الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بلا شرط رواية واحدة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينقل عنه أنه زاد على ذلك، وهل له ذلك بالشرط، لأن زيادة النبي صلى الله عليه وسلم ونقصه يدل على أن ذلك غير مقدر، أو ليس له ذلك، وهو ظاهر كلام الخرقي، وبه قطع أبو محمد لما تقدم؟ على روايتين.
قال: ويرد من نفل على من معه في السرية إذ بقوتهم صار إليه.
ش: يعني أنه إذا جاء بعض السرية بشيء فنفله، ولم يأت بعضهم بشيء فلم ينفله، فإن من نفل يرد على من لم ينفل من السرية، لما علله الخرقي، من أن بقوة من لم ينفل صار المال لمن نفل.
[استحقاق القاتل للسلب]
قال: ومن قتل منا واحدا منهم مقبلا على القتال فله سلبه.
ش: القاتل يستحق السلب في الجملة بلا ريب.
3351 -
لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه» متفق عليه، رواه أبو قتادة وغيره، إذا علم هذا فيشترط لاستحقاقه شروط (أحدها) أن يغرر بنفسه في قتله في حال الحرب، بأن يقتله حال المبارزة، أو والحرب قائمة، ونحو ذلك، قال أحمد: السلب للقاتل إنما هو في المبارزة،
لا يكون في الهزيمة.
3352 -
لما «روى ابن مسعود رضي الله عنه قال: نفلني رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر سيف أبي جهل وكان قتله» . رواه أبو داود.
3353 -
وإنما أدرك ابن مسعود أبا جهل وبه رمق، فأجهز عليه، كذا روي معنى ذلك في أبي داود وغيره، ولو لم يكن التغرير شرطا لدفع إليه السلب أجمع، فعلى هذا لو رمى بسهم إلى صف الكفار، فقتل فلا سلب له، لعدم التغرير، وكذلك لو حمل جماعة من المسلمين على واحد فقتلوه، فلا سلب لهم، ويكون غنيمة لذلك، وكذلك إذا قتله اثنان على المنصوص في رواية حرب، (وعن القاضي) : هو لهما؛ لعموم «من قتل قتيلا» واستثنى أبو محمد ما إذا قتله اثنان، وكانت ضربة أحدهما أبلغ في قتله من الأخرى، أن السلب يكون له.
3354 -
مستدلا «بأن أبا جهل ضربه معاذ بن عفراء، ومعاذ بن عمرو بن الجموح، وأتيا النبي صلى الله عليه وسلم فأخبراه، فقال: «أيكما قتله» ؟ فقال كل واحد منهما: أنا قتلته. فقال: «هل مسحتما سيفيكما» ؟ قالا: لا، فنظر في السيفين فقال:«كلاكما قتله» وقضى بسلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح» ، متفق عليه. وهذا يحتمل أن يكون كما قاله أبو محمد، ويحتمل أنه نفل السلب لمعاذ بن عمرو وإن لم يستحقه، ويكون في هذا دليل على أن للإمام أن ينفل بعض الغانمين. ومن صور التغرير أن يكون المقتول مقبلا على القتال، فإن كان مدبرا فلا سلب له، لعدم التغرير في قتله، ولأن المسلمين قد كفوا شره بانهزامه، فأشبه ما لو كان مأسورا، واستثنى أبو محمد من ذلك ما إذا انهزم والحرب قائمة، فأدركه إنسان فقتله فإن سلبه له.
3355 -
معتمدا على «أن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قتل طليعة الكفار وهو منهزم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «من قتل الرجل» ؟ قالوا: سلمة بن الأكوع، قال:«له سلبه أجمع» » ، والحديث في الصحيحين، ومن صوره أيضا أن يكون الكافر ممتنعا، فإن كان مثخنا بالجراح، وقتله إنسان فلا شيء له، لعدم التغرير، وقد تقدم حديث ابن مسعود في ذلك، (واعلم) أن جماعة من الأصحاب يجعلون كل واحد من هذه
شرطا، والذي يظهر أنها كلها ترجع إلى التغرير، والإشارة إلى هذا الشرط في قول الخرقي: مقبلا على القتال. (الشرط الثاني) أن يقتل الكافر، كما في الحديث «من قتل قتيلا» أو يثخنه بجراح يصيره في حكم المقتول، لأنه إذا صار في حكم الميت، ولو قطع أربعته، وقتله آخر فسلبه للقاطع، [لا أعلم فيه خلافا] ، لأنه الذي كفى المسلمين شره، وصيره في حكم الميت. وكذلك لو قطع يديه أو رجليه على وجه لذلك، وعلى آخر هو للقاتل، لعموم الحديث، وعلى ثالث هو غنيمة، كما لو اشترك اثنان في قتله، وكذلك الأقوال الثلاثة فيما إذا قطع يده ورجله، ثم قتله آخر، والمنصوص أنه غنيمة، وهو المقدم في التي قبلها أيضا، ولو قطع يدا أو رجلا ثم قتله آخر، فالسلب للقاتل على ما قطع به أبو البركات، وحكاه في المغني احتمالا، لأنه الذي كفى المسلمين شره، وقطع في الكافي بأنه غنيمة، كما لو اشترك اثنان في قتله، وهذا الذي أورده في المغني مذهبا، ولو أسره فقتله الإمام فلا شيء له من السلب، على المذهب المنصوص لعدم القتل. (الشرط الثالث) أن يكون القاتل ممن له حق في الغنيمة، فإن لم يكن له فيها حق أصلا، كالمخذل والمرجف، والمعين
على المسلمين فلا شيء له لأنه ليس من أهل الجهاد، وإن كان له فيها حق لكن إرضاخ لا إسهام، كالصبي والمرأة ونحوهما، فهل يستحق السلب إذا قتل، لعموم الحديث، وبه قطع أبو محمد، أو لا يستحقه، لأن السهم آكد منه للإجماع عليه وهو لا يستحقه، فالسلب أولى؟ (الشرط الرابع) أن يكون المقتول من المقاتلة، فإن كان شيخا فانيا، أو صبيا، أو امرأة، ونحو ذلك ممن قد نهي عن قتله، لم يستحق قاتله سلبه، بلا خلاف نعلمه، فإن قاتل هؤلاء فهل يستحق قاتلهم سلبهم، وبه قطع أبو محمد، لجواز قتلهم إذا، أو لا يستحق سدا للذريعة؟ فيه وجهان.
(تنبيه) : قال أبو محمد: إذا بارز العبد بغير إذن مولاه لم يستحق السلب، لأنه عاص، وكذلك كل عاص كمن دخل بغير إذن، (وعن أحمد) فيمن دخل بغير إذن يؤخذ منه الخمس، وباقيه له كالغنيمة، قال: ويخرج في العبد مثله، قلت: قد يقال تعلق الحق بالغنيمة آكد للإجماع عليها، بخلاف السلب، فإن منهم من يجعله كالنفل، لا يستحق إلا بالشرط، ثم قال: إنه لا يشترط في استحقاق
السلب أن تكون المبارزة بإذن الإمام، لعموم الخبر، ولأن كل من قضي له بالسلب في عصره صلى الله عليه وسلم لم ينقل أنه أذن له في المبارزة، (قلت) : وهذا يتمشى على قوله، من أن الإذن في المبارزة مندوب إليه لا واجب، أما على ما يقوله الخرقي وغيره فلا.
قال: غير مخموس.
ش: يعني أن القاتل يستحق السلب إذا وجدت شروطه من غير تخميس، لعموم ما تقدم.
3356 -
وعن أنس رضي الله عنه «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم حنين: «من قتل رجلا فله سلبه» فقتل أبو طلحة يومئذ عشرين رجلا، وأخذ أسلابهم» . رواه أحمد وأبو داود، «وفي لفظ:«من تفرد بدم رجل فقتله فله سلبه» قال: فجاء أبو طلحة بسلب أحد وعشرين رجلا» . رواه أحمد، وفيه دليل على أن من شرط استحقاق السلب التغرير في القتل، وأن المشتركين في القتل لا يستحقان السلب كما تقدم.
