المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

محمد بن عجلان عن نافع، وأعجب من هذا أن أبا - سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة - جـ ٣

[ناصر الدين الألباني]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة:

- ‌1001

- ‌1002

- ‌1003

- ‌1004

- ‌1005

- ‌1006

- ‌1007

- ‌1008

- ‌1009

- ‌1010

- ‌1011

- ‌1012

- ‌1013

- ‌1014

- ‌1015

- ‌1016

- ‌1017

- ‌1018

- ‌1019

- ‌1020

- ‌1021

- ‌1022

- ‌1023

- ‌1024

- ‌1025

- ‌1026

- ‌1027

- ‌1028

- ‌1029

- ‌1030

- ‌1031

- ‌1032

- ‌1033

- ‌1034

- ‌1035

- ‌1036

- ‌1037

- ‌1038

- ‌1039

- ‌1040

- ‌1041

- ‌1042

- ‌1043

- ‌1044

- ‌1045

- ‌1046

- ‌1047

- ‌1048

- ‌1049

- ‌1050

- ‌1051

- ‌1052

- ‌1053

- ‌1054

- ‌1055

- ‌1056

- ‌1057

- ‌1058

- ‌1059

- ‌1060

- ‌1061

- ‌1062

- ‌1063

- ‌1064

- ‌1065

- ‌1066

- ‌1067

- ‌1068

- ‌1069

- ‌1070

- ‌1071

- ‌1072

- ‌1073

- ‌1074

- ‌1075

- ‌1076

- ‌1077

- ‌1078

- ‌1079

- ‌1080

- ‌1081

- ‌1082

- ‌1083

- ‌1084

- ‌1085

- ‌1086

- ‌1087

- ‌1088

- ‌1089

- ‌1090

- ‌1091

- ‌1092

- ‌1093

- ‌1094

- ‌1095

- ‌1096

- ‌1097

- ‌1098

- ‌1099

- ‌1100

- ‌1101

- ‌1102

- ‌1103

- ‌1104

- ‌1105

- ‌1106

- ‌1107

- ‌1108

- ‌1109

- ‌1110

- ‌1111

- ‌1112

- ‌1113

- ‌1114

- ‌1115

- ‌1116

- ‌1117

- ‌1118

- ‌1119

- ‌1120

- ‌1121

- ‌1122

- ‌1123

- ‌1124

- ‌1125

- ‌1126

- ‌1127

- ‌1128

- ‌1129

- ‌1130

- ‌1131

- ‌1132

- ‌1133

- ‌1134

- ‌1135

- ‌1136

- ‌1137

- ‌1138

- ‌1139

- ‌1140

- ‌1141

- ‌1142

- ‌1143

- ‌1144

- ‌1145

- ‌1146

- ‌1147

- ‌1148

- ‌1149

- ‌1150

- ‌1151

- ‌1152

- ‌1153

- ‌1154

- ‌1155

- ‌1156

- ‌1157

- ‌1158

- ‌1159

- ‌1160

- ‌1161

- ‌1162

- ‌1163

- ‌1164

- ‌1165

- ‌1166

- ‌1167

- ‌1168

- ‌1169

- ‌1170

- ‌1171

- ‌1172

- ‌1173

- ‌1174

- ‌1175

- ‌1176

- ‌1177

- ‌1178

- ‌1179

- ‌1180

- ‌1181

- ‌1182

- ‌1183

- ‌1184

- ‌1185

- ‌1186

- ‌1187

- ‌1188

- ‌1189

- ‌1190

- ‌1191

- ‌1192

- ‌1193

- ‌1194

- ‌1195

- ‌1196

- ‌1197

- ‌1198

- ‌1199

- ‌1200

- ‌1201

- ‌1202

- ‌1203

- ‌1204

- ‌1205

- ‌1206

- ‌1207

- ‌1208

- ‌1209

- ‌1210

- ‌1211

- ‌1212

- ‌1213

- ‌1214

- ‌1215

- ‌1216

- ‌1217

- ‌1218

- ‌1219

- ‌1220

- ‌1221

- ‌1222

- ‌1223

- ‌1224

- ‌1225

- ‌1226

- ‌1227

- ‌1228

