الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
" وفيه عبد الوهاب بن الضحاك الحمصي، قال في " الميزان ": كذبه أبو حاتم،
وقال النسائي وغيره: متروك، وقال الدارقطني: منكر الحديث، والبخاري:
عنده عجائب، ثم أورد له أوابد ها منها ".
ثم وقفت على إسناد الطبراني فتبين لي أن عبد الوهاب متابع، قال الطبراني: "
حدثنا أحمد بن عبد الوهاب بن نجدة الحوطي: حدثنا أبي (ح) : وحدثنا إبراهيم
ابن محمد بن عرق: حدثنا عبد الوهاب بن الضحاك قالا: حدثنا بقية عن صفوان بن
عمرو به مرفوعا ".
كذا وجدته في جزء فيه أحاديث منقولة عن " معجم الطبراني الكبير " مع أسانيدها
في " المجموع "(6) . ثم رأيته هكذا في " المعجم " نفسه (7461) . ثم ساقه
عقبه (7462) بإسناد آخر له عن بقية به.
وعبد الوهاب بن نجدة ثقة، فبرئت عهدة ابن الضحاك منه، وتبين أن العلة من
بقية وهو ابن الوليد، فإنه مدلس وقد عنعنه، وأن تعصيب المناوي العلة
بعبد الوهاب غفلة منه عمن تابعه.
1219
- " العربون لمن عربن ".
باطل
رواه الدارقطني في " الغرائب ": حدثنا بركة بن محمد الحلبي: حدثنا أحمد بن
علي بن أخت عبد القدوس: حدثنا مالك عن نافع عن ابن عمر مرفوعا.
قال في " الميزان ":
" هذا حديث باطل، وبركة متهم. قال الدارقطني: ابن أخت عبد القدوس متروك
الحديث ".
كذا في " ذيل الأحاديث الموضوعة " للسيوطي (ص 128) و" تنزيه الشريعة "(2/197) .
قلت: ومع هذا فقد أورده السيوطي في " الجامع الصغير " أيضا من رواية الخطيب
في " رواة مالك " عن ابن عمر. وتعقبه المناوي بما نقلته عن " الذيل " غير أنه
لم يعزه إليه!
1220
- " حرمت الخمر لعينها قليلها وكثيرها، والسكر من كل شراب ".
ضعيف. أخرجه العقيلي في " الضعفاء "(4/124) من طريقين عن أبي إسحاق السبيعي عن
الحارث عن علي مرفوعا.
والحارث هذا هو ابن عبد الله الهمداني الأعور وقد كذبه أبو إسحاق السبيعي هذا
والشعبي وابن المديني.
نعم ورد هذا الحديث عن ابن عباس مرفوعا وموقوفا، والموقوف رواه النسائي (2/332) والطحاوي (2/324) وأحمد في " الأشربة "(59/109) والطبراني (10837 و10839 - 10841 و12389 و12633) وأبو نعيم في " الحلية "(7/224)
وإسناده صحيح، والمرفوع علقه أبو نعيم، وهي رواية شاذة مخالفة لرواية
الجماعة الموقوفة.
لكن رواه الطبراني من طريق ابن المسيب عن ابن عباس مرفوعا كما ذكره الزيلعي في
" نصب الراية "(4/307) ولم يتكلم على إسناده ن ولم يسقه الحافظ الهيثمي في
" المجمع "(5/53) مع أنه ساق الموقوف وعزاه للطبراني.
على أن نهاية بحث الزيلعي في هذا الحديث يدل على أن الصواب فيه أنه موقوف على
ابن عباس. والله أعلم.
وهذا الحديث استدلت به الحنفية على أن الخمر إنما هو ما كان من عصير العنب،
فهذا يحرم منه قليله وكثيره، وأن المسكر من الأشربة الأخرى التي تتخذ من
الحنطة والشعير والعسل والذرة فهي حلال، والمحرم منها القدر المسكر فقط!
وهذا مذهب باطل لمخالفته النصوص الصحيحة الصريحة القاطعة بخلافه مثل قوله
صلى الله عليه وسلم: " كل مسكر خمر، وكل خمر حرام " رواه مسلم وغيره عن ابن
عباس (1) . وقوله صلى الله عليه وسلم: " ما أسكر كثيره فقليله حرام " وهو
حديث صحيح ورد عن نحوثمانية من الصحابة بأسانيد ثابتة قد
(1) وله شواهد كثيرة ذكرها الزيلعي وغيره، خرجت بعضها في " الإرواء "(8/40 - 45)، ولهذا قال الشيخ علي القاري في " شرح مسند الإمام أبي حنيفة " (ص 59) :" كاد أن يكون متواترا ":
فلا تغتر بقول صاحب الهداية: " هذا الحديث طعن فيه يحيى بن معين " فإنه لا أصل له عن ابن معين، كما أفاده الزيلعي (4/295) ، وابن معين أجل من أن يخفى عليه صحة مثل هذا الحديث. اهـ.
أوردها الزيلعي في "
نصب الراية " (4/301 - 306) وخرجت طائفة منها في " الإرواء " (2375 و2376
) ، وقد روى بعضها النسائي في " سننه " (2/327) ثم قال:
" وفي هذا دليل على تحريم السكر قليله وكثيره، وليس كما يقول المخادعون
لأنفسهم بتحريمهم آخر الشربة، وتحليلهم ما تقدمها الذي يسري في العروق قبلها
، ولا خلاف بين أهل العلم أن السكر بكليته لا يحدث على الشربة الآخرة دون
الأولى والثانية بعدها، وبالله التوفيق ".
(تنبيه) : ما حكيناه عن الحنفية آنفا هو الذي حكاه الطحاوي عن أبي حنيفة
وصاحبيه رحمهم الله، ورواه الإمام محمد في " الآثار "(ص 148) عن أبي
حنيفة وأقره. لكن ذكر العلامة أبو الحسنات اللكنوي في " التعليق الممجد على
موطأ محمد " (ص 311) أن الإمام محمد يقول بتحريم شرب قليل كل مسكر وكثيره
أسكر أولم يسكر، كما هو مذهب الجمهور، فلعل الإمام محمدا له في المسألة
قولان. ولكن القول الثاني هو الصواب لموافقته للأحاديث الصحيحة التي سبقت
الإشارة إليها وذكرنا بعضها.
ومن الآثار السيئة لهذا الحديث أنه يلزم من القول به إباحة المسكرات المتخذة
من غير العنب على ما سبق بيانه، وإسقاط الحد عن شاربها ولوسكر! وهذا ما
ذهب إليه أبو حنيفة وأبو يوسف كما في " الهداية "(8/160) لكنه قال بعد ذلك
: إن الأصح أنه يحد بناء على قول الإمام محمد به. وهو منسجم مع قوله الآخر
الموافق لمذهب الجمهور في تحريم كل مسكر.
واستدل الحنفية أيضا أيضا بالحديث على أن تحريم الخمر ليس معللا بعلة فقالوا:
" لما كانت حرمتها لعينها لا يصح التعليل، لأن التعليل حينئذ يكون مخالفا للنص "(1) .
يعني هذا الحديث.
والجواب أن يقال: أثبت العرش ثم انقش. فالحديث غير ثابت كما سبق، ثم هو
معارض بمثل الحديث المتقدم: " كل مسكر خمر، وكل خمر حرام " فإنه صريح في
تحريم كل مسكر بجامع الاشتراك مع خمر العنب علة الإسكار.
(1) نقله ابن الهمام (8/156) . اهـ