المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌عرض إجمالي صوم رمضان أحد الأركان الخمسة في الإسلام وإذا كان - الأساس في السنة وفقهها - العبادات في الإسلام - جـ ٦

[سعيد حوى]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء السادسفي الصيام والاعتكاف وإحياء ليلة القدروصلاة التراويح وفي الفطر

- ‌المقدمة

- ‌الباب الأولفي الصيام

- ‌عرض إجمالي

- ‌الفصل الأولفي فضل الصيام وبعضآدابه وأحكامه العامة

- ‌ الصوم لله وهو يجزي به:

- ‌ لماذا كان الصوم لله وهو يجزي به مع العلم أن العبادات كلها لله وثوابها يعود على فاعلها

- ‌ شفاعة الصوم:

- ‌ طيب الصائم والصوم:

- ‌ عظم أجر الصوم:

- ‌ باب الريان للصائمين:

- ‌ مغفرة ذنوب الصائمين:

- ‌ فتح أبواب السماء وإغلاق أبواب جهنم وتصفيد الشياطين:

- ‌ حفظ الصوم من الشوائب

- ‌ الإكثار من أعمال الخير في رمضان

- ‌ ما يقول إذا دعي الصائم إلى طعام

- ‌ فضل المضيف الصائم وما يقول إذا قدَّم طعاماً:

- ‌ السواك للصائم:

- ‌ المحافظة على السحور:

- ‌ استحباب الدعاء عند الفطر:

- ‌ تعجيل الفطر إذا دخل وقته:

- ‌ الإفطار قبل صلاة المغرب:

- ‌ ما يقول إذا رأى الهلال

- ‌ ما يقول في ليلة القدر:

- ‌ إثم المفطر:

- ‌مسائل وفوائد

- ‌ الصوم لغة:

- ‌ صوم شهر رمضان ركن من أركان الإسلام وفرض من فروضه

- ‌ متى يجب الصوم

- ‌ شروط وجوب الصوم:

- ‌ يستحب للصائم

- ‌ مكروهات الصيام:

- ‌الفصل الثانيفي ثبوت هلال رمضانوثبوت هلال شوال

- ‌مسائل وفوائد

- ‌ كيفية إثبات هلال رمضان وهلال شوال:

- ‌الفصل الثالثفي النية في صوم الفريضة وغيرها

- ‌عرض إجمالي

- ‌النية:

- ‌شروط النية:

- ‌1 - تبييت النية:

- ‌2 - تعيين النية في الفرض:

- ‌3 - الجزم بالنية:

- ‌4 - تعدد النية بتعدد الأيام:

- ‌ في صفة النية:

- ‌ نية الفريضة:

- ‌ نية صوم التطوع وإبطاله

- ‌الفصل الرابعفي السحور والإفطار ومتى يبدأصوم الصائم ومتى ينتهي

- ‌مقدمة

- ‌ فضل السحور:

- ‌ وقت السحور:

- ‌ وقت الإفطار:

- ‌ فضل تعجيل الفطر:

- ‌ على ماذا يفطر الصائم:

- ‌ الدعاء عند الإفطار:

- ‌مسائل وفوائد

- ‌الفصل الخامسفي الأعذار التي تبيح الفطر

- ‌عرض إجمالي

- ‌ الأعذار المبيحة للفطر:

- ‌1 - السفر:

- ‌2 - المرض:

- ‌3 - 4 - الحمل والرضاع:

- ‌5 - الهرم:

- ‌6 - إرهاق الجوع والعطف:

- ‌7 - الإكراه الملجئ:

- ‌ الفطر للمسافر وفضل الفطر عند المشقة:

- ‌ حكم الإفطار لمن شرع بالسفر بعد الفجر وكان قد نوى الصيام:

- ‌ الفطر للحامل والمرضع عند المشقة:

- ‌ الفطر للشيخ الهرم:

- ‌مسائل وفوائد

- ‌ من مات وعليه صيام شيء من رمضان

- ‌ فائدة حول صيام أصحاب الأعمال الشاقة:

- ‌ السائق الذي يسافر باستمرار

- ‌الفصل السادسفيما يفطر الصائم وما لا يفطرهوما يترتب على من اعتبر مفطراً

- ‌عرض إجمالي

- ‌ ما لا يفسد الصوم عند الحنفية:

- ‌ حكم الإمساك بعد الفطر بعذر:

- ‌ ما يفسد الصوم عند الحنفية

- ‌ ما يفسد الصوم عند الشافعية

- ‌ قضاء الصوم وحكمه:

- ‌ الكفارة وموجبها:

- ‌ حكم الفدية: الوجوب وسببها:

- ‌ حكم القيء:

- ‌ الحجامة للصائم:

- ‌ الكحل للصائم

- ‌ الجنابة لا تفطر الصائم:

- ‌ عدم فطر من أكل أو شرب وهو ناس:

- ‌ من ظن أن الشمس غربت فأفطر ولم تكن غربت

- ‌ في القضاء:

- ‌ في الصوم عن الميت الذي عليه قضاء الصوم:

- ‌ في الكفارة:

- ‌مسائل لم يرد فيها نص إن كانت تبطل الصوم أو لا:

- ‌ مسألة الحقنة في الجلد أو في العروق:

- ‌ القطرة في العين والأذن:

- ‌ الحقنة الشرجية والتحميلة:

- ‌ دخول الماء إلى الدبر أثناء الاستنجاء وكذا إدخال الأصبع:

- ‌ التقطير في الإحليل:

- ‌ في الجائفة والآمة:

- ‌الفصل السابعفيما يستحب صيامه

- ‌ صيام ست من شوال:

- ‌ صوم يوم عرفة التاسع من ذي الحجة:

- ‌ صيام عاشوراء:

- ‌ فضل الإكثار من الصوم مطلقاً وخاصة في رجب وشعبان:

- ‌ صيام الإثنين والخميس:

- ‌ الأيام البيض:

- ‌ التطوع بصيام ثلاثة أيام مطلقاً من كل شهر:

- ‌ صيام يوم وإفطار يوم:

- ‌الفصل الثامنفيما يحرم صيامه أو يكره

- ‌ النهي عن تطوع المرأة بالصيام إلا بإذن زوجها إن كان حاضراً:

- ‌ النهي عن صيام يومي الفطر والنحر:

- ‌ النهي عن صيام أيام التشريق:

- ‌ في يوم الشك:

- ‌ النهي عن إفراد يوم الجمعة بصوم لذاته:

- ‌ في صيام يومي السبت والأحد:

- ‌ النهي عن مواصلة الصوم والنهي عن صيام الدهر:

- ‌ حديث جامع:

- ‌الباب الثانيفي الاعتكاف وليلة القدر وساعة الاستجابةكل ليلة وقيام رمضان وصلاة التراويح

- ‌مقدمة

- ‌أولاً: الاعتكاف:

- ‌ثانياً: ليلة القدر:

- ‌ثالثاً: صلاة التراويح وقيام الليل وصلاة التهجد:

- ‌ عدد ركعات صلاة التراويح

- ‌أدلة الأئمة المجتهدين:

- ‌الفصل الأولفي الاعتكاف

- ‌ اعتكاف رسول الله صلى الله عليه وسلم وزمانه ومكانه ومدته:

- ‌مسألة في مكان الاعتكاف:

- ‌ما يجوز للمعتكف من الأفعال:

- ‌مسائل وفوائد

- ‌الفصل الثانيفي ليلة القدر وساعة الاستجابة

- ‌ فضل ليلة القدر:

- ‌ وقت ليلة القدر وعلاماتها:

- ‌ الاعتكاف وسط الشهر كان ابتداءً:

- ‌الباب الثالثفي صدقة الفطر

- ‌مقدمة

- ‌العرض الإجمالي

- ‌النصوص

- ‌ وجوب زكاة الفطر وحكمتها ووقتها:

- ‌ من تجب عليه ومقدارها:

- ‌خاتمة

- ‌الجزء السابعفي الحج والعمرة والهدي والأضاحيوفي العتيرة والعقيقة

- ‌مقدمة

- ‌عرض إجمالي

- ‌ الحج لغة:

- ‌ شروط الحج:

- ‌ والأعمال الرئيسية في الحج:

- ‌ والعمرة حج أصغر وأعمالها الرئيسية:

- ‌ وحَجَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم حُجة على الناس

- ‌الحج مدرسة متكاملة:

- ‌الباب الأولفي الحرمين الشريفين وبعض أحكامهماوفي المساجد الثلاثة ومسجد قباء

- ‌مقدمة

- ‌الفصل الأولفي فضل مكة- شرفها الله- وبعض معالمها

- ‌ في فضل مكة وما خصها الله به:

- ‌ في فضل الكعبة والحجر الأسود:

- ‌ في بناء المسجد الحرام:

- ‌ في ما يهدى إلى المسجد الحرام من مال:

- ‌ في بعض معالم مكة:

- ‌ في فضل زمزم:

- ‌ النهي عن حمل السلاح بمكة بلا حاجة:

- ‌الفصل الثانيفي فضل المدينة وبعض معالمها

- ‌ في فضل المدينة:

- ‌ حرمة المدينة:

- ‌ دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم للمدينة أن تحبب للصحابة:

- ‌ فيمن أحدث في المدينة أو أراد بأهلها سوءاً:

- ‌ في الترغيب بالإقامة في المدينة:

- ‌ في فضل وادي العقيق:

- ‌ فضل جبل أحد:

- ‌ الوفاة في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم:

- ‌ في النهي عن تسمية المدينة بيثرب:

- ‌الفصل الثالثفي المساجد الثلاثة ومسجد قباء

- ‌النصوص

- ‌الفصل الرابعفي نصوص تتحدث عما يجري لمكة والمدينة

- ‌ المدينة مجمع الإيمان:

- ‌ هجرة أهل المدينة منها:

- ‌ توسع عمران المدينة:

- ‌ حراسة الملائكة للمدينة من الدجال والطاعون:

- ‌ حراسة مكة من الدجال:

- ‌ استحلال الحرم والخسف بجيش يغزو الكعبة:

- ‌ خراب الكعبة:

- ‌ تكرار هدم البيت:

- ‌مسائل وفوائد

- ‌الباب الثانيفي فضل الحج والعمرة وبعض آدابهما وأحكامهما

- ‌عرض إجمالي

- ‌ الحج:

- ‌شروط وجوب الحج:

- ‌ أركان الحج عند الحنفية:

- ‌واجبات الحج خمسة:

- ‌سنن الحج:

- ‌سنن الحج العامة:

- ‌مكان الإحرام:

- ‌العمرة: لغة:

- ‌أركان العمرة:

- ‌ واجبات العمرة:

- ‌النصوص- في فضل الحج:

- ‌ الحج المبرور أفضل الجهاد:

- ‌ الحج والعمرة ينفيان الذنوب والفقر:

- ‌ فضل التلبية:

- ‌ الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة:

- ‌ فضل العمرة في رمضان:

- ‌ الحاج والمعتمر والغازي: وفود الله:

- ‌ أفضل الحج:

- ‌ الحج يهدم ما كان قبله:

- ‌ فضل الوفود على الله في كل خمسة أعوام:

- ‌ أفضل الأعمال التي أمرنا بها:

- ‌ فضل أعمال الحج:

- ‌ في فرضية الحج:

- ‌ شروط وجوب الحج:

- ‌ مشروعية العمرة:

- ‌مسائل وفوائد

- ‌الباب الثالثفي أشهر الحج وفي عشر ذي الحجة وفي يومعرفة ويوم النحر وأيام التشريق

- ‌ الأشهر الحرم:

- ‌ متى يحرم الحاج:

- ‌ متى يهل الحاج:

- ‌ فضل العشر الأوائل من ذي الحجة:

- ‌ فضل يوم عرفة:

- ‌ فضل يوم النحر:

- ‌الباب الرابعفي المواقيت

- ‌عرض إجمالي

- ‌النصوص

- ‌ المواقيت:

- ‌ مكان الإحرام لمن كان داخل المواقيت:

- ‌ جواز محاذاة الميقات لمن لا يمر به:

- ‌ جواز الإحرام قبل الميقات:

- ‌الباب الخامسفي أحكام الإفراد والقران والتمتعوفسخ الحج والعمرة

- ‌عرض إجمالي

- ‌النصوص

- ‌ الإفراد بالحج:

- ‌ في القران:

- ‌ من جمع بين الحج والعمرة يكفيه طواف وسعي واحد:

- ‌ في التمتع:

- ‌الباب السادسفي الإحصار والفوات والفدية والاشتراط

- ‌عرض إجمالي

- ‌أما الإحصار:

- ‌أما الفوات:

- ‌رفض الإحرام:

- ‌النصوص

- ‌ التحلل لعذر المرض وغيره:

- ‌ الاشتراط في الحج:

- ‌الصبر على المرض حتى يتحلل بعمرة:

- ‌ الإحصار بالعدو والحبس:

- ‌ ما يجب على المتحلل:

- ‌ بعث الهدي إلى الحرم لمن استطاع:

- ‌ التحلل بعمرة لمن فاته الوقوف بعرفة:

- ‌الباب السابعفي الإحرام ولباسه وفي التلبية وما يحل للمحرموما يحرم عليه وفي الجنايات على الإحرام والحج

- ‌عرض إجمالي

- ‌ دخول مكة من غير إحرام لغير مريد النسك:

- ‌ من صد عن الحرم:

- ‌ جواز الإتجار للحاج:

- ‌ بدأ الإحرام والتلبية لمريد النسك:

- ‌ ما يفعل من أراد الإحرام وجواز الطيب له:

- ‌ متى يقطع الحاج والمعتمر التلبية:

- ‌ استحباب الاغتسال لمن أراد الإحرام وجواز غسل الرأس للمحرم:

- ‌ صيغة التلبية:

- ‌ رفع الصوت بالتلبية:

- ‌ كيف كان يلبي المشركون:

- ‌ إحرام المرأة في وجهها إلا لعذر:

- ‌ جواز السروال والخف لمن لم يجد غيرهما:

- ‌ جواز إلقاء الثوب على البدن ووجوب خلع الثوب:

- ‌ خلع الثوب للمحرم:

- ‌ النهي عن الطيب للمحرم:

- ‌ احتجام المحرم:

- ‌ النهي عن الكحل وجواز تضميد العين:

- ‌ نكاح المحرم وخطبته:

- ‌ النهي عن الصيد للمحرم، وجواز أن يأكل من صيد لم يصد له ولم يعن عليه:

- ‌ حكم من صاد صيداً:

- ‌ جواز قتل المحرم الفواسق:

- ‌ ما تصنع الحائض والنفساء:

- ‌ تنظيف المحرم دابته:

- ‌ من أصاب أهله قبل أن يفيض:

- ‌ حكم من ترك شيئاً من الواجبات:

الفصل: ‌ ‌عرض إجمالي صوم رمضان أحد الأركان الخمسة في الإسلام وإذا كان

‌عرض إجمالي

صوم رمضان أحد الأركان الخمسة في الإسلام وإذا كان كل ركن يقوم عليه من الإسلام ما يناسبه، فمثلاً الزكاة هي الركن في نظام الإسلام الاقتصادي، فالصوم هو الركن في ضبط النفس وشهواتها على مقتضى أمر الله عز وجل.

إن شهوة البطن والفرج هما أعتى شهوتين تغلبان الإنسان، وبالصيام يسيطر الإنسان على هاتين الشهوتين تحقيقاً لأمر الله بالإمساك عنهما فترة الصوم، وعندما يسيطر المسلم عليهما- وهما ما هما في الشدة- فإن قدرته على السيطرة على غيرهما أشد، ولذلك أُدِّبَ الصائم على السيطرة عليهما وعلى غيرهما من شهوات النفس كمقابلة السيئة بمثلها وإلجام اللسان عما لا ينبغي وعن الغضب والانتصار للنفس إلى غير ذلك.

وكما أن الصلوات فريضة ونافلة، والصدقات منها الفرائض والنوافل، والحج منه الفريضة ومنه النافلة، فإن الصوم منه الفريضة كصوم رمضان والوفاء بالنذر ومنه النافلة، وها نحن نعرض لك مسائل الصوم عرضاً إجمالياً ثم نبدأ بعرض النصوص:

لرمضان في قلب المسلم وفي تاريخ الأمة الإسلامية مكانة خاصة، لذلك يتغنى به الشعراء ويتشوق له العُبَّاد ويحرك في قلب المسلم أعظم الهمم لتحقيق أعلى المقامات وأرقى الأهداف. فقد نزل القرآن في رمضان وكانت فيه معركة بدر الكبرى وفتح مكة، وكثير من أحداث السيرة المهمة، وقد حدثت فيه معركة الزلاقة يوم الجمعة في 25 رمضان 479 هجرية، وهي المعركة التي أوقفت سقوط الأندلس أكثر من 400 عام، وكانت بقيادة يوسف بن تاشفين رحمه الله، ومن قبل كان فتح الأندلس في رمضان وفيه كانت موقعة عين جالوت قريباً من نابلس الحالية في فلسطين التي انتصر فيها المسلمون على المغول الانتصار الذي كان بداية النهاية للزحف المغولي.

والصوم شرعاً: هو الإمساك نهاراً عن المفطرات من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس مع النية، والبلاد التي يدوم فيها الليل أو النهار، أو يكون فجرها هو غروب الشمس، يُقَدَّر وقت الصوم فيها بحسب أقرب البلاد منها، التي فيها ليل ونهار متميزان.

ص: 2507

وصوم شهر رمضان ركن من أركان الإسلام، وفرض من فروضه بإجماع المسلمين، وعلى من أفطر في رمضان بعذر أن يقضي ما أفطر إن قدر، وستأتي معنا تفصيلات ذلك، فصوم رمضان أداءً وقضاءً من الفرائض، وهناك صوم الكفارات وهي من الفرائض على تفصيل، ومن الصوم المفروض صومه صوم النذر، وهناك صوم مسنون أو مندوب أو مستحب ومن ذلك: صوم عاشوراء مع يوم قبله أو بعده، ولم يشترط بعضهم أن يصام معه، ومن ذلك أن يصوم الإنسان يوماً ويفطر يوماً سوى رمضان وسوى الأيام التي يحرم صيامها ومن ذلك صيام أيام البيض أي: 13 - 14 - 15 - من كل شهر قمري فإن لم يتيسر هذا فصيام ثلاثة أيام من كل شهر تعدل صيام الدهر، ومن ذلك صوم يوم الاثنين والخميس من كل أسبوع، وصوم ستة أيام من شوال ولو متفرقة، ومن ذلك صوم يوم عرفة لغير الحاج، وصوم الثمانية أيام من ذي الحجة قبل يوم عرفة للحاج وغيره.

