الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[كتاب النفقات] [
نفقة الزوجة]
قال: وعلى الزوج نفقة زوجته ما لا غنى لها عنه وكسوتها.
ش: نفقة الزوجة واجبة في الجملة بالإجماع، وسنده قوله سبحانه وتعالى:{قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [الأحزاب: 50]، وقول الله تعالى:{لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ} [الطلاق: 7] الآية.
2864 -
وعن جابر رضي الله عنه في حديثه الطويل، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس فقال:«اتقوا الله في النساء، فإنهن عوان عندكم، أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف» رواه مسلم وغيره.
2865 -
وفي حديث هند الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها: «خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف» ، إذا تقرر هذا فقول الخرقي: إن
الواجب على الزوج من النفقة ما لا غنى لها عنه وكسوتها، أي شيئا لا يستغنى عنه، ومعناه ما لا بد لها منه، فظاهر هذا أن الواجب عليه هو أقل الكفاية، فكأنه اعتبر حال الزوج، وقد صرح بذلك أبو بكر في التنبيه فقال: إنها على قدر يسار الزوج وإعساره، على اجتهاد الحاكم، وأومأ إليه أحمد في رواية أحمد بن سعيد، فقال: أما نفقة خادم واحد فلا بد منه، وهو على قدر اليسار؛ وقال في رواية أبي طالب: إذا وجد ما يطعمها رغيفين ثلاثة، يعني لم تملك الفسخ، وذلك لظاهر قول الله تعالى:{لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} [الطلاق: 7] إلى قوله: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا} [الطلاق: 7] .
2866 -
«وعن معاوية القشيري قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم قال: فقلت: ما تقول في نسائنا؟ قال: «أطعموهن مما تأكلون، واكسوهن مما تلبسون، ولا تضربوهن ولا تقبحوهن» رواه أبو داود. وأومأ
في رواية أبي صالح أن الاعتبار بحالها، فقال: إذا غاب عن زوجته يضرب لها في ماله بقدر نفقة مثلها؛ وذلك لحديث هند: «خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف» ، وهو قضية عين، وقد جمع القاضي في تعليقه بين كلامي أحمد، وجعل الاعتبار بحال الزوجين، فيفرض للموسرة تحت الموسر نفقة الموسرين، وللفقيرة تحت الفقير نفقة الفقراء، وللمتوسطة تحت المتوسط أو إذا كان أحدهما موسرا، والآخر معسرا نفقة المتوسطين، وتبعه فيما علمت من بعده على ذلك، جمعا بين الدليلين. قال: فإن منعها أو بعضه وقدرت له على مال أخذت منه مقدار حاجتها بالمعروف، كما «قال النبي صلى الله عليه وسلم لهند، حين قالت: إن أبا سفيان رجل شحيح، وليس يعطيني من النفقة ما يكفيني وولدي، فقال: «خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف» .
ش: قد ذكر الخرقي رحمه الله الحكم - وهو ما إذا منعها الواجب عليه أو بعضه - ودليله، وهو حديث هند الذي في الصحيح عن عائشة رضي الله عنها، «أن هندا رضي الله عنها قالت: يا رسول الله، إن أبا سفيان رجل شحيح، وليس يعطيني
ما يكفيني وولدي، إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم، فقال:«خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف» ، وهو صريح في أن لها أن تأخذ بغير إذنه، والحكم للواحد حكم لغيره، إما بطريق عرف الشرع كما نقوله، أو بالقياس كما يقوله الأكثرون، وكأن المعنى في ذلك أن الحاجة تدعو إلى ذلك، إذ النفقة تجب كل يوم، فالمرافعة إلى الحاكم تشق أو تتعذر، فجوز الشرع أخذ الكفاية بالمعروف، دفعا للحرج والمشقة.
قال: فإن منعها أو بعضه ولم تجد ما تأخذ منه، واختارت فراقه فرق الحاكم بينهما.
ش: ظاهر هذا الكلام أنه منعها مع قدرته على الإنفاق، ولم تجد له مالا تأخذ منه، ومختار أبي الخطاب في هدايته، وأبي محمد أن لها الفسخ والحال هذه، كما اقتضاه كلام المصنف، لأن الإنفاق عليها من ماله متعذر، فكان لها الفسخ كحال الإعسار، بل أولى، إذ لا عذر هنا، بخلاف ثم.
2867 -
وقال ابن المنذر: ثبت أن عمر بن الخطاب كتب إلى أمراء الأجناد في رجال غابوا عن نسائهم، فأمرهم بأن ينفقوا أو يطلقوا، فإن طلقوا بعثوا بنفقة ما مضى. واختار القاضي أنها
لا تملك الفسخ والحال هذه، لأن الفسخ ثم لعيب الإعسار ولم يوجد، ولأن الموسر الممتنع في مظنة إمكان الأخذ من ماله، بخلاف المعسر، ويؤخذ من عموم كلام الخرقي أو من تنبيهه أنها إذا لم يجد ما ينفق عليها أصلا أن لها الفسخ، وهو المنصوص والمشهور من الروايتين، والمختار للأصحاب، لما تقدم عن عمر، ولقول الله سبحانه:{فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229] ، وليس الإمساك مع ترك الإنفاق إمساكا بمعروف، فيتعين التسريح.
2868 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى، واليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول» فقيل: من أعول يا رسول الله؟ قال: «امرأتك ممن تعول، تقول: أطعمني وإلا فارقني. جاريتك تقول: أطعمني واستعملني. ولدك يقول: إلى من تتركني» رواه أحمد والدارقطني. قال أبو البركات: بإسناد صحيح.
2869 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أيضا، عن «النبي صلى الله عليه وسلم في الرجل لا يجد ما ينفق على امرأته، قال: «يفرق بينهما» رواه الدارقطني.