الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[دعوة عبدة الأوثان قبل أن يحاربوا]
قال: وتدعى عبدة الأوثان قبل أن يحاربوا.
3313 -
ش: لما «روى ابن عباس رضي الله عنهما قال: ما قاتل رسول الله صلى الله عليه وسلم قوما قط إلا دعاهم» . رواه أحمد.
3314 -
ولمسلم وغيره «من حديث بريدة قال: «إذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال أو ثلاث خلال، فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم فادعهم إلى الإسلام، فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم» وذكر الحديث إلى آخره.
3315 -
وعن أنس رضي الله عنه «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى كسرى وقيصر، وإلى النجاشي، وإلى كل جبار يدعوهم
إلى الله تعالى» . رواه مسلم وليس هذا بالنجاشي الذي صلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم وهذا من الخرقي رحمه الله خرج على الغالب، إذ لو كان في عبدة الأوثان من بلغته الدعوة لجاز قتالهم من غير دعوة، ولو كان في أهل الكتاب ونحوهم من لم تبلغه الدعوة لدعوا قبل القتال، فالحكم منوط بالبلوغ وعدمه. قال أحمد: الدعوة قد بلغت وانتشرت، ولكن إن جاز أن يكون قوم خلف الروم وخلف الترك على هذه الصفة، لم يجز قتالهم قبل الدعوة، وعن أحمد ما يدل على أن اليوم لا يجب أن يدعى أحد، وأن الدعاء كان في ابتداء الإسلام.
قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو إلى الإسلام قبل أن يحارب، حتى أظهر الله الدين وعلا الإسلام. ولا أعرف اليوم أحدا يدعى، قد بلغت الدعوة كل أحد، والروم قد بلغتهم الدعوة، وعلموا ما يراد منهم، وإنما كانت الدعوة في أول الإسلام، وإن دعا فلا بأس. وعلى هذا حديث
ابن عمر رضي الله عنهما وإذًا تكون الدعوة مستحبة مطلقا.
3316 -
وقد «روى سهل بن سعد أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يوم خيبر قال: «أين علي» ؟ فقيل: إنه يشتكي عينيه فأمر فدعي له فبصق في عينيه فبرئ مكانه حتى كأن لم يكن به شيء، فقال: نقاتلهم حتى يكونوا مثلنا، فقال:«على رسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم، فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم» متفق عليه، وأهل خيبر كانت الدعوة قد بلغتهم.
قال: ويقاتل أهل الكتاب والمجوس حتى يسلموا أو يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون.
ش: أهل الكتاب هم اليهود والنصارى، ومن اتخذ التوراة والإنجيل كتابا، كالسامرة والأفرنج ونحوهم، والمجوس عباد الشمس والقمر، فهؤلاء يقاتلون على أحد شيئين الإسلام أو الجزية. . . وهذا والله أعلم اتفاق، وقد شهد له (أما
في أهل الكتاب) ومن دان بدينهم، فقوله سبحانه وتعالى:{قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29] .
3317 -
وعن ابن شهاب قال: أول من أعطى الجزية من أهل الكتاب أهل نجران وكانوا نصارى. رواه أبو عبيد في الأموال.
3318 -
(وأما في المجوس) فلما «روى بجالة بن عبدة قال: كنت كاتبا لجزء بن معاوية، عم الأحنف بن قيس، فأتى كتاب عمر بن الخطاب رضي الله عنه قبل موته بسنة: فرقوا بين كل ذي رحم محرم من المجوس، ولم يكن عمر رضي الله عنه أخذ الجزية من المجوس حتى شهد عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذها من مجوس هجر» . رواه البخاري وغيره.
3319 -
وعن جعفر بن محمد عن أبيه «، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ذكر المجوس فقال: ما أدري كيف أصنع في
أمرهم؟ فقال عبد الرحمن بن عوف: أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «سنوا بهم سنة أهل الكتاب» رواه مالك في موطئه والشافعي في مسنده.
3320 -
«وعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أنه قال لعامل كسرى: أمرنا نبينا صلى الله عليه وسلم أن نقاتلكم حتى تعبدوا الله وحده، أو تؤدوا الجزية» ، رواه أحمد والبخاري. ومقتضى كلام الخرقي أن المجوس ليسوا أهل كتاب، لعطفهم على أهل الكتاب، والعطف يقتضي المغايرة، وهو كذلك، ويدل عليه قوله: صلى الله عليه وسلم «سنوا بهم سنة أهل الكتاب» فدل على أنهم غيرهم. وقال الله سبحانه: {أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا} [الأنعام: 156] فدل على أن الكتاب إنما أنزل على طائفتين فقط، وهم اليهود والنصارى، ومما يرشح ذلك توقف عمر رضي الله عنه في أخذ الجزية منهم، ولو كان لهم كتاب لما توقف، لدخولهم في الذين أوتوا الكتاب، المأمور بأخذ الجزية منهم.
3321 -
وما يروى عن علي رضي الله عنه أن لهم كتابا، فقال أبو عبيد: لا أحسبه محفوظا، ثم عموم كلام الخرقي يشمل أهل الكتاب والمجوس من العرب وغيرهم، وهو كذلك لما تقدم أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ الجزية من أهل نجران وهم من العرب.
3322 -
وعن أنس رضي الله عنه «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث خالد بن الوليد رضي الله عنه إلى أكيدر دومة، فأخذوه فأتوا به، فحقن له دمه، وصالحه على الجزية» . رواه أبو
داود، وهو عربي من غسان.
3323 -
ولا يغرنك ما روى أبو داود في المراسيل عن الحسن، قال: أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقاتل العرب على الإسلام، ولا يقبل منهم غيره، وأمر أن يقاتل أهل الكتاب على الإسلام، فإن أبوا فالجزية؛ إذ مراسيل الحسن عند أهل العلم بالحديث من أضعفها، وقول الخرقي: حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون. تبع فيه لفظ الآية. قال أبو الخطاب: يمتهنون عند أخذها، ويطال قيامهم، وتجر أيديهم.
قال: ويقاتل من سواهم من الكفار حتى يسلموا.
ش: هذا هو المذهب المعروف، لعموم {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 5] ونحو ذلك. وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله» الحديث،
خرج من ذلك أهل الكتاب والمجوس بالآية الكريمة وبالحديث، فيبقى فيما عداه على العموم، ثم في قول النبي صلى الله عليه وسلم:«سنوا بهم سنة أهل الكتاب» دليل على أن أهل الكتاب هم المختصون ببذل الجزية وإلا فليس للتخصيص فائدة. ومما يرشح ذلك أيضا توقف عمر رضي الله عنه فيهم حتى أخبره عبد الرحمن بما أخبره، ولو جاز أخذ الجزية من كل كافر لم يكن لتوقفه معنى. (وعن أحمد) رواية أخرى: يقبل من جميع الكفار، إلا عبدة الأوثان من العرب، لأنهم يقرون على دينهم بالاسترقاق، فأقروا بالجزية كالمجوس. وقد دخل في كلام الخرقي أهل الصحف، كصحف إبراهيم وشيث ونحو ذلك، وهو المذهب بلا ريب، لعدم دخولهم في الكتاب إذا أطلق، ولهذا قال سبحانه:{أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا} [الأنعام: 156] الآية، ولأنها مواعظ، لا أحكام فيها، وقيل: يقر أهلها بالجزية، لأنه يصدق أنه نزل لهم كتاب.
قال: وواجب على الناس إذا جاء العدو أن ينفروا.
ش: هذا أحد الصور الثلاث التي يتعين الجهاد فيها، وهو ما إذا نزل العدو بالبلد، وقد تقدم ذلك، والدليل عليه، ونزيد هنا بأنه لا يجوز لأحد التخلف إلا من يحتاج إليه لحفظ البلد، ومن يمنعه الأمير من الخروج، أو من لا قدرة له على الخروج أو القتال، ونحو ذلك.
قال: المقل منهم والمكثر.
ش: يعني أن العدو إذا نزل بالبلد وجب على كل أحد الخروج إليه، سواء كان غنيا يقدر على الزاد، أو فقيرا لا يقدر على ذلك، إذ العدو نازل على البلد، فلا حاجة إلى ذلك، فإن كان قريبا من البلد دون مسافة القصر اشترط الزاد، ولم تشترط الراحلة.
قال: ولا يخرجون إلى العدو إلا بإذن الأمير، إلا أن يفجأهم عدو غالب يخافون كلبه، فلا يمكنهم أن يستأذنوه.
ش: لا يجوز الخروج إلى العدو إلا بإذن الأمير، إذ أمر الحرب موكول إليه، وهو أعلم بكثرة العدو وقلته ومكامنه، فاتبع رأيه في ذلك، إلا أن يتعذر استئذانه، كطلوع عدو غالب عليهم بغتة، ويخافون شره إن استأذنوه فإن إذنه إذًا يسقط، ارتكابا لأدنى المفسدتين لدفع أعلاهما.
3324 -
«وقد أغار الكفار على لقاح النبي صلى الله عليه وسلم فصادفهم سلمة