المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[استحقاق القاتل للسلب] - شرح الزركشي على مختصر الخرقي - جـ ٦

[الزركشي الحنبلي]

فهرس الكتاب

- ‌[كتاب النفقات] [

- ‌نفقة الزوجة]

- ‌[نفقة الوالدين والأولاد]

- ‌[نفقة الصبي أو الصبية إذا لم يكن له أب وكان فقيرا]

- ‌[نفقة الرقيق]

- ‌[نفقة المعتق إذا كان فقيرا]

- ‌[نفقة أولاد العبد والأمة]

- ‌[نفقة ولد المكاتبة]

- ‌[باب الحال التي تجب فيها النفقة على الزوج]

- ‌[نفقة المطلقة المبتوتة]

- ‌[نفقة المختلعة]

- ‌[نفقة المرأة الناشز]

- ‌[باب من أحق بكفالة الطفل]

- ‌[تخيير الغلام والأمة بين أبويه بعد البلوغ]

- ‌[الأحق بكفالة الطلفل بعد الأم]

- ‌[باب نفقة المماليك]

- ‌[كتاب الجراح]

- ‌[أنواع القتل]

- ‌[القتل العمد وموجبه]

- ‌[القتل شبه العمد وموجبه]

- ‌[القتل الخطأ وموجبه]

- ‌[المماثلة بين القاتل والمقتول من شروط القصاص]

- ‌[جناية الصبي والمجنون والسكران]

- ‌[القصاص بين الوالد وولده]

- ‌[قتل الجماعة بالواحد]

- ‌[اشتراك الأب وغيره في القتل العمد]

- ‌[اشترك الصبي والمجنون والبالغ في القتل]

- ‌[القصاص بين الذكر والأنثى]

- ‌[دية العبد]

- ‌[باب القود]

- ‌[شروط القصاص في الجراح]

- ‌[لا قصاص في المأمومة ولا الجائفة]

- ‌[باب ديات النفس]

- ‌[دية الحر المسلم]

- ‌[ما تحمله العاقلة من الدية]

- ‌[جناية الرقيق]

- ‌[المقصود بالعاقلة]

- ‌[حكم من وجبت عليه دية ولم تكن له عاقلة]

- ‌[دية الحر الكتابي]

- ‌[دية المجوسي]

- ‌[دية الحرة المسلمة]

- ‌[دية العبد والأمة]

- ‌[دية الجنين]

- ‌[الحكم لو رمى ثلاثة بالمنجنيق فرجع الحجر فقتل رجلا]

- ‌[باب ديات الجراح]

- ‌[جراح المرأة تساوي جراح الرجل إلى الثلث]

- ‌[حكم من وطئ زوجته وهي صغيرة ففتقها]

- ‌[دية الشجاج التي لا توقيت فيها]

- ‌[دية ما لم يكن فيه من الجراح توقيت]

- ‌[تعريف الحكومة]

- ‌[دية العبد والأمة والخنثى فيما ليس فيه توقيت]

- ‌[كتاب القسامة]

- ‌[كفارة القتل الخطأ]

- ‌[ما يثبت به القصاص]

- ‌[باب قتال أهل البغي]

- ‌[أنواع البغي]

- ‌[طرق دفع البغي]

- ‌[حكم القتيل من أهل العدل]

- ‌[الآثار المترتبة على قتال البغاة]

- ‌[كتاب المرتد]

- ‌[استتابة المرتد]

- ‌[أحكام الزنديق]

- ‌[استتابة تارك الصلاة]

- ‌[ذبيحة المرتد]

- ‌[الحكم بإسلام الصبي]

- ‌[حكم الأولاد إذا ارتد الزوجان ولحقا بدار الحرب]

- ‌[حكم من شهد عليه بالردة فأنكر]

- ‌[حكم من أقر بالردة ثم رجع أو أنكر]

- ‌[حكم ردة السكران]

- ‌[كتاب الحدود]

- ‌[حد الزنا]

- ‌[الموضع الذي يجب فيه الحد في الزنا]

- ‌[حكم اللواط]

- ‌[إتيان البهيمة]

- ‌[ما يثبت به حد الزنا]

- ‌[الرجوع عن الإقرار بالزنا]

- ‌[تكرار الزنا هل يوجب تكرار الحد]

- ‌[تحاكم أهل الذمة إلينا في الزنا]

- ‌[حد القذف]

- ‌[الحد في قذف الملاعنة]

- ‌[قذف أم النبي]

- ‌[قذف الجماعة بكلمة واحدة]

- ‌[إقامة الحد في الحرم]

- ‌[كتاب القطع في السرقة]

- ‌[مقدار النصاب في السرقة]

- ‌[ما لا قطع فيه في السرقة]

- ‌[محل القطع وكيفيته في السرقة]

- ‌[حكم السارق إذا عاد للسرقة بعد القطع]

- ‌[تلف الشيء المسروق]

- ‌[قطع النباش]

- ‌[القطع في سرقة المحرم كالخمر الخنزير والميتة وآلات اللهو]

- ‌[القطع في سرقة الأب والأم من ولدهما]

- ‌[حكم سرقة العبد من مال سيده]

- ‌[ما يثبت به حد السرقة]

- ‌[اشتراك الجماعة في السرقة]

- ‌[كتاب قطاع الطرق]

- ‌[المقصود بالمحاربين]

- ‌[عقوبة المحاربين]

- ‌[توبة المحارب قبل القدرة عليه]

- ‌[كتاب الأشربة وغيرها] [

- ‌حد الشرب]

- ‌[موت شارب الخمر أثناء الحد]

- ‌[كيفية إقامة الحدود]

- ‌[حكم العصير إذا أتت عليه ثلاثة أيام]

- ‌[حكم النبيذ]

- ‌[حكم انقلاب الخمر خلا]

- ‌[الشرب في آنية الذهب والفضة]

- ‌[التعزير]

- ‌[تعريف التعزير ومقداره]

- ‌[الصيال]

- ‌[حكم دفع الصائل]

- ‌[ضمان جناية الدواب وما أفسدته من الزروع]

- ‌[الحكم لو تصادم فارسان أو رجلان فمات الرجلان أو الدابتان]

- ‌[كتاب الجهاد]

- ‌[حكم الجهاد]

- ‌[فضل الجهاد]

- ‌[غزو البحر أفضل أم غزو البر]

- ‌[الغزو مع الإمام البر والفاجر]

- ‌[مدة الرباط في سبيل الله]

- ‌[إذن الوالدين في الجهاد]

- ‌[قتال أهل الكتاب والمجوس قبل الدعوة للإسلام]

- ‌[دعوة عبدة الأوثان قبل أن يحاربوا]

- ‌[دخول النساء مع المسلمين إلى أرض العدو]

- ‌[ما يجب على الجند تجاه الأمير في الجهاد]

- ‌[ما يفعله الإمام بالأسرى]

- ‌[حكم النفل من الغنيمة]

- ‌[استحقاق القاتل للسلب]

- ‌[إعطاء الأمان للكفار]

- ‌[سهم الفارس والراجل في الجهاد]

- ‌[الرضخ للعبد والمرأة في الجهاد]

- ‌[إعطاء الكافر من الغنيمة إذا قاتل مع المسلمين]

- ‌[إعطاء الطليعة والجاسوس والرسول من الغنيمة]

- ‌[التفريق بين الوالد وولده والوالدة وولدها في السبي]

- ‌[حكم ما أخذه أهل الحرب من أموال المسلمين وعبيدهم فأدركه صاحبه قبل القسمة]

- ‌[مشاركة الجيش وسراياه في الغنيمة]

- ‌[حكم الأكل من الغنيمة]

- ‌[تحريق العدو بالنار وقطع الشجر وقتل الدواب في الجهاد]

- ‌[حكم الزواج في أرض العدو]

- ‌[حكم المعاملة بالربا في أرض العدو]

- ‌[حكم الغلول من الغنيمة]

- ‌[إقامة الحد على المسلم في أرض العدو]

- ‌[قتل الأطفال النساء والرهبان والمشايخ في الحرب]

- ‌[حكم السرقة من الغنيمة]

- ‌[وطئ جارية السبي قبل قسمة الغنيمة]

- ‌[كتاب الجزية]

- ‌[من تقبل منه الجزية]

- ‌[مقدار الجزية]

- ‌[من لا تجب عليه الجزية]

- ‌[حكم إسلام من وجبت عليه الجزية]

- ‌[حكم من نصارى بني تغلب بالنسبة للجزية والزكاة ونحوها]

- ‌[أخذ العشور من أهل الذمة]

- ‌[حكم من نقض عهده من المشركين]

- ‌[كتاب الصيد والذبائح]

- ‌[شروط الصيد بالحيوان]

- ‌[حكم الصيد بالكلب الأسود]

- ‌[حكم أدرك الصيد وفيه روح فلم يذكه حتى مات]

