المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الأحق بكفالة الطلفل بعد الأم] - شرح الزركشي على مختصر الخرقي - جـ ٦

[الزركشي الحنبلي]

فهرس الكتاب

- ‌[كتاب النفقات] [

- ‌نفقة الزوجة]

- ‌[نفقة الوالدين والأولاد]

- ‌[نفقة الصبي أو الصبية إذا لم يكن له أب وكان فقيرا]

- ‌[نفقة الرقيق]

- ‌[نفقة المعتق إذا كان فقيرا]

- ‌[نفقة أولاد العبد والأمة]

- ‌[نفقة ولد المكاتبة]

- ‌[باب الحال التي تجب فيها النفقة على الزوج]

- ‌[نفقة المطلقة المبتوتة]

- ‌[نفقة المختلعة]

- ‌[نفقة المرأة الناشز]

- ‌[باب من أحق بكفالة الطفل]

- ‌[تخيير الغلام والأمة بين أبويه بعد البلوغ]

- ‌[الأحق بكفالة الطلفل بعد الأم]

- ‌[باب نفقة المماليك]

- ‌[كتاب الجراح]

- ‌[أنواع القتل]

- ‌[القتل العمد وموجبه]

- ‌[القتل شبه العمد وموجبه]

- ‌[القتل الخطأ وموجبه]

- ‌[المماثلة بين القاتل والمقتول من شروط القصاص]

- ‌[جناية الصبي والمجنون والسكران]

- ‌[القصاص بين الوالد وولده]

- ‌[قتل الجماعة بالواحد]

- ‌[اشتراك الأب وغيره في القتل العمد]

- ‌[اشترك الصبي والمجنون والبالغ في القتل]

- ‌[القصاص بين الذكر والأنثى]

- ‌[دية العبد]

- ‌[باب القود]

- ‌[شروط القصاص في الجراح]

- ‌[لا قصاص في المأمومة ولا الجائفة]

- ‌[باب ديات النفس]

- ‌[دية الحر المسلم]

- ‌[ما تحمله العاقلة من الدية]

- ‌[جناية الرقيق]

- ‌[المقصود بالعاقلة]

- ‌[حكم من وجبت عليه دية ولم تكن له عاقلة]

- ‌[دية الحر الكتابي]

- ‌[دية المجوسي]

- ‌[دية الحرة المسلمة]

- ‌[دية العبد والأمة]

- ‌[دية الجنين]

- ‌[الحكم لو رمى ثلاثة بالمنجنيق فرجع الحجر فقتل رجلا]

- ‌[باب ديات الجراح]

- ‌[جراح المرأة تساوي جراح الرجل إلى الثلث]

- ‌[حكم من وطئ زوجته وهي صغيرة ففتقها]

- ‌[دية الشجاج التي لا توقيت فيها]

- ‌[دية ما لم يكن فيه من الجراح توقيت]

- ‌[تعريف الحكومة]

- ‌[دية العبد والأمة والخنثى فيما ليس فيه توقيت]

- ‌[كتاب القسامة]

- ‌[كفارة القتل الخطأ]

- ‌[ما يثبت به القصاص]

- ‌[باب قتال أهل البغي]

- ‌[أنواع البغي]

- ‌[طرق دفع البغي]

- ‌[حكم القتيل من أهل العدل]

- ‌[الآثار المترتبة على قتال البغاة]

- ‌[كتاب المرتد]

- ‌[استتابة المرتد]

- ‌[أحكام الزنديق]

- ‌[استتابة تارك الصلاة]

- ‌[ذبيحة المرتد]

- ‌[الحكم بإسلام الصبي]

- ‌[حكم الأولاد إذا ارتد الزوجان ولحقا بدار الحرب]

- ‌[حكم من شهد عليه بالردة فأنكر]

- ‌[حكم من أقر بالردة ثم رجع أو أنكر]

- ‌[حكم ردة السكران]

- ‌[كتاب الحدود]

- ‌[حد الزنا]

- ‌[الموضع الذي يجب فيه الحد في الزنا]

- ‌[حكم اللواط]

- ‌[إتيان البهيمة]

- ‌[ما يثبت به حد الزنا]

- ‌[الرجوع عن الإقرار بالزنا]