- ‌1229

- ‌1230

- ‌1231

- ‌1232

- ‌1233

- ‌1234

- ‌1235

- ‌1236

- ‌1237

- ‌1238

- ‌1239

- ‌1240

- ‌1241

- ‌1242

- ‌1243

- ‌1244

- ‌1245

- ‌1246

- ‌1247

- ‌1248

- ‌1249

- ‌1250

- ‌1251

- ‌1252

- ‌1253

- ‌1254

- ‌1255

- ‌1256

- ‌1257

- ‌1258

- ‌1259

- ‌1260

- ‌1261

- ‌1262

- ‌1263

- ‌1264

- ‌1265

- ‌1266

- ‌1267

- ‌1268

- ‌1269

- ‌1270

- ‌1271

- ‌1272

- ‌1273

- ‌1274

- ‌1275

- ‌1276

- ‌1277

- ‌1278

- ‌1279

- ‌1280

- ‌1281

- ‌1282

- ‌1283

- ‌1284

- ‌1285

- ‌1286

- ‌1287

- ‌1288

- ‌1289

- ‌1290

- ‌1292

- ‌1293

- ‌1294

- ‌1295

- ‌1296

- ‌1297

- ‌1298

- ‌1299

- ‌1300

- ‌1301

- ‌1302

- ‌1303

- ‌1304

- ‌1305

- ‌1306

- ‌1307

- ‌1308

- ‌1309

- ‌1310

- ‌1311

- ‌1312

- ‌1313

- ‌1314

- ‌1315

- ‌1316

- ‌1317

- ‌1318

- ‌1319

- ‌1320

- ‌1321

- ‌1322

- ‌‌‌1323

- ‌1323

- ‌1324

- ‌1325

- ‌1326

- ‌1327

- ‌1328

- ‌1329

- ‌1330

- ‌1331

- ‌1332

- ‌1333

- ‌1334

- ‌1335

- ‌1336

- ‌1337

- ‌1338

- ‌1339

- ‌1340

- ‌1341

- ‌1342

- ‌1343

- ‌1344

- ‌1345

- ‌1346

- ‌1347

- ‌1348

- ‌1349

- ‌1350

- ‌1351

- ‌1352

- ‌1353

- ‌1354

- ‌1355

- ‌1356

- ‌1357

- ‌1358

- ‌1359

- ‌1360

- ‌1361

- ‌1362

- ‌1363

- ‌1364

- ‌1365

- ‌1366

- ‌1367

- ‌1368

- ‌1369

- ‌1370

- ‌1371

- ‌1372

- ‌1373

- ‌1374

- ‌1375

- ‌1376

- ‌1377

- ‌1378

- ‌1379

- ‌1380

- ‌1381

- ‌1382

- ‌1383

- ‌1384

- ‌1385

- ‌1386

- ‌1387

- ‌1388

- ‌1389

- ‌1390

- ‌1391

- ‌1392

- ‌1393

- ‌1394

- ‌1395

- ‌1396

- ‌1397

- ‌1398

- ‌1399

- ‌1400

- ‌1401

- ‌1402

- ‌1403

- ‌1404

- ‌1405

- ‌1406

- ‌1407

- ‌1408

- ‌1409

- ‌1410

- ‌1411

- ‌1412

- ‌1413

- ‌1414

- ‌1415

- ‌1416

- ‌1417

- ‌1418

- ‌1419

- ‌1420

- ‌1421

- ‌1422

- ‌1423

- ‌1424

- ‌1425

- ‌1426

- ‌1427

- ‌1428

- ‌1429

- ‌1430

- ‌1431

- ‌1432

- ‌1433

- ‌1434

- ‌1435

- ‌1436

- ‌1437

- ‌1438

- ‌1439

- ‌1440

- ‌1441

- ‌1442

- ‌1443

- ‌1444

- ‌1445

- ‌1446

- ‌1447

- ‌1448

- ‌1449

- ‌1450

- ‌1451

- ‌1452

- ‌1453

- ‌1454

- ‌1455

- ‌1456

- ‌1457

- ‌1458

- ‌1459

- ‌1460

- ‌1461

- ‌1462

- ‌1463

- ‌1464

- ‌1465

- ‌1466

- ‌1467

- ‌1468

- ‌1469

- ‌1470

- ‌1471

- ‌1472

- ‌1473

- ‌1474

- ‌1475

- ‌1476

- ‌1477

- ‌1478

- ‌1479

- ‌1480

- ‌1481

- ‌1482

