الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخطيب أيضا (2/128 - 129) وروى عن سعيد بن يونس أنه قال:
" بغدادي قدم مصر، وحدث بها، وكان ثقة ".
ولذلك لما أخرج ابن شاهين الحديث من طريقه، وقال عقبه:
" هذا حديث منكر، وهذا البغدادي (يعني محمدا هذا) لا أعرفه " تعقبه الحافظ
بقوله:
" قلت: هو ثقة مشهور، ولم يتفرد به ".
وجملة القول: إن علة الحديث الإرسال، وجهالة المرسل، وعنعنة الحسن البصري
. والمتن موضوع قطعا لمعارضته لأحاديث كثيرة صحيحة، كحديث " لا تزال طائفة من
أمتي.. " بطرقه الكثيرة المخرجة في " الصحيحة " (270 و403) وحديث: " أمتي
كالمطر لا يدرى الخير في أوله أم في آخره " وهو مخرج في " الصحيحة " (2286)
مع مخالفة الحديث للواقع كما تقدم عن ابن الجوزي.
واعلم أن الحديث وقع في جميع المصادر التي نقلت عنها بلفظ الترجمة " مائة "
إلا " الميزان "، فهو فيه بلفظ " ستمائة "، وكذا في " موضوعات علي القارىء "
(ص - 471) ووقع في " اللآلي المصنوعة "(2/389) من رواية ابن قانع بلفظ:
" المائتين ". وهو باللفظ الأول أبطل من اللفظين الآخرين. كما لا يخفى عبى
ذي عينين.
1162
- " إذا أقرض أحدكم قرضا فأهدي له، أو حمله على الدابة، فلا يركبها، ولا
يقبله إلا أن يكون جري بينه وبينه قبل ذلك ".
ضعيف
أخرجه ابن ماجه (2/81) : حدثنا هشام بن عمار: حدثنا إسماعيل بن عياش: حدثني
عتبة بن حميد الضبي عن يحيى بن أبي إسحاق الهنائي قال: سألت أنس بن مالك:
الرجل منا يقرض أخاه المال فيهدي له؟ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
.. فذكره.
قلت: وهذا إسناد ضعيف ظاهر الضعف، فإن إسماعيل بن عياش ضعيف في روايته عن
غير الشاميين وهذه منها لأن عتبة هذا بصري، وهو صدوق له أوهام كما في "
التقريب ".
وله علة أخرى فقد قال في " الزوائد ":
" في إسناده عتبة بن حميد الضبي ضعفه أحمد وأبو حاتم، وذكره ابن حبان في "
الثقات "، ويحيى بن أبي إسحاق لا يعرف ".
وأخرجه البيهقي (5/350) من طريق سعيد بن منصور: حدثنا إسماعيل بن عياش به
إلا أنه قال: " يزيد بن أبي يحيى "، ثم أخرجه من طريق أخرى عن هشام به مثل
رواية ابن ماجه. ثم قال البيهقي:
" قال المعمري: قال هشام في هذا الحديث: " يحيى بن أبي إسحاق الهنائي "،
ولا أراه إلا وهم، وهذا حديث يحيى بن يزيد الهنائي عن أنس، ورواه شعبة
ومحمد بن دينار فوقفاه ".
قلت: ويحيى بن يزيد من رجال مسلم لكن استظهر ابن التركماني في " الجوهر النقي
" أن الحديث لابن أبي إسحاق لا لابن يزيد. وقد علمت أن ابن أبي إسحاق هذا
مجهول، وبه صرح الحافظ في " التقريب ".
وبالجملة فللحديث خمس علل:
1 -
ضعف إسماعيل بن عياش.
2 -
ضعف عتبة بن حميد الضبي.
3 -
الاضطراب في سنده.
4 -
جهالة ابن أبي يحيى.
5 -
روايته موقوفا.
فالعجب من رمز السيوطي لحسنه كما نقله المناوي في " الفيض " ثم تبناه في "
التيسير "! وأعجب منه قول العزيزي: " وهو حديث صحيح " كما نقله شارح "
الموافقات " (2/384) فإن الحديث مع هذا الضعف الذي في إسناده يعارضه حديث أبي
هريرة في " الصحيحين " وغيرهما أن رجلا تقاضى رسول الله صلى الله عليه وسلم
فأغلظ له، فهم أصحابه به، فقال: " دعوه؛ فإن لصاحب الحق مقالا، اشتروا له
بعيرا فأعطوه "، قالوا: إنا نجد له سنا أفضل من سنه، قال: " اشتروه،
فأعطوه إياه؛ فإن خيركم أحسنكم قضاء ". وأحاديث زيادته صلى الله عليه وسلم
في الوفاء وحثه على ذلك كثيرة مستفيضة أخرجها البيهقي (5/351 - 352) وبعضها
في " صحيح البخاري ".
