم وأسقى".
وفي رواية (1)"لست مثلكم".
وللبخاري (2)"أن النبي صلى الله عليه وسلم واصل، فواصل الناس، فشق عليهم، فنهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يواصلوا، قالوا: إنك تواصل؟ قال: "لست كهيئتكم، إني أظل أطعم وأسقى".
3892 - أبو داود (2/ 309) كتاب الصوم، باب في الرخصة في ذلك، وإسناده صحيح.
3893 -
مجمع الزوائد (3/ 158) وقال الهيثمي: رواه الطبراني في الأوسط وهو حديث حسن.
3894 -
البخاري (4/ 202) 30 - كتاب الصوم، 48 - باب الوصال.
مسلم (2/ 774) 13 - كتاب الصيام، 11 - باب النهي عن الوصال في الصوم.
(الوصال): المواصلة في الصوم: هو أن يصوم يومين أو ثلاثة لا يفطر فيها.
(أطعم وأسقى) أي: أعان على الصوم وأقوى عليه، فيكون ذلك بمنزلة الطعام والشراب لكم.
(1)
البخاري، الموضع السابق.
(2)
البخاري (4/ 139) 30 - كتاب الصوم، 20 - باب بركة السحور من غير إيجاب.
3895 -
* روى الشيخان عن أنس بن مالك (ضي الله عنه) قال: "واصل رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر شهر رمضان، فواصل ناس من المسلمين، فبلغه ذلك، فقال: "لو مُدَّ لنا الشهر لواصلنا وصالاً يدع المتعمقون تعمقهم، إنكم لستم مثلي- أو قال: لست مثلكم- إني أظل يطعمني ربي ويسقيني".
وفي رواية (1) قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تواصلوا، قالوا إنك تواصل؟ قال: "لست كأحد منكم، إني أبيت أطعم وأسقى".
وأخرج الترمذي الثانية، وقال:"إن ربي يطعمني ويسقيني".
أقول: إن سماح رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن أراد الوصال أن يواصل ليريه عجزه دليل عند بعض الفقهاء على أن صوم الوصال غير محرم إلا إذا ثبت ضرره أو أدى إلى تعطيل واجبات أخرى.
3896 -
* روى الشيخان عن عائشة رضي الله عنها قالت: نهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال رحمة لهم، فقالوا: إنك تواصل؟ قال: "إني لست كهيئتكم، إني يطعمني ربي ويسقيني". إلا أن البخاري قال: "نهى"، ولم يقل:"نهاهم" وقال: ولم يذكر عثمان- يعني: ابن أبي شيبة- أحد رواته "رحمة لهم".
3897 -
* روى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال في الصوم، فقال له رجل من المسلمين: إنك تواصل يا رسول الله؟ قال: وأيكم مثلي؟ إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني، فلما أبوا أن ينتهوا عن الوصال واصل بهم
3895 - البخاري (13/ 225) 94 - كتاب التمني، 9 - باب ما يجوز من اللو.
(المتعمقون) المتعمق في الأمر: المبالغ فيه، المجاوز للحد.
(1)
البخاري (4/ 202) الموضع السابق.
مسلم (2/ 776) الموضع السابق.
الترمذي (3/ 148) 6 - كتاب الصوم، 62 - باب ما جاء في كراهية الوصال للصائم.
3896 -
البخاري (4/ 202) 30 - كتاب الصوم، 48 - باب الوصال.
مسلم (2/ 776) 13 - كتاب الصيام، 11 - باب النهي عن الوصال.
3897 -
البخاري (4/ 205، 206) 30 - كتاب الصوم، 49 - باب التنكيل لمن أكثر الوصال.
مسلم (2/ 774، 775) السابق.
يوماً، ثم يوماً، ثم رأوا الهلال، فقال: لو تأخر لزدتكم، كالتنكيل لهم حين أبوا أن ينتهوا".
وللبخاري (1): أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إياكم والوصال- مرتين- فقيل: إنك تواصل؟ قال: إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني، فاكلفوا من الأعمال ما تطيقون". ولمسلم نحوه (2)، ولم يقل:"مرتين" وقال: "إنكم لستم في ذلك مثلي".
وله في أخرى (3) مثله، وقال:"اكلفوا ما لكم به طاقة".
3898 -
* روى البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تواصلوا، فأيكم أراد أن يواصل فليواصل حتى السحر، قالوا: فإنك تواصل يا رسول الله؟ فقال: إني لست كهيئتكم إني أبيت لي مطعم يطعمني، وساق يسقيني".
3899 -
* روى الطبراني عن عمرو بن سلمة قال: "سئل ابن مسعود عن صوم الدهر فكرهه".
أقول: إذا تجنب الإنسان الصوم يومي العيد وأيام التشريق ولم يضعفه صوم الدهر عن واجب ولم يشق عليه فهو مأجور إن شاء الله تعالى.
3900 -
* روى أحمد عن مجاهد قال: دخلت أنا ويحيى بن جعدة على رجل من
(كالتنكيل) نكل به: إذا جعله عبرة لغيره، وقيل: هو العقوبة.
(1)
البخاري: الموضع السابق ص 206.