- ‌[الحكم لو رمى الصيد فوقع في ماء أو تردى من جبل]

- ‌[الحكم لو رمى صيدا فأبان منه عضوا]

- ‌[نصب المناجل للصيد]

- ‌[حكم الصيد بالمعراض]

- ‌[حكم صيد السمك بالشيء النجس]

- ‌[ذبيحة المرتد وصيده]

- ‌[ترك التسمية على الصيد أو الذبيحة عمدا أو سهوا]

- ‌[صيد الكتابي]

- ‌[حكم أكل ما قتل بالبندق والحجر]

- ‌[حكم صيد المجوسي]

- ‌[حكم أكل السمك الطافي]

- ‌[ذكاة المقدور عليه من الصيد والأنعام]

- ‌[الحكم لو ذبح الشاة وفي بطنها جنين]

- ‌[ذبيحة الأعمى والأقلف والأخرس]

- ‌[ذبيحة الجنب]

- ‌[ما تستطيبه العرب وما تستخبثه من الدواب]

- ‌[المحرم من الحيوان]

- ‌[حكم أكل المضطر]

- ‌[حكم أكل الضب والضبع والثعلب]

- ‌[حكم أكل الصيد إذا رمي بسهم مسموم]

- ‌[حكم ما كان مأواه البحر وهو يعيش في البر فمات]

- ‌[وقوع النجاسة في مائع كالدهن وما أشبهه]

الفصل: ‌[استحقاق القاتل للسلب]

بلا شرط رواية واحدة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينقل عنه أنه زاد على ذلك، وهل له ذلك بالشرط، لأن زيادة النبي صلى الله عليه وسلم ونقصه يدل على أن ذلك غير مقدر، أو ليس له ذلك، وهو ظاهر كلام الخرقي، وبه قطع أبو محمد لما تقدم؟ على روايتين.

قال: ويرد من نفل على من معه في السرية إذ بقوتهم صار إليه.

ش: يعني أنه إذا جاء بعض السرية بشيء فنفله، ولم يأت بعضهم بشيء فلم ينفله، فإن من نفل يرد على من لم ينفل من السرية، لما علله الخرقي، من أن بقوة من لم ينفل صار المال لمن نفل.

[استحقاق القاتل للسلب]

قال: ومن قتل منا واحدا منهم مقبلا على القتال فله سلبه.

ش: القاتل يستحق السلب في الجملة بلا ريب.

3351 -

لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه» متفق عليه، رواه أبو قتادة وغيره، إذا علم هذا فيشترط لاستحقاقه شروط (أحدها) أن يغرر بنفسه في قتله في حال الحرب، بأن يقتله حال المبارزة، أو والحرب قائمة، ونحو ذلك، قال أحمد: السلب للقاتل إنما هو في المبارزة،

ص: 472

لا يكون في الهزيمة.

3352 -

لما «روى ابن مسعود رضي الله عنه قال: نفلني رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر سيف أبي جهل وكان قتله» . رواه أبو داود.

3353 -

وإنما أدرك ابن مسعود أبا جهل وبه رمق، فأجهز عليه، كذا روي معنى ذلك في أبي داود وغيره، ولو لم يكن التغرير شرطا لدفع إليه السلب أجمع، فعلى هذا لو رمى بسهم إلى صف الكفار، فقتل فلا سلب له، لعدم التغرير، وكذلك لو حمل جماعة من المسلمين على واحد فقتلوه، فلا سلب لهم، ويكون غنيمة لذلك، وكذلك إذا قتله اثنان على المنصوص في رواية حرب، (وعن القاضي) : هو لهما؛ لعموم «من قتل قتيلا» واستثنى أبو محمد ما إذا قتله اثنان، وكانت ضربة أحدهما أبلغ في قتله من الأخرى، أن السلب يكون له.

ص: 473

3354 -

مستدلا «بأن أبا جهل ضربه معاذ بن عفراء، ومعاذ بن عمرو بن الجموح، وأتيا النبي صلى الله عليه وسلم فأخبراه، فقال: «أيكما قتله» ؟ فقال كل واحد منهما: أنا قتلته. فقال: «هل مسحتما سيفيكما» ؟ قالا: لا، فنظر في السيفين فقال:«كلاكما قتله» وقضى بسلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح» ، متفق عليه. وهذا يحتمل أن يكون كما قاله أبو محمد، ويحتمل أنه نفل السلب لمعاذ بن عمرو وإن لم يستحقه، ويكون في هذا دليل على أن للإمام أن ينفل بعض الغانمين. ومن صور التغرير أن يكون المقتول مقبلا على القتال، فإن كان مدبرا فلا سلب له، لعدم التغرير في قتله، ولأن المسلمين قد كفوا شره بانهزامه، فأشبه ما لو كان مأسورا، واستثنى أبو محمد من ذلك ما إذا انهزم والحرب قائمة، فأدركه إنسان فقتله فإن سلبه له.

3355 -

معتمدا على «أن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قتل طليعة الكفار وهو منهزم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «من قتل الرجل» ؟ قالوا: سلمة بن الأكوع، قال:«له سلبه أجمع» » ، والحديث في الصحيحين، ومن صوره أيضا أن يكون الكافر ممتنعا، فإن كان مثخنا بالجراح، وقتله إنسان فلا شيء له، لعدم التغرير، وقد تقدم حديث ابن مسعود في ذلك، (واعلم) أن جماعة من الأصحاب يجعلون كل واحد من هذه

ص: 474

شرطا، والذي يظهر أنها كلها ترجع إلى التغرير، والإشارة إلى هذا الشرط في قول الخرقي: مقبلا على القتال. (الشرط الثاني) أن يقتل الكافر، كما في الحديث «من قتل قتيلا» أو يثخنه بجراح يصيره في حكم المقتول، لأنه إذا صار في حكم الميت، ولو قطع أربعته، وقتله آخر فسلبه للقاطع، [لا أعلم فيه خلافا] ، لأنه الذي كفى المسلمين شره، وصيره في حكم الميت. وكذلك لو قطع يديه أو رجليه على وجه لذلك، وعلى آخر هو للقاتل، لعموم الحديث، وعلى ثالث هو غنيمة، كما لو اشترك اثنان في قتله، وكذلك الأقوال الثلاثة فيما إذا قطع يده ورجله، ثم قتله آخر، والمنصوص أنه غنيمة، وهو المقدم في التي قبلها أيضا، ولو قطع يدا أو رجلا ثم قتله آخر، فالسلب للقاتل على ما قطع به أبو البركات، وحكاه في المغني احتمالا، لأنه الذي كفى المسلمين شره، وقطع في الكافي بأنه غنيمة، كما لو اشترك اثنان في قتله، وهذا الذي أورده في المغني مذهبا، ولو أسره فقتله الإمام فلا شيء له من السلب، على المذهب المنصوص لعدم القتل. (الشرط الثالث) أن يكون القاتل ممن له حق في الغنيمة، فإن لم يكن له فيها حق أصلا، كالمخذل والمرجف، والمعين

ص: 475

على المسلمين فلا شيء له لأنه ليس من أهل الجهاد، وإن كان له فيها حق لكن إرضاخ لا إسهام، كالصبي والمرأة ونحوهما، فهل يستحق السلب إذا قتل، لعموم الحديث، وبه قطع أبو محمد، أو لا يستحقه، لأن السهم آكد منه للإجماع عليه وهو لا يستحقه، فالسلب أولى؟ (الشرط الرابع) أن يكون المقتول من المقاتلة، فإن كان شيخا فانيا، أو صبيا، أو امرأة، ونحو ذلك ممن قد نهي عن قتله، لم يستحق قاتله سلبه، بلا خلاف نعلمه، فإن قاتل هؤلاء فهل يستحق قاتلهم سلبهم، وبه قطع أبو محمد، لجواز قتلهم إذا، أو لا يستحق سدا للذريعة؟ فيه وجهان.

(تنبيه) : قال أبو محمد: إذا بارز العبد بغير إذن مولاه لم يستحق السلب، لأنه عاص، وكذلك كل عاص كمن دخل بغير إذن، (وعن أحمد) فيمن دخل بغير إذن يؤخذ منه الخمس، وباقيه له كالغنيمة، قال: ويخرج في العبد مثله، قلت: قد يقال تعلق الحق بالغنيمة آكد للإجماع عليها، بخلاف السلب، فإن منهم من يجعله كالنفل، لا يستحق إلا بالشرط، ثم قال: إنه لا يشترط في استحقاق

ص: 476

السلب أن تكون المبارزة بإذن الإمام، لعموم الخبر، ولأن كل من قضي له بالسلب في عصره صلى الله عليه وسلم لم ينقل أنه أذن له في المبارزة، (قلت) : وهذا يتمشى على قوله، من أن الإذن في المبارزة مندوب إليه لا واجب، أما على ما يقوله الخرقي وغيره فلا.

