الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[كتاب الأشربة وغيرها] [
حد الشرب]
قال: ومن شرب مسكرا قل أو كثر جلد ثمانين جلدة، إذا شربها مختارا لشربها، وهو يعلم أن كثيرها يسكر.
ش: تحريم الخمر إجماع أو كالإجماع، وقد شهد لذلك من الكتاب قَوْله تَعَالَى:{إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة: 90]{إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [المائدة: 91] .
3206 -
قال بعض المفسرين: نزل في الخمر أربع آيات، نزلت بمكة:{وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا} [النحل: 67] فكان المسلمون يشربونها وهي حلال لهم، ثم «إن عمر ومعاذا ونفرا من الصحابة قالوا: يا رسول الله أفتنا في الخمر، فإنها مذهبة للعقل، مسلبة للمال. فنزلت {فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} [البقرة: 219] فشربها قوم وتركها آخرون، ثم دعا عبد الرحمن ناسا منهم فشربوا وسكروا، فأم بعضهم فقرأ:(قل يا أيها الكافرون، أعبد ما تعبدون)
فنزلت: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} [النساء: 43] . فقل من يشربها، ثم دعا عتبان بن مالك قوما فيهم سعد بن أبي وقاص، فلما سكروا افتخروا وتناشدوا، حتى أنشد سعد شعرا فيه هجاء للأنصار، فضربه أنصاري بلحي بعير فشجه موضحة، فشكى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عمر رضي الله عنه: اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا، فنزلت:{إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ} [المائدة: 90] إلى قوله: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [المائدة: 91] فقال عمر رضي الله عنه: انتهينا يا رب» .
3207 -
وفي السنن قريب من ذلك، فعن عمر رضي الله عنه أنه قال: اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا، فنزلت التي في البقرة {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} [البقرة: 219] الآية، فدعي عمر فقرئت عليه، فقال: اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا، فنزلت التي في النساء:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} [النساء: 43] الآية، فدعي عمر فقرئت عليه فقال: اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا، فنزلت التي في المائدة:{إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ} [المائدة: 91] إلى قوله: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [المائدة: 91] فدعي عمر فقرئت عليه، فقال: انتهينا انتهينا. رواه أبو داود والترمذي والنسائي.
قال بعض العلماء: والتحريم في الآية من نحو عشرة أوجه، تسميتها رجسا وهو المستقذر، وجعلها من عمل الشيطان، والأمر باجتنابها، وجعل الفلاح مرتبا على اجتنابها، فمن لم يجتنبها لا يفلح، وجعلها توقع العداوة والبغضاء، وتصد عن ذكر الله، وعن الصلاة، ثم طلب الانتهاء عنها بقوله سبحانه:{فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [المائدة: 91] أي: جدير وحقيق أن ينتهي عن شيء جمع هذه الأوصاف.
وورد في تحريمها من السنة ما يبلغ مجموعه التواتر.
3208 -
فعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كل شراب أسكر فهو حرام» .
3209 -
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام» رواهما الجماعة.
وفي رواية لمسلم: «ومن شرب الخمر في الدنيا، ومات وهو يدمنها لم يتب منها، لم يشربها في الآخرة» .
3210 -
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كل مخمر خمر، وكل مسكر حرام، ومن شرب مسكرا بخست صلاته أربعين صباحا، فإن تاب تاب الله عليه، فإن عاد الرابعة كان حقا على الله أن يسقيه من طينة الخبال» . قيل: وما طينة الخبال يا رسول الله؟ قال: «صديد أهل النار» .
3211 -
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لعن الله الخمر، وشاربها، وساقيها، وبائعها، ومبتاعها، وعاصرها، ومعتصرها، وحاملها، والمحمولة إليه» رواهما أبو داود.
والأخبار في ذلك كثيرة جدا، وسيمر بك إن شاء الله تعالى طرف منها وبالغ الصحابة رضي الله عنهم في تحريمها والمباعدة منها.
3212 -
فعن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: اجتنبوا الخمر؛ فإنها أم الخبائث، إنه كان رجل ممن خلا قبلكم يتعبد، فلقيته امرأة أغوته، فأرسلت إليه جاريتها فقالت: إنها تدعوك لشهادة، فانطلق مع جاريتها، فطفق كلما دخل بابا أغلقته دونه، حتى أفضى إلى امرأة وضيئة، عندها غلام وباطية خمر، فقالت: والله ما دعوتك للشهادة، ولكن دعوتك لتقع علي، أو تشرب من هذه الخمر كأسا، أو تقتل هذا الغلام. قال: فأسقيني من هذا الخمر كأسا، فسقته كأسا، فقال: زيدوني. فلم يرم حتى وقع عليها وقتل الغلام، فاجتنبوا الخمر، فإنها والله لا يجتمع الإيمان وإدمان الخمر. . إلا يوشك أن يخرج أحدهما صاحبه. . رواه النسائي.
3213 -
وعن علي رضي الله عنه قال: لو بني مكانها منارة لم أؤذن عليها، ولو نبت مكانها كلأ لم أرعه.
3214 -
وما روي عن بعض الصحابة كقدامة بن مظعون، وعمرو بن معدي كرب، وأبي جندل بن سهيل، أنهم قالوا: إنها حلال تمسكا بقوله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ} [المائدة: 93] الآية، فتأويل منهم أخطئوا فيه، فبين لهم علماء الصحابة معنى الآية، وحدهم عمر رضي الله عنه لشربها، فقيل إنهم رجعوا عن قولهم.
3215 -
وقد قال البراء رضي الله عنه في هذه الآية قال: مات رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن تحرم الخمر، فلما حرمت قال رجال: كيف بأصحابنا وقد ماتوا يشربون الخمر؟ فنزلت: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [المائدة: 93] .
3216 -
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قالوا: يا رسول الله أرأيت الذين ماتوا وهم يشربون الخمر لما نزل تحريم الخمر؟ فنزلت: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ} [المائدة: 93] الآية، رواهما الترمذي.
3217 -
وفي الصحيحين من حديث أنس رضي الله عنه في قصة تحريم الخمر قال: فقال بعض القوم: قد قتل قوم وهي في بطونهم، فأنزل الله تعالى:{لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} [المائدة: 93] .
إذا تقرر هذا، فالاتفاق أيضا على حد شاربها في الجملة، واختلف في مقداره، وعن إمامنا رضي الله عنه في ذلك روايتان:(إحداهما) : أن مقداره ثمانون. اختارها الخرقي، وابن عقيل في التذكرة، والشيرازي وغيرهم.
3218 -
لما روى ثور بن زيد الديلي أن عمر رضي الله عنه استشار في حد الخمر، فقال له علي رضي الله عنه: أرى أنه يجلد ثمانين جلدة، فإنه إذا شرب سكر، وإذا سكر هذى، وإذا هذى افترى؛ فجلد عمر رضي الله عنه في حد الخمر ثمانين. . رواه مالك في الموطأ والدارقطني.
3219 -
وفي الصحيح أن عمر رضي الله عنه استشار الناس، فقال عبد الرحمن رضي الله عنه: أخف الحدود ثمانون. فأمر به عمر رضي الله عنه. وهذا كالإجماع من الصحابة رضي الله عنهم على الجلد ثمانين.
الرواية الثانية، وهي اختيار أبي بكر: قدره أربعون.
3220 -
لما روى أنس رضي الله عنه «أن النبي صلى الله عليه وسلم ضرب في الخمر بالجريد والنعال، وجلد أبو بكر أربعين. وفي رواية: أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي برجل شرب الخمر فجلده بجريد نحو أربعين. قال: وفعله أبو بكر رضي الله عنه، فلما كان
عمر رضي الله عنه استشار الناس، فقال عبد الرحمن أخف الحدود ثمانون، فأمر به عمر رضي الله عنه» . متفق عليه.
3221 -
وفي صحيح مسلم وسنن أبي داود عن حضين بن المنذر، قال: شهدت عثمان بن عفان رضي الله عنه أتي بالوليد قد صلى الصبح، ثم قال: أزيدكم؟ فشهد عليه رجلان؛ أحدهما حمران أنه شرب الخمر، وشهد آخر أنه رآه يتقيأها. فقال عثمان رضي الله عنه: إنه لم يتقيأها حتى شربها، فقال: يا علي قم فاجلده. فقال علي رضي الله عنه: قم يا حسن فاجلده، فقال الحسن رضي الله عنه: ولّ حارها من تولى قارها؛ فكأنه وجد عليه. فقال: يا عبد الله بن جعفر قم فاجلده؛ فجلده، وعلي رضي الله عنه يعد حتى بلغ أربعين. فقال: أمسك ثم قال: «جلد النبي صلى الله عليه وسلم أربعين» ، وأبو بكر رضي الله عنه أربعين، وعمر رضي الله عنه ثمانين، وكل سنة، وهذا أحب إلي. ورواه أبو داود أيضا مختصرا قال: فقال علي رضي الله عنه: «جلد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخمر» وأبو بكر رضي الله عنه أربعين، وكملها عمر رضي الله عنه ثمانين، وكل سنة. وفعل كل أحد بل وقوله المخالف لفعل رسول الله -
- صلى الله عليه وسلم ملغى، واعلم أن عامة الأصحاب يحكون الروايتين كما تقدم، وأبو العباس يحكي الرواية الثانية أن الواجب أربعون، وأن الزيادة على الأربعين يفعلها الإمام عند الحاجة، إذا أدمن الناس الخمر. أو كان الشارب لا يرتدع بدونها، قال: وهذا أوجه القولين. قلت: ولا ريب أن هذا القول هو الذي يقوم عليه الدليل؛ إذ النبي صلى الله عليه وسلم ضرب نحوا من أربعين، ولم يوقت فيه مقدارا معينا.
3222 -
قال علي رضي الله عنه: ما كنت لأقيم على أحد حدا فيموت فأجد في نفسي شيئا، إلا صاحب الخمر، فإنه لو مات وديته، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يسنه، متفق عليه.
وفي رواية أبي داود: فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يسن فيه شيئا، إنما هو شيء قلناه نحن.
3223 -
وعن ابن عباس رضي الله عنهما «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يوقت في الخمر حدا» ، رواه أبو داود.
وإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يوقت فيه قدرا معينا، وضرب نحوا من أربعين، وجب اتباع فعله، وكذلك فعل أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وعمر رضي الله عنه في صدر خلافته. ولما رأى رضي الله عنه عتو الناس وازديادهم؛ ضرب ثمانين.
3224 -
قال السائب بن يزيد رضي الله عنه: كنا نؤتى بالشارب على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فإمرة أبي بكر رضي الله عنه وصدر من خلافة عمر رضي الله عنه، فنقوم إليه بأيدينا ونعالنا وأرديتنا، حتى كان آخر إمرة عمر، فجلد أربعين، حتى إذا عتوا، وفشوا؛ جلد ثمانين. . رواه البخاري، ووافقه الصحابة على ذلك، بل وأشاروا عليه كما تقدم.
3225 -
ولما كان عثمان رضي الله عنه جلد الحدين كليهما ثمانين وأربعين كما في أبي داود، وعلي رضي الله عنه -
جلد أربعين، وقال: إن الكل سنة. وقد جاء عن عمر رضي الله عنه أنه زاد فيه النفي وحلق الرأس لما كثر الشرب، مبالغة في الزجر. وهذا كله يدل على جواز الزيادة على الأربعين. اهـ.
وقول الخرقي: (ومن) ، يدخل فيه الرجل والمرأة، والحر والعبد، وسيأتي الكلام على العبد، والمسلم والكافر، ولا يخلو الكافر إما أن يكون ملتزما أو غير ملتزم، فغير الملتزم كالحربي لا حد عليه، والملتزم كالذمي والمستأمن فيه روايتان، أصحهما عند أبي محمد وأبي الخطاب في الهداية: لا حد عليه؛ لأنا صالحناهم على أن لا نتعرض لهم فيما لا ضرر علينا فيه.
(والثانية) : عليه الحد، لأنه مكلف، فجرى عليه الحد كالمسلم. وقد تنبني الروايتان على تكليفهم بالفروع، لكن المذهب ثم قطعا تكليفهم بها.
واختار أبو البركات هنا أنه إن سكر؛ حد، وإلا فلا، إناطة باعتقاده التحريم وعدمه.
وقوله (شرب) خرج على الغالب، وكذلك الحكم لو ثرد الخمر أو اصطبغ به، أو لت به سويقا، أو خلطه بطعام فأكله أو
استعط به، أو احتقن به، نص أحمد على أكثر ذلك، وأومأ إلى بقيتها، وكذلك إن طبخ به لحما فأكل من مرقته، قاله أبو محمد. أما إن عجن به دقيقا وخبزه فإنه لا يحد بأكله، لأن النار أكلت أجزاء الخمر، ولم يبق إلا أثره. وكذلك مختار أبي محمد في الاحتقان، كما لو داوى به جرحه، وكلامه يوهم أن ذلك رواية، ووقع في كلام أحمد أنه لو تمضمض به وجب الحد.
فقال في رواية بكر بن محمد عن أبيه في الرجل يستعط بالخمر، أو يحتقن به، أو يتمضمض أرى عليه الحد، فهم يقولون: لو أن رجلا لت سويقا بخمر، أو صب على خمر ماء كثيرا، ثم شربه؛ لم يحد، ذكر هذا النص القاضي في التعليق، وهو محمول على أن المضمضة وصلت إلى حلقه.
قال ابن حمدان في الكبرى: وكذا قيل في المضمضة به، يعني يحد. قال: وهو بعيد. اهـ.
وقوله: مسكرا قل أو كثر، يخرج به غير المسكر، وهو واضح، ويعم كل مسكر وإن قل ولم يسكر به. وهذا مذهبنا لما تقدم من حديث عائشة رضي الله عنها:«كل شراب أسكر فهو حرام» وحديث ابن عمر
- رضي الله عنهما: «كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام» ، وحديث ابن عباس:«كل مخمر خمر، وكل مسكر حرام» وإذا كان كل مسكر خمرا فقد دخل في آية التحريم، مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم نص على تحريمه.
3226 -
ودخل في وجوب الحد، بقوله عليه السلام:«من شرب الخمر فاجلدوه» ، رواه أبو داود والترمذي وغيرهما من رواية معاوية وابن عمر وأبي هريرة وغيرهم رضي الله عنهم.
3227 -
وعن جابر رضي الله عنه «أن رجلا قدم من جيشان، وجيشان من اليمن، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شراب يشربونه بأرضهم من الذرة، يقال له المزر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أومسكر هو» ؟ قال: نعم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«كل مسكر حرام، وإن الله عهد لمن يشرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال» . قالوا: يا رسول الله، وما طينة الخبال؟ قال:«عرق أهل النار، أو عصارة أهل النار» رواه مسلم والنسائي.
3228 -
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر آية الخمر، فقال رجل: يا رسول الله أرأيت المزر؟ قال: «وما المزر» ؟ قال: حبة تصنع باليمن، قال:«تسكر» ؟ قال: نعم، قال:«كل مسكر حرام» . وفي رواية قال: «المسكر قليله وكثيره حرام» .
3229 -
وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أنهاكم عن قليل ما أسكر وكثيره» ، رواه النسائي.
3230 -
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: «سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البتع، وهو نبيذ العسل، وكان أهل اليمن يشربونه، فقال: «كل شراب أسكر فهو حرام» متفق عليه.
3231 -
وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما أسكر كثيره؛ فقليله حرام» .
3232 -
وعن عائشة رضي الله عنها أيضا قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كل مسكر حرام، وما أسكر الفرق منه فملء الكف منه حرام» . رواهما أبو داود والترمذي.
والأحاديث في الباب كثيرة، وقد صنف الإمام أحمد في ذلك كتابا كبيرا وافيا بالمقصود، وقد اختلف الناس في الحشيش: هل يحد بها، أو لا يحد؟
ومختار أبي العباس: وجوب الحد بها.
وقول الخرقي: وهو مختار لشربها، يعلم أن كثيرها يسكر. يعني أنه يشترط لوجوب الحد شرطان:(أحدهما) : أن يكون مختارا، فإن كان مكرها فلا حد عليه، هذا هو المذهب المعروف، والمختار من الروايتين.
3233 -
لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان، وما استكرهوا عليه» الحديث.
قال أبو محمد: وسواء أكره بالوعيد، أو بالضرب أو ألجئ إلى شربها بأن فتح فوه وصب فيه.
(والرواية الثانية) : يحد، حملا للحديث على الإكراه على الأقوال، والأفعال تؤثر ما تؤثر الأقوال، ولا نزاع أنه يجوز أن يدفع بها لقمة غص بها، إذا لم يجد مائعا سواها، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: 173] .
(الثاني) أن يعلم أن كثيرها يسكر، لأنه إذا لم يعلم ذلك لم يقصد ارتكاب المعصية، فهو كمن زفت إليه غير زوجته، وفي معنى ذلك من لم يعلم بالتحريم لما تقدم.
3234 -
وعن عمر وعثمان رضي الله عنهما: لا حد إلا على من علمه. نعم مدعي ذلك إن نشأ بين المسلمين لم تقبل