الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وصرح بذلك ابن حمدان، وهو مما يضعف تعليل الرواية الثانية.
(تنبيه) : الضمان في الرمي بالمنجنيق يتعلق بمن مد الحبال، ورمى الحجر، دون من وضعه في الكفة وأمسك الخشب، إذ الأول مباشر، والثاني متسبب، والمباشرة تقطع حكم السبب، والمنجنيق أعجمي معرب، بفتح الميم وكسرها، وحكي فيه منجنوق ومنجليق. . . والله أعلم.
[باب ديات الجراح]
ش: لما فرغ الخرقي رحمه الله من بيان ديات الأنفس شرع يتكلم على ديات الجراحة.
قال: ومن أتلف ما في الإنسان منه شيء واحد ففيه الدية، وما فيه منه شيئان ففي كل واحد منهما نصف الدية.
2995 -
ش: الأصل في ذلك ما روى عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه، أن في الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم لابن حزم في العقول:«إن في النفس مائة من الإبل، وفي الأنف إذا أوعب جدعا الدية كاملة، وفي المأمومة ثلث الدية، وفي الجائفة مثله، وفي العين خمسون، وفي اليد خمسون، وفي الرجل خمسون، وفي كل إصبع مما هنالك عشر من الإبل، وفي كل سن خمس، وفي الموضحة خمس» رواه مالك في موطئه، وهذا لفظه، والنسائي وفي روايته: «وفي الأنف إذا أوعب جدعه بالدية، وفي اللسان الدية،
وفي الشفتين الدية، وفي البيضتين الدية، وفي الذكر الدية، وفي الصلب الدية، وفي العينين الدية، وفي الرجل الواحدة نصف الدية، وفي المأمومة ثلث الدية، وفي الجائفة ثلث الدية، وفي المنقلة خمس عشرة من الإبل، وفي كل إصبع من أصابع اليد والرجل عشر من الإبل، وفي السن خمس من الإبل، وفي الموضحة خمس من الإبل، وأن الرجل يقتل بالمرأة، وعلى أهل الذهب ألف دينار، ذكره في رواية، وفي العين الواحدة نصف الدية، وفي اليد الواحدة نصف الدية» ، قال ابن عبد البر: كتاب عمرو بن حزم معروف عند العلماء، وما فيه متفق عليه إلا قليلا، انتهى. ففي هذا الحديث مما في الإنسان منه شيء واحد الأنف، والذكر، واللسان والصلب، وغير ذلك مقيس عليها، وفيه مما في الإنسان منه شيئان الشفتان والبيضتان، والعينان، والرجلان، واليدان، وغير ذلك مقيس عليها وملحق بها والله أعلم.
قال: وفي العينين الدية.
ش: لما تقدم في حديث عمرو بن حزم، مع أنه إجماع، ولا فرق بين أن يكونا صحيحتين أو مريضتين، أو حولاوين، وفي العين الواحدة نصف الدية، على مقتضى كلام الخرقي، لما تقدم في حديث عمرو بن حزم، وعموم كلامه يقتضي شمول عين الأعور، وهو مقتضى حديث عمرو بن حزم، والمذهب
أن في عين الأعور دية كاملة.
2996 -
نظرا إلى قضاء الصحابة عمر وعثمان وعلي وابن عمر رضي الله عنهم، ولا يعرف عن غيرهم خلافهم، ولأن قلع عينه يتضمن ذهاب بصره كله، إذ الأعور يبصر بعينه كما يبصر الصحيح، فوجبت الدية كما لو أذهب البصر من العينين.
قال: وفي الأشفار الأربعة الدية.
ش: في الأشفار الدية، لأن ذلك هو جميع الجنس، فوجب فيه جميع الدية كاليدين والرجلين، والأشفار فسرها أبو محمد بالأجفان، وهو مقتضى كلام غيره، وابن أبي الفتح يجعل الشفر منبت الهدب، والجفن غطاء العين، والله أعلم.
قال: وفي كل واحد منها ربع الدية.
ش: لأنه عدد تجب الدية في جميعه، فوجب في بعضه بالقسط، كاليدين والأصابع والله أعلم.
قال: وفي الأذنين الدية. . .
ش: لأنهما مما في البدن منه شيئان.
2997 -
ويروى ذلك عن عمر وعلي رضي الله عنهما، وادعى أبو محمد أنه في كتاب عمرو بن حزم، ولم أره، وقد شمل كلام الخرقي الأذن الصماء، والأذن المستحشفة، والأذن المخرومة، وهو صحيح إن قلنا: يؤخذ به السالم من ذلك في العمد، وإلا الواجب في ذلك حكومة، والله أعلم.