قال: غير مخموس.

ش: يعني أن القاتل يستحق السلب إذا وجدت شروطه من غير تخميس، لعموم ما تقدم.

3356 -

وعن أنس رضي الله عنه «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم حنين: «من قتل رجلا فله سلبه» فقتل أبو طلحة يومئذ عشرين رجلا، وأخذ أسلابهم» . رواه أحمد وأبو داود، «وفي لفظ:«من تفرد بدم رجل فقتله فله سلبه» قال: فجاء أبو طلحة بسلب أحد وعشرين رجلا» . رواه أحمد، وفيه دليل على أن من شرط استحقاق السلب التغرير في القتل، وأن المشتركين في القتل لا يستحقان السلب كما تقدم.

ص: 477

3357 -

«وعن عوف بن مالك وخالد بن الوليد رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخمس السلب» ، رواه أحمد وأبو داود. ومقتضى كلام الخرقي أن السلب يكون من أصل الغنيمة، لا من خمس الخمس، وهو كذلك لإطلاق الحديث.

قال: قال ذلك الإمام أو لم يقل.

ش: يعني أن السلب يستحقه القاتل، اشترط ذلك الإمام أو لم يشترطه، هذا هو المنصوص المشهور، والمذهب عند عامة الأصحاب، واختار أبو بكر أنه لا يستحقه إلا من شرطه له الإمام، وحكى ذلك غير واحد من الأصحاب رواية عن أحمد، وأخذها القاضي في الروايتين من قول أحمد في رواية حرب: ليس له ذلك إلا أن يكون قتاله بإذن الإمام، وهذا المأخذ لا يدل على المدعى، وبالجملة مدرك الخلاف في ذلك أن قوله: صلى الله عليه وسلم «من قتل قتيلا فله سلبه» هل ذلك بيان لشرع عام، أو مختص بتلك

ص: 478

الواقعة، فلا يستحق إلا بالشرط، وكذلك حكم النبي صلى الله عليه وسلم بالسلب للقاتلين، كسلمة بن الأكوع وغيره، هل ذلك لاستحقاقهم إياه مطلقا، أو من باب النفل؟ ويرجح الأول أن الأصل عدم التخصيص، وبيان الشرع العام، ثم إن أبا قتادة كان قد قتل القتيل قبل أن يقول النبي صلى الله عليه وسلم:«من قتل قتيلا فله سلبه» » وأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم سلبه، ولو كان إنما يستحق بالشرط لما أعطاه النبي صلى الله عليه وسلم السلب.

3358 -

«قال أبو قتادة: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حنين، فلما التقينا كانت للمسلمين جولة، قال: فرأيت رجلا من المشركين قد علا رجلا من المسلمين، فاستدرت إليه حتى أتيته من ورائه، وضربته على حبل عاتقه، وأقبل علي فضمني ضمة وجدت منها ريح الموت، ثم أدركه الموت فأرسلني، فلحقت عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: ما للناس؟ فقلت: أمر الله، ثم إن الناس رجعوا، وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه» قال: فقمت فقلت: من يشهد لي؟ ثم جلست، ثم قال مثل ذلك، قال: فقمت فقلت: من يشهد لي؟ ثم جلست، ثم قال ذلك الثالثة، فقمت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«ما لك يا أبا قتادة» ؟ فقصصت عليه القصة، فقال رجل من القوم: صدق يا رسول الله، سلب ذلك القتيل عندي، فأرضه من حقه، فقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: لا ها الله إذا لا يعمد إلى أسد من أسد الله، يقاتل عن

ص: 479

الله وعن رسوله فيعطيك سلبه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صدق فأعطه إياه» » متفق عليه. لا يقال: فالرسول صلى الله عليه وسلم دفع إليه السلب من غير بينة ولا يمين، لأنا نقول: قد شهد له واحد، وقد يكتفي في مثل ذلك بالواحد، لتعذر إقامة اثنين، أو يكون قبول الواحد إذا خاصا بأبي قتادة رضي الله عنه.