3357 -
«وعن عوف بن مالك وخالد بن الوليد رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخمس السلب» ، رواه أحمد وأبو داود. ومقتضى كلام الخرقي أن السلب يكون من أصل الغنيمة، لا من خمس الخمس، وهو كذلك لإطلاق الحديث.
قال: قال ذلك الإمام أو لم يقل.
ش: يعني أن السلب يستحقه القاتل، اشترط ذلك الإمام أو لم يشترطه، هذا هو المنصوص المشهور، والمذهب عند عامة الأصحاب، واختار أبو بكر أنه لا يستحقه إلا من شرطه له الإمام، وحكى ذلك غير واحد من الأصحاب رواية عن أحمد، وأخذها القاضي في الروايتين من قول أحمد في رواية حرب: ليس له ذلك إلا أن يكون قتاله بإذن الإمام، وهذا المأخذ لا يدل على المدعى، وبالجملة مدرك الخلاف في ذلك أن قوله: صلى الله عليه وسلم «من قتل قتيلا فله سلبه» هل ذلك بيان لشرع عام، أو مختص بتلك
الواقعة، فلا يستحق إلا بالشرط، وكذلك حكم النبي صلى الله عليه وسلم بالسلب للقاتلين، كسلمة بن الأكوع وغيره، هل ذلك لاستحقاقهم إياه مطلقا، أو من باب النفل؟ ويرجح الأول أن الأصل عدم التخصيص، وبيان الشرع العام، ثم إن أبا قتادة كان قد قتل القتيل قبل أن يقول النبي صلى الله عليه وسلم:«من قتل قتيلا فله سلبه» » وأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم سلبه، ولو كان إنما يستحق بالشرط لما أعطاه النبي صلى الله عليه وسلم السلب.
3358 -
«قال أبو قتادة: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حنين، فلما التقينا كانت للمسلمين جولة، قال: فرأيت رجلا من المشركين قد علا رجلا من المسلمين، فاستدرت إليه حتى أتيته من ورائه، وضربته على حبل عاتقه، وأقبل علي فضمني ضمة وجدت منها ريح الموت، ثم أدركه الموت فأرسلني، فلحقت عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: ما للناس؟ فقلت: أمر الله، ثم إن الناس رجعوا، وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه» قال: فقمت فقلت: من يشهد لي؟ ثم جلست، ثم قال مثل ذلك، قال: فقمت فقلت: من يشهد لي؟ ثم جلست، ثم قال ذلك الثالثة، فقمت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«ما لك يا أبا قتادة» ؟ فقصصت عليه القصة، فقال رجل من القوم: صدق يا رسول الله، سلب ذلك القتيل عندي، فأرضه من حقه، فقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: لا ها الله إذا لا يعمد إلى أسد من أسد الله، يقاتل عن
الله وعن رسوله فيعطيك سلبه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صدق فأعطه إياه» » متفق عليه. لا يقال: فالرسول صلى الله عليه وسلم دفع إليه السلب من غير بينة ولا يمين، لأنا نقول: قد شهد له واحد، وقد يكتفي في مثل ذلك بالواحد، لتعذر إقامة اثنين، أو يكون قبول الواحد إذا خاصا بأبي قتادة رضي الله عنه.
3359 -
وما في مسلم والمسند «عن عوف بن مالك رضي الله عنه قال: قتل رجل من حمير رجلا من العدو، فأراد سلبه فمنعه خالد بن الوليد رضي الله عنه وكان واليا عليهم، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم عوف بن مالك، فأخبره فقال لخالد: «ما منعك أن تعطيه سلبه» ؟ قال: استكثرته يا رسول الله، قال:«ادفعه إليه» فمر خالد بعوف فجر بردائه، ثم قال: هل أنجزت لك ما ذكرت لك من رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستغضب فقال: «لا تعطه يا خالد، هل أنتم تاركون لي أمرائي، إنما مثلي ومثلكم كمثل رجل استرعى إبلا وغنما، فرعاها ثم تحين سقيها، فأوردها حوضا، فشرعت فيه، فشربت صفوه وتركت كدره، فصفوه لكم، وكدره لهم» » فقيل: منع رسول الله
- صلى الله عليه وسلم السلب عقوبة، ويرد أنه عاقب من لم يذنب، والله أعلم.
