الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(تنبيه)(ينزو الشيطان) أي يثب (في عميا) أي جهالة و (في غير ضغينة) أي ذنب أي يثير الشيطان فتنة بين قوم، فيقتل إنسان، ولا يعرف من قتله في غير ذنب، والله أعلم.
[القتل العمد وموجبه]
قال: فالعمد أن يضربه بحديدة، أو خشبة كبيرة فوق عمود الفسطاط، أو حجر كبير الغالب أن يقتل مثله، أو أعاد الضرب بخشبة صغيرة، أو فعل به فعلا الغالب أنه يتلف.
ش: لما ذكر الخرقي أن القتل يقع على ثلاثة أوجه، أراد أن
يعرف كل واحد منها، فعرف العمد بما ملخصه أن يقصد ضربه بمحدد، أو شيء الغالب أنه يتلف.
فقوله: ما إذا ضربه بحديدة، أي ما إذا قصد ضربه بحديدة فجرحه، وفي معنى ذلك كل محدد من حجر أو غيره، وقوله: أو خشبة كبيرة فوق عمود الفسطاط. . . الفسطاط هنا خيمة صغيرة، وعمودها التي تقوم عليه.
2903 -
وإنما شرط الخرقي في قتل العمد الزيادة على ذلك لما روى المغيرة بن شعبة رضي الله عنه، «أن امرأة ضربتها ضرتها بعمود فسطاط، فقتلتها وهي حبلى، قال: فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم دية المقتولة على عصبة القاتلة، وغرة لما في بطنها، قال: فقال رجل من عصبة القاتلة: أنغرم دية من لا أكل، ولا شرب ولا استهل، فمثل ذلك يطل. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أسجع كسجع الأعراب» قال: وجعل عليهم الدية» . رواه مسلم، ولو كان القتل بذلك عمدا لأوجب فيه القود، ولم يجعل الدية على العاقلة، لأنهم لا يحملون عمدا اتفاقا.
وقوله: أو حجر كبير الغالب أن يقتل مثله، أي في عرف الناس، ولم يقل في ظنه، لاتهامه في ذلك، (وقوله) : أو أعاد الضرب بخشبة صغيرة، أي إعادة تقتل غالبا، وفي معنى ذلك إذا ضربه بخشبة صغيرة في مقتل، أو في حال ضعف قوة من مرض، أو صغر أو كبر، أو حر أو برد، ونحو ذلك،
(وقوله) : أو فعل به فعلا الغالب أنه يتلف. كأن ألقاه في ماء كثير يغرقه عادة، أو في نار لا يمكنه التخلص منها، أو في زبية أسد، أو من شاهق، أو أنهشه كلبا أو سبعا أو حية، أو ألسعه عقربا من القواتل، أو سحره بما يقتل غالبا، أو أطعمه طعاما بسم يقتل مثله غالبا، ونحو ذلك.
(تنبيه) قال ابن الأثير: الفسطاط الخيمة الكبيرة، ولعله يريد باعتبار عرف زمانه، وإن أراد أنه في اللغة كذلك، فهو محمول على ما تقدم، لما مر من الإجماع على أن العاقلة لا تحمل العمد انتهى، وهو فارسي معرب، وفيه ست لغات، فسطاط، وفستاط، وفساط مع ضم الفاء وكسرها فيهن، (واستهل المولود) إذا بكى حين يولد، والاستهلال رفع الصوت، (ويطل) روي بالمثناة من تحت، وروي بالموحدة، فعلى الأول هو من طل دمه إذا هدر، ولم يطلب بثأره، وعلى الثاني هو فعل ماض من البطلان، (والسجع)
تواطؤ الفاصلتين من النثر على حرف واحد، نحو: وهو يطبع الأسجاع بجواهر لفظه، ويقرع الأسماع بزواجر وعظه. والاستفهام لما يتضمنه السجع من الباطل، وكذلك جعله له كسجع الأعراب. وفي رواية: الكهان. أما السجع الخالي من الباطل فليس بمذموم، لوروده في الكتاب العزيز، وفي كلام سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم، نحو:{فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ} [الواقعة: 28]{وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ} [الواقعة: 29]{وَظِلٍّ مَمْدُودٍ} [الواقعة: 30]{مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا} [نوح: 13]{وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا} [نوح: 14] قال بعضهم: لا يقال في القرآن أسجاع، وإنما يقال فواصل، مستدلا بما تقدم، وقد يقال: إذا كان الإنكار للباطل فيه، فلا تمتنع التسمية، لعدم ورود الإنكار عليها.
قال: ففيه القود.
ش: أي العمد، سواء كان القتل بمحدد أو بغيره، (أما المحدد) فالقود به اتفاق في الجملة، إذا كان الجرح بسكين
ونحوها، جرحا كبيرا، أما إن كان صغيرا، كشرطة الحجام ونحوها، أو غرزة بإبرة أو شوكة، فإن كان في مقتل كالعين والفؤاد فكذلك، إذ مثل ذلك في هذا المحل يقتل غالبا، وكذلك إن كان في غير مقتل لكن بقي متألما حتى مات، لصلاحية السبب، مع أن الأصل عدم غيره، وإذا كان في غير مقتل ومات في الحال فوجهان (أحدهما) - وهو ظاهر كلام الخرقي - أن فيه القود، لأن المحدد له سراية ونفوذ، وقد عضد ذلك موته في الحال، ولهذا قيل فيه إنه لا يعتبر غلبة الظن في حصول القتل به بخلاف غيره، (والثاني) - وهو قول ابن حامد - لا قود بذلك، لأن الظاهر أن الموت ليس منه.
وأما إذا كان بغيره فكذلك عندنا وعند الجمهور، ولإطلاق {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} [البقرة: 178] {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا} [الإسراء: 33]«من قتل له قتيل فهو بخير النظرين، إما أن يقتل، وإما أن يفدي» ونحو ذلك.
2904 -
ولخصوص ما روى أنس بن مالك رضي الله عنه «أن يهوديا رض رأس جارية بين حجرين، فأخذ اليهودي فأقر، فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرض رأسه بالحجارة، وقال همام: بحجرين» .
متفق عليه. وللبخاري: قتلها على أوضاح لها. ولا يقال: قتله
لنقض العهد، لأنه إذا كان يقتله بالسيف، ولما قتله بالرض بالحجارة دل على إرادة المماثلة، المدلول عليها بقوله سبحانه؛ {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194] .
2905 -
وما روي من قول النبي صلى الله عليه وسلم: «ألا وإن في قتيل خطأ العمد بالسوط والعصا والحجر مائة من الإبل» فمحمول على حجر