الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأرضاه- إلى زماننا هذا .. لم يخالف في ذلك فقيه من الأئمة الأربعة المجتهدين، إلا ما روي عن إمام دار الهجرة "مالك بن أنس"رضي الله عنه القول بالزيادة فيها إلى (36) ست وثلاثين ركعة- في الرواية الثانية عنه- محتجاً بعمل أهل المدينة، فقد روي عن نافع أنه قال:"أدركت الناس يقومون رمضان بتسع وثلاثين ركعة يوترون منها بثلاث". [شرح المهذب 3/ 527].
أما الرواية المشهورة عنه، وهي التي وافق فيها "الشافعية والحنابلة والأحناف" فهي أنها (20) عشرون ركعة وعلى ذلك اتفقت المذاهب الأربعة ..
أدلة الأئمة المجتهدين:
(أ) احتج أئمة المذاهب على أنها عشرون ركعة، مما رواه البيهقي [2/ 496] وغيره بالإسناد الصريح الصحيح عن "السائب بن يزيد" رضي الله عنه الصحابي المشهور- أنه قال:"كانوا يقومون على عهد عمر بن الخطاب- رضي الله عنه في شهر رمضان بعشرين ركعة"[وهو حديث صحيح انظر شرح السنة 4/ 120 - 122].
(ب) واحتجوا أيضاً بما رواه مالك في الموطأ، والبيهقي أيضاً عن "يزيد بن رومان" قال:"كان الناس يقومون في زمن عمر بن الخطاب- رضي الله عنه بثلاث وعشرين ركعة".
يعني يصلون التراويح عشرين ركعة ويوترون بثلاث ركعات.
(ج) واحتجوا كذلك بما روي عن الحسن أن عمر- رضي الله عنه جمع الناس على "أبي بن كعب" فكان يصلي لهم عشرين ركعة، ولا يقنت بهم إلا في النصف الثاني، فإذا كان العشر الأواخر من رمضان تخلف "أُبي" فصلى في بيته، فكانوا يقولون: أبق أبي.
هذا وقد حكى ابن قدامة في المغني الإجماع على أنها عشرون ركعة، ورد على مالك- رحمه الله في روايته الثانية: أنها ست وثلاثون ركعة، فقال ما نصه:
"وقيام شهر رمضان عشرون ركعة- يعني صلاة التراويح- وهي سُنَّة مؤكدة، وأول من سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ونسبت التراويح إلى عمر بن الخطاب- رضي الله عنه لأنه جمع
الناس على "أبي بن كعب" فكان يصليها بهم، فقد روي أنه خرج ليلة في رمضان إلى المسجد فإذا الناس يصلون في المسجد أوزاعاً- أي متفرقين- فقال عمر:"لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد، فجمعهم على "أبي بن كعب" ثم خرج ليلة أخرى والناس يصلون وراء إمامهم، فقال: نعمت البدعة هذه" ثم قال: "والمختار عند أبي عبد الله رحمه الله يريد أحمد بن حنبل- فيها عشرون ركعة، وبهذا قال الثوري، وأبو حنيفة، والشافعي، وقال مالك: ست وثلاثون ركعة، وتعلق بفعل أهل المدينة، ولنا أن عمر- رضي الله عنه لما جمع الناس على "أبي بن كعب" كان يصلي لهم عشرين ركعة، وروى مالك عن "يزيد بن رومان" قال: "كان الناس يقومون في زمن عمر في رمضان بثلاث وعشرين ركعة".
وعن علي- رضي الله عنه "أنه أمر رجلاً يصلي بهم في رمضان عشرين ركعة" وهذا كالإجماع، ثم قال: ولو ثبت أن أهل المدينة كلهم فعلوه- أي صلوا ستاً وثلاثين ركعة- لكان ما فعله عمر، وأجمع عليه الصحابة في عصره، أولى بالاتباع، وقال بعض أهل العلم: إنما فعل هذا أهل المدينة، لأنهم أرادوا مساواة أهل مكة، فإن أهل مكة يطوفون سبعاً بين كل ترويحتين، فجعل أهل المدينة مكان كل سبع أربع ركعات، وما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى وأحق أن يتبع، وقد روي أن علياً- رضي الله عنه مر على المساجد وفيها القناديل في شهر رمضان، فقال:"نور الله على عمر قبره، كما نور علينا مساجدنا".
