الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سماه كثيرا قال: «الثلث والثلث كثير» ، وحديث عمرو بن شعيب محتمل للقولين، بناء على أن الغاية هل تدخل في المغيا، وذلك وإن كان في (إلى) الأكثر عدم الدخول، ففي (حتى) الكثير الدخول، والله أعلم.
[دية العبد والأمة]
قال: ودية العبد والأمة قيمتهما بالغة ما بلغ ذلك.
ش: قد تقدمت هذه المسألة والكلام عليها، فلا حاجة إلى إعادتها، ونزيد هنا بأنه لا فرق في ذلك بين العبد القن والمدبر والمكاتب، وأم الولد، لدخول الكل في إطلاق العبد، وقد قال عليه السلام:«المكاتب عبد ما بقي عليه درهم» .
[دية الجنين]
قال: ودية الجنين إذا سقط من الضربة ميتا وكان من حرة مسلمة غرة عبد أو أمة، قيمتها خمس من الإبل، موروثة عنه كأنه سقط حيا.
ش: الواجب في دية الجنين والحال هذه غرة.
2991 -
2992 -
«وعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: سأل عمر رضي الله عنه عن إملاص المرأة، وهي التي يضرب بطنها فتلقي جنينها، فقال: أيكم سمع من النبي صلى الله عليه وسلم فيه شيئا؟ قال: فقلت: أنا، قال: ما هو؟ قلت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «فيه غرة عبد أو أمة» قال: لا تبرح حتى تجيء بالمخرج. قال: فخرجت فوجدت محمد بن مسلمة فجئت به، فشهد معي أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول:«فيه غرة عبد أو أمة» » متفق عليه. والغرة عبد أو أمة، لما تقدم من الحديثين السابقين، وما روي «عبد أو أمة أو فرس أو بغل» وهم عند أهل العلم بالنقل، والصحيح ما تقدم، ويشترط أن تكون قيمة العبد أو الأمة عشر دية الأم.
2993 -
لأن ذلك يروى عن عمر وزيد رضي الله عنهما، فقيد إطلاق ما تقدم، مع أنه أقل مقدر، وقدره الشارع في الجنايات، وهو أرش الموضحة، ودية السن، فاعتبر
بذلك، ولا ترد الأنملة، لأنه لا نص فيها، إنما هو اجتهاد. والخرقي رحمه الله قال: قيمتها خمس من الإبل. بناء عنده على أن الأصل في الدية الإبل، فجعل التقويم بها، وغيره من الأصحاب مقتضى كلامه أن التقويم بواحد من الخمسة أو الستة على ما تقدم، وأن ذلك راجع إلى اختيار الجاني، كما له الاختيار في دفع أي الأصول شاء إذا كان موجب جنايته دية كاملة. وحكم هذه الغرة أنها موروثة عن الجنين، كأنه سقط حيا، لأنها دية له وبدل عنه، فورثها ورثته كما لو قتل بعد الولادة، وشرط الخرقي للضمان السابق أن يسقط من الضربة ميتا، أي بسبب الضربة، بأن يسقط عقيبها، أو يبقى بها متألما إلى أن يسقط، أما إن ضربها فماتت بحملها ولم تلقه، أو ضرب من في بطنها شيء يتحرك فذهب فلا شيء عليه، لعدم العلم بوجوده، والأصل براءة الذمة. وكلام الخرقي يشمل ما إذا ألقته في حياتها، أو بعد موتها، وهو كذلك، والحكم فيما إذا ظهر بعضه ولم يظهر جميعه حكم ما إذا ظهر جميعه، قاله أبو محمد. وقول الخرقي: وكان من حرة مسلمة؛ يريد به أن الأم متى كانت كذلك كان الولد حرا مسلما، فيجب ما تقدم، وقد تكون الأم رقيقة كافرة، والجنين حر مسلم، بأن يغر بأمة، أو يتزوج المسلم كتابية، فتجب الغرة السابقة، أما إن كان الجنين رقيقا فسيأتي حكمه، وإن كان كافرا
كالمولود بين كتابيين ونحوهما، فإن الواجب فيه عشر دية أمه إن ساوت الأب في الدين، أو كانت أعلى منه كنصرانية تحت مجوسي، وإن نقصت عنه - كمجوسية تحت كتابي - وجب عشر ديتها لو كانت على دين الأب.
