الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[كتاب قطاع الطرق]
ش: والأصل فيهم قول الله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا} [المائدة: 33] إلى قوله: {فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المائدة: 34] . وقد اختلف أهل العلم في سبب نزول هذه الآية.
3199 -
فعن ابن عمر رضي الله عنهما «أن ناسا أغاروا على إبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وارتدوا عن الإسلام، وقتلوا راعي رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤمنا، فبعث في آثارهم، فأخذوا فقطع أيديهم وأرجلهم، وسمل أعينهم» ، قال: فنزلت فيهم آية المحاربة وهم الذين أخبر عنهم أنس بن مالك رضي الله عنه حين سأله الحجاج.
3200 -
وعن أبي الزناد «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قطع الذين سرقوا لقاحه وسمل أعينهم بالنار، عاتبه الله في ذلك، فأنزل الله
تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا} [المائدة: 33] » الآية، رواهما أبو داود والنسائي.
3201 -
وفي حديث أنس رضي الله عنه في رواية لأبي داود، «في قصة العرنيين قال: فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في طلبهم، فأتي بهم، قال: فأنزل الله في ذلك: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المائدة: 33] الآية» . وأصل الحديث متفق عليه. . فهؤلاء أخبروا أن الآية نزلت في العرنيين، وكانوا مرتدين.
3202 -
وكذلك حكي عن سعيد بن جبير.
3203 -
وعن ابن عباس رضي الله عنهما: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المائدة: 33] الآية إلى قوله: {غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المائدة: 34] نزلت هذه الآية في المشركين، فمن تاب منهم قبل أن يقدروا
عليهم لم يمنعه ذلك أن يقام فيه الحد الذي أصابه. رواه أبو داود والنسائي، وهو قريب من قول الأولين، وقال أبو محمد: إن الآية في قول ابن عباس وكثير من العلماء نزلت في قطاع الطريق من المسلمين.
3204 -
وكأن مدرك أبي محمد في حكاية ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما ما روى الشافعي رضي الله عنه في مسنده عنه رضي الله عنه، أنه قال في قطاع الطريق: إذا قتلوا وأخذوا المال؛ قتلوا وصلبوا، وإذا قتلوا ولم يأخذوا المال؛ قتلوا ولم يصلبوا، وإذا أخذوا المال ولم يقتلوا؛ قطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف، وإذا أخافوا السبيل ولم يأخذوا مالا؛ نفوا من الأرض.
وقد يجمع بين القولين، بأن الآية نزلت في المرتدين، كما أخبر ابن عمر وأنس وغيرهما رضي الله عنهم، وابن عباس رضي الله عنهما رأى أن نزول الآية على سبب لا يقتضي الاختصاص به، بل يتبع لفظها، ولفظها دل على أن كل محارب لله ورسوله هذا حكمه، وقطاع الطريق من المسلمين محاربون لله ولرسوله، لمخالفتهم أمره وارتكابهم نهيه.