الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفيه ستة مباحث:
المبحث الأول:
الاستنباط بدلالة النص (مفهوم الموافقة)
.
دلالة النص (مفهوم الموافقة) هي: ما ثبت بمعنى النص لغة لا اجتهاداً ولا استنباطاً.
(1)
ومحل الاستنباط هنا بالنظر إلى مقصد الشارع المعلوم باللغة.
(2)
ويمكن تعريفها بمعنى آخر وهو: أن يكون المسكوت عنه موافقاً للمنطوق به، فإن كان أولى بالحكم من المنطوق به فيسمى فحوى الخطاب، وإن كان مساوياً فيسمى لحن الخطاب.
(3)
قال الزركشي عن هذه الدلالة: (اعلم أن هذا النوع البديع يُنظر إليه من ستر رقيق، وطريق تحصيله فهم المعنى وتقييده من سياق الكلام كما في آية التأفيف، فإنا نعلم أن الآية إنما سيقت لاحترام الوالدين وتوقيرهما، ففهمنا منه تحريم الشتم والضرب ولو لم يُفهم المعنى لا يلزم ذلك).
(4)
وتُسمى أيضاً بدلالة الدلالة؛ لأن الحُكم المُستنبَط يؤخذ من معنى النصّ لا من لفظه. وهذه التسمية (دلالة النص) هي للحنفية، وتُسمى عند غيرهم (مفهوم الموافقة)، وفحوى الخطاب، ولحن الخطاب.
(5)
(1)
ينظر: كشف الأسرار على أصول البزدوي (1/ 184)، وأصول السرخسي (1/ 241)
(2)
ينظر: منهج الاستنباط من القرآن ص 306
(3)
ينظر: الإحكام في أصول الأحكام للآمدي (2/ 276)، والمحصول للرازي (3/ 13)، وروضة الناظر لابن قدامة (1/ 263)، ونهاية السول للأسنوي (1/ 307)، وإرشاد الفحول للشوكاني (2/ 37، ومذكرة في أصول الفقه للشنقيطي (1/ 222)
(4)
البرهان في علوم القرآن (2/ 21)
(5)
ينظر: الإحكام للآمدي (3/ 66)، والإتقان في علوم القرآن للسيوطي (2/ 18)
ومن أمثلة دلالة النص (مفهوم الموافقة) عند الخطيب:
- عند قوله تعالى: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187]
قال الخطيب رحمه الله: (فيه دليل على أنّ الاعتكاف لا يختص بمسجد دون مسجد، وأن يكون في المسجد لا في غيره؛ إذ ذِكر المساجد لا جائز أن يكون لجعلها شرطاً في منع مباشرة المعتكف لمنعه منها، وإن كان خارج المسجد ويمنع غيره أيضاً منها فيها، فتعين كونها شرطاً لصحة الاعتكاف).
(1)
- وعند قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} [البقرة: 198]
قال الخطيب رحمه الله: (في الآية دليل على وجوب الوقوف بعرفة؛ لأنّ إذا تدل على أنّ المذكور بعدها محقق لا بدّ منه، فكأنه قيل: بعد إفاضتكم من عرفات التي لا بدّ منها اذكروا الله، والإفاضة من عرفات لا تكون إلا بعد الوقوف بها، فوجب أن يكون الوقوف بها واجباً).
(2)
- وعند قوله تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} [الأنعام: 145]
قال الخطيب رحمه الله: (قوله تعالى {أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ} أي: الخنزير {رِجْسٌ} أي: نجس، فالضمير يعود على المضاف إليه؛ لأنّ اللحم دخل في قوله {مَيْتَةً}، وحينئذٍ ففي الآية دلالة على نجاسة الخنزير وهو حي، فلحمه وكذا سائر أجزائه بطريق الأولى).
(3)
(1)
السراج المنير (1/ 141)
(2)
السراج المنير (1/ 151)
(3)
السراج المنير (1/ 524).