(تنبيه) : الولد الذي تجب به الغرة ما تصير بن الأمة أم ولد، وما لا فلا، وأصل «الغرة» بياض في جبهة الفرس، ومن ثم قال أبو عمرو بن العلاء: الغرة عبد أبيض أو أمة بيضاء، ولم يعتبر ذلك الفقهاء، نظرا لإطلاق الحديث، مع قرينة غلبة السواد على أرقاء أهل الحجاز، والغرة أيضا أول الشيء وخياره، ومن ثم قال أصحابنا: لا يقبل في الغرة معيب، لأن ذلك ليس بخيار، وبنى على ذلك جمهورهم أن من لم يبلغ سبع سنين لا يجزئ لأنه يحتاج إلى من يكفله ويقوم به، فليس من الخيار، وقال أبو محمد: إن ظاهر كلام الخرقي الإجزاء، والله أعلم.
قال: وإن كان الجنين مملوكا ففيه عشر قيمة أمه.
ش: هذا هو المذهب المعروف، قياسا على الجنين الحر، فإن فيه عشر دية أمه، كذلك المملوك فيه عشر قيمة
أمه، إذ قيمة الأمة بمنزلة دية الحرة، وحكى أبو الخطاب في خلافه رواية أخرى أن الواجب نصف عشر قيمة أمه، ولا عمل عليه، ثم الواجب هنا قيمة لا عبد أو أمة لأن الرقيق الواجب فيه قيمة، بخلاف الحر فإن الواجب فيه إما الإبل، أو أحد خمسة أشياء أو ستة.
قال: وسواء كان الجنين ذكرا أو أنثى.
ش: أما الجنين الحر فلإطلاق الحديث، وأما المملوك فبالقياس على الحر، والله أعلم.
قال: فإن ضرب بطنها فألقت جنينا حيا، ثم مات من الضربة ففيه دية حر إن كان حرا، أو قيمته إن كان مملوكا، إذا كان سقوطه لوقت يعيش لمثله، وهو أن يكون لستة أشهر فصاعدا.
ش: أما وجوب دية الحر أو قيمة المملوك على الضارب والحال ما تقدم فلأنه مات من جنايته، بعد ولادته لوقت يعيش لمثله، أشبه ما لو قتله بعد وضعه، وقد قال ابن المنذر: إن هذا مما أجمع عليه كل من يحفظ عنه من أهل العلم، وتعلم الحياة باستهلاله بلا ريب.
2994 -
لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا استهل المولود ورث وورث» وهل تعلم بارتضاعه، أو تنفسه، أو عطاسه، أو نحو ذلك مما يدل على الحياة؟ فيه روايتان (إحداهما) لا، لمفهوم الحديث السابق (والثانية) - وهي ظاهر كلام الخرقي، واختيار أبي محمد - نعم، لأن الارتضاع ونحوه أدل على الحياة من الاستهلال، فاستفيد من الحديث بطريق التنبيه، أما مجرد الحركة والاختلاج فلا يدلان على الحياة، لأن ذلك قد يكون لخروجه من مضيق فلم تتيقن حياته. وشرط الخرقي لوجوب الضمان السابق أن يموت من الضربة أي بسببها، وذلك بسقوطه في الحال وموته، أو بقائه متألما إلى أن يموت، أو بقاء أمه متألمة إلى أن تلقيه حيا فيموت، أما لو ألقته ثم بقي زمنا سالما لا ألم به ثم مات فلا ضمان، ولو وضعته حيا، فجاء آخر فقتله وفيه حياة مستقرة فهو