المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

مأكولهم فاكهة ولو كان لحماً). (1) ومعلوم أن الجنة لا جوع فيها - الاستنباط عند الخطيب الشربيني في تفسيره السراج المنير

[أسماء بنت محمد الناصر]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌أهمية الموضوع:

- ‌أسباب اختيار الموضوع:

- ‌مجال البحث وحدوده:

- ‌الدراسات السابقة:

- ‌فأما الدراسات التي عنيت بتفسير الخطيب الشربيني فهي:

- ‌وأما دراسة موضوع الاستنباط لذاته أو عند المفسرين فقد سجل في رسائل علمية نوقش بعضها، والبعض لا يزال قيد الإعداد والمناقشة، وهي:

- ‌خطة البحث:

- ‌منهج البحث:

- ‌التمهيد

- ‌أولاً: - تعريف الاستنباط، ونشأته، وعلاقته بالتفسير. - أهميته، وطرق التوصل إليه

- ‌أولاً: تعريف الاستنباط:

- ‌ثانياً: نشأة الاستنباط وعلاقته بالتفسير:

- ‌ثالثاً: أهمية علم الاستنباط:

- ‌طريق الوصول إلى الاستنباط:

- ‌ثانياً: التعريف بالخطيب الشربيني رحمه الله

- ‌اسمه ونشأته:

- ‌شيوخه:

- ‌مكانته العلمية وآثاره:

- ‌مؤلفاته:

- ‌عقيدته ومذهبه:

- ‌أولاً: التوحيد:

- ‌ثانياً: الإيمان:

- ‌ثالثاً: القرآن:

- ‌رابعاً: النبوات:

- ‌خامساً: القدر:

- ‌سادساً: السببية وأفعال المخلوقات:

- ‌سابعاً: التحسين والتقبيح:

- ‌وفاته

- ‌ثالثاً: التعريف بتفسير"السراج المنير في الإعانة على معرفة بعض معاني كلام ربنا الحكيم الخبير

- ‌القيمة العلمية لتفسير السراج المنير، ومنهجه فيه:

- ‌منهجه في التفسير:

- ‌الباب الأول:منهج الخطيب الشربيني في الاستنباطمن خلال تفسيره "السراج المنير

- ‌الفصل الأول:أقسام الاستنباط عند الخطيب الشربيني في تفسيره

- ‌المبحث الأول:الاستنباط باعتبار موضوع المعنى المستنبط

- ‌المطلب الأول: الاستنباطات في علوم القرآن

- ‌ومن الأمثلة على استنباطاته في علوم القرآن:

- ‌أولاً: في مناسبات الألفاظ:

- ‌ثانياً: في أسرار التقديم والتأخير في القرآن

- ‌ثالثاً: في فوائد التكرار في القرآن الكريم:

- ‌رابعاً: في جواز وقوع النسخ في القرآن:

- ‌خامساً: في قصص القرآن:

- ‌سادساً: في المنطوق والمفهوم:

- ‌سابعاً: في الخصوص والعموم:

- ‌المطلب الثاني: الاستنباطات العقدية:

- ‌القسم الأول: استنباطات فيها تقرير مباشر لمسائل العقيدة، وهي على نوعين:

- ‌النوع الأول: تقرير مسائل على عقيدته الأشعرية:

- ‌النوع الثاني: تقرير مسائل على عقيدة أهل السنة والجماعة:

- ‌القسم الثاني: استنباطات فيها تقرير لمسائل عقدية على مذهب أهل السنة والجماعة والرد على مخالفيهم

- ‌المطلب الثالث: الاستنباطات الأصولية

- ‌المطلب الرابع: الاستنباطات الفقهية:

- ‌القسم الأول: استنباطات فقهية كلية، وهي ما يعرف بالقواعد الفقهية

- ‌حجية سد الذرائع:

- ‌الأصل في الأشياء الإباحة:

- ‌القسم الثاني: استنباطات لمسائل فقهية فرعية متنوعة، وهذا هو الأغلب في استنباطات الخطيب الفقهية