(2)
مسلم: الموضع السابق ص 775.
(3)
مسلم ص 775.
(اكلفوا): أي خذوا من الأعمال ما تطيقون.
3898 -
البخاري (4/ 202).
أبو داود (2/ 307) كتاب الصوم، في الوصال.
3899 -
مجمع الزوائد (3/ 193) وقال الهيثمي: رواه الطبراني في الكبير وإسناده حسن.
3900 -
أحمد (5/ 409).
الأنصار من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم قال ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم مولاة لبني عبد المطلب فقال: إنها قامت الليل وتصوم النهار فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لكني أنا أنام وأصلي وأفطر فمن اقتدى بي فهو مني ومن رغب عن سنتي فليس مني إن لكل عمل شرة ثم فترة فمن كانت فترته إلى بدعة فقد ضل ومن كانت فترته إلى سنتي فقد اهتدى".
3901 -
* روى النسائي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من صام الأبد فلا صام ولا أفطر".
وفي أخرى (2) إلى قوله: "فلا صام".
3902 -
* روى النسائي عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صام الأبد فلا صام ولا أفطر".
وفي أخرى (3) قال: "بلغ النبي صلى الله عليه وسلم أني أسرد الصوم
…
وساق الحديث" قال عطاء: لا أدري كيف ذكر صيام الأبد "لا صام من صام الأبد".
3903 -
* روى النسائي عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: قيل: يا رسول الله، إن فلاناً لا يفطر نهاراً الدهر، قال:"لا صام ولا أفطر".
أقول: الظاهر من هذا النص أنه وارد في إنسان لا يفطر الأيام المنهي عن صيامها، فمثل هذا دخل في دائرة البدعة إذ تصور ما ليس قربة: قربة، فمثل هذا يخشى على صيامه ألا يتقبل.
(1) مجمع الزوائد (3/ 193) وقال الهيثمي: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح.
(شرة): أي نشاطاً ورغبة.
3901 -
النسائي (4/ 205) 22 - كتاب الصيام، 71 - ذكر الاختلاف على عطاء في الخبر فيه، وإسناده حسن.
(2)
النسائي: نفس الموضع السابق.
3902 -
النسائي: نفس الموضع السابق ص 206.
(3)
النسائي: نفس الموضع السابق ص 206، وهو حديث صحيح.
3903 -
النسائي (4/ 206) 22 - كتاب الصيام، 72 - النهي عن صيام الدهر
…
إلخ، وهو حديث صحيح.
3904 -
* روى النسائي عن عبد الله بن الشخير رضي الله عنه قال: "قيل يا رسول الله، إن فلاناً لا يفطر نهاره الدهر؟ قال: "لا صام ولا أفطر".
أقول: قوله عليه السلام: لا صام ولا أفطر: أي هو ليس له أجر الصائم ولا يرتفق كالمفطرين.
3905 -
* روى الشيخان عن عبد الله بن عمرو قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنك لتصوم الدهر، وتقوم الليل؟ قلت: نعم. قال: إنك إذا فعلت ذلك هجمت له العين، ونفهت له النفس، لا صام من صام الأبد، صوم ثلاثة أيام: صوم الدهر كله. قلت: فإني أطيق أكثر من ذلك. قال: فصم صوم داود، كان يصوم يوماً، ويفطر يوماً، ولا يفر إذا لاقى".
وفي أخرى (1) قال له: "ألم أخبر أنك تصوم ولا تفطر، وتصلي الليل؟ فلا تفعل، فإن لعينك حظاً، ولنفسك حظاً، ولأهلك حظاً، فصم وأفطر، وصل ونم، وصم من كل عشرة أيام يوماً، ولك أجر تسعة".
وفيه "لا صام من صام الأبد" ثلاثاً.
وفي أخرى (2)"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر له صومي، فدخل علي، فألقيت له وسادة من أدم حشوها ليف، فجلس على الأرض، وصارت الوسادة بيني وبينه، فقال: أما يكفيك من كل شهر ثلاثة أيام؟ قال: قلت: يا رسول الله، قال: خمساً؟ قلت: يا رسول الله، قال: سبعاً؟ قلت: يا رسول الله، قال: تسعاً؟ قلت: يا رسول الله، قال: إحدى عشرة، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا صوم فوق صوم داود عليه السلام: شطر الدهر، صم يوماً، وأفطر يوماً".
3904 - النسائي: نفس الموضع السابق، وإسناده صحيح.
3905 -
البخاري (4/ 2249 30 - كتاب الصوم، 59 - باب صوم داود عليه السلام.
مسلم (2/ 815، 816) 13 - كتاب الصيام، 35 - باب النهي عن صيام الدهر لمن تضرر به .. إلخ.
(1)
مسلم: نفس الموضع السابق ص 814، 815.
(2)
مسلم: نفس الموضع السابق ص 817.
