الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[إعطاء الأمان للكفار]
قال: ومن أعطاهم الأمان منا من رجل أو امرأة أو عبد جاز أمانه.
ش: يصح إعطاء الأمان للكفار في الجملة بالإجماع، فيحرم قتلهم ومالهم والتعرض لهم، قال الله تعالى؛ {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} [التوبة: 6] وقد شاعت الأحاديث بذلك.
3362 -
«قالت أم هانئ أخت علي رضي الله عنهما: ذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح، فوجدته يغتسل، وفاطمة ابنته تستره بثوب، فسلمت عليه فقال: «من هذه» ؟ فقلت: أنا أم هانئ بنت أبي طالب، فقال:«مرحبا بأم هانئ» ، فلما فرغ من غسله قام فصلى ثمان ركعات، ملتحفا في ثوب واحد، فلما انصرف قلت: يا رسول الله زعم ابن أمي علي أنه قاتل رجلا قد أجرته، فلان بن هبيرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ» قالت أم هانئ: وذلك ضحى» . . . متفق عليه.
3363 -
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاما» . . . رواه البخاري والنسائي،
وقال) «من قتل قتيلا من أهل الذمة» .
3364 -
وعن صفوان بن سليم، عن عدة من أبناء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن آبائهم رضي الله عنهم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«من ظلم معاهدا أو انتقصه، أو كلفه فوق طاقته، أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس، فأنا حجيجه يوم القيامة» رواه أبو داود. إذا تقرر هذا فيشترط لمعطي الأمان أن يكون (مسلما)، ولهذا قال الخرقي: منا. فلا يصح أمان الكافر، وإن كان ذميا.
3365 -
لما روى علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ذمة المسلمين واحدة، يسعى بها أدناهم» رواه أحمد، وهو بعض حديث في الصحيح، فقيد ذلك بالمسلمين
(عاقلا) فلا يصح من مجنون، ولا طفل، ولا مغمى عليه، لأن كلامهم غير معتبر، وكذلك السكران، قاله أبو محمد، ويخرج فيه قول (مختارا) فلا يصح من مكره بلا ريب، وهل يشترط البلوغ؟ فيه روايتان (إحداهما) - وهي أنصهما وأشهرهما - لا يشترط، وبه قطع القاضي في الجامع الصغير، والشيرازي، والشريف، وأبو الخطاب في خلافيهما، وأبو بكر، وقال: رواية واحدة، حاملا لرواية الاشتراط على غير المميز، وهو مقتضى كلام شيخه، وذلك لعموم الحديث، إذ هو من المسلمين. (والثانية) - ويحتملها كلام الخرقي - يشترط، لأنه غير مكلف، ولا يلزمه بقوله حكم، فلا يلزم غيره كالمجنون، فعلى الأولى من شرطه أن يكون عاقلا، قاله جماعة وبعضهم يقول: مميزا، وقيده الخلال بابن سبع، بشرط أن يعقل التخيير بين أبويه، (ولا فرق) بين الرجل والمرأة بالإجماع، لحديث أم هانئ.
3366 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن المرأة لتأخذ على القوم» يعني تجير على المسلمين، رواه الترمذي، (ولا بين) الحر والعبد، لعموم الحديث.
3367 -
وقد جاء أن عبدا أعطى أمانا، فكتب بذلك إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: إن العبد المسلم رجل من المسلمين، ذمته ذمتهم، رواه سعيد ولا بين المطلق والأسير، والأجير والتاجر وغيرهم، لعموم الحديث.
قال: ومن طلب الأمان ليفتح الحصن ففعل، فقال كل واحد: أنا المعطى، لم يقتل واحد منهم.
ش: هذا منصوص أحمد في رواية أبي طالب وأبي داود، وإسحاق بن إبراهيم، في قوم في حصن استأمن عشرة، ونزلت عشرة عشرة، فيقولوا: لنا الأمان، فيؤمنون كلهم ولا يقتل واحد منهم، مع أن هذا والله أعلم اتفاق، لأنه اشتبه المباح بالمحرم فيما لا ضرورة إليه، فحرم الكل، كما لو اشتبهت أخته بأجنبية، أو ميتة بمذكاة، وهل يجوز استرقاقهم؟ فيه قولان (أحدهما) - وهو ظاهر كلامه السابق - لا، لما تقدم. (والثاني) : يقرع بينهم، فيخرج واحد بالقرعة، ويسترق الباقون، لأن الحق لواحد منهم،
فعين بالقرعة، كما لو أعتق عبدا من عبيده وأشكل، وهذا القول عزاه الشيخان وغيرهما إلى أبي بكر، والذي في الروايتين أن أبا بكر قال: من أصحابنا من قال: يقرع بينهم، وأن أبا بكر قال: ظاهر كلام أحمد أنه لا يسترق واحد منهم، وذكر كلام أحمد السابق.
قال: ومن دخل إلى أرضهم من الغزاة فارسا، فنفق فرسه قبل إحراز الغنيمة، فله سهم راجل، ومن دخل راجلا فأحرزت الغنيمة وهو فارس، فله سهم فارس.
ش: نفق فرسه أي مات، وكذلك يقال في كل دابة، ولا يقال لغيرها إلا مجازا، والاعتبار في الاستحقاق بحال الإحراز، فإن أحرزت الغنيمة وهو راجل فله سهم راجل، وإن أحرزت وهو فارس فله سهم فارس، ولا عبرة بما قبل ذلك، قال أحمد: أنا أرى أن كل من شهد الوقعة على أي حالة كان يعطى، إن كان فارسا ففارس، وإن كان راجلا فراجل.
3368 -
لأن عمر رضي الله عنه قال: الغنيمة لمن شهد الوقعة. اهـ - وذلك لأنها الحال التي يحصل فيها الاستيلاء الذي هو سبب الملك، فكان الاعتبار به بخلاف غيره.