الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسائل وفوائد
- الاعتكاف غير المنذور مستحب باتفاق العلماء. وقال الحنفية: الاعتكاف ثلاثة أنواع:
1 -
الواجب وهو المنذور.
2 -
السنة المؤكدة على سبيل الكفاية: فهي اعتكاف العشر الأخير من رمضان.
3 -
المستحب وهو في أي وقت سوى العشر الأخير.
والصوم شرط لصحة الاعتكاف المنذور فقط وغير شرط في التطوع. قال المالكية: الاعتكاف قربة ونافلة من نوافل الخير ومندوب إليه بالشرع أو مرغب فيه شرعاً للرجال والنساء لاسيما في العشر الأواخر من رمضان. ويجب بالنذر. وقال الشافعية والحنابلة: الاعتكاف سنة أو مستحب كل وقت إلا أن يكون نذراً، فيلزم الوفاء به.
- إنه من المناسب في عصرنا حيث كثر الانشغال في الدنيا أن يعمد الإنسان إلى قضاء الكثير من وقته في المسجد وأن ينوي الاعتكاف فيه مدة مكثه فيه وأن يملأ هذا الوقت بالذكر وتلاوة القرآن والفكر والتدبر، وقد ندب بعض العلماء أخذاً بأقل الأقوال في الاعتكاف لكل داخل إلى مسجد أن ينوي الاعتكاف فيه مدة مكثه فيه، فإننا نرجو لمن أكثر من هذه الاعتكافات المجزأة أن يدخل في السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله".
ويشترط لصحة الاعتكاف ما يلي:
1 -
الإسلام. 2 - العقل أو التمييز. 3 - كونه في المسجد للرجل عند الحنفية.
4 -
النية اتفاقاً: وأضاف الشافعية: إن كان الاعتكاف فرضاً لزمه تعيين النية للفرض، لتميزه عن التطوع.
5 -
الصوم شرط مطلقاً عند المالكية، وشرط عند الحنفية في الاعتكاف المنذور فقط دون غيره من التطوع، وليس بشرط عند الشافعية والحنابلة فيصح بلا صوم، إلا أن ينذره مع الاعتكاف، ويصح عند الجمهور غير المالكية اعتكاف الليل وحده إذا لم يكن منذوراً.
6 -
الطهارة من الجنابة والحيض والنفاس شرط عند الجمهور.
7 -
إذن الزوج لزوجته: شرط عند الحنفية والشافعية والحنابلة. ورأى المالكية أن اعتكاف المرأة بغير إذن زوجها صحيح مع الإثم.
- اتفق الفقهاء على أنه يلزم المعتكف في الاعتكاف الواجب البقاء في المسجد لتحقيق ركن الاعتكاف وهو المكث والملازمة والحبس، ولا يخرج إلا لعذر شرعي أو ضرورة أو حاجة. قال الحنفية: يجوز للمعتكف الخروج في اعتكاف النفل أو السنة المؤكدة لأن الخروج ينهي الاعتكاف ولا يبطله، لكن لو شرع في المسنون وهو العشر الأواخر من رمضان بنية ثم أفسده، يجب عليه قضاؤه، وذلك مقتضى التفريع على مذهب أبي يوسف، قال ابن عابدين في "حاشيته على الدر المختار":
ثم رأيت المحقق ابن الهمام قال: ومقتضى النظر لو شرع في المسنون أعني العشر الأواخر بنيته ثم أفسده أن يجب قضاؤه تخريجاً على قول أبي يوسف في الشروع في نفل الصلاة ناوياً أربعاً لا على قولهما. اهـ. أي يلزمه قضاء العشر كله لو أفسد بعضه كما يلزمه قضاء أربع لو شرع في نفل ثم أفسد الشفع الأول عند أبي يوسف لكن صحح في "الخلاصة" أنه لا يقضي إلا ركعتين كقولهما نعم اختار في شرح المنية قضاء الأربع اتفاقاً في الراتبة كالأربع قبل الظاهر والجمعة وهو اختيار الفضلي وصححه في "النصاب" وتقدم تمامه في النوافل وظاهر الرواية خلافه وعلى كل فيظهر من بحث ابن الهمام لزوم الاعتكاف المسنون بالشروع وأن لزوم قضاء جميعه أو باقيه مخرج على قول أبي يوسف أما على قول غيره فيقضي اليوم الذي أفسده لاستقلال كل يوم بنفسه وإنما قلنا أي باقيه بناءً على أن الشروع ملزم كالنذر وهو لو نذر العشر يلزمه كله متتابعاً ولو أفسد بعضه قضى باقيه على ما مر في نذر صوم شهر معين والحاصل أن الوجه يقتضي لزوم كل يوم شرع فيه عندهما بناءً على لزوم صومه بخلاف الباقي لأن كل يوم بمنزلة شفع من النافلة الرباعية وإن كان المسنون هو اعتكاف العشر بتمامه اهـ ابن عابدين (الحاشية 2/ 131).
