الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نعم قد وجدت له متابعا قويا يمنع من الحكم على الحديث بالوضع وإن كان مرسلا، فقال الدارمي في " سننه " (1/86) : أخبرنا يعقوب بن إبراهيم: نا يحيى بن أبي بكير: نا شبل عن عمرو بن دينار عن طاووس قال: قيل: يا رسول الله! أي الناس أعلم؟ الحديث.
قلت: وهذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال البخاري،؛ ولكنه مرسل.
1102
- " إن المرأة إذا خرجت من بيتها وزوجها كاره لذلك لعنها كل ملك في السماء وكل شيء مرت عليه غير الجن والإنس حتى ترجع ".
ضعيف جدا.
رواه الطبراني في " الأوسط "(1/170/1 - 2) عن عيسى بن المساور: حدثنا سويد ابن عبد العزيز عن محمد عن عمرو بن دينار عن ابن عمر مرفوعا وقال:
" لم يروه عن عمرو إلا محمد، تفرد به سويد ".
قلت: وهو ضعيف جدا، قال الذهبي في " الضعفاء ":
" قال أحمد: متروك الحديث ".
وقال في " الميزان ".
" هو واه جدا ".
وقال الهيثمي في " المجمع ":
" رواه الطبراني في " الأوسط " وفيه سويد بن عبد العزيز وهو متروك، وقد وثقه دحيم وغيره، وبقية رجاله ثقات ".
قلت: وأشار المنذري في " الترغيب "(3/79) إلى أن الحديث حسن أو قريب من الحسن؛ فلا تغتر به.
1103
- " لهم ما لنا، وعليهم ما علينا. يعني أهل الذمة ".
باطل لا أصل له.
وقد اشتهر في هذه الأزمنة المتأخرة، على ألسنة
كثير من الخطباء والدعاة والمرشدين، مغترين ببعض الكتب الفقهية، مثل " الهداية " في المذهب الحنفي، فقد جاء فيه، في آخر " البيوع ":
" وأهل الذمة في المبايعات كالمسلمين، لقوله عليه السلام في ذلك الحديث، فأعلمهم أن لهم ما للمسلمين، وعليهم ما عليهم ".
فقال الحافظ الزيلعي في " تخريجه ": نصب الراية " (4/55) :
" لم أعرف الحديث الذي أشار إليه المصنف، ولم يتقدم في هذا المعنى إلا حديث معاذ، وهو في " كتاب الزكاة "، وحديث بريدة وهو في " كتاب السير "، وليس فيهما ذلك ".
ووافقه الحافظ في " الدراية "(ص 289) .
قلت: فقد أشار الحافظان إلى أن الحديث لا أصل له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن صاحب " الهداية " قد وهم في زعمه ورود ذلك في الحديث. وهو يعني - والله أعلم - حديث ابن عباس؛ وهو الذي إليه الزيلعي:
" أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذا إلى اليمن فقال: إنك تأتي قوما أهل كتاب، فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، فإن هم أطاعوك، فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم.. " الحديث. وهو متفق عليه. فليس فيه - ولا في غيره - ما عزاه إليه صاحب " الهداية ".
بل قد جاء ما يدل على بطلان ذلك، وهو قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح:
" أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله.. فإذا فعلوا ذلك فقد حرمت علينا دماؤهم وأموالهم إلا بحقها، لهم ما للمسلمين، وعليهم ما على المسلمين ".
وإسناده صحيح على شرط الشيخين كما بينته في " الأحاديث الصحيحة "(299) .
فهذا نص صريح على أن الذين قال فيهم الرسول صلى الله عليه وسلم هذه الجملة:
" لهم ما لنا، وعليهم ما علينا ".
ليس هم أهل الذمة الباقين على دينهم، وإنما هم الذين أسلموا منهم، ومن
غيرهم من المشركين!
وهذا هو المعروف عند السلف، فقد حدث أبو البختري:" أن جيشا من جيوش المسلمين - كان أميرهم سلمان الفارسي - حاصروا قصرا من قصور فارس، فقالوا: يا أبا عبد الله ألا تنهد إليهم؟ قال: دعوني أدعهم كما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو، فأتاهم سلمان، فقال لهم: إنما أنا رجل منكم فارسي، ترون العرب يطيعونني، فإن أسلمتم فلكم مثل الذي لنا، وعليكم مثل الذي علينا، وإن أبيتم إلا دينكم، تركناكم عليه، وأعطونا الجزية عن يد، وأنتم صاغرون.. ".
أخرجه الترمذي وقال: " حديث حسن " وأحمد (5/440 و441 و444) من طرق عن عطاء بن السائب عنه.
ولقد كان هذا الحديث ونحوه من الأحاديث الموضوعة والواهية سببا لتبني بعض الفقهاء من المتقدمين، وغير واحد من العلماء المعاصرين، أحكاما مخالفة للأحاديث الصحيحة، فالمذهب الحنفي مثلا يرى أن دم المسلمين كدم الذميين،
فيقتل المسلم بالذمي، وديته كديته مع ثبوت نقيض ذلك في السنة على ما بينته في حديث سبق برقم (458) ، وذكرت هناك من تبناه من العلماء المعاصرين!
وهذا الحديث الذي نحن في صدد الكلام عليه اليوم طالما سمعناه من كثير من الخطباء والمرشدين يرددونه في خطبهم، يتبجحون به، ويزعمون أن الإسلام سوى بين الذميين والمسلمين في الحقوق، وهم لا يعلمون أنه حديث باطل لا أصل له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم! فأحببت بيان ذلك، حتى لا ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم ما لم يقل!
ونحوه ما روى أبو الجنوب قال: قال علي رضي الله عنه:
" من كانت له ذمتنا، فدمه كدمنا، وديته كديتنا ".
أخرجه الشافعي (1429) والدارقطني (350) وقال:
" وأبو الجنوب ضعيف ".
وأورده صاحب " الهداية " بلفظ:
" إنما بذلوا الجزية، لتكون دماؤهم كدمائنا، وأموالهم كأموالنا ".