الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عرض إجمالي
جعل الله الكعبة قبلة المصلين وأحاطها بمسجد له أحكامه الخاصة، وأحاطها هي والمسجد بمنطقة، هذه المنطقة تسمى الحرم ولها أحكامها الخاصة بها ولها فضلها العظيم، وأحاط منطقة الحرم بمنطقة تسمى الحل وهي منطقة لها أحكامها، فلا يصح أن يتجاوز من أراد النسك حدود الحل إلا محرماً، وهناك اتجاه فقهي أنه لا يجوز لغير أهل منطقة الحل أن يتجاوزوا حدود الحل إلا محرمين بحج أو عمرة وهذه الحدود التي لا يصح أن يتجاوزها مريد النسك إلا محرماً وتسمى المواقيت، فالمواقيت جمع ميقات، وهو الوقت المضروب للفعل والموضع والمراد به: الوقت والمكان اللذان يحرم منهما الحاج وينشئ النية. ولأهل كل قطر ميقاتهم، ولا يجوز لمريد النسك بالإجماع أن يجاوز الميقات إلا محرماً بحج أو عمرة إلا وجب عليه دم أو العودة إليه فإن قدم الإحرام على الميقات جاز بالاتفاق. وأهل الآفاق هم الذين منازلهم خارج المواقيت التي وقتت لهم، ولمن مر عليها من غيرهم، وميقات من كان بمكة مكياً أو آفاقياً: الحرم، وميقات أهل الحل: دويرة أهلهم أو من حيث شاؤوا من الحل الذي بين دويرة أهلهم وبين الحرم. أما أهل الآفاق: فميقات أهل المدينة: ذو الحليفة وتعرف اليوم بآبار علي وتبعد عن المدينة 9 كم وعن مكة المكرمة 450 كم وميقات أهل الشام ومصر والمغرب: الجحفة وهي بعد قرية رابغ بقليل في طريق الذاهب إلى مكة عن طريق تبوك، وتبعد عن مكة 204 كم.
وميقات أهل العراق وغيرهم من أهل المشرق: ذات عرق وهي موضع في الشمال الشرقي من مكة وتبعد عنها 54 كم. وميقات أهل اليمن: يلملم وهو جبل جنوبي مكة يبعد عنها 45 كم. وميقات أهل نجد والكويت: قرن المنازل، وتقع شرقي مكة وتبعد عنها 54 كم. ومن تجاوز الميقات دون إحرام وجب عليه الدم لكن إن عاد إليه قبل تلبسه بنسك سقط عنه الدم عند الصاحبين والشافعية والحنابلة. وقال أبو حنيفة: إن عاد إلى الميقات ولبى سقط عنه الدم وإن لم يلب لا يسقط.
وبما أن أهل الشام الآن يمرون بميقات أهل المدينة وبالجحفة، فيخيرون بالإحرام منهما، لأن الواجب على من مر بميقاتين ألا يتجاوز أخرهما إلا محرماً، ومن الأول أفضل.
وإذا تجاوز الإنسان الميقات بنية الإقامة في مكان غير الحرم جاز له ذلك، ومن حاذى الميقات: كأن سلك طريقاً في بر أو بحر أو جو بين ميقاتين فإنه يجتهد حتى يكون إحرامه بحذو الميقات الذي هو إلى طريقه أقرب ويحرم من محاذاة أقرب الميقاتين إليه، وإن كان الآخر أبعد إلى مكة فإن استويا فيه إليه، أحرم من محاذاة أبعدهما من مكة. وإن لم يعرف حذو الميقات المقارب لطريقه، احتاط فأحرم من بعد بحيث يتيقن أنه لم يجاوز الميقات إلا محرماً، لأن الإحرام قبل الميقات جائز، وتأخيره عنه لا يجوز فالاحتياط فعل ما لا شك فيه. وإن لم يحاذ ميقاتاً مما سبق، أحرم على مرحلتين 89 كم من مكة، إذ لا ميقات أقل مسافة من هذا القدر. ويستحب عند الجمهور لكل داخل إلى مكة لا يتكرر دخوله الإحرام، ويكره الدخول بغير إحرام، فمن دخل مكة لحاجة لا تتكرر كالتجارة والزيارة وعيادة المريض فالأصح عند الشافعية أنه يستحب له الإحرام ولا يجب مطلقاً، وقال مالك وأحمد: يلزمه. وقال أبو حنيفة: إن كانت داره في الميقات أو أقرب إلى مكة جاز دخوله بلا إحرام وإلا فلا، وقال جمهور الفقهاء: الإحرام من الميقات أفضل من الإحرام من دويرة أهله لأنه الموافق للأحاديث الصحيحة ولفعل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فإنهم أحرموا من الميقات، ولا يفعلون إلا الأفضل، وأحرم النبي بحجة الوداع من الميقات بالإجماع، وكذا في عمرة الحديبية.
[انظر: (فتح القدير 2/ 131 - 134) (الشرح الصغير 2/ 18 - 25) (المهذب 1/ 202 - 204) (المغني 3/ 257 فما بعد) (الفقه الإسلامي 3/ 68)].