وحرم على المعتكف اعتكافاً واجباً الخروج إلا لعذر شرعي كأداء صلاة الجمعة والعيدين، فيخرج في وقت يمكنه إدراكها مع صلاة سنة الجمعة قبلها، ثم يعود وإن أتم اعتكافه في
الجامع الآخر صح وكره، ويجوز للمعتكف الخروج لحاجة طبيعية أو لحاجة ضرورية، ويفسد اعتكافه بالخروج لعيادة مريض أو تشييع جنازة، وإن تعينت عليه إلا أنه لا يأثم، كما في المرض والأكل والشرب والنوم والعقد المحتاج إليه لنفسه أو عياله كبيع ونكاح ورجعة يكون في معتكفه. فلا بأس بأن يبيع ويبتاع في المسجد من غير أن يحضر السلعة، لأنه قد يحتاج إلى ذلك بأن لا يجد من يقوم بحاجته، لكن يكره تحريماً البيع لتجارة وإحضار المبيع أو السلعة إلى المسجد، ومبايعة غير المعتكف فيه مطلقاً لأن المسجد محرر عن حقوق العباد. وأما الأكل والشرب والنوم لغير المعتكف في المسجد، فمكروه إلا لغريب كما في أشباه ابن نجيم، وقال ابن كمال: لا يكره الأكل والشرب والنوم فيه مطلقاً مقيماً كان أو غريباً، مضطجعاً أو متكئاً، رجلاه إلى القبلة أو إلى غيرها.
وقال الشافعية: إنما يصح الاعتكاف في المسجد، سواء في سطحه أو غيره التابع له، والجامع أولى بالاعتكاف فيه من غيره للخروج من خلاف من أوجبه، وإن نذر أن يعتكف في أحد المساجد الثلاثة تعين، ولزمه أن يعتكف فيه.
والخلاصة: أن المالكية والشافعية يجيزون الاعتكاف في أي مسجد والحنفية والحنابلة يشترطون كونه في المسجد الجامع، ولا يجوز عند الجمهور الاعتكاف في مسجد البيت ويجوز ذلك للمرأة عند الحنفية. ويستحب للمعتكف التشاغل على قدر الاستطاعة ليلاً ونهاراً بالصلاة وتلاوة القرآن وذكر الله تعالى والاستغفار والفكر القلبي في ملكوت السموات والأرض والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. ويندب الاعتكاف في رمضان لاسيما في العشر الأخير من رمضان بالاتفاق.
يندب مكث المعتكف ليلة العيد إذا اتصل اعتكافه بها، ليخرج منه إلى المصلى، فيصل عبادة بعبادة ويجتنب المعتكف كل ما لا يعنيه من الأقوال والأفعال ولا يكثر الكلام لأن من كثر كلامه كثر سقطه. ويجتنب الجدال والمراء والسباب والفحش، ولا يتكلم المعتكف إلا بخير، ولا بأس بالكلام لحاجته ومحادثة غيره. ويكره تحريماً عند الحنفية: إحضار المبيع في المسجد، ويكره عقد ما كان للتجارة، ويكره عند الشافعية: الإكثار من اتخاذ موضع للبيع والشراء أو العمل الصناعي والحجامة والفصد إن أمن تلويث المسجد وإلا حرم. ومما يبطل الاعتكاف الخروج بلا عذر شرعي والجماع ليلاً أو نهاراً لأن الوطء في الاعتكاف حرام
بالإجماع. والحيض والنفاس والوقوع في كبيرة كالغيبة والنميمة والقذف يبطل الاعتكاف عند المالكية في أحد قولين مشهورين، ولا يبطله عند الجمهور وفي قول مشهور آخر عند المالكية. مع ترتيب الإثم.
انظر فيما سبق: (فتح القدير: 2/ 389 فما بعدها)، (المغني: 3/ 183 فما بعدها)، (الشرح الصغير: 1/ 725)، (الفقه الإسلامي 2/ 697 فما بعدها).