ولمسلم (1): أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: "صم يوماً، ولك أجر ما بقي، قال: إني أطيق أكثر من ذلك. قال: صم يومين، ولك أجر ما بقي، قال: إني أطيق أكثر من ذلك. قال: صم ثلاثة أيام، ولك أجر ما بقي، قال: إني أطيق أكثر من ذلك. قال: صم أربعة أيام، ولك أجر ما بقي. قال: إني أطيق أكثر من ذلك. قال: صم أفضل الصيام عند الله: صوم داود عليه السلام، كان يصوم يوماً ويفطر يوماً".
وله في أخرى (2) قال: "بلغني أنك تصوم النهار وتقوم الليل؟ فلا تفعل، فإن لجسدك عليك حظاً، ولعينك عليك حظاً، وإن لزوجك عليك حظاً، صم وأفطر، صم من كل شهر ثلاثة أيام، فذلك صوم الدهر. قلت: يا رسول الله، إن بي قوة. قال: فصم صوم داود عليه السلام، صم يوماً، وأفطر يوماً، فكان يقول: يا ليتني أخذت بالرخصة".
وللنسائي عنه (3): "ذكرت للنبي صلى الله عليه وسلم الصوم، فقال: صم من كل عشرة أيام يوماً، ولك أجر تلك التسعة، قلت: إني أقوى من ذلك، قال: صم من كل تسعة أيام يوماً، ولك أجر تلك الثمانية، فقلت: إني أقوى من ذلك: قال: فصم من كل ثمانية أيام يوماً، ولك أجر تلك السبعة، قلت: إني أقوى من ذلك، قال: فلم يزل حتى قال: صم يوماً، وأفطر يوماً".
وله في أخرى (4) قال: "أنكحني أبي امرأة ذات حسب، فكان يأتيها فيسألها عن بعلها؟ فقالت: نعم الرجل من رجل، لم يطأ لنا فراشاً ولم يفتش لنا كنفاً منذ أتيناه، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ائتني به، فأتيته معه، فقال: كيف تصوم؟ قلت: كل يوم، قال: صم من كل جمعة ثلاثة أيام، قلت: إني أطيق أفضل من ذلك، قال: صم يوماً وأفطر يومين، قلت: إني أطيق أكثر من ذلك، قال: صم أفضل الصيام:
(1) مسلم: نفس الموضع السابق ص 817.
(2)
مسلم: نفس الموضع السابق ص 817، 818.
(3)
النسائي: (4/ 212، 213) 22 - كتاب الصيام، 77 - ذكر الزيادة في الصيام والنقصان
…
إلخ.
(4)
النسائي: (4/ 209، 210) 22 - كتاب الصيام، 76 - صوم يوم وإفطار يوم
…
إلخ.
(كنفاً) الكنف: الجانب: أرادت: أنه لم يقربها، ولم يطلع منها على ما جرت به عادة الرجال مع نسائهم.
صيام داود عليه السلام: صوم يوم، وفطر يوم".
وله في أخرى (1) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بلغني أنك تقوم الليل وتصوم النهار؟ قلت: يا رسول الله، ما أردت بذلك إلا الخير، قال: لا صام من صام الأبد، ولكن أدلك على صوم الدهر: ثلاثة أيام من كل شهر، قلت: يا رسول الله، إني أطيق أكثر من ذلك، قال: صم خمسة أيام، قلت: إني أطيق أكثر من ذلك، قال: فصم عشراً، فقلت: إني أطيق أكثر من ذلك، قال: صم صوم داود، كان يصوم يوماً ويفطر يوماً".
وله في أخرى (2) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفضل الصيام صيام داود عليه السلام كان يصوم يوماً ويفطر يوماً".
وقد أطال النسائي في تخريج طرق هذا الحديث، ومن جملة طرقه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اقرأ القرآن في شهر، قلت: إني أطيق أكثر من ذلك، فلم أزل أطلب إليه حتى قال: خمسة أيام، وقال: ثلاثة أيام من الشهر، قلت: إني أطيق أكثر من ذلك، فلم أزل أطلب إليه حتى قال: صم أحب الصيام إلى الله عز وجل: صوم داود كان يصوم يوماً ويفطر يوماً".
أقول: إنما كان صوم داود أفضل من غيره لأن المجاهدة فيه أظهر، ولأن قوة الإنسان تبقى معه عادة، ومن قوله عليه الصلاة والسلام: اقرأ القرآن في شهر. أخذ العلماء فكرة تجزئة القرآن على ثلاثين جزئاً. وفي قوله عليه السلام: (هجمت له العين ونفهت له النفس) معجزة من معجزات الإسلام إذا راعى مطالب الجسد وإمكانات النفس، ودين يراعي الجسد هذه المراعاة ويسوس النفس هذه السياسة هو الدين الذي يتلاءم مع الفطرة.
إن كثيراً من الأديان والمذاهب تعذب الجسد وتصادم الفطرة ولا تحسن سياسة النفس
(1) النسائي: (4/ 213) 22 - كتاب الصيام، 77 - ذكر الزيادة في الصيام والنقصان
…
إلخ.
(2)
النسائي: (4/ 209) 22 - كتاب الصيام، 76 - صوم يوم وإفطار يوم
…
إلخ.
(هجمت له العين) هجوم العين: غورها ودخولها في مكانها من الضعف.
(نفهت له النفس) نفهت النفس- بالنون- إذا أعيت وسئمت.