قال: وفي السمع إذا ذهب من الأذنين الدية.
2998 -
ش: يروى هذا عن عمر رضي الله عنه.
2999 -
ويروى أيضا عن معاذ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «وفي السمع الدية» وقال ابن المنذر: أجمع عليه عوام أهل العلم. ولأنه حاسة تختص بنفع، فكان فيه الدية كالبصر، ولو ذهب السمع من أحد الأذنين وجب نصف الدية والله أعلم.
قال: وفي الأنثيين الدية.
ش: لحديث عمرو «في البيضتين الدية» ، ويجب في إحداهما نصفها.
قال: وفي الصعر الدية.
ش: لذهاب المنفعة والجمال، أشبه سائر المنافع.
3000 -
ولأن ذلك يروى عن زيد بن ثابت، ولا يعرف له مخالف. قال: والصعر أن يضربه فيصير الوجه في جانب.
ش: قال الجوهري: الصعر الميل في الخد خاصة، وقال أبو محمد: أصله داء يأخذ البعير في عنقه فيلتوي له عنقه، وفي التنزيل:{وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ} [لقمان: 18] أي لا تعرض عنهم بوجهك تكبرا كإمالة وجه البعير الذي به الصعر، والله أعلم.
قال: وفي المثانة إذا لم يستمسك البول الدية.
ش: لأنه عضو فيه منفعة كثيرة، ليس في البدن مثله أشبه سائر الأعضاء، ومنفعة المثانة حبس البول، فإذا غيرت فقد زالت المنفعة.
قال: وفي قرع الرأس إذ لم ينبت الشعر الدية، وفي الحاجبين إذا لم ينبت الشعر الدية، وفي اللحية إذا لم ينبت الشعر الدية.
ش: هذا هو المذهب المشهور من الروايتين، لأنه إذهاب للجمال على الكمال، فوجبت الدية كاملة كأنف الأخشم،
وأذن الأصم، (والرواية الثانية) في الجميع حكومة، لأنه إذهاب جمال من غير منفعة، فأشبه اليد الشلاء، وألحق الأصحاب بهذه الثلاثة أهداب العينين، فجعلوا فيها دية على المذهب، وفي الواحد منها ربع الدية، كما أن في الحاجب نصفها، وقوله: إذا لم ينبت. شرط لوجوب الدية، فلو نبتت فلا دية.
قال: وفي المشام الدية. . .
ش: قال أبو محمد: أراد الشم، انتهى. ويجوز أن يكون أراد المنخرين. وفي كل واحد من ذلك نصف الدية، أما الأول فلأنها حاسة تختص بمنفعة، أشبهت سائر المنافع، مع أن القاضي يدعي أن في حديث عمرو «وفي المشام الدية» ولم أر ذلك، وأما الثاني فلأنه مما في الإنسان منه شيئان، وهو إحدى الروايتين، والمشهور منهما، وعليها ففي الحاجز حكومة، (والرواية الثانية) فيهما ثلثا الدية، وفي الحاجز ثلثها، اختارها أبو بكر، والله أعلم.
قال: وفي الشفتين الدية.
ش: لحديث عمرو «وفي الشفتين الدية» وفي كل واحدة نصف الدية على المذهب المشهور من الروايتين، قياسا على ما في الإنسان منه شيئان.
3001 -
واتباعا لأبي بكر الصديق رضي الله عنه، (والرواية الثانية) في الشفة السفلى ثلثا الدية، وفي العليا ثلثها.
3002 -
اتباعا لزيد بن ثابت، ولأن نفع السفلى أكثر، فناسب أن تزيد ديتها على دية العليا.
قال: وفي اللسان المتكلم به الدية.
ش: لحديث عمرو بن حزم، وقد حكى إجماعا، وقوله: المتكلم به، يحترز به عن لسان الأخرس، فإن الدية لا تكمل فيه، بل الواجب فيه إما ثلث الدية، أو حكومة على اختلاف الروايتين، ويستثنى من عموم المفهوم لسان الطفل، فإن الكلام منتف فيه، والدية واجبة فيه، نعم إن بلغ إلى حد يتحرك فيه بالبكاء ولم يحركه فحكمه حكم لسان الأخرس، والله أعلم.
قال: وفي كل سن خمس من الإبل إذا قلعت ممن قد ثغر.
ش: في كل سن خمس من الإبل على المذهب، لما تقدم
من حديث عمرو بن حزم.