- ‌1483

- ‌1484

- ‌1485

- ‌1486

- ‌1487

- ‌1488

- ‌1489

- ‌1490

- ‌1491

- ‌1492

- ‌1493

- ‌1494

- ‌1495

- ‌1496

- ‌1497

- ‌1498

- ‌1499

- ‌1500

الفصل: محمد بن عجلان عن نافع، وأعجب من هذا أن أبا

محمد بن عجلان عن نافع، وأعجب من هذا أن أبا هريرة يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم في رواية مسلم.

قلت: عبد الله بن صالح هو كاتب الليث المصري، وهو ضعيف أيضا، أورده الذهبي في " الضعفاء " فقال:

قال أحمد: كان متماسكا ثم فسد، وأما ابن معين فكان حسن الرأي فيه، وقال أبو حاتم: أرى أن الأحاديث التي أنكرت عليه مما افتعل خالد بن نجيح، وكان يصحبه، ولم يكن أبو صالح ممن يكذب، كان رجلا صالحا، وقال النسائي: ليس بثقة، وقال الحافظ في " التقريب ":

صدوق كثير الخطأ، ثبت في كتابه، وكانت فيه غفلة.

قلت: فمثله لا يحتج بحديثه لاحتمال أن يكون مما أدخله عليه وافتعله خالد بن نجيح، وكان كذابا، ففي ثبوت الإطالة المذكورة عن ابن عمر من فعله، وقفة عندي، والله أعلم.

وممن روى هذا الحديث بدون هذه الزيادة المدرجة عبد الله بن بسر المازني رضي الله عنه مرفوعا بلفظ:

" أمتي يوم القيامة غر من السجود محجلون من الوضوء ".

أخرجه الترمذي (1/118) وصححه وأحمد (4/189) ولفظه أتم، وسنده صحيح، ورجاله ثقات.

‌1031

- " يا معشر الأنصار إن الله قد أثنى عليكم خيرا في الطهور، فما طهوركم هذا؟ قالوا: نتوضأ للصلاة، ونغتسل من الجنابة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فهل مع ذلك غيره؟ قالوا: لا، غير أن أحدنا إذا خرج من الغائط أحب أن يستنجى بالماء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هو ذاك فعليكموه ".

ضعيف بهذا اللفظ.

أخرجه ابن الجارود في " المنتقي "(رقم 40) والدارقطني

ص: 109

(23)

والبيهقي (1/105) من طرق عن محمد بن شعيب بن شابور: حدثني عتبة بن أبي حكيم الهمداني عن طلحة بن نافع أنه حدثه قال: حدثني أبو أيوب وجابر بن عبد الله وأنس بن مالك الأنصاري أن هذه الآية لما نزلت " فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المتطهرين "، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره، وقال الدارقطني:

عتبة بن أبي حكيم ليس بالقوي.

قلت: هو ممن اختلفوا فيه، فوثقه بعض الأئمة، وضعفه آخرون، ولذلك قال الذهبي فيه:

هو متوسط حسن الحديث.

وكلام الحافظ فيه يشعر أنه ضعيف عنده فقال في " التقريب ":

صدوق يخطىء كثيرا.

وأما النووي والزيلعي فقد مشياه، وقويا حديثه فقال الأول في " المجموع " (2/99) : إسناد صحيح إلا أن فيه عتبة بن أبي حكيم، وقد اختلفوا في توثيقه، فوثقه الجمهور، ولم يبين من ضعفه سبب ضعفه، والجرح لا يقبل إلا مفسرا، فيظهر الاحتجاج بهذه الرواية.

