الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2870 -
وروى سعيد عن سفيان، عن أبي الزناد، قال: سألت سعيد بن المسيب عن الرجل لا يجد ما ينفق على زوجته أيفرق بينهما؟ قال: نعم. قلت: سنة؟ قال: سنة. وهذا ينصرف إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم (ونقل عنه) ابن منصور ما يدل على أنها لا تملك الفسخ بالإعسار، ما لم يوجد منه غرور، فقال: إذا تزوج امرأة وهو مفلس، ولم تعلم المرأة لا يفرق بينهما، إلا أن يكون قال لها: عندي من العروض والأموال؛ وغرها من نفسها، إلا أن القاضي حمل هذا على الإفلاس بالصداق، وبالجملة قد قيل في وجه ذلك: إنه حق لها عليه، فلم يفسخ النكاح لعجزه عنه كالدين، وعلى هذه الرواية ترفع يده عنها لتكتسب ما تقتات به.
[نفقة الوالدين والأولاد]
قال: ويجبر الرجل على نفقة والديه، وولده الذكور والإناث، إذا كانوا فقراء، وكان له ما ينفق عليهم.
ش: أما كون الرجل يجبر على نفقة والديه، وولده الذكور والإناث، فليأت بالواجب، وبيان الوجوب أما في حق الوالدين فلقول الله تعالى:{وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [النساء: 36]
ومن الإحسان لهما الإنفاق عليهما عند حاجتهما إلى ذلك.
2871 -
وعن كليب بن منفعة «عن جده رضي الله عنهم، أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، من أبر؟ قال: «أمك وأباك، وأختك وأخاك، ومولاك الذي يلي ذاك، حق واجب، ورحم موصولة» رواه أبو داود، وأما في حق الأولاد فلقول الله سبحانه:{فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: 6] وقال: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 233]«وحديث هند: «خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف» مع أن هذا إجماع في المسألتين في الجملة، حكاه ابن المنذر فقال: أجمع أهل العلم على أن نفقة الوالدين الفقيرين اللذين لا كسب لهما ولا مال، واجبة في مال الولد، وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن على المرء نفقة أولاده الأطفال، الذين لا مال لهم.
ويدخل في كلام الخرقي في الوالدين الأجداد والجدات وإن
علوا، وفي الولد ولد الولد وإن سفل، وهو كذلك، بدليل قوله سبحانه:{يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11] دخل فيه ولد البنين، وقال سبحانه:{وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ} [النساء: 11] يدخل فيه الأجداد، وقال تعالى:{مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} [الحج: 78] واشترط الخرقي رحمه الله لوجوب النفقة على من تقدم شرطين (أحدهما) أن يكون المنفق عليهم فقراء أي لا مال لهم، ولا كسب يقوم بكفايتهم، إذ النفقة تجب على سبيل المواساة، والغني مستغن عن المواساة، (الثاني) أن يكون للمنفق ما ينفق عليهم، إما من مال أو صناعة ونحو ذلك، فاضلا عن نفقة نفسه وزوجته.
2872 -
لما روى جابر رضي الله عنه «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل: «ابدأ بنفسك فتصدق عليها، فإن فضل شيء فلأهلك، وإن فضل عن أهلك شيء فلذي قرابتك، فإن فضل عن ذي قرابتك شيء فهكذا وهكذا» رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي.
2873 -
وعن «طارق المحاربي رضي الله عنه قال: قدمت المدينة وإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائم على المنبر يخطب، وهو يقول: «يد المعطي العليا، وابدأ بمن تعول، أمك وأباك، وأختك وأخاك،
ثم أدناك أدناك» رواه النسائي.
وظاهر كلام الخرقي أنه لا يشترط غير ذلك، إلا أنه يذكر بعد أن السيد تلزمه نفقة رقيقه، ولا يلزم ابنه نفقته، وإن كان حرا، وهو كذلك بلا ريب، فإذًا الشروط ثلاثة (ثالثها) أن لا يكون أحدهما رقيقا، ولا بد (من شرط رابع) وهو أن يتحد دينهما، فإن اختلف فلا نفقة لأحدهما على صاحبه، لأن النفقة مواساة على سبيل البر والصلة، ولا صلة مع اختلاف الدين، ولأنهما غير متوارثين، فلم تجب لأحدهما نفقة على الآخر، كما لو كان أحدهما رقيقا، ولا نزاع في اشتراط هذا الشرط في غير عمودي النسب، وفي عمودي النسب روايتان، نص عليهما في الأب الكافر، هل تجب عليه نفقة ولده المسلم، وخرجهما القاضي في العكس، وأبو محمد ينصر عدم الوجوب مطلقا، عكس ظاهر كلام الخرقي، فإن ظاهره الوجوب في عمودي النسب، لأنه لم يشترط ذلك، وعدم الوجود في غيرهم، كما هو متفق عليه، لقوله بعد: