الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المقدمة
إن الحمدلله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.
أما بعد:
فإن أفضل ما اكتسبته النفوس وحصَّلته القلوب، ونال به العبد الرفعة في الدنيا والآخرة، هو الإيمان والعلم، ولهذا قرن بينهما سبحانه في قوله:{يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة: 11]، وقوله:{وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ} [الروم: 56].
وإن من أجل العلوم على الإطلاق، وأفضلها وأوجبها، هو علم تفسير آيات الله؛ لأن الله أمر بتدبر كتابه، والتفكر في معانيه، والاهتداء بآياته، وأثنى على القائمين بذلك، وجعلهم في أعلى المراتب، ووعدهم أسنى المواهب، قال تعالى:{كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} [ص: 29]، فلو أنفق العبد جوهر عمره في هذا الفن لم يكن ذلك كثيراً في جانب ما هو أفضل المطالب، وأعظم المقاصد.
وإن من هؤلاء العلماء الذين أفنوا أعمارهم، وصرفوا أوقاتهم في خدمة كتاب الله تفسيراً وبياناً لمعانيه، واستنباطاً لحكمه وأحكامه، العالم المفسر الجليل الفقيه النحوي: محمد بن أحمد الخطيب الشربيني الشافعي رحمه الله المتوفى سنة (977 هـ) من أعيان القرن العاشر الهجري، والذي تميز بسعة نظره، ودقة مؤلفاته، صنف شرحين عظيمين في الفقه الشافعي: شرحَ منهاج الطالبين للإمام النووي (ت 676 هـ)، وشرحاً على كتاب التنبيه في فروع الشافعية لأبي إسحاق إبراهيم بن علي الشيرازي (ت 476 هـ)، وله:
(فتح الخالق المالك في حل ألفاظ ألفية ابن مالك) في النحو، كما قدم للأمة الإسلامية تفسيراً عظيماً ألا وهو:(السراج المنير في الإعانة على معرفة بعض معاني كلام ربنا الحكيم الخبير)، وهو تفسير قيم اقتصر فيه مؤلفه على أرجح الأقوال، وإعراب ما يحتاج إليه عند السؤال، وترك التطويل بذكر أقوال غير مرضية وأعاريب محلها كتب العربية، ولقد استقى تفسيره من أمهات كتب التفسير، وجمعه من الأصول والفروع، كما غلب على مؤلفه علوم العربية، وقد بدا أثر ذلك في تفسيره جليّاً، وكان ذا نظر وبصيرة، يقف عند كثير من الآيات، متدبراً لمعانيها، ومستنبطاً لفوائدها وحكمها، وكان مما تميز به كثرة استنباطاته وتأملاته لكثير من الآيات.
ولقد وقفت له على استنباطات مهمة جديرة بالجمع والدراسة؛ ونظراً لأهمية هذا الكتاب، ومكانة مؤلفه العلمية، وما تميز به تفسيره من كثرة الاستنباطات، فقد وقع عليه اختياري؛ ليكون مجال دراستي وبحثي في رسالة الدكتوراه، ووسمته بـ (الاستنباط عند الخطيب الشربيني في تفسيره «السراج المنير» جمعاً ودراسة).
وختاماً أسأل الله التوفيق والسداد في القول والعمل، كما أسأله سبحانه أن يفتح لنا من خزائن جوده وكرمه، ما يكون سبباً للوصول إلى العلم النافع والعمل الصالح، إنه جواد كريم.