- ‌[تكرار الزنا هل يوجب تكرار الحد]

- ‌[تحاكم أهل الذمة إلينا في الزنا]

- ‌[حد القذف]

- ‌[الحد في قذف الملاعنة]

- ‌[قذف أم النبي]

- ‌[قذف الجماعة بكلمة واحدة]

- ‌[إقامة الحد في الحرم]

- ‌[كتاب القطع في السرقة]

- ‌[مقدار النصاب في السرقة]

- ‌[ما لا قطع فيه في السرقة]

- ‌[محل القطع وكيفيته في السرقة]

- ‌[حكم السارق إذا عاد للسرقة بعد القطع]

- ‌[تلف الشيء المسروق]

- ‌[قطع النباش]

- ‌[القطع في سرقة المحرم كالخمر الخنزير والميتة وآلات اللهو]

- ‌[القطع في سرقة الأب والأم من ولدهما]

- ‌[حكم سرقة العبد من مال سيده]

- ‌[ما يثبت به حد السرقة]

- ‌[اشتراك الجماعة في السرقة]

- ‌[كتاب قطاع الطرق]

- ‌[المقصود بالمحاربين]

- ‌[عقوبة المحاربين]

- ‌[توبة المحارب قبل القدرة عليه]

- ‌[كتاب الأشربة وغيرها] [

- ‌حد الشرب]

- ‌[موت شارب الخمر أثناء الحد]

- ‌[كيفية إقامة الحدود]

- ‌[حكم العصير إذا أتت عليه ثلاثة أيام]

- ‌[حكم النبيذ]

- ‌[حكم انقلاب الخمر خلا]

- ‌[الشرب في آنية الذهب والفضة]

- ‌[التعزير]

- ‌[تعريف التعزير ومقداره]

- ‌[الصيال]

- ‌[حكم دفع الصائل]

- ‌[ضمان جناية الدواب وما أفسدته من الزروع]

- ‌[الحكم لو تصادم فارسان أو رجلان فمات الرجلان أو الدابتان]

- ‌[كتاب الجهاد]

- ‌[حكم الجهاد]

- ‌[فضل الجهاد]

- ‌[غزو البحر أفضل أم غزو البر]

- ‌[الغزو مع الإمام البر والفاجر]

- ‌[مدة الرباط في سبيل الله]

- ‌[إذن الوالدين في الجهاد]

- ‌[قتال أهل الكتاب والمجوس قبل الدعوة للإسلام]

- ‌[دعوة عبدة الأوثان قبل أن يحاربوا]

- ‌[دخول النساء مع المسلمين إلى أرض العدو]

- ‌[ما يجب على الجند تجاه الأمير في الجهاد]

- ‌[ما يفعله الإمام بالأسرى]

- ‌[حكم النفل من الغنيمة]

- ‌[استحقاق القاتل للسلب]

- ‌[إعطاء الأمان للكفار]

- ‌[سهم الفارس والراجل في الجهاد]

- ‌[الرضخ للعبد والمرأة في الجهاد]

- ‌[إعطاء الكافر من الغنيمة إذا قاتل مع المسلمين]

- ‌[إعطاء الطليعة والجاسوس والرسول من الغنيمة]

- ‌[التفريق بين الوالد وولده والوالدة وولدها في السبي]

- ‌[حكم ما أخذه أهل الحرب من أموال المسلمين وعبيدهم فأدركه صاحبه قبل القسمة]

- ‌[مشاركة الجيش وسراياه في الغنيمة]

- ‌[حكم الأكل من الغنيمة]

- ‌[تحريق العدو بالنار وقطع الشجر وقتل الدواب في الجهاد]

- ‌[حكم الزواج في أرض العدو]

- ‌[حكم المعاملة بالربا في أرض العدو]

- ‌[حكم الغلول من الغنيمة]

- ‌[إقامة الحد على المسلم في أرض العدو]

- ‌[قتل الأطفال النساء والرهبان والمشايخ في الحرب]

- ‌[حكم السرقة من الغنيمة]

- ‌[وطئ جارية السبي قبل قسمة الغنيمة]

- ‌[كتاب الجزية]

- ‌[من تقبل منه الجزية]

- ‌[مقدار الجزية]

- ‌[من لا تجب عليه الجزية]