قلت: وفي هذا الكلام نظر من وجهين:

الأول: قوله: وثقه الجمهور، فإن هذا يوهم أن الذين ضعفوه قلة، وليس كذلك، فقد تتبعت أسماءهم فوجدتهم ثمانية من الأئمة، وهم:

1 -

أحمد بن حنبل، كان يوهنه قليلا.

2 -

يحيى بن معين، قال مرة: ضعيف الحديث، وقال أخرى: والله الذي لا إله إلا هو لمنكر الحديث.

3 -

محمد بن عوف الطائي: ضعيف.

4 -

الجوزجاني: غير محمود في الحديث، يروي عن أبي سفيان حديثا يجمع فيه جماعة من الصحابة، لم نجد منها عند الأعمش ولا غيره مجموعة.

ص: 110

5 -

النسائي: ضعيف، وقال مرة: ليس بالقوي.

6 -

ابن حبان: يعتبر حديثه من غير رواية بقية عنه.

7 -

الدارقطني: ليس بالقوي، كما تقدم.

8 -

البيهقي: غير قوي، كما يأتي.

وتتبعت أيضا أسما الموثقين فوجدتهم ثمانية أيضا وهم:

1 -

مروان بن محمد الطاطري: ثقة.

2 -

ابن معين: ثقة.

3 -

أبو حاتم الرازي: صالح.

4 -

دحيم: لا أعلمه إلا مستقيم الحديث.

5 -

أبو زرعة الدمشقي، ذكره في " الثقات ".

6 -

ابن عدي: أرجوأنه لا بأس به.

7 -

الطبراني: كان من ثقات المسلمين.

8 -

ابن حبان، ذكره في " الثقات ".

هذا كل ما وقفت عليه من الأئمة الذين تكلموا في عتبة هذا توثيقا وتجريحا، ومن الظاهر أن عدد الموثقين مثل عدد المضعفين سواء، وبذلك يتبين خطأ القول بأنه وثقه الجمهور، ولوقيل: ضعفه الجمهور لكان أقرب إلى الصواب، وإليك البيان: لقد رأينا اسم ابن معين وابن حبان قد ذكرا في كل من القائمتين، الموثقين والمضعفين، وما ذلك إلا لاختلاف اجتهاد الناقد في الراوي، فقد يوثقه، ثم يتبين له جرح يستلزم جرحه به فيجرحه، وهذا الموقف هو الواجب بالنسبة لكل ناقد عارف ناصح، وحينئذ فهل يقدم قول الإمام الموثق أم قوله الجارح؟ لا شك أن الثاني هو المقدم بالنسبة إليه، لأنه بالضرورة هو لا يجرح إلا وقد تبين له أن في الراوي ما يستحق الجرح به، فهو بالنسبة إليه جرح مفسر فهو إذن مقدم على التوثيق، وعليه يعتبر توثيقه قولا مجروحا مرجوعا عنه، فيسقط إذن من القائمة الأولى اسم ابن معين وابن حبان كموثقين وينزل عددهم من الثمانية إلى الستة!

ص: 111

ثم إننا إذا نظرنا مرة أخرى في القائمة المذكورة لوجدنا فيهم أبا حاتم الرازي وقوله: صالح، وهذا وإن كان توثيقا في اعتبار المحدثين، ولكنه ليس كذلك بالنظر إلى اصطلاح أبي حاتم نفسه، فقد ذكر ابنه في مقدمة الجزء الأول من " الجرح والتعديل " (ص 27) ما نصه:

ووجدت الألفاظ في الجرح والتعديل على مراتب شتى، فإذا قيل للواحد: إنه ثقة، أومتقن، أوثبت، فهو ممن يحتج بحديثه، وإذا قيل: إنه صدوق، أومحله الصدق، أولا بأس به، فهو ممن يكتب حديثه، وينظر فيه، وهي المنزلة

الثانية وإذا قيل: شيخ فهو بالمنزلة الثالثة، يكتب حديثه وينظر فيه، إلا أنه دون الثانية، وإذا قيل: صالح الحديث، فإنه يكتب حديثه للاعتبار، وإذا أجابوا في الرجل بلين الحديث، فهو ممن يكتب حديثه وينظر فيه اعتبارا.

