الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم ساقه من الطريق الأولى، ثم قال:
" هذا عندي أصح، وخريم بن فاتك له صحبة ".
قلت: لكن الراوي عنه مجهول، وكذا الذي بعده كما عرفت، فالحديث ضعيف، وقد أشار إلى ذلك الترمذي بقوله:" حديث غريب ".
(تنبيه) : قد عرفت مما تقدم أن حبيب بن النعمان والراوي عنه زياد العصفري هما من رجال أصحاب السنن حاشا النسائي، ومع ذلك فالأول منهما رمز له الحافظ في كتابيه " التهذيب " و" التقريب " ثم الخزرجي في " الخلاصة " بـ (دق) ففاتهم الرمز له بـ (ت) أيضا. والآخر رمزوا به بـ (س) أي النسائي، ففاتهم الرمز له بالثلاثة (د ق ت) ، ثم لا أدري إذا كان الرمز المذكور (س) أرادوا به سننه الكبرى أم الصغرى. والراجح الأول. والله أعلم.
ثم إن محمد بن عبيد الذي رجح روايته الترمذي هو الطنافسي الأحدب ثقة حافظ احتج به الشيخان، ومثله المخالف له مروان بن معاوية، وليس فيه علة سوى أنه كان يدلس أسماء الشيوخ، وشيخه في إسناده فاتك بن فضالة مجهول أيضا!
1111
- " لأن يمتلىء جوف أحدكم قيحا، خير له من أن يمتلىء شعرا هجيت به ".
باطل بزيادة هجيت به.
أخرجه العقيلي في " الضعفاء "(ص 435) وابن عساكر في " تاريخ دمشق "(17/285/2) عن النضر بن محرز عن محمد بن المنكدر عن جابر ابن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقال العقيلي:
" النضر بن محرز لا يتابع على حديثه، ولا يعرف إلا به، وإنما يعرف هذا الحديث بالكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس ".
ثم ساق إسناده من طريق محمد بن مروان السدي عن الكلبي به.
قلت: الكلبي هو محمد بن السائب أورده الذهبي في " الضعفاء " وقال:
" كذبه زائدة وابن معين وجماعة ".
ومحمد بن مروان السدي، قال الذهبي:
" متروك متهم ".
قلت: وقد خولف في إسناده، فرواه إسماعيل بن عياش عن محمد بن السائب عن أبي صالح قال:
" قيل لعائشة: إن أبا هريرة يقول: لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا خير له من أن يمتلئ شعرا، فقالت عائشة: يرحم الله أبا هريرة، حفظ أول الحديث ولم يحفظ آخره، إن المشركين كانوا يهاجون رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا خير له من أن يمتلئ شعرا من مهاجاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ".
أخرجه الطحاوي (2/371) فقال: حدثنا يونس قال: حدثنا ابن وهب قال: أخبرني إسماعيل بن عياش به.
قلت: وإسماعيل بن عياش ضعيف في روايته عن غير الشاميين وهذه منها، فإن ابن السائب كوفي، وعليه دار الحديث، فهو آفته.
ثم رأيت ابن عدي قد أخرجه في " كامله "(345/1) من طريق حبان بن علي عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس مرفوعا مثل حديث جابر دون قصة عائشة وأبي هريرة.
وحبان بن علي هو العنزي وهو ضعيف كما في " التقريب ".
وبالجملة فهذه الطريق موضوعة، وقد روى ابن عدي عن سفيان قال:
" قال لي الكلبي: كل شيء أحدث عن أبي صالح فهو كذب "(1) .
" وأما طريق جابر، فهي واهية، فإن النضر بن محرز قال فيه ابن حبان:
" منكر الحديث جدا. لا يحتج جدا ".
ومن طريقه رواه أبو يعلى في " مسنده " لكن وقع فيه " أحمد بن محرز ". وقال الحافظ في " اللسان ":
(1) قال الحافظ في " الفتح ": " وابن الكلبي واهي الحديث، وأبو صالح شيخه ما هو الذي يقال له السمان المتفق على تخريج حديثه في " الصحيح " عن أبي هريرة، بل هذا آخر ضعيف يقال له: باذان ". اهـ.
" وأحمد لم أقف له على ترجمة، فلعله من تغيير بعض الرواة، أو (النضر) لقبه ".
وأحمد هذا هو الذي أشار إليه الحافظ بقوله في " الفتح "(10/454) : بعدما عزاه لأبي يعلى:
" وفيه راولا يعرف ".
وزاد عليه الهيثمي فقال في " المجمع "(8/120) :
" وفيه من لم أعرفهم ".
قلت: وهذا يؤيد ما ذكره الحافظ من احتمال أن اسم أحمد من تغيير بعض الرواة، فإن فيمن دونه من لا يعرف أيضا. ثم قال الحافظ:
" فلم تثبت هذه الزيادة ".
قلت: بل هي باطلة قطعا، فإن الحديث في " الصحيحين " من طريق الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا بدونها، وفي " البخاري " عن ابن عمر، وفي " مسلم " عن سعد بن أبي وقاص وأبي سعيد الخدري، وفي " الطحاوي " عن عمر، كلهم لم يذكر الزيادة في الحديث، فدل على بطلانها.
على أن في سياق الحديث ما يشعر ببطلان هذه الزيادة من حيث المعنى أيضا، فمن شاء البيان فليرجع إلى تخريجنا للحديث في " السلسلة الصحيحة " رقم (336) .
(تنبيه) : ثم قال الحافظ:
" وذكر السهيلي في " غزوة ودان " عن جامع ابن وهب أنه روى فيه أن عائشة رضي الله عنها تأولت هذا الحديث على هجي به النبي صلى الله عليه وسلم، وأنكرت على من حمله على العموم في جميع الشعر. قال السهيلي: فإن قلنا بذلك، فليس في الحديث إلا عيب امتلاء الجوف منه، فلا يدخل في النهي رواية اليسير على سبيل الحكاية، ولا الاستشهاد به في اللغة. ثم ذكر استشكال أبي عبيد (2) ، وقال: عائشة أعلم منه ".
وأقول: يقال للسهيلي: أثبت العرش ثم انقش، فإن الحديث عن عائشة لم يثبت
(2) انظر كلام أبي عبيد الذي أشار إليه في " الفتح "، أو في " الأحاديث الصحيحة ". اهـ