الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ش: هذا والله أعلم اتفاق، حذارا من إيجاب الجزية على مسلم، إذ ما يجب على العبد إنما يؤديه السيد. ومفهوم كلام الخرقي أن السيد إذا كان ذميا وجبت عليه الجزية عن عبده، وهو إحدى الروايتين عن أحمد، لعموم:«خذ من كل حالم دينارا» ، ونحوه مع انتفاء المحذور المتقدم.
(والرواية الثانية) : وهي اختيار أبي بكر والقاضي، وأبي محمد: لا يجب عليه أيضا، كما لو كان السيد مسلما، لأن العبد محقون الدم، فأشبه المرأة والصبي، أو لا مال له فأشبه الفقير.
3474 -
ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا جزية على العبد» . وقد قال ابن المنذر: إن هذا مما أجمع عليه كل من نحفظ عنه من أهل العلم.
[حكم إسلام من وجبت عليه الجزية]
قال: ومن وجبت عليه الجزية فأسلم قبل أن تؤخذ منه سقطت عنه.
ش: الجزية تجب بحلول الحول، فإذا أسلم الذمي بعد حلول الحول فقد وجبت عليه الجزية، فإن لم تكن أخذت منه سقطت عنه، لعموم قول الله تعالى:
{قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: 38] .
3475 -
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الإسلام يجب ما قبله» . ويؤيد دخول ذلك في العموم أن الجزية عقوبة سببها الكفر، فسقطت بالإسلام كالقتل، وخرج بذلك الديون، فإن سببها ليس هو الكفر، فلذلك لا تسقط بالإسلام.
3476 -
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس على مسلم جزية» . رواه الترمذي، وأبو داود وهذا لفظه، وقد فسره سفيان الثوري بما قلناه، قال: معناه إذا أسلم الذمي بعد ما وجبت عليه الجزية بطلت عنه.
3477 -
ويروى أن ذميا أسلم، فطولب بالجزية، وقيل: إنما أسلمت تعوذا. قال: إن في الإسلام معاذا. فرفع إلى عمر رضي الله عنه فقال عمر رضي الله عنه: إن في الإسلام معاذا. وكتب أن لا تؤخذ منه الجزية، رواه أبو
عبيد بنحو من هذا المعنى، وقد دل كلام الخرقي من طريق التنبيه أنه لو أسلم قبل الوجوب لا تؤخذ منه، وهو واضح.
قال: وإذا أعتق العبد لزمته الجزية لما يستقبل، سواء كان المعتق له مسلما أو كافرا.
ش: هذا هو الصحيح المشهور من الروايتين أو الروايات، إذ هو حر مكلف موسر، من أهل القتال، فدخل في عمومات النصوص. (ونقل أبو محمد) عن أحمد رواية أخرى أنه يقر بغير جزية مطلقا، لأن الولاء شعبة من الرق، وهو ثابت عليه، فلم تجب عليه الجزية، كما لو لم يعتق. ووهن الخلال هذه الرواية، وقال: هذا قول قديم رجع عنه أحمد، والعمل على ما رواه عنه الجماعة. وحكى أبو البركات الرواية أنه لا جزية عليه، إذا كان المعتق له مسلما، قال: وقال، أي أحمد، لأن ذمته