- ‌المطلب الخامس: الاستنباطات اللغوية

- ‌المطلب السادس: الاستنباطات التربوية السلوكية

- ‌المبحث الثاني:الاستنباط باعتبار ظهور النص المستنبط منه وخفائه

- ‌المطلب الأول: الاستنباط من ظاهر النص

- ‌المطلب الثاني: الاستنباط من نص غير ظاهر المعنى

- ‌المبحث الثالث:الاستنباط باعتبار الإفراد والتركيب

- ‌المطلب الأول: الاستنباط من الآية الواحدة

- ‌المطلب الثاني: الاستنباط بالربط بين آيتين أو أكثر

- ‌الفصل الثاني:دلالات وطرق الاستنباط عند الخطيب الشربيني في تفسيره

- ‌المبحث الأول:الاستنباط بدلالة النص (مفهوم الموافقة)

- ‌المبحث الثاني:الاستنباط بدلالة المفهوم (مفهوم المخالفة)

- ‌المبحث الثالث:الاستنباط بدلالة الالتزام

- ‌المبحث الرابع:الاستنباط بدلالة التضمن

- ‌المبحث الخامس:الاستنباط بدلالة الاقتران

- ‌المبحث السادس:الاستنباط بدلالة الجمع بين النصوص

- ‌الفصل الثالث:أساليب الاستنباط عند الخطيب الشربيني في تفسيره، ومميزاته

- ‌المبحث الأول:أساليب الاستنباط عند الخطيب الشربيني في تفسيره

- ‌المبحث الثاني:مميزات الاستنباط عند الخطيب الشربيني في تفسيره

- ‌الفصل الرابع:مصادر الاستنباط عند الخطيب الشربيني:

- ‌تمهيد:

- ‌المبحث الأول:المصادر الأصلية، وهي التي يعتمد عليها غالباً

- ‌أولاً: الرازي:

- ‌ثانياً: البيضاوي:

- ‌ثالثاً: الزمخشري:

- ‌رابعاً: القرطبي:

- ‌خامساً: البغوي:

- ‌المبحث الثاني:المصادر الفرعية، وهي التي لا يعتمد عليها إلا قليلاً أو نادراً

- ‌أولا: الخازن

- ‌ثانياً: أبو حيان

- ‌ثالثاً: ابن عادل الحنبلي

- ‌رابعاً: البقاعي

- ‌الباب الثاني:جمع ودراسة الاستنباطات عند الخطيب الشربينيفي تفسيره من أول سورة الفاتحة إلى آخر سورة الناس

- ‌سورة الفاتحة

- ‌سورة البقرة

- ‌سورة آل عمران

- ‌سورة النساء

- ‌سورة المائدة

- ‌سورة الأنعام

- ‌سورة الأعراف

- ‌سورة الأنفال

- ‌سورة التوبة

- ‌سورة يونس

- ‌سورة هود

- ‌سورة يوسف

- ‌سورة الرعد

- ‌سورة إبراهيم

- ‌سورة الحجر

- ‌سورة النحل

- ‌سورة الإسراء

- ‌سورة الكهف

- ‌سورة مريم

- ‌سورة طه

- ‌سورة الحج

- ‌سورة النور

- ‌سورة الفرقان

- ‌سورة الشعراء

- ‌سورة النمل

- ‌سورة القصص

- ‌سورة العنكبوت

- ‌سورة لقمان

- ‌سورة الأحزاب

- ‌سورة سبأ

- ‌سورة فاطر

- ‌سورة يس

- ‌سورة الصافات

- ‌سورة ص

- ‌سورة الزمر

- ‌سورة غافر

- ‌سورة فصلت

- ‌سورة الشورى

- ‌سورة الزخرف

- ‌سورة الجاثية

- ‌سورة الأحقاف

- ‌سورة محمد

- ‌سورة الحجرات

- ‌سورة الذاريات

- ‌سورة الرحمن

- ‌سورة الواقعة

- ‌سورة الحديد

- ‌سورة الحشر

- ‌سورة الممتحنة

- ‌سورة المنافقون

- ‌سورة الطلاق

- ‌سورة الملك

- ‌سورة الجن

- ‌سورة المزمل

- ‌سورة المدثر

- ‌سورة النازعات

- ‌سورة عبس

- ‌سورة الانفطار

- ‌سورة المطففين

- ‌سورة البروج

- ‌سورة الضحى

- ‌سورة البينة

- ‌سورة العاديات

- ‌سورة قريش

- ‌سورة المسد

- ‌سورة الناس

- ‌الخاتمة

الفصل: مأكولهم فاكهة ولو كان لحماً). (1) ومعلوم أن الجنة لا جوع فيها

مأكولهم فاكهة ولو كان لحماً).

