الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يعتمد عليه.. إلخ، وإنما فيه: عمر بن موسى الأنصاري الكوفي، قال الدارقطني: متروك الحديث، قلت: كأنه الوجيهي، وقد قال في ترجمة الوجيهي ووهم من عده كوفيا لأنه يروي أيضا عن الحكم بن عتيبة وقتادة.
رابعا: عمر بن موسى الدمشقي هو الوجيهي قطعا، ففي ترجمته ذكر ابن عدي هذا الحديث، ووصفه يحيى بأنه شامي وفي " الميزان " أنه دمشقي.
خامسا: قول البيهقي: " في إسناده ضعف " فيه تساهل كبير، فإن مثل هذا إنما يقال في إسناد حديث فيه راوغير متهم، أما وهذا فيه ذلك الوجيهي الوضاع فلا ينبغي تليين القول فيه، كما لا يخفى على المحققين من أهل المعرفة بهذا العلم الشريف.
ثم إن الطريق الأولى لهذا الحديث مما فات السيوطي فلم يخرجه، ولا استدركه عليه المناوي في شرحه، مصداقا لقول القائل: كم ترك الأول للآخر، وردا على بعض المغرورين القائلين: إن علم الحديث قد نضج بل واحترق، هداهم الله سواء السبيل، ثم لعل ذلك الصفار المتهم بالوضع سرق هذا الحديث من الوجيهي وركب عليه إسنادا غير إسناده! قاتل الله الوضاعين وقبح فعلهم.
1052
- " لما نزل عليه الوحي بحراء مكث أياما لا يرى جبريل، فحزن حزنا شديدا حتى كان يغدوإلى (ثبير) مرة، وإلى (حراء) مرة، يريد أن يلقي بنفسه منه، فبينا هو كذلك عامدا لبعض تلك الجبال، إذ سمع صوتا من السماء فوقف صعقا للصوت، ثم رفع رأسه فإذا جبريل على كرسي بين السماء والأرض متربعا عليه يقول: يا محمد
أنت رسول الله حقا، وأنا جبريل، قال: فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أقر الله عينه، وربط جأشه ".
ضعيف.
رواه ابن سعد في " الطبقات "(1/1/130 ـ 131) : أخبرنا محمد بن عمر؛ قال: حدثني إبراهيم بن محمد بن أبي موسى عن داود بن الحصين عن أبي غطفان بن طريف عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل الوحي.. إلخ.
قلت: وهذا سند واه جدا، محمد بن عمر هو الواقدي وهو متهم بالكذب على علمه بالمغازي والسير (1) ، وشيخه إبراهيم بن محمد بن أبي موسى لم أعرفه، ولكني أظن أن جده أبي موسى محرف من أبي يحيى، فإن كان كذلك فهو معروف ولكن بالكذب، وهو إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي أبو إسحاق المدني، كذبه جماعة.
ويرجح أنه هو؛ كونه من هذه الطبقة وكون الواقدي الراوي عنه أسلميا مدنيا أيضا، وقد قال النسائي في آخر كتابه " الضعفاء والمتروكون " (ص 57) :
" والكذابون المعروفون بوضع الحديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة:
1 -
ابن أبي يحيى بالمدينة.
2 -
والواقدي ببغداد.
3 -
ومقاتل بن سليمان بخراسان.
4 -
ومحمد بن سعيد بالشام، يعرف بالمصلوب.
فهذا الإسناد من أسقط إسناد في الدنيا، ولكن قد جاء الحديث من طريق أخرى من حديث عائشة في صحيح البخاري وغيره، بيد أن له علة خفية، فلابد من بيانها فأخرجه ابن حبان في " صحيحه " (رقم 22 - ترتيب الفارسي) من طريق ابن أبي السري:
حدثنا عبد الرزاق: أنبأنا معمر عن الزهري: أخبرني عروة بن الزبير عن عائشة قالت: أول ما بدىء برسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة يراها في النوم فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حبب له الخلاء، فكان يأتي حراء فيتحنث فيه
…
حتى فَجَأَهُ الحق وهو في غار حراء، فجاءه الملك فيه فقال: اقرأ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقلت: ما أنا بقارىء
…
الحديث إلى قوله: قال (يعني ورقة) : نعم لم يأت أحد قط بما جئت به إلا عودي، وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا، ثم لم ينشب ورقة أن توفي وفتر الوحي فترة، وزاد:
(1) انظر ترجمته بالتفصيل في " تاريخ الخطيب "(3/1 - 20) . اهـ.
حتى حزن رسول الله صلى الله عليه وسلم حزنا غدا منه مرارا لكي يتردى من رؤوس شواهق الجبال، فلما أوفى بذروة جبل كي يلقي نفسه منها تبدى له جبريل، فقال له جبريل، فقال له: يا محمد! إنك رسول الله حقا، فيسكن
لذلك جأشه وتقر نفسه فيرجع، فإذا طال عليه فترة الوحي غدا لمثل ذلك، فإذا أوفى بذروة الجبل تبدى له جبريل، فيقول له مثل ذلك.
وابن أبي السري هو محمد بن المتوكل وهو ضعيف حتى اتهمه بعضهم، وقد خولف في إسناده فقال الإمام أحمد في " مسنده " (6/232 - 233) : حدثنا عبد الرزاق به.
إلا أنه قال:
حتى حزن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغنا خزنا غدا منه.. إلخ، فزاد هنا في قصة التردي قوله:
" فيما بلغنا ".
وهكذا أخرجه البخاري في أول " التعبير " من " صحيحه "(12/311 - 317) منطريق عبد الله بن محمد وهو أبو بكر بن أبي شيبة: حدثنا عبد الرزاق به بهذه الزيادة، وأخرجه مسلم (1/97 - 98) من طريق محمد بن رافع: حدثنا عبد الرزاق به، إلا أنه لم يسق لفظه، وإنما أحال فيه على لفظ قبله من رواية يونس عن ابن شهاب، وليس فيه عنده قصة التردي مطلقا، وهذه الرواية عند البخاري أيضا في " التفسير "(8/549 ـ 554) ليس فيها القصة، فعزوالحافظ ابن كثير في تفسيره الحديث بهذه الزيادة للشيخين فيه نظر بين، نعم قد جاءت القصة في الرواية
المذكورة عند أبي عوانة في " مستخرجه "(1/110 - 111) : حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال: أنبأنا ابن وهب قال: أخبرني يونس بن يزيد به، وفيه قوله:
" فيما بلغنا "، فهذه الرواية مثل رواية أحمد وابن أبي شيبة عن عبد الرزاق تؤكد أن إسقاط ابن أبي السري من الحديث قوله:" فيما بلغنا " خطأ منه ترتب عليه أن اندرجت القصة في رواية الزهري عن عائشة، فصارت بذلك موصولة، وهي في حقيقة الأمر معضلة، لأنها من بلاغات الزهري، فلا تصح شاهدا لحديث الترجمة المذكورة أعلاه، قال الحافظ ابن حجر بعد أن بين أن هذه الزيادة خاصة برواية معمر، وفاته أنها في رواية يونس بن يزيد أيضا عند أبي عوانة، قال: