الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاتل، وإن لم تكن فيه حياة مستقرة، بل حركة كحركة المذبوح فالقاتل هو الأول، ويؤدب الثاني (وشرط) أيضا أن تضعه لوقت يعيش لمثله، وإلا فحكمه حكم الميت فيه الغرة، لعدم تصور بقائه، وبين رحمه الله أن الوقت الذي يعيش لمثله ستة أشهر فصاعدا، لأن ذلك أقل مدة الحمل والله أعلم.
قال: وعلى كل من ضرب ممن ذكرت عتق رقبة مؤمنة، سواء كان الجنين حيا أو ميتا.
ش: هذا قول جمهور أهل العلم، لأن الله سبحانه قال:{وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: 92] وقال: {وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: 92] أي المقتول، وهذا الجنين إن كان من مؤمنين أو كان أحد أبويه مؤمنا فهو محكوم بإيمانه تبعا، فيدخل في الآية، وإن كان من كتابيين فهو من قوم بيننا وبينهم ميثاق فتشمله الآية، ولأنه نفس مضمونة بدية، فوجبت فيه الرقبة كالكبير.
قال: وإذا شربت الحامل دواء فأسقطت به جنينها فعليها غرة لا ترث منها شيئا، وتعتق رقبة.
ش: أما وجوب الغرة فلأن الجنين مات بجنايتها، أشبه ما لو كان الجاني غيرها، وأما كونها لا ترث منها شيئا فلأنها قاتلة، وقد تقرر أن القاتل لا يرث المقتول، فعلى هذا تكون الغرة لبقية الورثة، وأما كونها تعتق رقبة فلما تقدم قبل والله أعلم.
[الحكم لو رمى ثلاثة بالمنجنيق فرجع الحجر فقتل رجلا]
قال: وإذا رمى ثلاثة بالمنجنيق، فرجع الحجر فقتل رجلا
فعلى عاقلة كل واحد منهم ثلث الدية.
ش: لأنه قتل حصل بفعلهم وجنايتهم، وهم ثلاثة، فوجب تثليث الدية على عواقلهم، لأنه كما سيأتي إما خطأ، وإما شبه عمد، هذا هو المذهب المعروف وقيل: بل تجب الدية في بيت المال، لأن ذلك من مصالح المسلمين، فإن تعذر فعلى العاقلة، وكلام الخرقي يشمل ما إذا قصدوا معينا أو لم يقصدوا، وهو كذلك لأن قصد الواحد بالمنجنيق يندر أن يصيبه، فلا يكون عمدا، نعم مع قصد معين أو جماعة يكون ذلك شبه عمد وقد تقدم حكمه ومع عدم القصد يكون خطأ، واختار ابن حمدان أنه عمد إن كان الغالب الإصابة، وقول الخرقي: قتل رجلا. يحتمل أن يكون من غيرهم، ويحتمل أن يكون منهم، وعلى هذا يكون مقتضى قول الخرقي أن جناية الإنسان على نفسه تكون خطأ، تحملها العاقلة لورثته، وهو إحدى الروايتين، والرواية الثانية لا شيء فيها، وقال ابن عقيل في التذكرة: تكون عليه يدفعها إلى ورثته، والله أعلم.
قال: وعلى كل واحد منهم عتق رقبة مؤمنة في ماله.
ش: هذا مبني على المذهب من أن المشتركين في القتل على كل واحد منهم كفارة، لا أن الواجب على الجميع كفارة واحدة، وقد تقدم ذلك، وتقدم أيضا أن الكفارة تجب في مال القاتل.
قال: فإن كانوا أكثر من ثلاثة فالدية حالة في أموالهم.
ش: هذا هو المذهب المختار للأصحاب بلا ريب لما تقدم لأن الواجب على كل واحد والحال هذه دون الثلث، والعاقلة لا تحمل ما دون الثلث لما تقدم، وإذا انتفى حمل العاقلة وجبت الدية في أموالهم، لأن ذلك أثر فعلهم. قال النبي صلى الله عليه وسلم:«لا يجني جان إلا على نفسه» وتجب حالة، لأنها بدل متلف، فوجبت حالة كسائر أبدال المتلفات، وقد يستشكل بأن الجاني إذا حمل دية شبه العمد كانت من ماله مؤجلة على المذهب، كذلك هاهنا قد يقال، وحكى أبو بكر رواية أخرى أن العاقلة تحمل ذلك، نظرا إلى أن هذه جناية واحدة أوجبت ما زاد على الثلث، فحملته العاقلة كما لو كانوا ثلاثة، واستشهد القاضي في روايتيه على هذه الرواية بما نقل يعقوب بن بختان عن أحمد، في قوم رموا بالمنجنيق فرجع فقتل رجلا من المسلمين فالدية على عواقلهم والكفارة في أموالهم. قال: وهذا يحتمل أن يكونوا ثلاثة فما دون، ويحتمل أن يكونوا أكثر من ذلك؛ قلت: من حمل مطلق كلامه على مقيده لا ينبغي له أن يثبت هذه الرواية، بخلاف من لم يحمل، وظاهر كلام الأصحاب أنه لا خلاف في الخمسة أن الدية لا تكون على العاقلة،