الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
البخاري
: ليس بالحافظ، ثم أورد له هذا الخبر ".
وأقول: فيه أيضا عند البيهقي مروان بن جعفر السمري، أورده الذهبي في "
الضعفاء " وقال:
" قال الأزدي: يتكلمون فيه "!
1443
- " يأتيكم عكرمة بن أبي جهل مؤمنا مهاجرا، فلا تسبوا أباه، فإن سب الميت يؤذي
الحي، ولا يبلغ الميت، فلما بلغ باب رسول الله صلى الله عليه وسلم استبشر
ووثب له رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما على رجليه، فرحا بقدومه ".
موضوع
أخرجه الحاكم (3/241) من طريق محمد بن عمر: أن أبا بكر بن عبد الله بن أبي
سبرة: حدثه موسى بن عقبة عن أبي حبيبة مولى عبد الله بن الزبير عن عبد الله
ابن الزبير قال:
لما كان يوم فتح مكة، هرب عكرمة بن أبي جهل، وكانت امرأته أم حكيم بنت
الحارث بن هشام امرأة عاقلة، أسلمت، ثم سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم
الأمان لزوجها، فأمرها برده، فخرجت في طلبه، وقالت له: جئتك من عند أوصل
الناس، وأبر الناس، وخير الناس، وقد استأمنت لك، فأمنك، فرجع معها،
فلما دنا من مكة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: فذكر الحديث.
قلت: سكت عليه الحاكم والذهبي، وإسناده واه جدا، بل موضوع، آفته ابن أبي
سبرة، أومحمد بن عمر، وهو الواقدي، وكلاهما كذاب وضاع، وأبو حبيبة لا
يعرف، أورده ابن أبي حاتم (4/2/3459) فلم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا،
ولكنه قال:
" أبو حبيبة، مولى الزبير، صاحب عبد الله بن الزبير، روى عن الزبير، روى
عنه موسى بن عقبة، وأبو الأسود محمد بن عبد الرحمن ".
قلت: وإنما خرجت هذا الحديث لما فيه من نسبة القيام إلى النبي صلى الله عليه
وسلم لعكرمة بن أبي جهل، فقد لهج المتأخرون بالاستدلال على جواز بل استحباب
القيام للداخل، فأحببت أن أبين وهاءه وأظهر عواره، حتى لا يغتر به من يريد
انصح لدينه، ولا سيما،
وهو مخالف لما دلت السنة العملية عليه من كراهته
صلى الله عليه وسلم لهذا القيام، كما حققته في غير هذا المقام.
ونحوه ما ذكره الأستاذ عزت الدعاس في تعليقه على " الشمائل " المحمدية " (ص -
175 -
طبع حمص) أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقوم لعبد الله بن أم مكتوم -
(الأصل: ابن أم كلثوم!) ويفرش له رداءه ليجلس عليه ويقول: أهلا بالذي
عاتبني ربي من أجله، ولا أعلم لهذا الحديث أصلا يمكن الاعتماد عليه، وغاية
ما روي في بعض الروايات في " الدر المنثور " أنه صلى الله عليه وسلم كان يكرم
ابن أم مكتوم إذا دخل عليه. وهذا إن صح لا يستلزم أن يكون إكرامه صلى الله
عليه وسلم إياه بالقيام له، فقد يكون بالقيام إليه، أوبالتوسيع له في المجلس
، أوبإلقاء وسادة إليه، ونحوذلك من أنواع الإكرام المشروع.
وبهذه المناسبة لا بد لي من التنبيه على بعض الأخطاء التي وقعت للأستاذ
المذكور في تعليقه على حديث أنس: " لم يكن شخص أحب إليهم من رسول الله
صلى الله عليه وسلم، وكانوا لا يقومون له لما يعلمون من كراهيته لذلك "، فقد
ذكر أن هذا الحديث الصحيح لا ينافي القيام لأهل الفضل من الصالحين، والدليل:
1 -
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يكره قيام بعضهم لبعض.
2 -
وأنه أمر أسرى بني قريظة فقال لهم: قوموا لسيدكم، يعني سعد بن معاذ.
3 -
أنه قام لعكرمة بن أبي جهل.
4 -
وكان يقوم لعدي بن حاتم كلما دخل عليه.
5 -
وكان يقوم لعبد الله بن أم مكتوم
…
6 -
وقد ورد أن الصحابة قاموا لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
والجواب: أنه لا يصح شيء من هذه الأدلة مطلقا، وهى على ثلاثة أنواع:
الأول: ما لا أصل له البتة في شيء من كتب السنة، كالدليل الأول، بل ولا
علمت أحدا من العلماء المتقدمين ذكره حديثا، وكأنه رأي رآه بعضهم، فجاء غيره
فتوهمه حديثا! ويعارضه قول الشيخ علي القاري في " شرح الشمائل ": إن الأصحاب
ما كان يقوم بعضهم لبعض، واستدل عليه بحديث أنس المذكور آنفا، وهذا هو
اللائق بهم رضي
الله عنهم، لحرصهم المعروف على الاقتداء به صلى الله عليه وسلم
في كل كبير وصغير، خلافا لبعض المعاصرين الذين يقولون في مثل هذه المسألة:
هذه قشور لا قيمة لها! ونحوذلك من العبارات التي تصد الشباب المؤمن عن
الاقتداء به صلى الله عليه وسلم، بل وتحمله على مخالفته، لأن الأمر كما قيل
: نفسك إن لم تشغلها بالخير شغلتك بالشر!