واستحب المالكية والشافعية: صيام الأشهر الحرم وهي أربع: ثلاثة متوالية وهي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، وواحد منفرد وهو رجب، ويستحب الإكثار من صوم شعبان، ولا يكره صوم الدهر كله عند الحنابلة إذا لم يصم الأيام المنهي عن صومها إلا إذا خاف ضرراً أو فوت حق. ومن شرع في صوم مندوب فقد وجب عليه أن يتمه عند الحنفية والمالكية وإذا أفطر لعذر أو لغير عذر فقد وجب عليه قضاؤه. وقال الشافعية والحنابلة لا يجب عليه الاستمرار فيه ولكن يستحب له الإتمام إذا شرع فيه.

ويحرم صوم يومي عيد الفطر والأضحى وأيام التشريق الثلاثة بعد عيد الأضحى، ويحرم صوم الحائض والنفساء ولا ينعقد، ويحرم صيام من يخاف على نفسه الهلاك بصومه، ويكره عند الحنفية أن تصوم المرأة نفلاً بغير إذن زوجها أو علمها برضاه إلا إذا كان غائباً أو محرماً بحج أو عمرة أو معتكفاً، وللزوج أن يفطرها إذا صامت نفلاً بغير إذنه. ويكره تحريماً صوم يوم الشك وهو يوم الثلاثين من شعبان إذا لم يعرف أنه من رمضان، وأجاز الحنفية صومه نفلاً، فإن ظهر أنه من رمضان؛ وقع عندهم عن رمضان.

وحرم الشافعية صوم النصف الأخير من شعبان لمن لم يكن له عادة في صيام وأجازوا صومه لقضاء أو كفارة.

ص: 2508

ومن الصوم المكروه تنزيهاً إفراد يوم الجمعة والأحد بالصوم، والراجح عند المالكية عدم كراهته، ومن المكروه تنزيهاً إفراد يوم السبت وإفراد يوم عاشوراء، وصيام يومي النيروز وهو في أوائل الربيع، والمهرجان وهو في أوائل الخريف، ويكره تنزيهاً صوم الصمت وصوم الوصال وهو أن يواصل بين يومين أو أكثر بلا فطر، ويكره صوم المسافر إذا أجهده الصوم، ومن صام مع يوم الجمعة يوماً قبله أو بعده انتفت الكراهة. ويكره عند المالكية صوم يوم مولد النبي صلى الله عليه وسلم لأنه شبيه بالأعياد، ويكره عند الشافعية صوم المريض والمسافر والحامل والمرضع والشيخ الكبير إذا خافوا مشقة كبيرة.

ولا يجب الصيام إل على مسلم عاقل بالغ قادر مقيم، ويؤمر به الصبي عند الشافعية والحنفية والحنابلة وهو ابن سبع سنين، ويضرب عليه إذا بلغ عشراً، وقال المالكية لا يؤمر الصبيان بالصوم إلا إذا احتلم الغلام وحاضت الفتاة أو إذا دخلوا في طور التكليف.

وعند الحنفية لابد من تبييت النية وتعيينها قبل الفجر في صيام القضاء والنذر غير المعين، وصوم الكفارات، وصوم التمتع والقران، وأما صيام رمضان وصيام التطوع والنذر المعين؛ فيصح بنية من الليل إلى ما قبل نصف النهار، والنهار عندهم من طلوع الفجر إلى غروب الشمس فإذا وقعت النية قبل منتصف هذا الوقت جاز صيام ما ذكرناه عندهم. ولا يشترط في النية التلفظ، وأي فعل يدل على نية الصوم كالسحور يعتبر نية، ويستحب للصائم السحور على شيء وإن قلّ ولو جرعة ماء، ويستحب تأخير السحور لآخر الليل، ويستحب تعجيل الفطر عند تيقن الغروب وقبل الصلاة، ويندب أن يكون على رطب فتمر فحلو فماء، وأن يكون وتراً، ويستحب للصائم الدعاء عقب الفطر، ويستحب للمسلم تفطير الصائمين إذا حان وقت الإفطار، ويستحب الاغتسال من الجنابة والحيض والنفاس قبل الفجر إذا طهرت الحائض أو النفساء ليلاً.