(1)

ومعلوم أن الجنة لا جوع فيها ولا ظمأ، كما أخبر سبحانه في وعده لآدم عليه السلام:{إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى (118) وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى} [طه: 118 - 119]، وعليه فإشارة قوله تعالى {لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ} إلى هذا المعنى محتملة غير بعيدة، ويؤيدها تكرار الاقتصار على الفاكهة في غير موضع من القرآن، كما في قوله تعالى:{جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ (50) مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ} [ص: 50 - 51] أي: وهم متكئون على الأرائك يطلبون أنواع الفواكة وألوان الشراب كعادة الملوك في الدنيا، فالاقتصار على دعاء الفاكهة للإيماء بأن مطاعمهم لمحض التفكه والتلذذ، دون التغذي

(2)

، والله تعالى أعلم.

‌سورة الصافات

الحميم في موضع خارج عن الجحيم.

قال الله تعالى: {فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ (66) ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ (67) ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ} [الصافات: 66 - 68].

قال الخطيب الشربيني رحمه الله: (قوله تعالى: {ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ} أي: مصيرهم {لَإِلَى الْجَحِيمِ} قال مقاتل

(3)

: أي: بعد أكل الزقوم وشرب الحميم.

(4)

وهذا يدل على أنهم عند شرب الحميم لم يكونوا في الجحيم وذلك بأن يكون الحميم في

(1)

روح المعاني (12/ 36).

(2)

ينظر: إرشاد العقل السليم لأبي السعود (7/ 231)

(3)

هو مقاتل بن حيان النبطي، أبو بسطام البلخي الخزاز، الإمام العالم المحدث الثقة، صدوق فاضل، توفي سنة 150 هـ. ينظر: سير أعلام النبلاء 6/ 340، وتقريب التهذيب ص 476، وطبقات المفسرين للداودي ص 520.

(4)

الصحيح أنه قول قتادة وليس مقاتل. ينظر: جامع البيان (21/ 57)، والنكت والعيون (5/ 52)

ص: 665

موضع خارج عن الجحيم فهم يردون الحميم لأجل الشرب كما ترد الإبل الماء ويدل عليه قوله تعالى {يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ} ) [الرحمن: 44].

(1)

وجه الاستنباط:

أن الرجوع دليل على الانتقال في وقت الأكل والشرب إلى مكان غير مكانهما.

(2)

كما دلت {ثُمَّ} على التراخي.

الدراسة:

استنبط الخطيب من الآية دلالتها بالنص على أن الحميم في موضع خارج عن الجحيم فأهلها – عياذاً بالله من حالهم - يردون الحميم للشرب كما ترد الإبل الماء، ثم يُردون إلى الجحيم، بدلالة معنى الرجوع في قوله تعالى {ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ} ، وذلك يدل أنهم في تطعّمهم الزقوم بمعزل عنها

(3)

، والمعنى أنهم يترددون بين جهنم والحميم، فمرة إلى هذا، ومرة إلى هذا، واستدَّل له بقول قتادة في معنى الآية، كما استدَّل بقوله تعالى:{يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ} [الرحمن: 44].

وممن وافق الخطيب في استنباط هذه الدلالة من الآية: الواحدي، والبغوي، ومحمود النيسابوري، وابن الجوزي، والرازي، وأبوحيان، وابن كثير، وابن رجب

(4)

، والشوكاني، وغيرهم.

(5)

(1)

السراج المنير (3/ 460)

(2)

ينظر: البحر المحيط لأبي حيان (9/ 107)

(3)

ينظر: إيجاز البيان عن معاني القرآن لمحمود النيسابوري (2/ 700)

(4)

هو عبد الرحمن بن أحمد بن رجب السّلامي البغدادي ثم الدمشقيّ، أبو الفرج، زين الدين، حافظ محدث، صنف التصانيف، من كتبه (شرح جامع الترمذي) و (جامع العلوم والحكم) توفي سنة 795 هـ، ينظر: الأعلام (3/ 295)، والبدر الطالع (1/ 328).

(5)

ينظر: الوسيط (3/ 526)، ومعالم التنزيل (4/ 33)، وإيجاز البيان (2/ 700)، وزاد المسير (3/ 543)، والتفسير الكبير (26/ 338)، والبحر المحيط (9/ 107)، وتفسير القرآن العظيم (7/ 21)، وتفسير ابن رجب (2/ 250)، وفتح القدير (4/ 457)

ص: 666

قال البغوي: (يدل عليه قوله تعالى: {يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ} [الرحمن: 44] وقرأ ابن مسعود: «ثم إن منقلبهم لإلى الجحيم»

(1)

).

(2)

وقيل المعنى {لَإِلَى الْجَحِيمِ} أي إلى دركات الجحيم، فإن الزقوم والحميم نُزُلٌ يقدم إليهم قبل دخولهم

(3)

- عياذاً بالله من حالهم - وهذا يحتاج إلى توقيف، وإلا فهو خلاف الظاهر.

(4)

والذي يظهر والله تعالى أعلم أن الحميم خارج عن الجحيم كما نصَّ عليه كثير من المفسرين، ويؤيده قراءة ابن مسعود كما تقدَّم:«ثم إن منقلبهم» إذ الانقلاب أظهر في الرد والرجوع، وكذلك قوله تعالى:{يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ} [الرحمن: 44]، ويشهد لصحته كذلك قوله تعالى:{فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ} [غافر: 72].

واختار هذا المعنى ابن كثير مؤيداً هذه الدلالة قال: (أي: ثم إن مردهم بعد هذا الفصل لإلى نار تتأجج، وجحيم تتوقد، وسعير تتوهج، فتارة في هذا وتارة في

(1)

وهي قراءة شاذة لمخالفتها رسم المصحف، تنظر هذه القراءة في: جامع البيان (21/ 56)، وفضائل القرآن للقاسم بن سلام (1/ 311)، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي (15/ 88).

(2)

معالم التنزيل (4/ 33)

(3)

ينظر: الكشاف (4/ 47)، وأنوار التنزيل (5/ 12)، ومدارك التنزيل (3/ 126)، وإرشاد العقل السليم (7/ 194)، وروح البيان (7/ 465).

(4)

ينظر: روح المعاني للألوسي (12/ 94)

ص: 667

هذا، كما قال تعالى:{يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ} . هكذا تلا قتادة هذه الآية عند هذه الآية، وهو تفسير حسن قوي).

(1)

، ونقله جمع من أهل التفسير

(2)

قال ابن رجب في تفسير الآية: (أي بعد أكل الزقوم وشرب الحميم عليه. ويدل هذا على أن الحميم خارج من الجحيم).

(3)

وعليه فالذي يظهر صحة دلالة هذه الآية على ما استنبطه الخطيب، والله تعالى أعلم، ونسبة العلم إليه أسلم.

(1)

تفسير القرآن العظيم (7/ 21).

(2)

قال الشوكاني: (قال القرظي في قوله {يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ}: إن الحميم دون النار، فيؤخذ العبد بناصيته فيجر في ذلك الحميم حتى يذوب اللحم ويبقى العظم والعينان في الرأس، وهذا الذي يقول الله عز وجل: {فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ} [غافر: 72]). فتح القدير (4/ 457) وينظر: معالم التنزيل (4/ 33)، وزاد المسير (3/ 543)، والبحر المحيط (9/ 107)، وتفسير ابن رجب (2/ 250).

(3)

ينظر: التخويف من النار والتعريف بحال دار البوار لابن رجب الحنبلي (1/ 145).

ص: 668

فعل العبد مخلوق لله عز وجل.

قال الله تعالى: {قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ (95) وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} [الصافات: 95 - 96].