فهذا نص منه على أن كلمة صالح الحديث مثل قولهم: لين الحديث يكتب حديثه للاعتبار والشواهد، ومعنى ذلك أنه لا يحتج به، فهذه العبارة من ألفاظ التجريح لا التعديل عند أبي حاتم، خلافا لما يدل عليه كلام السيوطي في " التدريب "(233 - 234) ، وعلى هذا فيرفع اسم أبي حاتم أيضا من قائمة الموثقين إلى قائمة المضعفين، ويصير عددهم خمسة، وعدد أولئك تسعة، وإذا ضممنا إليهم قول البيهقي: إنه غير قوي كما يأتي، صاروا عشرة.

ثم إن قول ابن عدي: أرجوأنه لا بأس به ليس نصا في التوثيق، ولئن سلم فهو أدنى درجة في مراتب التعديل، أوأول مرتبة من مراتب التجريح، مثل قوله: ما أعلم به بأسا كما في " التدريب "(ص 234) .

ومما سبق يتبين بوضوح أن الجمهور على تضعيف عتبة بن أبي حكيم، وأن ضعفه مفسر مبين، فضعفه هو الذي ينبغي اعتماده في ترجمته، وقد لخص ذلك كله الحافظ ابن حجر في كلمته المتقدمة: صدوق يخطىء كثيرا، فهذا جرح مفسر، فمن أين جاء به الحافظ لولا بعض الكلمات التي سبق بيانها من بعض الأئمة؟

ومن ذلك كله تعلم أن إسناد الحديث ضعيف، وأن قول الزيلعي فيه (1/219) :

ص: 112

وسنده حسن غير حسن، لأنه بناه على أقوال بعض من سبق ذكرهم في الموثقين فقال:

وعتبة بن أبي حكيم فيه مقال، فقال أبو حاتم: صالح الحديث، وقال ابن عدي:

أرجوأنه لا بأس به، وضعفه النسائي، وعن ابن معين فيه روايتان:

ولذلك أيضا ضعف الحديث ابن التركماني، فإن البيهقي على الرغم من أنه لم يصرح بتقويته، وإنما سكت عليه، لم يرض ذلك منه ابن التركماني، فتعقبه بقوله:

قلت: في سنده عتبة بن أبي حكيم ضعفه ابن معين والنسائي، وقال إبراهيم بن يعقوب السعدي: غير محمود الحديث، وقال البيهقي في باب الركعتين بعد الوتر: غير قوي.

وقال البوصيري في " الزوائد "(28/1) :

هذا إسناد ضعيف، عتبة بن أبي حكيم ضعيف، وطلحة لم يدرك أبا أيوب.

قلت: ومما يدل على ضعف عتبة أنه اضطرب في رواية متن هذا الحديث وضبطه، فرواه محمد بن شعيب عنه باللفظ المتقدم:

غير أن أحدنا إذا خرج من الغائط أحب أن يستنجي بالماء.

ورواه صدقة بن خالد عنه بلفظ:

قالوا: نتوضأ للصلاة ونغتسل من الجنابة ونستنجي بالماء.

أخرجه ابن ماجه (1/146 - 147) والحاكم (2/334 - 335) والضياء المقدسي في " الأحاديث المختارة "(2/140) وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي!

كذا قالا، وقد عرفت مما سبق أن الصواب أنه ضعيف الإسناد، والغرض الآن أن نبين أن عتبة كان يضطرب في ضبط هذا الحديث، فتارة يرويه باللفظ الأول، وتارة باللفظ الآخر، وليس هذا الاضطراب من الراويين عنه محمد بن شعيب وصدقة بن خالد فإنهما ثقتان اتفاقا، فتعين أنه من عتبة نفسه.

واللفظ الآخر هو الراجح عندنا، بل هو في نفسه صحيح ثابت، لأمرين:

ص: 113

الأول: أنه روي كذلك من طريق أخرى عن أبي أيوب وحده.

والآخر: أن له شواهد كثيرة من حديث أبي هريرة وابن عباس وعويمر بن ساعدة.

