الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3282 -
وللبخاري من رواية أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله، بين كل درجتين كما بين السماء والأرض، فإذا سألتم الله تعالى فاسألوه الفردوس، فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة، وفوقه عرش الرحمن، ومنه تفجر أنهار الجنة» مختصر. والأحاديث في فضله كثيرة جدا، وكيف لا وبه قيام الدين.
[حكم الجهاد]
قال: والجهاد فرض على الكفاية.
ش: هذا قول عامة أهل العلم، لقول الله تعالى:{لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ} [النساء: 95] إلى: {وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} [النساء: 95] الآية. وهذا يدل على أن القاعد بلا ضرر غير آثم مع جهاد غيره.
3283 -
وفي الصحيحين عن البراء رضي الله عنه قال: «لما نزلت (لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله تعالى) قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ادعوا فلانا» فجاءه ومعه الدواة واللوح والكتف، فقال: اكتب (لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله) وخلف النبي صلى الله عليه وسلم ابن أم مكتوم، فقال: يا رسول الله أنا ضرير، فنزلت مكانها:{لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ} [النساء: 95] الآية، وقَوْله تَعَالَى:{وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ} [التوبة: 122] الآية.
» 3284 - قال ابن عباس رضي الله عنهما في قَوْله تَعَالَى: {إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [التوبة: 39]، و {مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ} [التوبة: 120] قال: نسختها {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً} [التوبة: 122] . . . رواه أبو داود. ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبعث السرايا ويقيم هو وسائر أصحابه. وعلى هذا تحمل
الأوامر المطلقة؛ كقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ} [البقرة: 216]، وقوله:{وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ} [البقرة: 191] وقَوْله تَعَالَى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} [الأنفال: 39] وقوله: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا} [التوبة: 41] ونحو ذلك.
3285 -
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الجهاد واجب عليكم مع كل أمير برا كان أو فاجرا» رواه أبو داود.
3286 -
وقوله: صلى الله عليه وسلم «جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم» رواه أبو داود والنسائي.
3287 -
وقوله عليه السلام: «من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق» رواه مسلم وغيره.
وابن المبارك يقول في هذا الحديث: نرى أن ذلك كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(تنبيه) : يتعين الجهاد في ثلاثة مواضع:
(أحدها) إذا التقى الزحفان، وتقابل الصفان، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا} [الأنفال: 45]، وقَوْله تَعَالَى؛ {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا} [الأنفال: 15] إلى قوله: {فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ} [الأنفال: 16] .
(الثاني) إذا استنفره الإمام، لقوله سبحانه:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ} [التوبة: 38] إلى قوله: {إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [التوبة: 39] .
3288 -
وفي الصحيحين من حديث عائشة وابن عباس رضي الله عنهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية، وإذا استنفرتم فانفروا» .
(الثالث)
إذا نزل الكفار ببلد تعين على أهله قتالهم، والنفير إليهم، لأنهم في معنى حاضري الصف فتعين عليهم كما يتعين عليه لعموم:{انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا} [التوبة: 41] الآية. . . ولم يذكر أبو محمد في الكافي والمقنع تعينه إلا في موضعين، إذا حضر الصف، وإذا حضر العدو بلدة، وكلام ابن المنجا يقتضي أن «حصر» بالصاد المهملة، لأنه قال: ولأن البلد إذا حصر قرب شبه من فيه بمن حضر الصف، وإنما هو بالمعجمة، فإن عبارته في الكافي والمغني كما تقدم.
قال: إذا قام به قوم سقط عن الباقين.
ش: هذا تفسير لفرض الكفاية، وهو يشترك وفرض العين أن الجميع مخاطبون به على الصحيح، وأن الكل إذا تركوه أثموا وقوتلوا عليه، كما في فرض العين سواء، ويخالفه في أنه إذا قام البعض به سقط عن الباقين، بخلاف فرض العين كالصلاة ونحوها، فإنه لا يسقط عن البعض بفعل البعض، قال أحمد في رواية حنبل: الغزو واجب على الناس كلهم، فإذا غزا بعضهم أجزأ عنهم، والفرض في ذلك موقوف على غلبة الظن، فإذا غلب على الظن أن الغير يقوم بذلك سقط