- ‌[حكم إسلام من وجبت عليه الجزية]

- ‌[حكم من نصارى بني تغلب بالنسبة للجزية والزكاة ونحوها]

- ‌[أخذ العشور من أهل الذمة]

- ‌[حكم من نقض عهده من المشركين]

- ‌[كتاب الصيد والذبائح]

- ‌[شروط الصيد بالحيوان]

- ‌[حكم الصيد بالكلب الأسود]

- ‌[حكم أدرك الصيد وفيه روح فلم يذكه حتى مات]

- ‌[الحكم لو رمى الصيد فوقع في ماء أو تردى من جبل]

- ‌[الحكم لو رمى صيدا فأبان منه عضوا]

- ‌[نصب المناجل للصيد]

- ‌[حكم الصيد بالمعراض]

- ‌[حكم صيد السمك بالشيء النجس]

- ‌[ذبيحة المرتد وصيده]

- ‌[ترك التسمية على الصيد أو الذبيحة عمدا أو سهوا]

- ‌[صيد الكتابي]

- ‌[حكم أكل ما قتل بالبندق والحجر]

- ‌[حكم صيد المجوسي]

- ‌[حكم أكل السمك الطافي]

- ‌[ذكاة المقدور عليه من الصيد والأنعام]

- ‌[الحكم لو ذبح الشاة وفي بطنها جنين]

- ‌[ذبيحة الأعمى والأقلف والأخرس]

- ‌[ذبيحة الجنب]

- ‌[ما تستطيبه العرب وما تستخبثه من الدواب]

- ‌[المحرم من الحيوان]

- ‌[حكم أكل المضطر]

- ‌[حكم أكل الضب والضبع والثعلب]

- ‌[حكم أكل الصيد إذا رمي بسهم مسموم]

- ‌[حكم ما كان مأواه البحر وهو يعيش في البر فمات]

- ‌[وقوع النجاسة في مائع كالدهن وما أشبهه]

الفصل: ‌[الأحق بكفالة الطلفل بعد الأم]

حتى تستغني، قيل له: وما غنى الجارية؟ قال: حتى تتزوج. ويستدل لذلك بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أنت أحق به ما لم تنكحي» وبقصة ابنة حمزة.

2890 -

ويرشحه أن في الحديث «من فرق بين والدة وولدها، فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة» والله أعلم.

[الأحق بكفالة الطلفل بعد الأم]

قال: وإذا لم تكن أم أو تزوجت الأم، فأم الأب أحق من الخالة.

ش: إذا لم تكن أم أو تزوجت الأم، أو قام بها مانع من فسق ونحوه، فإن أم الأب مقدمة على الخالة، على المشهور من الروايتين، والمختار لعامة الأصحاب، لأنها جدة وارثة، فقدمت كأم الأم، ولأن لها ولادة ووراثة، فأشبهت أم الأم، وعن أحمد رواية أخرى أن الأخت من الأم والخالة يقدمان على أم الأب استدلالا بحديث ابنة حمزة.

2891 -

فعن البراء بن عازب رضي الله عنه، «أن ابنة حمزة اختصم فيها

ص: 35

علي وجعفر وزيد رضي الله عنهم، فقال علي: أنا أحق بها، هي ابنة عمي، وقال جعفر: هي بنت عمي، وخالتها تحتي، وقال زيد: ابنة أخي، فقضى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم لخالتها، وقال:«الخالة بمنزلة الأم» متفق عليه.

2892 -

ورواه أحمد أيضا من حديث علي رضي الله عنه، وفيه:«والجارية عند خالتها، فإن الخالة والدة» وكذلك رواه أبو داود من حديث علي رضي الله عنه، وقال:«إنما الخالة الأم» فجعل الخالة بمنزلة الأم، ولا ريب أن الأم مقدمة على أم الأب، فكذلك من بمنزلتها، وهذا ظاهر في الاستدلال، فعلى هذه الرواية قال أبو الخطاب ومن تبعه: يكون هؤلاء أحق من الأخت من الأم، ومن جميع العصبات، وقال أبو البركات: يحتمل على هذه الرواية تقديم نساء الحضانة على كل رجل، ويحتمل أن يقدمن إلا على من أدلين به، ويحتمل تقديم نساء الأم على الأب وأمهاته، وسائر من في جهته، وأن كل امرأة في درجة رجل تقدم هي ومن أدلى بها عليه. انتهى.

ص: 36

وعلى الأولى ظاهر كلام الخرقي أن أم الأب مقدمة على أم الأم، لقوله: فإن لم تكن أم، أو تزوجت الأم فأم الأب أحق من الخالة، وصرح بذلك بعد في قوله: والأخت من الأب أحق من الأخت من الأم، وخالة الأب أحق من خالة الأم؛ وهذا إحدى الروايتين، وهو أن قرابة الأب كأمه وأخته، ومن يدلي به هل تقدم على قرابة الأم كأمها وأختها ومن يدلي بها؟ على روايتين منصوصتين، (إحداهما) قرابة الأب مقدمة، كما يقوله الخرقي، وهو مقتضى قول القاضي في تعليقه، وفي جامعه الصغير، والشيرازي وابن البنا، لتقديمهم الأخت للأب على الأخت للأم، وذلك لأن التمييز له مزية في التقديم، وقرابة الأب ساوت قرابة الأم في القرب، وتميزت عنها بإدلائها بعصبة (والرواية الثانية) قرابة الأم مقدمة، وهو اختيار القاضي في روايتيه، وابن عقيل في تذكرته، لتمييز قرابة الأم بإدلائها بمن تقدم على الأب وهو الأم.

وقد تضمن كلام الخرقي أن المرأة إذا تزوجت سقطت حضانتها، وهو المذهب في الجملة بلا ريب، لما تقدم من قوله: صلى الله عليه وسلم «أنت أحق به ما لم تنكحي» (وعنه) في الجارية خاصة لا تسقط حضانتها بالتزويج، نظرا لحديث ابنة حمزة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بها لها مع كونها كانت مزوجة، وأجيب عن هذا بأنها كانت زوجة لقريب، وإنما تسقط الحضانة إذا كانت مزوجة بأجنبي، وهذه مسألة تستثنى من كلام الخرقي،

ص: 37

وهو أن التزويج مسقط للحضانة إلا بقريب من الطفل، وقيل: شرط القريب أن يكون جدا للطفل، ومقتضى كلام أبي محمد في المغني أن من شرطه أن يكون من أهل الحضانة، وإذًا لا يحسن منه الجواب عن الحديث، لأن جعفرا رضي الله عنه كان ابن عمها، وليس هو من أهل الحضانة، وحيث قيل: إن التزويج مسقط للحضانة فذلك بمجرده من غير دخول، على مقتضى كلام الخرقي وعامة الأصحاب، إعمالا لظاهر الحديث، ولأبي محمد احتمال أن حقها لا يسقط إلا بالدخول، نظرا إلى المعنى المقتضي لإسقاط حقها بالتزويج، وهو الاشتغال بالزوج والتخصيص به، وذلك منتف قبل الدخول، والله أعلم.

قال: والأخت من الأب أحق من الأخت من الأم، وأحق به من الخالة، وخالة الأب أحق من خالة الأم.

ش: قد تقدم هذا، وأن مذهب الخرقي أن قرابة الأب تقدم على قرابة الأم، فلا حاجة إلى إعادته، وتقدم أن عن أحمد رواية أخرى مشهورة بالعكس، ورواية أخرى أن الخالة أحق من أم الأب، وأن على هذه الرواية تقدم الخالة على الأخت من الأب، لتقديمها على من أدلت به.

قال: وإذا أخذ الولد من الأم إذا تزوجت، ثم طلقت عادت على حقها من كفالته.

ش: لا نزاع عندنا في ذلك، إذا كان الطلاق بائنا، لأن حقها

ص: 38

إنما زال لمعنى، وهو الاشتغال بالزوج، فإذا طلقت زال ذلك المعنى، فتعود إلى ما كانت عليه، واختلف فيما إذا كان الطلاق رجعيا، فظاهر كلام الخرقي - وهو الذي نصبه القاضي في تعليقه، وقطع به جمهور أصحابه، كالشريف، وأبي الخطاب، والشيرازي، وابن البنا وابن عقيل في التذكرة - أن حقها يعود، نظرا إلى زوال اشتغالها به، لعزلها عن فراشه، وعدم القسم لها عليه، وقال القاضي: قياس المذهب أن حقها لا يعود حتى تنقضي عدتها، بناء على أن الرجعية مباحة، فاشتغالها بالزوج لم يزل، وعلى هذا فقول الخرقي جار على قاعدته من تحريم الرجعية، وأبو محمد خرج الوجه الثاني من كون النكاح قبل الدخول مزيلا للحضانة مع عدم الشغل، والله أعلم.