وقد خرجتها في " صحيح أبي داود "(رقم 34) ثم في " الإرواء "(45) .

وأما الطريق فأخرجه الحاكم (1/188) من رواية واصل بن السائب الرقاشي عن عطاء ابن أبي رباح وابن سورة عن عمه أبي أيوب قال: قالوا: يا رسول الله من هؤلاء الذين " فيه رجال يحبون أن يتطهروا، والله يحب المتطهرين "؟ قال: كانوا يستنجون بالماء.

ذكره الحاكم شاهدا لحديث ابن عباس المشار إليه، والرقاشي ضعيف كما في " التقريب " فيعتبر به، ولا يحتج بما يتفرد به.

فإن قيل: فما الفرق بين اللفظين حتى احتيج إلى ترجيح أحدهما على الآخر؟

فالجواب: هو أن اللفظ المرجوح فإن فيه القيد المذكور وهو بظاهره يدل على أنهم كانوا يستنجون بالماء بعد استنجائهم بالحجارة، ذلك لأنه من غير الجائز أن يمدحوا ويثني الله عليهم لوفرض أنهم كانوا يقومون قبل الاستنجاء بها، هذا بعيد جدا، فإذن الحديث بهذا اللفظ دليل على استحباب الجمع بين الماء والحجارة في الاستنجاء فهو حينئذ يمكن اعتباره شاهدا لحديث ابن عباس الذي أخرجه البزار بلفظ: فقالوا: " إنا نتبع الحجراة بالماء ".

وهو ضعيف الإسناد كما صرح به الحافظ في " التلخيص " و" البلوغ " وبينه الزيلعي في " نصب الراية "(1/218) ، بل هو منكر عندي لمخالفته لجميع طرق الحديث بذكر الحجارة فيه، بل بالغ النووي فقال في " الخلاصة " كما نقله الزيلعي: وأما ما اشتهر في كتب التفسير والفقه من جمعهم بين الأحجار والماء فباطل لا يعرف، وذكر معنى هذا في " المجموع " أيضا، ولكنه استنبط معناه من لفظ الحديث هذا، فقال بعد أن ذكره بلفظيه مع حديث أبي هريرة وعويمر بن ساعدة:

ص: 114

فهذا الذي ذكرته من طرق الحديث هو المعروف في كتب الحديث أنهم كانوا يستنجون بالماء، وليس فيها ذكر الجمع بين الماء والأحجار، وأما قول المصنف:

قالوا: نتبع الحجارة الماء، فكذا يقوله أصحابنا وغيرهم في كتب الفقه والتفسير فليس له أصل في كتب الحديث، وكذا قال الشيخ أبو حامد في التعليق: إن أصحابنا رووه، قال: ولا أعرفه، فإذا عرف أنه ليس له أصل من جهة الرواية، فيمكن تصحيحه من جهة الاستنباط، لأن الاستنجاء بالحجر كان معلوما عندهم يفعله جميعهم، وأما الاستنجاء بالماء فهو الذي انفردوا به، فلهذا ذكر ولم يذكر الحجر لأنه مشترك بينهم وبين غيرهم، ولكونه معلوما فإن المقصود بيان فضلهم الذي أثنى الله عليهم بسببه، ويؤيد هذا قولهم: إذا خرج أحدنا من الغائط أحب أن يستنجي بالماء، فهذا يدل على أن استنجاءهم بالماء كان بعد خروجهم من الخلاء، والعادة جارية بأنه لا يخرج من الخلاء إلا بعد التمسح بماء أوحجر. وهكذا المستحب أن يستنجي بالحجر في موضع قضاء الحاجة، ويؤخر الماء إلى أن ينتقل إلى موضع آخر، والله أعلم ".

وجوابنا عن هذا الاستنباط أنه غير مسلم، وبيانه من وجهين:

الأول: أن أي حكم شرعي يستنبط من نص شرعي، فلابد لهاذ أن يكون ثابت الإسناد، وقد بينت فيما سبق أن هذا النص ضعيف الإسناد منكر المتن، فلا يصح حينئذ الاستنباط منه.

