الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[ما يجب على الجند تجاه الأمير في الجهاد]
قال: وإذا غزا الأمير بالناس لم يجز لأحد أن يتعلف ولا يحتطب، ولا يبارز علجا، ولا يخرج من العسكر ولا يحدث حدثا إلا بإذنه.
ش: لأن الأمير أعرف بحال الناس وحال العدو، ومكامنهم وقوتهم، فإذا خرج إنسان أو بارز بغير إذنه لم يأمن أن يصادف كمينا للعدو فيأخذوه، أو يرحل الأمير بالمسلمين ويتركه فيهلك، أو يكون ضعيفا لا يقوى على المبارزة فيظفر العدو به، فتنكسر قلوب المسلمين. بخلاف ما إذا أذن، فإنه لا يأذن إلا إذا انتفت المفسدة، وقد أشار الله سبحانه إلى ذلك حيث قال:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ} [النور: 62] الآية. وقد فهم من كلام الخرقي جواز المبارزة بإذن الأمير، وهو قول العامة، وقد شاع وذاع مبارزة الصحابة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعده.
3328 -
قال قيس بن عباد: سمعت أبا ذر رضي الله عنه يقسم قسما أن {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} [الحج: 19] أنها نزلت في الذين برزوا يوم بدر، حمزة وعلي وعبيدة بن الحارث، وعتبة وشيبة ابني ربيعة، والوليد بن عتبة. . . متفق عليه.
3329 -
وكذلك قال علي رضي الله عنه: نزلت هذه الآية في مبارزتنا يوم بدر {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} [الحج: 19] رواه البخاري.
3330 -
ويروى عن علي رضي الله عنه أنه قال: قتلت تسعة وتسعين رئيسا من المشركين مبارزة، سوى من شاركت فيه. وقد صرح الخرقي بأن المبارزة بدون إذن حرام، وظاهر كلام أبي محمد في المغني الكراهة، قال: ينبغي أن يستأذن الأمير في المبارزة إذا أمكن.
قال: ومن أعطي شيئا يستعين به في غزاته فما فضل فهو له، فإن لم يعط لغزاة بعينها رد ما فضل في الغزو.
ش: من أعطي شيئا ليستعين به في الغزاة فله حالتان (إحداهما) أن يعطى لغزوة بعينها، فهذا إذا غزا وفضلت فضلة فهي له، لأن المقصود أن يغزو هذا المعين هذه الغزوة، والدفع على سبيل المعاونة، أشبه ما لو وصى أن يحج عنه فلان بألف.
3331 -
وكان ابن عمر رضي الله عنهما إذا أعطى شيئا للغزو يقول لصاحبه: إذا بلغت وادي القرى فشأنك به. (الثانية) أن يعطى للغزو مطلقا، أو للنفقة في سبيل الله، فهذا إذا غزا وفضلت منه فضلة أنفقه في غزاة أخرى، لأن الدفع لجهة قربة، فلزم صرف جميعه فيها، كما إذا أوصى أن يحج عنه بألف، وهذه المسألة غير مسألة الدفع في الزكاة.
قال: وإذا حمل الرجل على دابة فإذا رجع من الغزو فهي له، إلا أن يقول: هي حبيس فلا يجوز بيعها إلا أن تصير في حال لا تصلح للغزو، فتباع وتجعل في حبيس آخر.
ش: إذا حمل الرجل على دابة للغزو، فإذا رجع من الغزو فالدابة له، كالنفقة المدفوعة إليه.
3332 -
«وقال عمر: حملت على فرس في سبيل الله، فأضاعه صاحبه الذي كان عنده، فأردت أن أشتريه منه، وظننت أنه بائعه برخص، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «لا تشتره، ولا تعد في صدقتك، وإن أعطاكه بدرهم، فإن العائد في
صدقته كالعائد في قيئه» متفق عليه. وهذا يدل على ملكه له، ولولا ذلك لما باعه، ولم يفرق الخرقي هنا بين أن يدفعه ليغزو عليه غزوة معينة، أو للغزو وأطلق، وقياس ما تقدم التفرقة، وهذا كله مع الإطلاق، أما لو صرح له بالعارية أو بالحبسية، ونحو ذلك فإنه يعمل على ذلك، ففي العارية يرد إلى مالكه، وفي الحبسية يجعل في الحبس، ولا يجوز بيعه، لما تقدم في الوقف من أنه لا يجوز بيع العين الموقوفة إلا أن يئول الفرس إلى حال لا يصلح للغزو، فإنه يباع ويجعل في حبيس آخر، وقد تقدم ذلك في الوقف.
قال: وكذلك المسجد إذا ضاق بأهله، أو كان في مكان لا يصلى فيه، جاز أن يباع ويصير في مكان ينتفع به.
ش: يعني وكذلك المسجد إذا ضاق بأهله، أو كان في مكان لا ينتفع به، كأن ينتقل أهل القرية عنه، أو يخاف في الذهاب إليه من اللصوص ونحو ذلك، فإنه يجوز بيعه على المذهب المشهور، قال أحمد في رواية صالح: يحول المسجد خوفا من اللصوص، وإذا كان موضعه قذرا، قال القاضي: يعني إذا كان ذلك يمنع من الصلاة فيه. ونص على بيع عرصته في رواية عبد الله، وذلك لما تقدم في جواز بيع الوقف،
وبيع الفرس الحبيس، وقد بالغ أحمد في رواية أبي داود، فقال في مسجد أراد أهله رفعه من الأرض، ويجعل تحته سقاية وحوانيت، فامتنع بعضهم من ذلك، فقال: ينظر إلى قول أكثرهم، وقد أخذ القاضي بظاهر اللفظ، وأن أهل المسجد لهم رفعه، وجعل سقاية تحته، لحاجتهم إلى ذلك، وأبى ذلك ابن حامد، وحمل كلام أحمد على مسجد أراد أهله إنشاءه ابتداء، واختلفوا كيف يعمل، وفي هذا التأويل بعد من اللفظ. (وعن أحمد) رواية أخرى في أصل المسألة أن المساجد لا تباع، ولكن تنقل آلتها إلى مسجد آخر، لإمكان بقاء العين مع صرفه في جهة المسجدية، ولذلك قلنا على المذهب أنه إذا لم يمكن إنشاء مسجد بالثمن صرف في شقص مسجد. (تنبيه) يكون البائع لذلك الإمام أو نائبه، نص عليه، وكذلك المشتري بالثمن، وكذلك كل وقف لا ناظر له.
قال: وكذلك الأضحية إذا أبدلها بخير منها.
ش: سيأتي الكلام على الأضحية إن شاء الله تعالى في بابها.