قال: وإذا تزوجت المرأة فلزوجها أن يمنعها من رضاع ولدها إلا أن يضطر إليها، أو يخشى عليه التلف.

ش: للزوج منع المرأة من رضاع ولدها من غيره، ومن رضاع ولد غيرها بطريق الأولى، إذ عقد النكاح يقتضي تمليك الزوج الاستمتاع في كل الزمان، ما لم يضر بها، سوى أوقات الصلوات، والرضاع يفوت الاستمتاع في بعض الأوقات، فكان له المنع، كالخروج من منزله، فإن اضطر الولد إليها، بأن لا يوجد مرضعة سواها، أو لا يقبل الولد ثدي غيرها، وخشي عليه التلف، فليس للزوج المنع نظرا لحفظ النفس

ص: 39

المقدم على حق الزوج، وملخصه أنه يجب ارتكاب أدنى المفسدتين لدفع أعلاهما، وقول الخرقي: من رضاع ولدها. ظاهر سياق كلامه أنه من غيره، وإلا كان يقول: وللزوج منع المرأة من رضاع ولدها. وفي بعض النسخ: ولدها من غيره.

قال: وعلى الأب أن يسترضع لولده إلا أن تشاء الأم أن ترضعه بأجرة مثلها، فتكون أحق به من غيرها، سواء كانت في حبال الزوج أو مطلقة.

ش: قد دل كلام الخرقي على مسألتين (إحداهما) أن إرضاع الولد على الأب وحده، وليس له إجبار أمه على رضاعه مطلقا، ولظاهر قوله سبحانه:{وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ} [البقرة: 233] الآية إلى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 233] وقوله سبحانه: {وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} [الطلاق: 6] ومتى اختلفا فقد تعاسرا (المسألة الثانية) أن الأم إذا شاءت أن ترضعه بأجرة مثلها كان لها ذلك، وقدمت على غيرها إذا كانت مفارقة من الزوج بلا نزاع، وكذلك إذا كانت في حباله على المشهور، وقيل: بل إذا كانت في حباله كان له منعها بأجرة وبغيرها، ومبنى الخلاف على فهم الآية الكريمة، وذلك لأن إرضاعه كنفقته، والجامع أن بنيته لا تقوم

ص: 40

إلا بهما، ونفقته لو كان كبيرا عليه، فكذلك إرضاعه إذا كان صغيرا، ولظاهر الآية الكريمة:{وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ} [البقرة: 233] فإن الله سبحانه جعل حكمه الشرعي أن الوالدات يرضعن أولادهن، لكن هل المراد كل والدة، اعتمادا على عموم اللفظ، فتدخل فيه المطلقة وغيرها، أو المراد به الوالدات المطلقات، لذكرهن في سياق المطلقات، والسياق والسباق يخصصان؟ فيه قولان، فعلى الثاني إذا كان المراد المطلقات فالمزوجات لم تتناولهن الآية، وإذًا للزوج منعهن من الإرضاع، نظرا لحقه من الاستمتاع، كما له ذلك في ولد غيره، وقول الخرقي: بأجرة مثلها. مفهومه أنها إذا طلبت أكثر من أجرة المثل لم تكن أحق به، وهو كذلك، لطلبها ما ليس لها، فتدخل في قَوْله تَعَالَى:{وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} [الطلاق: 6] نعم لو طلبت أكثر من أجرة المثل، ولم يوجد من ترضعه إلا بمثل تلك الأجرة، فقال أبو محمد: الأم أحق، لتساويهما في الأجرة، وميزة الأم، وقوله: فتكون أحق به. مقتضاه وإن وجد متبرعة برضاعه، وهو كذلك، اعتمادا على إطلاق الآية الكريمة، والله سبحانه أعلم.

ص: 41