الآخر: هب أن النص المشار إليه ثابت الإسناد، فالاستنباط المذكور لا نسلم بصحته، لأن الحجارة لم تذكر فيه ولوإشارة، وأخذ ذلك من مجرد ثناء الله تعالى عليهم بضميمة أن الاستنجاء بها كان معروفا لديهم غير لازم، لأن الثناء المشار إليه يتحقق ويصدق عليهم بأي شيء فاضل تفرد به الأنصار دون غيرهم، وإذا كان من المسلم حينئذ فضلا أنهم كانوا يفعلون ذلك الذي لا يفعله بل ولا يعرفه غيرهم إلا أهل الكتاب، ومنهم تلقاه الأنصار كما في بعض الروايات الثابتة.

فإن قيل: ما ذكرته الآن ينافي ما تقدم من قولك: إن الحديث يدل بظاهره على

ص: 115

الجمع المذكور.

فأقول: نعم، ولكن هذا الظاهر ليس هناك ما يلزمنا الجمود عنده، لأنه لم يجر العمل به من النبي صلى الله عليه وسلم ولا من أحد من الصحابة، ألا ترى إلى قول النووي في آخر كلامه السابق:

وهكذا المستحب أن يستنجى بالحجر في موضع قضاء الحاجة، ويؤخر الماء إلى أن ينتقل إلى موضع آخر.

فهل يستطيع أحد أن يدعي أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا يفعلون ذلك؟ ! وحينئذ فلابد من تأويل النص المذكور بما لا يتنافى مع ما هو المعروف من الاستنجاء بالماء في مكان قضاء الحاجة، وذلك بأن نفسر قولهم - إن صح -:" إذا خرج من الغائط أي أراد الخروج، ومثل هذا التفسير معروف في كثير من الأحاديث، مثل حديث أنس قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء قال: اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث "، وقد اتفقوا على أن المعنى: كان إذا أراد دخول الخلاء، ومثله قول الله تبارك وتعالى: " فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله "، أي أردت قراءة القرآن، ونحوذلك كثير.

وخلاصة القول: أن الحديث بهذا اللفظ ضعيف الإسناد منكر المتن، وقد ترتب عليه استنباط حكم نقطع بأنه لم يكن عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه، ألا وهو الاستنجاء بالحجارة أولا، ثم بالماء في مكان آخر، بل الراجح عندي أنه لا يشرع الجمع بينهما ولوفي المكان الأول، لأنه لم ينقل أيضا عنه صلى الله عليه وسلم، ولما فيه من التكلف، فبأيهما استنجى حصلت السنة، فإن تيسر الأمران معا بلا كلفة فلا مانع من ذلك لما فيه من تنزيه اليد عن الرائحة الكريهة. والله أعلم.

تنبيه: إن الذي دفعني إلى تحرير القول في هذا الحديث هو أنني رأيت بعض من ألف في شرح الترمذي من حنفية الهند (1) نقل كلام النووي في الاستنباط المذكور وذكر أنه صحح إسناد الحديث، وأقر كل ذلك فأحببت أن أبين حقيقة الأمر، عسى أن ينتفع به من قد يقف عليه، ثم رأيته ذكر كلاما آخر عقب الحديث فيه أشياء تستحق التنبيه عليه، فرأيت من

(1) هو الشيخ محمد يوسف البنوري في " معارف السنن "(1/131 - 132) . اهـ

ص: 116

الواجب بيان ذلك أيضا، قال (1/133) :

ثم إن أحاديث الجمع قد أخرجها الهيثمي في " زوائده " بأسانيد فيها كلام للمحدثين، وبوب عليها (باب الجمع بين الماء والحجارة) ، وأخرج فيه حديث ابن ساعدة وابن عباس وابن سلام وغيرهم، وفيها الجمع، وليس فيها رواية لم

يتكلم فيها، ومع هذا ليس فيها حديث صريح غير حديث ابن عباس، وأجود ما يحكى في الباب أثر علي بن أبي طالب: إن من كان قبلكم كانوا يبعرون بعرا وأنتم تثلطون ثلطا، فأتبعوا الحجارة الماء، أخرجه ابن أبي شيبة في " مصنفه " وعبد الرزاق في " مصنفه " والبيهقي في " سننه " بطرق عديدة، وهو أثر جيد كما يقول الإمام الزيلعي في " نصب الراية " وكذا أخرجه البيهقي رواية عن عائشة من طريق قتادة في الباب.