3359 -

وما في مسلم والمسند «عن عوف بن مالك رضي الله عنه قال: قتل رجل من حمير رجلا من العدو، فأراد سلبه فمنعه خالد بن الوليد رضي الله عنه وكان واليا عليهم، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم عوف بن مالك، فأخبره فقال لخالد: «ما منعك أن تعطيه سلبه» ؟ قال: استكثرته يا رسول الله، قال:«ادفعه إليه» فمر خالد بعوف فجر بردائه، ثم قال: هل أنجزت لك ما ذكرت لك من رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستغضب فقال: «لا تعطه يا خالد، هل أنتم تاركون لي أمرائي، إنما مثلي ومثلكم كمثل رجل استرعى إبلا وغنما، فرعاها ثم تحين سقيها، فأوردها حوضا، فشرعت فيه، فشربت صفوه وتركت كدره، فصفوه لكم، وكدره لهم» » فقيل: منع رسول الله

ص: 480

- صلى الله عليه وسلم السلب عقوبة، ويرد أنه عاقب من لم يذنب، والله أعلم.

قال: والدابة وما عليها من آلتها من السلب، إذا قتل وهو عليها، وكذلك جميع ما عليه من الثياب والسلاح والحلي وإن كثر، فإن كان معه مال لم يكن من السلب، وقد روي عن أبي عبد الله رحمه الله قول آخر في الدابة أنها ليست من السلب.

ش: في الدابة ثلاث روايات (إحداها) أنها من السلب مطلقا، أعني سواء كان يقاتل عليها أو ممسكا بعنانها.

3360 -

أما إذا كان يقاتل عليها فلما «روى عوف بن مالك رضي الله عنه قال: خرجت مع زيد بن حارثة رضي الله عنه في غزوة مؤتة، ورافقني مددي من أهل اليمن، ومضينا فلقينا جموع الروم، وفيهم رجل على فرس أشقر، عليه سرج مذهب، وسلاح مذهب، فجعل الرومي يغري بالمسلمين، فقعد له المددي خلف صخرة، فمر به الرومي فعرقب فرسه فخر وعلاه فقتله، وحاز فرسه وسلاحه، فلما فتح الله عز وجل للمسلمين، بعث إليه خالد بن الوليد رضي الله عنه فأخذ منه السلب، قال عوف: فأتيته فقلت: يا خالد أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالسلب

ص: 481

للقاتل؟ قال: بلى، ولكني استكثرته. وذكر الحديث إلى آخره. . .» رواه أحمد وأبو داود، وأما إذا كان ماسكا بعنانها فلأنها معدة للقتال عليها، متمكن من ذلك، فأشبهت سيفه أو رمحه الذي في يده. (والثانية) : ليست من السلب مطلقا، اختارها أبو بكر، لأن السلب اسم لما كان على البدن، وذكر أبو عبد الله حديث عمرو بن معديكرب: فأخذ سواريه ومنطقته، يعني ولم يذكر فرسه. (والثالثة) : إن قاتل عليها فهي من السلب، لما تقدم في حديث عوف، وإن كان ممسكا بعنانها فليست من السلب، لما تقدم في دليل الثانية، خرج منه إذا كان يقاتل عليها، لفهم الصحابة، فيبقى ما عداه على مقتضى اللغة، وهذه الرواية أعدل الأقوال، وهي اختيار الخرقي، والخلال، ولا يغرنك قول أبي محمد في الكافي: إن اختيار الخلال الرواية الثانية كتلميذه، فإنه وهم، ولا نزاع أن التي في بيته أو مع غلامه أو مجنوبة ونحو ذلك لا تكون من السلب، وحيث حكم بالدابة أنها من السلب فكذلك ما عليها من آلتها، من سرج ولجام ونحو ذلك، لا ما كان محمولا عليها من دراهم

ص: 482

ونحو ذلك، إذا علم حكم الدابة، فالذي هو سلب عندنا بلا ريب ما كان على المقتول، من ثياب كعمامة، ودرع ومغفر ونحو ذلك، وسلاح كرمح وسيف، وسكين ونحو ذلك، وحلي كتاج وأسورة ونحوهما، لأن ذلك يدخل في اسم السلب. فشمله قول الرسول صلى الله عليه وسلم:«من قتل قتيلا فله سلبه» .

3361 -

وفي حديث عمرو بن معديكرب أنه حمل على أسوار فطعنه فدق صلبه فصرعه، فنزل إليه فقطع يده، وأخذ سوارين كانا عليه، ويلمقا من ديباج وسيفا ومنطقة، فسلم ذلك له، فأما المال الذي معه في كمرانه أو خريطته فليس من السلب، وكذلك خيمته ورحله، ونحو ذلك مما ليس في يده، لأن ذلك لا يدخل في مسمى السلب، فلا يتناوله الحديث.

ص: 483