الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
" قال أبو زرعة: كذاب، وقال صالح: ما رأيت أحذق بالكذب منه ومن الشاذكوني ".
قلت: ولا يتقوى هذا الإسناد بقول البيهقي عقبه:
" وكذلك روي عن عمرو بن شمر، عن عمران بن مسلم وإبراهيم بن عبد الأعلى عن
سويد بن غفلة ".
وذلك لأن عمرو بن شمر متهم، قال البخاري:
" منكر الحديث ".
وقال النسائي والدارقطني وغيرهما:
" متروك الحديث ".
وقال ابن حبان:
" رافضي يشتم الصحابة، ويروي الموضوعات عن الثقات ".
قلت: إذا تبين ذلك، فمن العجيب ما نقله الشيخ زاهد الكوثري في كتابه "
الإشفاق على أحكام الطلاق " (ص 24) عن الحافظ ابن رجب الحنبلي عقب هذا الحديث
، فقال:
" وإسناده صحيح، قاله ابن رجب الحنبلي الحافظ بعد أن ساق هذا الحديث في كتابه
(بيان مشكل الأحاديث الواردة في أن الطلاق الثلاث واحدة) ".
فإن صح هذا النقل عن ابن رجب فإنها زلة فاحشة منه، وإلا فالكوثري معروف لدى
المحققين من أهل العلم باتباعه لهو اه في كثير مما ينقل، أويحكم، ومن ذلك
الحديث الآتي بعده.
وقصة إمتاع الحسن امرأته وقولها: " متاع قليل " لها طريقان آخران عند
الطبراني (2561 و2562) .
1211
- " إن أباكم لم يتق الله تعالى، فيجعل له من أمره مخرجا، بانت منه بثلاث على غير السنة، وتسعمائة وسبع وتسعون إثم في عنقه ".
ضعيف جدا
أخرجه ابن عدي في " الكامل "(ق 236/1) والطبراني في " المعجم الكبير " من
طريق عبيد الله بن الوليد الوصافي عن داود بن إبراهيم عن عبادة بن الصامت
قال:
" طلق بعض آبائي امرأته ألفا، فانطلق بنوه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقالوا: يا رسول الله إن أبانا طلق أمنا ألفا، فهل له من مخرج؟ قال.. "
فذكره.
وفي رواية للطبراني عن عبادة أيضا قال:
" طلق جدي امرأة له ألف تطليقة، فانطلقت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسألته؟
فقال: أما اتقى الله جدك؟ ! أما ثلاثة فله، وأما تسعمائة وسبعة وتسعون
فعدوان وظلم، إن شاء عذبه وإن شاء غفر له ".
قال الهيثمي في " مجمع الزوائد "(4/338) :
" رواه كله الطبراني، وفيه عبيد الله بن الوليد الوصافي العجلي وهو ضعيف ".
وكذا قال الحافظ في " التقريب " أنه ضعيف.
وقال الذهبي في " الضعفاء ":
" ضعفوه ".
قلت: والأقرب قول ابن عدي فيه:
" الوصافي ضعيف جدا، يتبين ضعفه على حديثه ".
وفي ترجمته ساق له هذا الحديث في جملة ما أنكر عليه من حديثه، وكذلك صنع
الذهبي في " الميزان "، وذكر أن النسائي والفلاس قالا في الوصافي:
" متروك "، أي شديد الضعف.
وقال ابن حبان في " الضعفاء والمتروكين "(2/63) :
" منكر الحديث جدا، يروي عن الثقات ما لا يشبه الأثبات، حتى يسبق إلى القلب
أنه المعتمد له فاستحق الترك ".
قلت: وهذا الحديث يرويه الوصافي عن داود بن إبراهيم، وهو مجهول. قال
الذهبي وتبعه العسقلاني:
" لا يعرف، وقال الأزدي: لا يصح حديثه ".
قلت: وكأن الأزدي عنى حديثه هذا. والله أعلم.
ومع هذا الضعف الشديد في إسناد هذا الحديث، فقد سكت عليه الشيخ زاهد الكوثري
في كتابه المشار إليه في الحديث السابق، بل أوهم أنه لا علة فيه فإنه قال بعد
أن ساقه من طريق الطبراني (ص 31) :
" ومثله في " مسند عبد الرزاق " عن جده عبادة، إلا أن في رواية عبد الرزاق
عللا "!
فمفهوم هذا أن رواية الطبراني لا علل فيها، خلافا لرواية عبد الرزاق، وليس
كذلك، فقد بينا لك أن في إسناد الطبراني علتين أيضا، فيصير الحديث بذلك ضعيفا
جدا، فإياك أن تغتر بمقالات الكوثري وكتاباته فإنه على سعة اطلاعه وعلمه
مدلس صاحب هو ى، وقد ذكرنا بعض الأمثلة على ذلك في الجزء الأول من هذه السلسلة
، وللشيخ عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني كتاب ضخم هام في الرد عليه
والكشف عن أهو ائه وأضاليله، وتعصبه لمذهبه، على أئمة الحديث ورجاله،
أسماه " التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الأباطيل "، وهو في أربعة أقسام،
وقد كنت قمت على طبعه والحمد لله لأول مرة بتحقيقي وتعليقي في مجلدين، ثم
طبع سرقة من بعض الناشرين؛ منهم من صوره على أخطائه المطبعية دون أي جهد،
ومنهم من طبعه بحرف جديد، وتصرف لا يليق، وقد أعدنا النظر فيه مجددا،
استعدادا لطبعة ثانية طبعة مصححة منقحة. والله ولي التوفيق.
ثم وقفت بعد سنين على إسناد عبد الرزاق في " مصنفه وقد طبع في بيروت سنة (
1392 هـ) فإذا به يقول فيه (11339) : أخبرنا يحيى بن العلاء عن عبيد الله بن
الوليد العجلي عن إبراهيم عن داود بن عبادة قال: طلق جدي امرأة.. فذكره.
هكذا وقع فيه: إبراهيم عن داود.. ولعله من تضليلات يحيى بن العلاء، فإنه
كان كذابا.
وهذا يؤكد للقارىء ما ذكرته آنفا في حق الكوثري، وإلا لما جاز له أن يسكت
عنه ويكتفي بقوله: " إن فيه عللا "! لأنه لا يقال هذا في اصطلاحهم وفيهم
الكذاب! ! بل وفيه