الثاني: ما له أصل ولكنه غير ثابت كالدليل الثالث والرابع والخامس، فكل
ذلك مما لا يصح من قبل إسناده والمثال بين يديك، وهو الدليل الثالث، ومثله
حديث قيامه صلى الله عليه وسلم لأخيه في الرضاعة، فهو ضعيف أيضا كما سبق بيانه
برقم (1120) ، ومثله قيامه لعدي، وأما الدليل الخاس، فلم أقف عليه كما
سبق، وقد اعترف غير ما واحد بضعف هذا النوع، منهم ابن حجر الهيتمي، ولكنهم
ركنوا في الرد على من عارضهم بما ذكرنا من الضعف إلى قولهم المعروف بينهم،
والواهي عند المحققين من العلماء: " يعمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال "
! فنقول: فأين الدليل على أن هذا القيام من فضائل الأعمال، حتى يصدق فيه
قولهم المذكور إن صح؟ ! وقد تنبه لهذا الشيخ القاريء، فقال:
" إن هذا الرد مدفوع؛ لأن الضعيف يعمل به في فضائل الأعمال المعروفة في الكتاب
والسنة، لكن لا يستدل به على إثبات الخصلة المستحبة ".
قلت: وهذه حقيقة يغفل عنها جماهير العلماء والمؤلفين، فضلا عن غيرهم،
وبيانه مما لا يتسع له المجال هنا.
والنوع الثالث والخير: ما له أصل أصيل من حيث الثبوت، ولكن طرأ عليه شيء
من التحريف والتغيير لفظا أومعنى أوكليهما معا ولوبدون قصد، من ذلك
الدليل الثاني؛ فقد وقع فيه تحريفان: قديم وحديث، أما القديم، فهو أن نص
الحديث في البخاري وغيره: " قوموا إلى سيدكم " فجعله السيد عزت وغيره "
…
لسيدكم "، وتأكد التحريف برواية أخرى قوية بلفظ: " قوموا إلى سيدكم فأنزلوه
" وهذا مفصل في " الصحيحة " (رقم - 67) فلا نطيل القول فيه.
وأما التحريف الجديد، فقد اختص به السيد المذكور، وهو قوله: أنه صلى الله
عليه وسلم أمر
أسرى بني قريظة.. والحقيقة أن الأمر كان موجها إلى الأنصار
الذين هم قوم سعد وهو أميرهم وسيدهم فعلا، وأنه كان لإنزاله لأنه كان مريضا
، ولذلك جاء النص:" قوموا إليه " وليس: " قوموا له " وأكده زيادة الرواية
الأخرى: " فأنزلوه " فلا علاقة للحديث بموضع النزاع.
ومن ذلك قيامه صلى الله عليه وسلم إلى ابنته فاطمة إذا دخلت عليه، وقيامها
إليه صلى الله عليه وسلم إذا دخل عليها، فإنه صحيح الإسناد، ولكن ليس في
القيام المتنازع فيه، لأنه قام إليها ليجلسها في مجلسه، وقامت إليه لتجلسه
في مجلسها، وهذا مما لا خلاف فيه. ألست ترى القائلين باستحباب القيام
المزعوم لا يقوم أحدهم لابنه ولوكان عالما فاضلا؟ ! بل قال العصام الشافعي
كما في شرح المناوي على " الشمائل ".
" وقد اتفق الناس في القديم والحديث على استهجان قيام الوالد لولده، وإن
عظم، ولووقع ذلك من بعض الآباء لاتخذه الناس ضحكة وسخروا منه "!
وخلاصة القول أنه لا يوجد دليل صحيح صريح في استحباب هذا القيام، والناس
قسمان: فاضل ومفضول، فمن كان من القسم الأول فعليه أن يقتدي بالنبي صلى الله
عليه وسلم فيكره القيام من غيره له، ومن كان من القسم الآخر، فعليه أن يقتدي
بأصحابه صلى الله عليه وسلم، فلا يقوم لمن كان من القسم الأول فضلا عن غيره!
ويعجبني في هذا الصدد ما ذكره الشيخ جسوس في شرحه على " الشمائل " نقلا عن ابن
رشد في " البيان " قال:
" القيام للرجل على أربعة أوجه:
1 -
وجه يكون فيه محظورا لا يحل، وهو أن يقوم إكبارا وتعظيما وإجلالا لمن
يحب أن يقام له تكبرا وتجبرا على القائمين له.
2 -
ووجه يكون فيه مكروها، وهو أن يقوم إكبارا وتعظيما وإجلالا لمن لا يحب
أن يقام له، ولا يتكبر على القائمين له، فهذا يكره للتشبه بفعل الجبابرة
وما يخشى أن يدخله من تغيير نفس المقوم له.
3 -
ووجه يكون فيه جائزا، وهو أن يقوم تجلة وإكبارا لمن لا يريد ذلك،
ولا يشبه