قال الخطيب الشربيني رحمه الله: (تنبيه: دلت هذه الآية على مذهب الأشعرية

(1)

وهو أن فعل العبد مخلوق لله عز وجل وهو الحق، وذلك لأن النحويين اتفقوا على أن لفظ {مَا} مع ما بعده في تقدير المصدر

(2)

، فقوله تعالى {وَمَا تَعْمَلُونَ} معناه: وعملكم، وعلى هذا فيصير معنى الآية: والله خلقكم، وخلق عملكم.)

(3)

الدراسة:

استنبط الخطيب من الآية دلالتها باللازم على صحة مذهب الأشعرية موافقاً لأهل السنة أن فعل العبد مخلوق لله عز وجل، وعلَّله باتفاق النحويين على أن لفظ {مَا} مع ما بعده في تقدير المصدر، فقوله تعالى {وَمَا تَعْمَلُونَ} معناه: وعملكم، وعلى هذا فالمعنى: والله خلقكم وخلق عملكم

(4)

، وهو ما عليه كثيرمن المفسرين.

(1)

وافق الأشاعرة أهل السنة في هذا الباب.

(2)

ينظر: نتائج الفكر في النحو للسهيلي (1/ 147)، وجامع الدروس العربية لمصطفى الغلاييني (3/ 262)

(3)

السراج المنير (3/ 384)

(4)

ينظر: جامع البيان للطبري (21/ 70)

ص: 669

وممن استنبط دلالة هذه الآية على هذا المعنى: السمعاني، والبغوي، وابن الجوزي، والقرطبي، والبيضاوي، والخازن، وابن كثير، والمظهري، والسيوطي، وغيرهم.

(1)

قال القرطبي: (الأحسن أن تكون" ما" مع الفعل مصدراً، والتقدير (والله خلقكم وعملكم) وهذا مذهب أهل السنة: أن الأفعال خلق لله عز وجل، واكتساب للعباد

(2)

، وفي هذا إبطال مذاهب القدرية والجبرية).

(3)

وقال ابن كثير: (يحتمل أن تكون "ما" مصدرية، فيكون تقدير الكلام: والله خلقكم وعملكم. ويحتمل أن تكون بمعنى "الذي" تقديره: والله خلقكم والذي تعملونه. وكلا القولين متلازم، والأول أظهر).

(4)

وقد انتصر مكي بن أبي طالب لإعرابها مصدرية

(5)

وأطال في إثبات ذلك، وعلى هذا القول أن {مَا} مصدرية فيه رد على المعتزلة، القائلين إن العبد هو الخالق لفعل نفسه، كما أثبته الزمخشري في كشافه ونافح عن كونها مصدرية

(6)

.

(1)

ينظر: تفسير السمعاني (4/ 405)، ومعالم التنزيل (4/ 35)، وزاد المسير (3/ 546)، والجامع لأحكام القرآن (15/ 96)، وأنوار التنزيل (5/ 14)، ولباب التأويل (4/ 21)، وتفسير القرآن العظيم (7/ 26)، والتفسير المظهري (8/ 124)، والإكليل (1/ 218).

(2)

قوله: (واكتساب للعباد) هو على مذهبه الأشعري، ينظر: الرد على الأشاعرة في الاستنباط رقم: (115)

(3)

الجامع لأحكام القرآن (15/ 96)

(4)

تفسير القرآن العظيم (7/ 26)

(5)

مشكل إعراب القرآن (2/ 615، 616)

(6)

ينظر: الكشاف (4/ 51 - 52)

ص: 670

وذهب بعض المفسرين إلى أن {مَا} هنا: موصولة بمعنى (الذي) والمعنى: الله خلقكم وخلق أصنامكم التي تعملونها، منهم: ابن جزي، وأبو حيان

(1)

، والشوكاني، والألوسي، وابن عاشور، وغيرهم.

(2)

وكونها (موصولة) هو الأظهر والله تعالى أعلم، بدلالة ظاهر السياق؛ فإن الكلام في تقرير الحجة على عبدة الأصنام،؛ إذ هو في مقام المحاجة بأن الأصنام أنفسها مخلوقة لله، وأيضاً ليتوجه التوبيخ لهم، ولئلا يلزم التناقض فإن النحت عملهم.