قال: والدابة وما عليها من آلتها من السلب، إذا قتل وهو عليها، وكذلك جميع ما عليه من الثياب والسلاح والحلي وإن كثر، فإن كان معه مال لم يكن من السلب، وقد روي عن أبي عبد الله رحمه الله قول آخر في الدابة أنها ليست من السلب.
ش: في الدابة ثلاث روايات (إحداها) أنها من السلب مطلقا، أعني سواء كان يقاتل عليها أو ممسكا بعنانها.
3360 -
أما إذا كان يقاتل عليها فلما «روى عوف بن مالك رضي الله عنه قال: خرجت مع زيد بن حارثة رضي الله عنه في غزوة مؤتة، ورافقني مددي من أهل اليمن، ومضينا فلقينا جموع الروم، وفيهم رجل على فرس أشقر، عليه سرج مذهب، وسلاح مذهب، فجعل الرومي يغري بالمسلمين، فقعد له المددي خلف صخرة، فمر به الرومي فعرقب فرسه فخر وعلاه فقتله، وحاز فرسه وسلاحه، فلما فتح الله عز وجل للمسلمين، بعث إليه خالد بن الوليد رضي الله عنه فأخذ منه السلب، قال عوف: فأتيته فقلت: يا خالد أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالسلب
للقاتل؟ قال: بلى، ولكني استكثرته. وذكر الحديث إلى آخره. . .» رواه أحمد وأبو داود، وأما إذا كان ماسكا بعنانها فلأنها معدة للقتال عليها، متمكن من ذلك، فأشبهت سيفه أو رمحه الذي في يده. (والثانية) : ليست من السلب مطلقا، اختارها أبو بكر، لأن السلب اسم لما كان على البدن، وذكر أبو عبد الله حديث عمرو بن معديكرب: فأخذ سواريه ومنطقته، يعني ولم يذكر فرسه. (والثالثة) : إن قاتل عليها فهي من السلب، لما تقدم في حديث عوف، وإن كان ممسكا بعنانها فليست من السلب، لما تقدم في دليل الثانية، خرج منه إذا كان يقاتل عليها، لفهم الصحابة، فيبقى ما عداه على مقتضى اللغة، وهذه الرواية أعدل الأقوال، وهي اختيار الخرقي، والخلال، ولا يغرنك قول أبي محمد في الكافي: إن اختيار الخلال الرواية الثانية كتلميذه، فإنه وهم، ولا نزاع أن التي في بيته أو مع غلامه أو مجنوبة ونحو ذلك لا تكون من السلب، وحيث حكم بالدابة أنها من السلب فكذلك ما عليها من آلتها، من سرج ولجام ونحو ذلك، لا ما كان محمولا عليها من دراهم
ونحو ذلك، إذا علم حكم الدابة، فالذي هو سلب عندنا بلا ريب ما كان على المقتول، من ثياب كعمامة، ودرع ومغفر ونحو ذلك، وسلاح كرمح وسيف، وسكين ونحو ذلك، وحلي كتاج وأسورة ونحوهما، لأن ذلك يدخل في اسم السلب. فشمله قول الرسول صلى الله عليه وسلم:«من قتل قتيلا فله سلبه» .
3361 -
وفي حديث عمرو بن معديكرب أنه حمل على أسوار فطعنه فدق صلبه فصرعه، فنزل إليه فقطع يده، وأخذ سوارين كانا عليه، ويلمقا من ديباج وسيفا ومنطقة، فسلم ذلك له، فأما المال الذي معه في كمرانه أو خريطته فليس من السلب، وكذلك خيمته ورحله، ونحو ذلك مما ليس في يده، لأن ذلك لا يدخل في مسمى السلب، فلا يتناوله الحديث.