الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذمة مولاه، اهـ.
والمسلم لا يجب عليه جزية، فكذلك مولاه، ويجتمع من النقلين على هذا ثلاث روايات.
وقول الخرقي: لزمته الجزية لما يستقبل، أي: لما بقي من الحول الذي عتق فيه بالقسط، ثم لما بعده. وظاهر كلامه أنه لا يحتاج إلى عقد ذمة، بل يتبع أهل الذمة في ذلك، وهذا هو المشهور، وللقاضي في موضع أنه يخير بين التزام العقد، وبين أن يرد إلى مأمنه، فإن اختار الذمة عقدت له، وإلا ألحق بمأمنه.
- وحكم الصبي يبلغ، أو المجنون يفيق، أو الفقير يوسر في أثناء الحول، حكم العبد يعتق على ما مر، إلا أنه لا خلاف فيما أعلمه أنهم لا يقرون بغير جزية.
[حكم من نصارى بني تغلب بالنسبة للجزية والزكاة ونحوها]
قال: ولا تؤخذ الجزية من نصارى بني تغلب.
ش: «تغلب» : علم منقول من تغلب مضارع غلبت، لا ينصرف للعلمية ووزن الفعل، وبنو تغلب هم بنو تغلب بن وائل، من العرب، من ربيعة بن نزار.
3478 -
انتقلوا في الجاهلية إلى النصرانية، فدعاهم عمر رضي الله عنه إلى أداء الجزية فأبوا وأنفوا، وقالوا: نحن عرب،
خذ منا كما يأخذ بعضكم من بعض باسم الصدقة. فقال عمر رضي الله عنه: لا آخذ من مشرك صدقة، فلحق بعضهم بالروم، فقال النعمان بن زرعة: يا أمير المؤمنين إن القوم لهم بأس وشدة، وهم عرب يأنفون من الجزية، فلا تعن عليك عدوك بهم، وخذ منهم الجزية باسم الصدقة، فبعث عمر رضي الله عنه في طلبهم، فردهم وضعف عليهم من الإبل من كل خمس شاتين، ومن كل ثلاثين بقرة تبيعان، ومن كل عشرين دينارا دينار، ومن كل مائتي درهم عشرة دراهم، وفيما سقت السماء الخمس، وفيما سقي بنضح أو غرب أو دولاب العشر، فاستقر ذلك من قول عمر رضي الله عنه ولم ينقل أن أحدا من الصحابة خالفه، مع أن ذلك مشتهر فكان إجماعا أو بمنزلته.
وظاهر كلام الخرقي أن الجزية لا تؤخذ منهم وإن بذلوها راضين بها، وفصل أبو محمد فقال: إن بذلها حربي قبلت منه، لعموم قوله سبحانه:{قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ} [التوبة: 29] الآية. وغيرها من الأحاديث، وإن بذلها من دخل في عقد صلحهم وذمتهم فهل تقبل منه، وهو احتمال ذكره لما تقدم، أو لا تقبل، وهو الذي أورده مذهبا، وقطع به غيره، حذارا من تغيير ما وقع عليه الصلح؟ فيه قولان.
قال: وتؤخذ الزكاة من أموالهم ومواشيهم وثمرهم مثلي ما يؤخذ من المسلمين.
ش: لما تقدم، وظاهر كلام الخرقي أنه يؤخذ ذلك من نسائهم وصبيانهم ومجانينهم، وكل من يؤخذ منه الزكاة، ولا تؤخذ ممن لا تؤخذ منه الزكاة وإن كان له مال، بأن يكون غير زكوي كالدور ونحوها، وعلى هذا الأصحاب، نظرا إلى أن السؤال وقع منهم على أن يأخذ منهم كما يأخذ بعضنا من بعض، فأجابهم إلى ذلك بعد الامتناع، واستقر رأيه على ذلك، والذي يأخذه بعضنا من بعض زكاة، ولأن صبيانهم ونحوهم دخلوا في حكم الصلح، فدخلوا في الواجب به كالرجال العقلاء، ومال أبو محمد إلى أن هذا المأخوذ جزية باسم الصدقة، فلا تؤخذ ممن لا جزية عليه كالصبيان ونحوهم، لأن النعمان بن زرعة قال لعمر رضي الله عنه: خذ منهم الجزية باسم الصدقة.
3479 -
ولهذا يروى عن عمر رضي الله عنه أنه قال: هؤلاء حمقى، رضوا بالمعنى وأبوا الاسم، ولأن الزكاة طهرة، ولا طهرة لهم.
فعلى هذا مصرف المأخوذ منهم مصرف الجزية. وعلى المذهب: هل مصرفه مصرف الجزية، وهو اختيار القاضي وأبي محمد، نظرا للمعنى، أو مصرف الزكاة، وهو اختيار أبي الخطاب، ويحتمله كلام الخرقي، نظرا للاسم؟ فيه روايتان.
وظاهر كلام الخرقي أن هذا الحكم مختص بنصارى بني تغلب، ولا يشاركهم غيرهم ممن تهود أو تنصر أو تمجس من العرب، وهو الذي أورده أبو محمد في المقنع والمغني مذهبا.
3480 -
وقال في المغني: نص عليه أحمد، ورواه عن الزهري، قال: نذهب إلى أن تؤخذ من مواشي بني تغلب خاصة الصدقة، وتضعف عليهم. كما فعل عمر رضي الله عنه وذلك لعموم:{حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ} [التوبة: 29] ، ولأخذ النبي صلى الله عليه وسلم الجزية من أكيدر دومة وغيره من العرب، وقد تقدم ذلك، (وعن القاضي) وأبي الخطاب حكم من
تنصر من تنوخ وبهرا، أو تهود من كنانة وحمير، أو تمجس من تميم حكم بني تغلب، قياسا لهم عليهم، والمنصوص أن من كان من العرب من أهل الجزية وأباها إلا باسم الصدقة مضعفة، وله شوكة يخشى الضرر منها، فإنه يجوز مصالحتهم على مثل ما صولح عليه بنو تغلب، لأنهم إذا في معناهم، والقياس حيث فهم المعنى وهذا هو الصواب، وعليه يحمل إطلاق أحمد أولا، وإطلاق القاضي ومن تبعه، ولهذا قطع به أبو البركات، وعليه استقر قول أبي محمد في المغني، لكنه شرط مع ذلك أن يكون المأخوذ منهم بقدر ما يجب عليهم من الجزية أو أزيد، وهذا الشرط ليس في كلام
أحمد، ولا هو مشترط في بني تغلب، ولا يشترط في غيرهم.
قال: ولا تؤكل ذبائحهم، ولا تنكح نساؤهم في إحدى الروايتين. عن أبي عبد الله رحمه الله والرواية الأخرى: تؤكل ذبائحهم وتنكح نساؤهم.
ش: الرواية الأولى هي المشهورة عند الأصحاب.
3481 -
اتباعا لعلي رضي الله عنه فإن ذلك يروى عنه. وقال: لم يتمسكوا من دينهم إلا بشرب الخمر، وألحق بعض الأصحاب بهم تنوخ وبهرا، وبعضهم جميع نصارى العرب، بناء على ما تقدم لهم قبل.
والرواية الثانية: اختيار أبي محمد، وقال: إنها آخر الروايتين عن أحمد، وأن إبراهيم الحربي، قال: فكان آخر قوليه أنه لا يرى بذبائحهم بأسا، لعموم: