الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عرض إجمالي
إن تعظيم البيت علامة على التقوى، قال تعالى:{ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} (1). وأعظم مظاهر التعظيم للبيت التوجه بالصلاة إليه والحج والعمرة والطواف المطلق به، وسكان الحرم قادرون على العمرة في كل حين، وأما غير سكان الحرم ففرصتهم لإقامة العمرة غير ميسرة دائماً، وقد لا تتاح لهم العمرة إلا حين أدائهم الحج. ومن رحمة الله تعالى أن وسع على الناس فجعل، بإمكان الإنسان أن يعتمر وأن يحج بإحرام واحد، فيكون بذلك قارناً، قد قرن العمرة مع الحج كما أجاز للإنسان أن يعتمر أولاً ثم يحل من عمرته ثم يحرم بالحج ويسمى بذلك متمتعاً، كما أجاز له أن يفرد الحج بالإحرام، وفي ذل توسعة على الناس فالمفرد لا يجب عليه ما يجب على القارن والمتمتع من دم أو صيام، والمتمتع يحل له بعد انقضاء العمرة كل ما حرم بسبب الإحرام من تطيب وإتيان نساء، فالشارع راعى حال الناس بإجازته كلاً من الإفراد أو التمتع أو القران، وقد اختلف الفقهاء أي هذه الثلاثة أفضل، مع إجماعهم على جواز الثلاثة، فالحنفية قالوا: القران أفضل؛ لأنه أشق وهو مأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم، والحنابلة قالوا: التمتع أفضل؛ لأنه سنة، وقال آخرون: إن الإفراد أفضل؛ لأنه تعظيم للحج. وعلى من تمتع أو قرن- إن كان مستطيعاً- دم. وهذا الدم: دم شكر فيأكل منه صاحبه عند الحنفية، ولا يأكل منه عند الشافعية، وإن لم يدخل القارن مكة، وتوجه إلى عرفات، فقد صار عندا لحنفية رافضاً لعمرته بالوقوف وسقط عنه دم القران وعليه دم لرفض عمرته وهو دم جبر لا يجوز أكله منه ووجب عليه قضاؤها، لأنه بشروعه فيها أوجبها على نفسه، ولم يوجد منه الأداء، فلزمه القضاء.
وإن لم يجد القارن أو المتمتع الهدي، يجب عليه صيام ثلاثة أيام في الحج، آخرها يوم عرفة ثم يصوم سبعة أيام إذا رجع إلى أهله، وإن صامها بمكة بعد فراغه من الحج جاز.
وتعتبر القدرة على الهدي في موضعه في مكة، فمتى عدمه في موضعه، جاز له الانتقال إلى الصيام، وإن كان قادراً عليه في بلده، لأن وجوبه مؤقت، وما كان وجوبه مؤقتاً
(1) سورة الحج: (32).
اعتبرت القدرة عليه في موضعه، كالماء في الطهارة إذا عدمه في مكانه انتقل إلى التراب. ولا يجب التتابع في أيام الصوم، وإنما يندب.
- إذا لم يصم المتمتع أو القارن الأيام الثلاثة في الحج، فإنه يصومها بعد ذلك باتفاق أئمة المذاهب. ومن شرع في الصيام ثم قدر على الهدي لم يكن عليه عند الجمهور الخروج من الصوم إلى الهدي إلا إذا شاء، لأنه صوم دخل فيه لعدم الهدي.
والمرأة إذا أحرمت متمتعة، فحاضت قبل طواف العمرة، لم يكن لها أن تطوف بالبيت؛ لأن الطواف بالبيت صلاة، ولأنها ممنوعة من دخول المسجد، فإن خشيت فوات الحج، أحرمت بالحج مع عمرتها، وتسير قارنة. ونتيجة للخلاف بين الحنفية والشافعية في دم القران والتمتع هل هو دم شكر أو جزاء؟ فإن الحنفية لا يجيزون ذبحه إلا يوم النحر، والشافعية يجيزون قبل ذلك.
والحنفية يجيزون أن يطعم فيه الناس جميعاً، وقد لفق الناس بين هذه الأقوال فصار الناس يذبحون قبل يوم النحر ويأكلون، وكثير من العلماء لا يرى بأساً بذلك، فالتلفيق بين أقوال العلماء في الحج غلب على العامة والخاصة إلا القليل.