وقال أحمد- رحمه الله: "يقرأ بالقوم في شهر رمضان ما يخف على الناس ولا يشق عليهم، والأمر على ما يحتمله الناس، وقال القاضي: لا يستحب النقصان عن ختمة في الشهر، ليسمع الناس جميع القرآن، ولا يزيد على ختمة، كراهية المشقة على من خلفه". انتهى كلام ابن قدامة.
قال الشيخ الصابوني: والمشهور في مذهب الإمام مالك أنها عشرون ركعة، وبذلك يكون إجماع الأئمة الأربعة المجتهدين على أفضلية العشرين، فقد جاء في كتاب "أقرب المسالك على مذهب الإمام مالك" للشيخ الدردير (1/ 552) ما نصه: "والتراويح برمضان وهي عشرون ركعة، بعد صلاة العشاء، يسلم من كل ركعتين غير
الشفع والوتر، وندب الختم فيها- أي التراويح- بأن يقرأ كل ليلة جزءاً، يفرقه على عشرين ركعة وندب الانفراد بها في بيته إن لم تعطل- صلاته في بيته- المساجد عن صلاتها بها جماعة، فإن لزم بها تعطيل المساجد، فالأوْلى إيقاعها في المساجد جماعة".
وهكذا ذهب الشافعي وأبو حنيفة إلى أنها عشرون ركعة، لإجماع الصحابة على ذلك في عهد عمر الفاروق، فقد قال الإمام ابن عبد البر:"هو الصحيح عن أبي بن كعب أنه صلى التراويح بهم عشرين ركعة، من غير خلاف بين الصحابة".
وفي مختصر المزني أن الإمام الشافعي- رحمه الله قال: "رأيتهم بالمدينة يقومون بتسع وثلاثين، وأحب إلي عشرون، لأنه روي عن عمر، وكذلك بمكة يقومون عشرين ركعة، يوترون بثلاث".
وقال الإمام الترمذي في جامعه المسمى "سنن الترمذي"[3/ 170/ عند حديث 806]: "أكثر أهل العلم على ما روي عن عمر، وعلي، وغيرهما من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: عشرين ركعة وهو قول سفيان الثوري، وابن المبارك، والشافعي، وقال الشافعي: وهكذا أدركت ببلدنا بمكة يصلون عشرين ركعة" اهـ.
وقال ابن رشد في بداية المجتهد (1/ 210): "اختار مالك- في أحد قوليه- وأبو حنيفة والشافعي وأحمد القيام بعشرين ركعة سوى الوتر".
وقال الإمام النووي في المجموع (3/ 526) ما نصه: "مذهبنا أنها عشرون ركعة، بعشر تسليمات غير الوتر وذلك خمس ترويحات، والترويحة أربع ركعات بتسليمتين".
وبه قال أبو حنيفة وأصحابه، وأحمد وداود وغيرهم، ونقله القاضي عياض عن جمهور العلماء.
وقال مالك: التراويح تسع ترويحات وهي ست وثلاثون ركعة غير الوتر.
واحتج أصحابنا بما رواه البيهقي بالإسناد الصحيح عن "السائب بن يزيد" الصحابي- رضي الله عنه قال: كانوا يقومون على عهد عمر بن الخطاب- رضي الله عنه في شهر
رمضان بعشرين ركعة وكانوا يقومون بالمائتين وكانوا يتوكئون على عصيهم في عهد عثمان من شدة القيام.
وعن يزيد بن رومان قال: "كان الناس يقومون في زمن عمر بن الخطاب- رضي الله عنه بثلاث وعشرين ركعة" رواه مالك في الموطأ عن يزيد بن رومان.
ورواه البيهقي لكنه مرسل فإن يزيد بن رومان لم يدرك عمر. [انظر لتصحيح حديث العشرين ركعة كتاب شرح السنة للبغوي وما علقه عليه الشيخ شعيب الأرناؤوط (4/ 116 - 125) وقد نقلنا بعض فوائده في باب الصلاة].