(3)

واختار ابن جزي كونها موصولة قال: (وقيل: إنها موصولة بمعنى الذي، والمعنى: الله خلقكم وخلق أصنامكم التي تعملونها، وهذا أليق بسياق الكلام، وأقوى في قصد الاحتجاج على الذين عبدوا الأصنام، وقيل: إنها نافية، وقيل: إنها استفهامية، وكلاهما باطل).

(4)

وقال ابن أبي العز: (لا نقول: أن {مَا} مصدرية، أي: خلقكم وعملكم؛ إذ سياق الآية يأباه؛ لأن إبراهيم عليه السلام إنما أنكر عليهم عبادة المنحوت، لا النحت، والآية تدل على أن المنحوت مخلوق لله تعالى، وهو ما صار منحوتاً إلا

(1)

البحر المحيط (9/ 112) وضعَّف القول بأنها مصدرية، قال:(وكون (ما) مصدرية، واستفهامية، ونعتا، أقوال متعلقة خارجة عن طريق البلاغة.)

(2)

ينظر: التسهيل (2/ 194)، وفتح القدير (4/ 462)، وروح المعاني (12/ 118)، والتحرير والتنوير (23/ 145).

(3)

ينظر: التحرير والتنوير لابن عاشور (23/ 145)، وغرائب القرآن للنيسابوري (5/ 570)

(4)

التسهيل (2/ 194)

ص: 671

بفعلهم، فيكون ما هو من آثار فعلهم مخلوقاً لله تعالى، ولو لم يكن النحت مخلوقاً لله تعالى، لم يكن المنحوت مخلوقاً له، بل الخشب أو الحجر لا غير).

(1)

وهذا ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم - رحمها الله -

(2)

.

وقال الرازي: (احتج جمهور الأصحاب بقوله: والله خلقكم وما تعملون على أن فعل العبد مخلوق لله تعالى، .. ثم قال بعد ذكره الأوجه في مجيء {مَا} أيضاً بمعنى المفعول: (فثبت بهذه الوجوه الثلاثة أن لفظة {مَا} مع بعدها كما تجيء بمعنى المصدر، فقد تجيء أيضا بمعنى المفعول فكان حمله هاهنا على المفعول أولى؛ لأن المقصود في هذه الآية تزييف مذهبهم في عبادة الأصنام لا بيان أنهم لا يوجدون أفعال أنفسهم، لأن الذي جرى ذكره في أول الآية إلى هذا الموضع هو مسألة عبادة الأصنام لا خلق الأعمال، واعلم أن هذه السؤالات قوية وفي دلائلنا كثيرة، فالأولى ترك الاستدلال بهذه الآية والله أعلم.)

(3)

وبنحو قوله - في تضعيف دلالة هذه الآية على أن {مَا} بمعنى المصدر تحقيقاً لقول أهل السنة والأشاعرة - قال ابن عادل الحنبلي

(4)

، والنيسابوري

(5)

، وغيرهما.

(1)

ينظر: شرح العقيدة الطحاوية (1/ 644 - 643)، وتفسير ابن أبي العز جمعا ودراسة رسالة ماجستير (121/ 32)

(2)

ينظر: مجموع الفتاوى (8/ 79)، وبدائع الفوائد (1/ 146 - 153)

(3)

التفسير الكبير (26/ 344)

(4)

قال ابن عادل: في «ما» هذه أربعة أوجه: أجودها: أنها بمعنى الذي أي وخلق الذي تصنعونه، فالعمل هنا التصوير والنحت .. ويرجح كونها بمعنى الذي تقدم «ما» قبلها فإنها بمعنى الذي.

والثاني: أنها مصدرية أي خلقكم وأعمالكم، وجعلها الأشعريَّة دليلاً على خلق أفعال العباد لله تعالى وهو الحق، إلا أن دليل من هنا غير قوي لما تقدم من ظهور كونها بمعنى الذي، قال مكي: يجب أن تكون ما والفعل مصدراً جيء به ليفيد أن الله خالقُ الأشياء كلها. وقال أيضاً: وهذا أليق لقوله: {مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ} [الفلق: 2] أجمع القراء على الإضافة فدل على أنه خالق الشر.

