الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على ذلك في شرح الكتاب، والله أعلم.
[حكم ما كان مأواه البحر وهو يعيش في البر فمات]
قال: وما كان مأواه البحر وهو يعيش في البر، لم يؤكل إذا مات في بر أو بحر.
ش: وذلك ككلب الماء وطيره والسلحفاة ونحو ذلك، لأنه حيوان له نفس سائلة، يعيش في البر، فأشبه بهيمة الأنعام، ولمفهوم:«أحل لنا ميتتان» ، وسيأتي، وهذا إحدى الروايتين عن أحمد، واختيار عامة الأصحاب.
(والرواية الثانية) - وعن بعض الأصحاب أنه صححها - أنه يحل ميتة كل بحري، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في البحر:«هو الطهور ماؤه، الحل ميتته» . وهو حديث صحيح، تقدم الكلام عليه في أول الكتاب، قال أحمد: هذا خير من مائة حديث. وهو شامل لكل ما مات في البحر.
3585 -
وعن شريح من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله ذبح ما في البحر لبني آدم» . رواه الدارقطني، وذكره البخاري عن شريح موقوفا.
3586 -
وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: كل ما في
البحر قد ذكاه الله تعالى لكم. واستثنى أبو محمد في المغني السرطان، فأباحه من غير ذكاة، معللا بأن مقصود الذبح إخراج الدم، وتطييب اللحم بإزالته عنه، والسرطان لا دم فيه، فلا حاجة إلى ذبحه، وظاهر كلامه في المقنع الصغير وغيره من الأصحاب جريان الخلاف فيه.
وظاهر كلام أبي محمد أيضا استثناء الطير، وأن شرط حله الذكاة بلا خلاف، لأنه جعله أصلا قاس عليه، وقال: لا خلاف فيه فيما علمناه.
ومفهوم كلام الخرقي أن ما لا يعيش إلا في البحر تباح ميتته، ويحل بلا ذكاة، وهو يشمل شيئين (أحدهما) السمك، ولا نزاع في حل ميتته ما عدا الطافي، على ما تقدم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«أحل لنا ميتتان ودمان، فالميتتان: الحوت والجراد، والدمان: الكبد والطحال» . وغير الحوت مما يسمى سمكا في معناه، مع ما تقدم من قول النبي صلى الله عليه وسلم في البحر:«هو الطهور ماؤه، الحل ميتته» . وغير ذلك.
(الثاني) : ما عدا السمك مما لا يعيش إلا في البحر، وفيه روايتان. (إحداهما) - وبها قطع أبو محمد في كتبه، بل قال في كتابه الكبير: لا نعلم فيه
خلافا. وهي ظاهر كلام الخرقي - أنه يحل بلا ذكاة، لحديثي أبي هريرة وشريح.
3587 -
(والرواية الثانية) - وهي ظاهر اختيار جماعة من الأصحاب -: لا يحل شيء من ذلك إلا بالذكاة، نظرا لتخصيص حديثي أبي هريرة وشريح بمفهوم:«أحل لنا ميتتان: الحوت والجراد» . فإن التخصيص بالحوت يدل على نفي الحكم عما عداه، وإنما ألحق بالحوت ما يسمى سمكا بقياس أن لا فارق، وقد يمنع صاحب الرواية الأولى هذا المفهوم، لأنه مفهوم لقب وهو غير حجة، ولو قيل بحجيته فلا يقاوم عموم ما تقدم.
ولصاحب الرواية الثانية أن يقول: حديثا أبي هريرة وشريح قد دخلهما التخصيص باتفاقنا بما يعيش في البر، فالتخصيص بمفهوم الحديث في الصورتين، أولى من إخراج إحدى الصورتين بقياس يعارضه العموم مع أنه طردي.