الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على ما عوهد عليه، من بذل الجزية في كل عام، لقوله سبحانه:{حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ} [التوبة: 29] . أي: يلتزموا أداءها والتزام أحكام الملة، من ضمان الأنفس والأموال وإقامة الحدود، وغير ذلك على ما هو مقرر في بابه، إعمالا لحكم الإسلام لنسخه كل ملة.
[مقدار الجزية]
قال: والمأخوذ منهم الجزية على ثلاث طبقات، فيؤخذ من أدونهم: اثنا عشر درهما، ومن أوسطهم: أربعة وعشرون درهما، ومن أيسرهم: ثمانية وأربعون درهما.
ش: لأن ذلك يروى عن عمر رضي الله عنه ولم ينكره منكر، وعمل عليه فكان إجماعا.
3469 -
ففي البخاري عن ابن أبي نجيح قال: قلت لمجاهد: ما شأن أهل الشام عليهم أربعة دنانير، وأهل اليمن عليهم دينار؟ قال: فعل ذلك من قبل اليسار.
3470 -
وفي الموطأ عن أسلم أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ضرب الجزية على أهل الذهب أربعة دنانير، وعلى أهل الورق أربعين درهما، ومع ذلك أرزاق المسلمين، وضيافة ثلاثة أيام، لكن مقتضى هذا أن عمر رضي الله عنه قابل الدينار بعشرة دراهم، وأبو محمد نقل عنه أنه قابله
باثني عشر درهما، وزعم أنه حديث لا شك في صحته، مع أنه لم يذكر من رواه، وليس هو والله أعلم في السنن.
3471 -
فإن قيل ففي سنن أبي داود عن معاذ بن جبل، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما وجهه إلى اليمن أمره أن يأخذ من كل حالم - يعني: محتلما - دينارا، أو عدله من المعافري» ، ثياب تكون باليمن، فظاهر هذا إجزاء الدينار في حق كل أحد؟
قيل هو محمول على أن الغالب على أهل اليمن كان الفقر، كما أشار إليه مجاهد، أو أن للإمام الزيادة والنقصان في الجزية كما هو إحدى الروايات، واختيار الخلال، قال: العمل في قول أبي عبد الله على ما رواه عنه الجماعة، بأنه لا بأس للإمام أن يزيد في ذلك وينقص عنه، على ما رواه عنه أصحابه في عشرة مواضع، فاستقر قوله على
ذلك، اهـ.
3472 -
وقد «روى ابن عباس رضي الله عنهما قال: صالح رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل نجران على ألفي حلة، النصف في صفر، والبقية في رجب، يؤدونها للمسلمين، وعارية ثلاثين درعا، وثلاثين فرسا، وثلاثين بعيرا، وثلاثين من كل صنف من أصناف السلاح، يغزون بها، والمسلمون ضامنون لها حتى يردوها عليهم إن كان باليمن كيد ذات غدر، على أن لا تهدم لهم بيعة، ولا يخرج لهم قس، ولا يفتنوا عن دينهم، ما لم يحدثوا حدثا، أو يأكلوا الربا» . رواه أبو داود، وهذا مع الذي قبله مع فعل عمر
- رضي الله عنه يدل على أن المرجع في ذلك إلى رأي الإمام فيما يطيقونه من الزيادة والنقصان.
والرواية الثانية: لا تجوز الزيادة ولا النقص على ما تقدم من أن على الأدون اثنا عشر درهما، والمتوسط أربعة وعشرون درهما، والغني ثمانية وأربعون درهما، وهي اختيار القاضي في روايتيه، وقال: إنها اختيار الخرقي، ولا شك أنها ظاهر كلامه، وذلك لما روي عن عمر رضي الله عنه.
والرواية الثالثة: تجوز الزيادة ولا يجوز النقص، قال في رواية يعقوب بن بختان: لا يجوز للإمام أن ينقص من ذلك، وله أن يزيد، وهذا اختيار أبي بكر، لأن عمر رضي الله عنه لم ينقص عن الدينار، بل زاد عليه، فيقتصر على ذلك، فظاهر هذه الرواية أن الأدون لا ينقص عن الدينار، والمتوسط لا ينقص عن الدينارين، والغني عن الأربعة، ويجوز أن يزادوا على ذلك.
وقال ابن أبي موسى: لا يجوز النقص عن الدينار بحال، وتجوز الزيادة عليه، وهذا قول رابع.
(تنبيهات) أحدها: الغني هنا من عده أهل العرف غنيا، على المشهور والمقطوع به لأبي البركات، وأبي محمد في المغني وغيرهما، لأن ما لا تقدير فيه من جهة الشرع المرجع فيه إلى العرف كالقبض والحرز. (وقيل عن أحمد) : الغني: من ملك نصابا، (وقيل عنه) بل من ملك عشرة آلاف