3003 -
وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «في كل إصبع عشر من الإبل، وفي كل سن خمس من الإبل، والأصابع سواء، والأسنان سواء» . . . رواه الخمسة إلا الترمذي، وقال في المغني: وحكي عن أحمد أن في جميع الأسنان والأضراس دية. . قال: ويتعين حمل هذه الرواية على مثل قول سعيد، للإجماع على أن في كل سن خمسا من الإبل، والأسنان فيها ستون بعيرا، لأنها اثنا عشر سنا، أربع ثنايا، وأربع رباعيات، وأربعة أنياب، ففيها خمس، والأضراس فيها أربعون، لأنها عشرون ضرسا. . . انتهى.
3004 -
وقول سعيد هو أن في كل ضرس بعيرين، ولأبي الخطاب في الهداية احتمال تبعه عليه في المقنع أن الواجب في الجميع دية واحدة وأطلق، وحقق أبو البركات هذا القول فقال: وقيل: إن قلع الكل أو فوق العشرين دفعة لم يجب سوى الدية، وذلك لأن هذه تشتمل على منفعة الجنس، فكان الواجب فيه دية كاملة، كبقية المنافع، ويحمل الحديث على ما إذا قلعها
متفرقة، أو قلع دون العشرين. وشرط وجوب ما تقدم أن تكون قد قلعت ممن قد أثغر، وهو الذي قد سقطت رواضعه، فأما سن الصبي الذي لم يثغر فهل يجب فيها ما يجب في سن من أثغر، لعموم الحديث، وهو اختيار أبي الخطاب، وأبي محمد، أو لا يجب إلا حكومة وهو اختيار القاضي، ويحتمله كلام الخرقي، لعدم مساواتها لسن الكبير، وذلك يقتضي أن ينقص عنها؟ على روايتين، (وشرط الوجوب) في سن الصغير وغيره عدم عود مثلها، فلو نبت مثل السن في محلها فلا شيء له، حتى لو كان قد أخذ الدية أخذت منه، كالشعر إذا نبت، نعم لو عادت قصيرة أو متغيرة فله الأرش، (ويشترط) أيضا لوجوب أخذ الدية الإياس من عودها، فإن رجي عودها لم تجب ديتها، والمرجع في ذلك إلى قول أهل الخبرة، قاله أبو البركات (وعن أحمد) أنه قيد ذلك في سن الصغير بسنة، فإذا مضت وجبت الدية، وقال القاضي: إذا سقطت أخواتها ولم تعد هي أخذت الدية وهو حسن، وإنما وقع لأحمد والقاضي التقييد في الصغير دون غيره لأن الغالب أن سن الكبير لا يرجى عودها، فلا انتظار.
تنبيهان (أحدهما) لو مات من قلعت سنه في مدة الانتظار فهل تجب دية السن لوجود سبب الدية. . . والأصل عدم العود، أو لا تجب، لاحتمال العود، والأصل براءة الذمة؟ فيه قولان،
وأبو محمد يخصهما بسن الصغير، لأن الانتظار عنده إنما هو فيه.
(والثاني) تجب دية السن فيما ظهر منها من اللثة، لأن ذلك هو المسمى بها سنا، وما في اللثة يسمى سنخا، ولو قلعها ابتداء بسنخها لم يجب فيها أكثر من الدية.
قال: والأضراس والأنياب كالأسنان.
ش: أي يجب فيهم ما يجب في الأسنان، وذلك لما تقدم.
3005 -
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الأسنان سواء الثنية والضرس سواء» رواه ابن ماجه وهو نص، وقد تقدم لنا قويل أن في كل ضرس بعيرين ولا عمل عليه.
قال: وفي الثديين الدية سواء كان من رجل أو امرأة.
ش: لأنهما مما في الإنسان منه شيئان، وقد تقدم أن كل ما في الإنسان منه شيئان فيه الدية، ولأن في ثدي المرأة جمالا ونفعا، أشبها اليدين وفي ثندوتي الرجل جمالا كاملا، أشبها أذني الأصم، وعلى هذا في أحدهما نصفها.
قال: وفي الأليتين الدية. . .
ش: لما تقدم، قال ابن المنذر: كل من نحفظ عنه من أهل
العلم يقولون في الأليتين الدية، ولأن فيهما جمالا ومنفعة، لأنه يجلس عليهما كالوسادتين، فأشبها اليدين، وفي إحداهما نصفها لما تقدم.
قال: وفي الذكر الدية.
