الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
" رواه أبو بكر محمد بن أحمد الواسطي الخطيب في " فضائل بيت المقدس " بإسناد
مظلم إلى إبراهيم بن محمد عن محمد بن مخلد وهو كذب ظاهر ".
وقال في ترجمة محمد بن مخلد:
" حدث بالأباطيل من ذلك
…
".
ثم ساق له حديثين هذا أحدهما.
وقال ابن حجر في " اللسان ":
" قال ابن عدي: منكر الحديث عن كل من روى عنه (1) ، وقال الدارقطني في غرائب
مالك: متروك الحديث ".
ولقد شددت الرحل إلى بيت المقدس لأول مرة بتاريخ (23/5/1385 هـ) حين اتفقت
حكومتا الأردن وسوريا على السماح لرعاياهما بدخول أفراد كل منهما إلى الأقصى،
وزرت الصخرة للاطلاع فقط؛ فإنه لا فضيلة لها شرعا، خلافا لزعم الجماهير من
الناس ومشايعة الحكومات لها، ورأيت مكتوبا على بابها من الداخل حديثا فيه أن
الصخرة من الجنة، ولم يخطر في بالي آنئذ أن أسجله عندي لدراسته، وإن كان
يغلب على الظن أنه موضوع كهذا.
وأما حديث " العجوة والصخرة من الجنة ".
فهو ضعيف لاضطرابه كما بينته في " إرواء الغليل " رقم (2763) طبع المكتب
الإسلامي.
1253
- " أول ما خلق الله القلم، ثم خلق النون وهي الدواة، وذلك في قول الله:
" ن. والقلم وما يسطرون "، ثم قال له: اكتب، قال: وما أكتب؟ قال:
ما كان وما هو كائن من عمل أوأجل أوأثر، فجرى القلم بما هو كائن
(1) الذي في ترجمة محمد بن مخلد من " كامل ابن عدي "(371/1) : " يحدث عن مالك وغيره بالبواطيل ". اهـ
إلى يوم القيامة، ثم ختم على في القلم فلم ينطق، ولا ينطق إلى يوم القيامة، ثم خلق
العقل فقال الجبار: ما خلقت خلقا أعجب إلي منك، وعزتي لأكملنك فيمن أحببت،
ولأنقصنك فيمن أبغضت، وأنقص الناس عقلا أطوعهم للشيطان وأعملهم بطاعته ".
باطل
رواه ابن عدي (313/1) وابن عساكر (16/48/2) عن محمد بن وهب الدمشقي:
حدثنا الوليد بن مسلم: حدثنا مالك بن أنس عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة
مرفوعا وقال:
" وهذا بهذا الإسناد باطل منكر ".
قال الذهبي:
" وصدق ابن عدي في أن الحديث باطل ".
قلت: وآفته محمد بن وهب هذا، وهو محمد بن وهب بن مسلم القرشي، قال ابن
عساكر:
" ذاهب الحديث ".
وهو غير محمد بن وهب بن عطية الذي أخرج له البخاري، وقد ترجم له ابن عساكر
أولا، ثم ترجم لابن مسلم هذا، وساق له هذا الحديث. فأصاب.
وأما ابن عدي فذكره في ترجمة الأول، ظنا منه أنه هو صاحب الحديث. قال الحافظ
في " التهذيب ":
" وليس كما ظن، وقد فرق بينهما أبو القاسم بن عساكر فأصاب ".
قلت: ويبدو أن الدارقطني أيضا توهم أنه هو، ففي " اللسان " أن الدارقطني
أورد الحديث في " الغرائب " وقال:
" هذا حديث غير محفوظ عن مالك ولا عن سمي، والوليد بن مسلم ثقة، ومحمد بن
وهب، ومن دونه ليس بهم بأس، وأخاف أن يكون دخل على بعضهم حديث في حديث ".
قلت: ومنشأ الوهم أن كلا من الرجلين دمشقي، وكلاهما يروي عن الوليد بن مسلم
، وعنهما الربيع بن سليمان الجيزي، ولم يقع في إسناد هذا الحديث منسوبا إلى
جده بل كما تقدم " محمد بن وهب الدمشقي "، فاشتبه الأمر على ابن عدي
والدارقطني والمعصوم من عصمه الله. على أنهما قد اتفقا على إنكار الحديث،
وذلك مما يدل اللبيب على دقة نقد المحدثين للمتون، فإنهما مع ظنهما أن راوي
الحديث هو محمد بن وهب بن عطية الثقة فقد أنكراه عليه، وحاول الدارقطني أن
يكتشف العلة بقوله: " وأخاف.. "، لكن الله تعالى ادخر معرفتها للحافظ ابن
عساكر، مصداقا للمثل السائر: كم ترك الأول للآخر!
وإذا عرفت هذا فقد أخطأ الإمام القرطبي خطأ فاحشا في عزوه هذا الحديث لرواية
الوليد بن مسلم فقال في " تفسيره "(18/223) :
" روى الوليد بن مسلم قال: حدثنا مالك.. " إلخ.
فإن جزمه بأن الوليد روى ذلك معناه أن من دون الوليد ثقات محتج بهم، وكذلك من
فوقه كما هو باد للعيان، فينتج من ذلك أن إسناد الحديث صحيح، ولا يخفى ما
فيه!
ويشبه صنيع القرطبي هذا، عزوالجويني لحديث " الاغتسال بالماء المشمس يورث
البرص ". وهو باطل كهذا (1) عزاه للإمام مالك، فأنكر العلماء ذلك عليه،
فقال الحافظ بان حجر في " التلخيص ":
" واشتد إنكار البيهقي على الشيخ أبي محمد الجويني في عزوه هذا الحديث لرواية
مالك! والعجب من ابن الصباغ كيف أورده في " الشامل " جازما به، فقال: " روى
مالك عن هشام ". وهذا القدر هو الذي أنكره البيهقي على الشيخ أبي محمد ".
ثم تذكرت أن الوليد بن مسلم وإن كان ثقة كما قال الدارقطني آنفا؛ لكنه كثير
التدليس والتسوية كما قال الحافظ في " التقريب "، وتدليس التسوية هو أن يسقط
من السند رجلا من فوق شيخه، كأن يكون مثلا بين مالك وسمي رجل فيسقطه، فهذا
الفعل يسمى تدليس التسوية عند المحدثين، والوليد معروف بذلك عندهم،
فالمحققون لا يحتجون
(1) راجع الكلام عليه في كتابنا " إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل " رقم (18) . اهـ