قلت: وفي هذا الكلام تدليسات عجيبة وبعض أوهام فاحشة:

أولا: يسمى الأحاديث المشار إليها وقد تقدمت بـ " أحاديث الجمع " مع أنها ليست كذلك إلا على استنباط النووي الواهي، فهو يقلده في ذلك ويبالغ حتى سماها بهذه التسمية المغلوطة، ولا يقتصر على هذا، بل يؤكد ذلك بقوله: وفيها الجمع، ثم لكي لا يمكن المخالف من نقده يعود فيقول: ومع هذا ليس فيها حديث صريح غير حديث ابن عباس يعني صريحا في الجمع.

ثانيا: ثم يزعم أن تلك الأحاديث التي فيها الجمع! ليس فيها حديث صريح في الجمع!

بوب الهيثمي عليها " باب الجمع بين الماء والحجارة "، وهذا خلاف الواقع فإنه إنما بوب عليها بقوله:" باب الاستنجاء بالماء " انظر الجزء الأول ص 212 من " مجمع الزوائد "، وإنما بوب الهيثمي بما ذكر الحنفي لحديث ابن عباس وحده الذي تفرد بروايته البزار وسبق أن ضعفناه نقلا عن الحافظ، وقال الهيثمي نفسه عقبه:

رواه البزار وفيه محمد بن عبد العزيز بن عمر الزهري ضعفه البخاري والنسائي وغيرهما، وهو الذي أشار بجلد مالك.

ثالثا: قوله: (بطرق عديدة) . فيه تدليس خبيث، فإنه لا يروى إلا من طريق واحدة، هي طريق عبد الملك بن عمير عن علي، وإنما له طرق عديدة عن عبد الملك

ص: 117

هذا، وشتان بين الأمرين، فإنه على قوله لاشك في ثبوت هذا الأثر عن علي وجودته، لطرقه المزعومة، وأما على ما هو الواقع من طريقه الوحيدة، فالثبوت محتمل وإن كان الراجح عندنا خلافه، وبيانه فيما يأتي:

رابعا: قوله: وهو أثر جيد، أقول: بل هو غير جيد، وإن كان صرح بذلك الزيلعي، فإنه معلول بالانقطاع بين علي وعبد الملك، وبالاختلاط وذلك أن عبد الملك هذا، وإن كان من رجال الشيخين، فقد تكلم فيه من قبل حفظه، وذكروا له رؤية لعلي رضي الله عنه، ولم يذكروا له سماعا، ثم هو على ذلك مدلس، وصفه به ابن حبان، ولذا أورده الذهبي في " الضعفاء " فقال:

قال أحمد: مضطرب الحديث، وقال ابن معين: مختلط وقال أبو حاتم: ليس بحافظ ووثقه جماعة، وقال الحافظ في " التقريب ":

ثقة فقيه، تغير حفظه، وربما دلس.

قلت: فإن كان قد حفظه، فلم يسمعه من علي، فإنه ذكره بصيغة تشعر بذلك، فإنه قال في جميع الطرق عنه: قال: قال علي..، ومن المعلوم أن المدلس إذا لم يصرح بالتحديث فلا يحتج بحديثه، فمن أين تأتي الجودة إذن لهذا الأثر؟

خامسا: قوله عقب أثر علي المذكور: وكذا أخرجه البيهقي رواية عن عائشة من طريق قتادة في الباب.

قلت: وهذا تدليس آخر فإن حديث قتادة في الباب عند البيهقي (1/106) عن معاذة عن عائشة أنها قالت:

" مرن أزواجكن أن يغسلوا عنهم أثر الغائط والبول، فإني أستحييهم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله ".

ثم رواه من طريق أخرى نحوه بلفظ: " فأمرتهن أن يستنجين بالماء " وهو مخرج في " الإرواء "(42) .

ص: 118