ش: لحديث عمرو بن حزم وقد تقدم، مع أنه إجماع والحمد لله، ولا فرق بين ذكر الكبير والصغير، وإن لم يقدر أن يجامع به، لعموم الحديث، مع صلاحيته لذلك، وعموم كلام الخرقي يدخل فيه ذكر العنِّين والخصي، والذكر الأشل، ولا نزاع فيما نعلمه أن الذكر الأشل لا تكمل فيه الدية، وإنما الواجب فيه هل هو حكومة أو ثلث ديته؟ على روايتين يأتي توجيههما في اليد الشلاء أما ذكر الخصي والعنين ففيهما ثلاث روايات، (إحداها) وهي المشهورة حكمها حكم الذكر الأشل، لأن منفعة الذكر الإنزال والإحبال، وذلك مفقود فيهما.
(والثانية) فيهما كمال الدية، لعموم الحديث، ولأنه عضو سليم في نفسه، فكملت ديته كذكر الشيخ.
(والثالثة) يجب الكمال في ذكر العنين، لأنه غير مأيوس من الإنزال به والإحبال، بخلاف ذكر الخصي.
(تنبيه) ينبني على الخلاف السابق في ذكر الخصي إذا قطع الذكر والخصيتين معا، أو الخصيتين ثم قطع الذكر، وجبت
ديتان بلا ريب، ولو قطع الخصيتين أولا، ثم قطع الذكر، وجبت دية الخصيتين، وفي الذكر روايتان، إحداهما دية، والأخرى حكومة أو ثلث ديته، على اختلاف الروايتين في الواجب فيه إذا لم يجب فيه كمال الدية.
قال: وفي اليدين الدية.
ش: هذا إجماع والحمد لله، وقد شهد له حديث عمرو بن حزم، وفي إحداهما نصفها، وقد شمل كلامه اليد الشلاء والزائدة، وسيأتي الكلام على اليد الشلاء إن شاء الله تعالى، وحكم اليد الزائدة حكمها، وتجب الدية في قطعها من الكوع إذ اليد إذا أطلقت في الغالب أريد بها ذلك، بدليل التيمم، وقطع السارق، وغسل اليدين إذا قام من نوم الليل، فإن قطهما من فوق ذلك فهل في الزائد حكومة، وهو اختيار القاضي فيما حكاه عنه أبو محمد، وأبو الخطاب، كما لو قطعه بعد قطعها من الكوع، أولا تجب، وهو منصوص أحمد في رواية أبي طالب، وقول القاضي في الجامع؟ على قولين، لأن اليد في الأصل اسم لليد إلى المنكب، مع أن الأصل براءة الذمة. وفي إحداهما نصفها إلا على رواية ضعيفة، وهو إذا لم تكن له إلا يد واحدة ففيها دية كاملة، كعين الأعور، وعلى
هذه لو قطع يد من له يدان لم تقطع يده، بل يكون عليه دية كاملة.
قال: وفي الرجلين الدية.
ش: هذا أيضا إجماع والحمد لله، وحديث عمرو بن حزم يدل عليه، وكلامه يشمل رجل الأعرج، وهو المذهب، لأن العرج لمعنى في غير القدم، وعن أبي بكر: فيها ثلث الدية كاليد الشلاء، ويستثنى من عموم كلامه الرجل الشلاء فإن حكمها حكم اليد الشلاء، وسيأتي إن شاء الله تعالى، وتجب دية الرجل في قطعها من الكعب، فإن قطعها من فوق ذلك فقولان، كما تقدم في قطع اليد، وحكم قطع إحداهما حكم قطع إحدى اليدين.
قال: وفي كل إصبع من اليد والرجل عشر من الإبل.
ش: لما تقدم من حديث عمرو بن حزم، وعمرو بن شعيب.
3006 -
وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «هذه وهذه سواء» . . . يعني الخنصر والإبهام رواه الجماعة إلا مسلما، وللترمذي وصححه:«أصابع اليدين والرجلين سواء، عشر من الإبل لكل أصبع» ويستثنى من كلامه الإصبع الزائدة، فإن فيها ثلث ديتها، أو حكومة، على اختلاف
الروايتين، والله أعلم.
قال: وفي كل أنملة منها ثلث عقلها، إلا الإبهام فإنها مفصلان، ففي كل مفصل خمس من الإبل.
ش: في كل أنملة من الأصابع ثلث عقل الإصبع لأن كل إصبع فيه ثلاث أنامل، فديته مقسومة عليها، إلا الإبهام فإنها مفصلان، فتقسم دية الإصبع عليهما، فيجب في كل مفصل نصف ديته، وهو خمس من الإبل.
قال: وفي البطن إذا ضرب فلم يستمسك الغائط الدية، وفي المثانة إذا لم يستمسك البول الدية.
ش: لأن كل واحد من هذين العضوين فيه منفعة ليس في البدن مثله، فوجب في تفويت منفعته دية كاملة، كسائر الأعضاء، وحكى ابن أبي موسى رواية في المثانة أن فيها ثلث الدية، والله أعلم.
قال: وفي ذهاب العقل الدية.
3007 -
ش: لأن ذلك يروى عن عمر وزيد رضي الله عنهما، ولأن به يتميز من البهائم، ويعرف به حقائق المعلومات، ويدخل به في التكليف، وهو شرط في ثبوت الولايات، وصحة التصرفات، وأداء العبادات، فكان بإيجاب الدية أحق من
بقية الحواس، وقد ادعى أبو محمد أن في كتاب عمرو بن حزم «وفي العقل الدية» ، ولم أر ذلك، والله أعلم.
قال: وفي اليد الشلاء ثلث ديتها، وكذلك العين القائمة، والسن السوداء.
ش: هذا إحدى الروايتين عن إمامنا، واختيار عامة أصحابنا.
3008 -
لما روي عن عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في العين العوراء السادة لمكانها إذا طمست بثلث ديتها، وفي اليد الشلاء إذا قطعت بثلث ديتها، وفي السن السوداء إذا نزعت بثلث ديتها» ؛ رواه النسائي، ولأبي داود منه:«قضى في العين القائمة السادة لمكانها بثلث الدية» .
3009 -
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قضى في العين القائمة إذا خسفت، واليد الشلاء إذا قطعت، والسن السوداء، إذا كسرت ثلث دية كل واحدة منهن. (والرواية الثانية) في جميع ذلك حكومة، ولعله قال ذلك قبل أن يبلغه الخبر، أو قبل أن يثبت عنده، وإذا لا مقدر في ذلك، ولا يمكن إيجاب الدية فيه كاملة، لذهاب نفعه، فيجب فيه حكومة.
تنبيهان: (أحدهما) العين القائمة هي الباقية في موضعها صحيحة، وإنما ذهب نظرها وإبصارها، واليد الشلاء التي بطلت لآفة تعتريها، ومن ثم قال القاضي: الروايتان في السن السوداء التي ذهب نفعها، أما إن لم يذهب نفعها بالكلية، ففيها ديتها كاملة، وخالفه أبو محمد عملا بإطلاق أحمد، وبظاهر الحديث.
(الثاني) : الروايتان السابقتان جاريتان في الرجل الشلاء، والإصبع الشلاء، والذكر الأشل، والثدي الأشل، ولسان الأخرس، ولسان الصبي الذي أتى عليه أن يحركه بالبكاء ولم يحركه، والثدي دون حلمته، والذكر دون حشفته، والكف دون أصابعه، وقصبة الأنف، واليد والإصبع، والرجل والسن الزوائد [وذكر الخصي والعنين على رواية، إلا أن المختار لأبي محمد في اليد والأصبع والرجل والسن الزوائد] أن فيها حكومة، وكذلك مختاره في الذكر، دون حشفته، والكف دون أصابعه، والخرقي رحمه الله اقتصر على ما تقدم، إما لورود النص فيها دون غيرها، وإما لأن مختاره وجوب الحكومة فيما عداها. واعلم أن أبا محمد جعل من صور الخلاف هنا شحمة الأذن، وكلامه في المغني في هذا الموضع يقتضي أن مختاره أن فيها حكومة، ولما تكلم في قطع الأذن، وأن في بعضها بالحساب من ديتها، قال: إنه روي عن أحمد أن في شحمة
الأذن ثلث ديتها، وأن المذهب الأول، وعلى هذا الثاني جرى أبو البركات، ولم يحك رواية الحكومة.
قال: وفي إسكتي المرأة الدية.
ش: الإسكتان بكسر الهمزة وفتحها شفرا الرحم، وقيل جانباه مما يلي شفريه، وفيهما الدية، لأن فيها جمالا ومنفعة، وليس في البدن غيرهما من جنسهما، فوجبت فيهما الدية كسائر ما في البدن منه شيئان، والله أعلم.
قال: وفي موضحة الحر خمس من الإبل.
ش: لما تقدم في حديث عمرو بن حزم.
3010 -
وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«في الموضحة خمس من الإبل» رواه الخمسة. وقوله: في موضحة الحر. يحترز به عن موضحة العبد، فإن فيها نصف عشر قيمته أو ما نقص من قيمته، على اختلاف الروايتين والله أعلم.
قال: سواء كان رجلا أو امرأة.
ش: أي سواء كان المجني عليه رجلا أو امرأة، لعموم الحديث، ولما تقدم من أن جراحها تساوي جراح الرجل إلى الثلث، ونص الخرقي على ذلك لينبه على مذهب الشافعي