الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نكرى في هذه الوجه، وإن قومي يزعمون أنه لا حج لنا. فقال ابن عمر: ألستم تطوفون بالبيت؟ ألستم تسعون بين الصفا والمروة، ألستم، ألستم؟ إن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله مثل ما سألتني، فلم يدر ما يرد عليه، حتى نزلت {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} (1).
فدعاه، فتلاها عليه، وقال:"أنتم حجاج".
أقول: هذا النص وأشباهه دليل لمن ذهب أنه يمكن أن يجتمع مع الحج عمل وإجارة وتجارة، وقوله: نكرى في هذا الوجه: أي نكرى في خدمة الحجيج.
4241 -
* روى ابن خزيمة عن ابن عباس: "أن الناس كانوا في أول الحج يبتاعون بمنى وعرفة وسوق ذي المجاز ومواسم الحج، فخافوا البيع وهم حرم فأنزل الله (ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم) في مواسم الحج، فحدثني عبيد بن عمير أنه كان يقرؤها في المصحف".
-
بدأ الإحرام والتلبية لمريد النسك:
4242 -
* روى البخاري عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: "أن إهلال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من ذي الحليفة، حين استوت به راحلته".
وفي رواية (2): "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أراد الحج أذن في الناس فاجتمعوا، فلما أتى البيداء أحرم.
في قوله "حين استوت به راحلته".
قال الحافظ في "الفتح": وغرضه منه الرد على من زعم أن الحج ماشياً أفضل، لتقديمه في الذكر على الراكب، فبين أنه لو كان أفضل لفعله النبي صلى الله عليه وسلم، بدليل أنه لم يحرم حتى
(1) البقرة: 198.
4241 -
ابن خزيمة (4/ 351، 352) كتاب المناسك، 874 - باب إباحة التجارة في الحج
…
وإسناده صحيح. المستدرك: (481) من طريق ابن أبي ذئب، وليس فيه ذكر لقراءة عبيد بن عمير في المصحف.
4242 -
البخاري (3/ 379) 25 - كتاب الحج، 2 - باب قول الله تعالى: {يَأْتُوكَ رِجَالًا
…
}.
(2)
الترمذي (3/ 193) 7 - كتاب الحج، 17 - باب ما جاء من أي موضع أحرم النبي صلى الله عليه وسلم.
(أذن) التأذين: الإعلام بالشيء والنداء به.
استوت به راحلته. وقال الحافظ أيضاً: قال ابن المنذر: اختلف في الركوب والمشي في الحج أيهما أفضل؟ فقال الجمهور: الركوب أفضل، لفعل النبي صلى الله عليه وسلم، ولكونه أعون على الدعاء والابتهال، ولما فيه من المنفعة.
4243 -
* روى مالك في الموطأ عن عروة بن الزبير رضي الله عنهما "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي في مسجد ذي الحليفة ركعتين، فإذا استوت به راحلته أهل".
4244 -
* روى البزار عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم "أحرم في دبر الصلاة".
أقول: السنة لمن أراد الإحرام أن يغتسل ثم يصلي ركعتين ثم يلبي في مصلاه، والظاهر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: لبى بعد ما صلى، ولبى بعد ما استوت به راحلته، وكل من الناس حدث بما رأى.
4245 -
* روى أبو داود عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كان إذا أخذ طريق الفرع أهل إذا استقلت به راحلته، وإذا أخذ طريق أحد، أهل إذا أشرف على جبل البيداء".
4246 -
* روى الشيخان عن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال: "بيداؤكم هذه، التي تكذبون على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها، ما أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من عند المسجد، يعني: مسجد ذي الحليفة".
4243 - الموطأ (1/ 332) 20 - كتاب الحج، 9 - باب العمل في الإهلال، وهو مرسل، وقد وصله البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن عمر في إحدى رواياته: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يركب راحلته بذي الحليفة، ثم يهل حتى تستوي به قائمة، ووصله البخاري ومسلم أيضاً من حديث أنس.
4244 -
كشف الأستار (2/ 12) كتاب المناسك باب الإهلال.
مجمع الزوائد (3/ 221) وقال الهيثمي: رواه البزار: ورجاله رجال الصحيح خلا شيخ البزار، وقد حسن الترمذي حديثه.
4245 -
أبو داود (2/ 151) كتاب المناسك، 21 - باب في وقت الإحرام، وفي إسناده محمد بن إسحاق، ولكنه صرح بالتحديث، فالحديث حسن.
4246 -
البخاري (3/ 400) 25 - كتاب الحج، 20 - باب الإهلال عند مسجد ذي الحليفة.
مسلم (2/ 843) 15 - كتاب الحج، 4 - باب أمر أهل المدينة بالإحرام من عند مسجد ذي الحليفة.
وفي رواية (1): "ما أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من عند الشجرة، حين قام به بعيره".
وفي أخرى (2) قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وضع رجله في الغرز، واستوت به راحلته قائمة، أهل من عند مسجد ذي الحليفة".
وفي أخرى (3): "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يركب راحلته بذي الحليفة، ثم يهل، حين تستوي به قائمة".
قال النووي في شرح مسلم (1/ 376): قوله: "بيداؤكم هذه التي تكذبون على رسول الله- إلخ" قال العلماء: هذه البيداء هي: الشرف الذي قدام ذي الحليفة إلى جهة مكة، وهي بقرب ذي الحليفة.
وسميت بيداء، لأنه ليس فيها بناء ولا أثر. وكل مفازة تسمى: بيداء. وأما هنا، فالمراد بالبيداء ما ذكرناه.
وقوله: "تكذبون على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها" أي تقولون: إنه صلى الله عليه وسلم أحرم منها، ولم يحرم منها، وإنما أحرم قبلها من عند مسجد ذي الحليفة، ومن عند الشجرة التي كانت هناك، وكانت عند المسجد.
وسماهم ابن عمر كاذبين، لأنهم أخبروا بالشيء على خلاف ما هو وقد سبق في أول هذا الشرح في مقدمة "صحيح مسلم": أن الكذب عند أهل السنة: هو الإخبار عن الشيء بخلاف ما هو عليه، سواء تعمده، أم غلط فيها وسها. وفيه دلالة: أن ميقات أهل المدينة من عند مسجد ذي الحليفة، ولا يجوز لهم تأخير الإحرام إلى البيداء، وبهذا قال جميع العلماء. وفيه: أن الإحرام من الميقات أفضل من دويرة أهله، لأنه صلى الله عليه وسلم ترك الإحرام من مسجده، مع كمال شرفه.
فإن قيل: إنما أحرم من الميقات لبيان الجواز. قلنا: هذا غلط من وجهين. أحدهما: أن البيان قد حصل بالأحاديث الصحيحة في بيان المواقيت. والثاني: أن فعل رسول الله
(1) مسلم: نفس الموضع السابق.
(2)
البخاري (6/ 69) 56 - كتاب الجهاد، 53 - باب الركاب والغرز للدابة.
(3)
مسلم (2/ 845) 15 - كتاب الحج، 5 - باب الإهلال من حيث تنبعث الراحلة.
(بيداؤكم): البيداء: البرية، والمراد به في الحديث: موضع مخصوص بين مكة والمدينة.
(الغرز): ركاب الرحل الذي تركب به الإبل، إذا كان من جلد، فإن كان من خشب أو حديد فهو ركاب.