وتستحب التوسعة على العيال والإحسان إلى الأرحام، والإكثار من الصدقة والاشتغال بالعلم وتلاوة القرآن ومدارسته، والأذكار، ويُسنُّ الاعتكاف وتحري ليلة القدر، وتستحب صلاة التراويح وقيام الليل وكف اللسان والجوارح عن فضول الكلام والأفعال، ويستحب ألا يتوسع في الشهوات المباحة، وألا يفعل ما يضعفه كإعطاء الدم مثلاً والحجامة.

ص: 2509

وإذا كان المسلم يحرص على ترك الحرام في غير رمضان فإنه في رمضان أشد حرصاً، ويكره للصائم ذوق شيء أو مضغه بلا عذر، والقبلة ومقدمات الإثارة إن لم يأمن على نفسه، والمبالغة في المضمضة والاستنشاق.

ومن الأعذار المبيحة للفطر: السفر المبيح لقصر الصلاة الرباعية، ولا يحق له عند الجمهور أن يُفطر في اليوم الأول إلا إذا تلبس بالسفر قبل طلوع الفجر ووصل إلى مكان يبدأ فيه جواز القصر وهو مجاوزة البيوت ومرافق البلد قبل الفجر، ولم يشترط الحنابلة ذلك. وله حق الفطر ما دام يعتبر مسافراً شرعاً على خلاف بين الفقهاء في حد السفر.

ومن الأعذار المبيحة للفطر: المرض على تفصيلات عند الفقهاء في وصف المرض المبيح للفطر. ومن المبيحات للفطر: الجهاد سواء كان هناك التحام أو يتوقع الالتحام، ومن المبيحات: الحمل والرضاعة إذا خافت الحامل أو المرضع على نفسها أو رضيعها على تفصيل في الخوف المعتبر، ومن المبيحات عدم القدرة على الصيام بسبب الهرم، ومن المبيحات خشية الصائم على نفسه الهلاك أو الإغماء أو ذهاب بعض الحواس، ومن المبيحات الإكراه بشروطه.

وقال جمهور الفقهاء: إنه يجب على صاحب العمل الشاق أن يتسحر وينوي الصوم، فإن حصل له ما يخاف منه الضرر جاز له الفطر فإن تحقق الضرر وجب الفطر، وقال الحنابلة: لا يأثم بالفطر من احتيج إليه لإنقاذ آدمي معصوم من مهلكة كغرق ونحوه إذا أدى الإنقاذ إلى فطره.

والأعذار المبيحة للفطر منها ما يوجب القضاء فقط، ومنها ما يوجب الفدية إذا أمكن ذلك، وهناك إفطار الناسي وهذا لا يوجب قضاءً، ولا يؤثر على الصوم، وهناك إفطار المخطئ كأن تمضمض الإنسان فوصل شيء من الماء إلى جوفه دون قصد ففيه خلاف، هل يفسد الصوم أو لا يفسده، وهل يجب القضاء أو لا يجب، وإن كان الجميع متفقين أن لا إثم، ولكن صاحب ذلك وقع في المكروه لأنه بالغ في المضمضة، وهناك الإفطار الذي يفسد الصوم ويوجب القضاء فقط، وصاحبه آثم، وهناك الإفطار الذي يفسد الصوم ويجب فيه القضاء مع الكفارة، والإثم فيه كذلك حاصل، وكل ذلك فيه تفصيلات، وبعض المسائل محل إجماع عند الفقهاء، وبعضها محل اختلاف، وسيمر معنا أثناء عرض النصوص وعرض المسائل والفوائد ما تكثر الحاجة إلى معرفته ويكثر الابتلاء فيه، وإلى فصول هذا الباب.

ص: 2510