ففي هذه الأحاديث إقراره صلى الله عليه وسلم للدائن على أخذ الزيادة التي قدمها
إليه المدين باختياره، وحض المدين على الزيادة في الوفاء، وقد أمر بذلك
صلى الله عليه وسلم بقوله: " من صنع إليكم معروفا فكافئوه، فإن لم تستطيعوا
أن تكافئوه، فادعوا له حتى تعلموا أن قد كافأتموه ". وهو مخرج في " الصحيحة
" (254) .
ثم رأيت لشيخ الإسلام ابن تيمية بحثا حول هذا الحديث في " إقامة الدليل على
إبطال التحليل " (ص 127 - 128) ج3 من الفتاوي ذهب فيه إلى أن الحديث حديث حسن
. وأن راويه عن أنس قال: " إنما هو - والله أعلم - يحيى بن يزيد الهنائي،
فلعل كنية أبيه أبو إسحاق وهو ثقة من رجال مسلم، قال: وعتبة بن أبي حميد
معروف بالرواية عن الهنائي، قال فيه أبو حاتم: هو صالح الحديث، وأبو حاتم
من أشد المزكين شرطا في التعديل، وقد روى عن الإمام أحمد أنه قال: هو ضعيف
ليس بالقوي، لكن هذه العبارة يقصد بها أنه ممن ليس يصحح حديثه، بل هو ممن
يحسن حديثه، وقد كانوا يسمون حديث مثل هذا ضعيفا ويحتجون به لأنه حسن، إذ
لم يكن الحديث إذ ذاك مقسوما إلا إلى صحيح وضعيف، وفي مثله يقول الإمام أحمد
: الحديث الضعيف خير من القياس. يعني الذي لم يقوقوة الصحيح، مع أن مخرجه
حسن. وإسماعيل بن عياش حافظ ثقة في حديثه عن الشاميين وغيرهم، وإنما يضعف
حديثه عن غيرهم نظر، وهذا الرجل بصري الأصل ".
قلت: وفي هذا الكلام ملاحظات، أهمها قوله: " إن حديث إسماعيل صحيح عن
الشاميين وغيرهم، وإنما يضعف حديثه عن الحجازيين فقط ".
وهذا عندي خطأ والصواب العكس تماما، أعني حديثه عن الشاميين فقط صحيح وعن
غيرهم من الحجازيين والعراقيين ضعيف وهو ما صرحت به عبارات الأئمة بعضهم
بصريح كلامهم وبعضهم بعمومه فقال ابن معين في رواية مضر بن محمد الأسدي عنه:
" إذا حدث عن الشاميين وذكر الخبر فحديثه مستقيم، وإذا حدث عن الحجازيين
والعراقيين خلط ما شئت ".
وقال أحمد:
" هو في الشاميين أحسن حالا مما روى عن المدينيين وغيرهم ".
ونحوه عن أبي داود. وقال ابن المديني:
" كان يوثق فيما روى عن أصحابه أهل الشام، فأما ما روى عن غير أهل الشام ففيه
ضعف ".
وفي رواية ابنه عبد الله عنه:
" خلط في حديثه عن أهل العراق ".
وقال ابن عدي:
" وحديثه عن الشاميين مستقيم وهو في الجملة ممن يكتب حديثه ويحتج به في حديث
الشاميين خاصة " (1) .
وقال الحافظ في " تهذيب التهذيب ":
" وضعف روايته عن غير الشاميين أيضا النسائي وأبو أحمد الحاكم والبرقي
والساجي ".
قلت: والبخاري أيضا، ونص كلامه كما في " تاريخ بغداد " (6/224) :
" إذا حدث عن أهل بلده فصحيح، وإذا حدث عن غير أهل بلده ففيه نظر ".
فهذه النقول عن هؤلاء الفحول تؤيد ما ذهبنا إليه، وهو المشهور عند المشتغلين
بعلم السنة كما قال الحافظ في " التقريب ":
" صدوق في روايته عن أهل بلده، مخلط في غيرهم ".
وقد أفسد جملته الأخيرة المحشي عليه حيث قال:
" مخلط في غيرهم. أي عن أهل الحجاز ".
وهذا خطأ كخطأ ابن تيمية، وقصد الحافظ بعبارته أوسع من ذلك. ولم أجد من
سبق شيخ الإسلام إلى القول بأن حديثه عن الشاميين وغيرهم إلا الحجازيين صحيح.
وقد بين ابن حبان سبب ضعفه في غير الشاميين بقوله في " الضعفاء "(1/125) :
" كان إسماعيل من الحفاظ المتقنين في حداثته، فلما كبر تغير حفظه، فما حفظ
(1) وانظر كلامه في الحديث الآتي (1197) . اهـ