وقال البيهقي: يجمع بين الروايتين بأنهم كانوا يقومون بعشرين ركعة. ويوترون بثلاث. وروى البيهقي عن علي- رضي الله عنه أيضاً قيام رمضان بعشرين ركعة. المجموع (3/ 526).
وقال ابن تيمية في الفتاوى: "ثبت أن أبي بن كعب، كان يقوم بالناس عشرين ركعة في رمضان، ويوتر بثلاث، فرأى كثير من العلماء أن ذلك هو السنة، لأنه قام بين المهاجرين والأنصار ولم ينكره منكر".
وفي مجموعة الفتاوى النجدية، أن الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب ذكر في جوابه عن عدد ركعات التراويح أن عمر- رضي الله عنه لما جمع الناس على أبي بن كعب كانت صلاتهم عشرين ركعة.
فهذه النقول الكثيرة، عن أئمة علماء المسلمين، سلفاً وخلفاً، تثبت بما لا يحتمل الشك، أن ما عليه المسلمون اليوم، من صلاة التراويح "عشرين ركعة" هو الحق الذي لا محيد عنه، وهو الذي تأكد بعمل الصحابة- رضوان الله عليهم جميعاً- وبإجماع [المذاهب الأربعة]
…
وهو الذي أمر به عمر الفاروق- رضي الله عنه الذي جعل الله الحق على لسانه وقلبه، كما صح بذلك الحديث الشريف.
فهل يعقل أن يجمع المسلمون، على شيء منكر مبتدع من أمور الدين، ويسكت عنه الناس، وفيهم "العلماء، والفقهاء، والمحدثون" وتمر أحقاب وأجيال ولا ينكر أحد هذا
المنكر؟! إن كان ذلك بدعة ومنكراً.
يقول ابن تيمية- رحمه الله الفتاوى (2/ 401): "إن نفس قيام رمضان، لم يوقت فيه النبي صلى الله عليه وسلم عدداً معيناً، بل كان هو صلى الله عليه وسلم لا يزيد على ثلاث عشرة ركعة، لكن كان يطيل الركعات .. فلما جمعهم عمر- رضي الله عنه على "أبي بن كعب" كان يصلي بهم عشرين ركعة، ثم يوتر بثلاث .. وكان يخفف القراءة بقدر ما زاد من الركعات .. لأن ذلك أخف على المأمومين من تطويل الركعة الواحدة.
ثم كانت طائفة من السلف، يقومون بأربعين ركعة ويوترون بثلاث، وآخرون قاموا بست وثلاثين وأوتروا بثلاث .. وهذا كله سائغ فكيفما قام بهم في رمضان من هذه الوجوه فقد أحسن.
ثم قال ابن تيمية: والأفضل يختلف باختلاف أحوال المصلين، فإن كان فيهم احتمال لطول القيام بعشر ركعات وثلاث بعدها، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي لنفسه فهو الأفضل، وإن كانوا لا يحتملونه فالقيام بعشرين أفضل، فهو الذي يعمل به أكثر المسلمين، فإنه وسط بين العشرين وبين الأربعين، وإن قام بأربعين غيرها جاز ذلك، ولا يكره شيء من ذلك، وقد نص على ذلك غير واحد من الأئمة، كأحمد بن حنبل وغيره، ومن ظن أن قيام رمضان فيه عدد مؤقت عن النبي صلى الله عليه وسلم، لا يزاد فيه ولا ينقص فقد أخطأ". ا. هـ الصابوني.
أقول: مهما صلى الإنسان من قيام رمضان منفرداً أو من صلاة التراويح جماعة قليلاً أو كثيراً فلا حرج عليه، لكن الحرج في أن ينكر أن تكون صلاة التراويح عشرين ركعة، فذلك اعتبار ما ليس بدعة: بدعة، قال فقهاء الحنفية: من لم ير صلاة التراويح عشرين ركعة فهو مبتدع وذلك لأنه يسفه أئمة العدل وخاصة المسلمين وعامتهم خلال العصور.