والثالث: أنها استفهامية وهو استفهام توبيخ، أي:(و) أيُّ شَيْءٍ تَعْمَلُونَ؟

الرابع: أنها نافية، أي أن العمل في الحقيقة ليس لكم فأنتم (لا) تعملون شيئاً.) ينظر: اللباب في علوم الكتاب (16/ 326 - 327) بتصرف.

(5)

غرائب القرآن (5/ 569)

ص: 672

مع أنه لا حجة فيها للمعتزلة في حال إعرابها موصولة، وقد تقدّم الكلام عن خلق الله تعالى أفعال العباد والرد على المعتزلة، والقدرية، والجبرية في هذا الباب

(1)

، وبهذا يظهر صحة استنباط الخطيب، لكن استدلاله عليه بأن {مَا} مصدرية ضعيف، والله تعالى أعلم.

(1)

ينظر الاستنباط رقم: (96).

ص: 673

الذبيح غير إسحاق عليه السلام.

قال الله تعالى: {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (107) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (108) سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ (109) كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (110) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (111) وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ} [الصافات: 107 - 112]

قال الخطيب الشربيني رحمه الله: (قوله تعالى: {وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا} فيه دليل على أن الذبيح غيره).

(1)

وجه الاستنباط:

أن الامتحان بذبحه لا يصح مع علمه بأنه سيكون نبياً.

الدراسة:

استنبط الخطيب من الآية دلالتها باللازم على كون الذبيح غير إسحاق عليه السلام لأنه تعالى ذكر البشارة الأولى بقوله {فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ (101) فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ} فذكر قصة الذبيح بتمامه، ثم قال بعد ذلك:{وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ} فدلَّ أنه كان غير إسحاق، لأن البشارة بإسحق بعد، معطوفة على البشارة بهذا الغلام.

وممن استنبط هذه الدلالة من الآية: البيضاوي، وأبوحيان، وابن القيم، وابن كثير، والسيوطي، وابن عاشور، والشنقيطي وغيرهم.

(2)

(1)

السراج المنير (3/ 469)

(2)

ينظر: أنوار التنزيل (5/ 16)، والبحر المحيط (9/ 119)، وتفسير القرآن العظيم (7/ 27)، والإكليل في استنباط التنزيل (1/ 218)، والتحرير والتنوير (23/ 161)، وأضواء البيان (6/ 317)

ص: 674

وقد اُختلف في الذبيح هل هو إسحاق أم إسماعيل، والذي يظهر ورجَّحه كثير من المفسرين

(1)

أنه إسماعيل

(2)

بدلالة هذه الآية، كما استدلوا بأدلة أخرى كوصفه تعالى له بالصبر في قوله:{وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ} ، وهو صبره على الذبح، وبصدق الوعد في قوله:{إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ} ، لأنه وعد أباه من نفسه الصبر على الذبح فوفى به.

ومن أقوى ما يستدل به أن الله تعالى بشَّر إبراهيم بإسحاق، ومن وراء إسحاق يعقوب، فلو كان الذبيح إسحاق، لكان ذلك الإخبار غير مطابق للواقع، وهو محال في إخبار الله تعالى.

(3)

قال السيوطي: (واحتجوا له بأدلة منها وصفه بالحلم وذكر البشارة بإسحاق بعده، والبشارة بيعقوب من وراء إسحاق، وغير ذلك وهي أمور ظنية لا قطعية، وتأملت القرآن فوجدت فيه ما يقتضي القطع أو يقرب منه، ولم أر من سبقني إلى استنباطه، وهو أن البشارة مرتين، مرة في قوله: {إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ (99) رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ (100) فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ (101) فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَابُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ}.

(1)

قال ابن القيم رحمه الله: (وإسماعيل هو الذبيح على القول الصواب عند علماء الصحابة والتابعين ومن بعدهم. وأما القول بأنه إسحاق فباطل بأكثر من عشرين وجها. وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية -قدَّس الله روحه - يقول: هذا القول إنما هو متلقى من أهل الكتاب، مع أنه باطل بنص كتابهم. فإن فيه إن الله أمر إبراهيم أن يذبح ابنه (بكره). وفي لفظ (وحيده) ولا يشك أهل الكتاب مع المسلمين أن إسماعيل هو بكر أولاده). زاد المعاد في هدي خير العباد (1/ 71) ومجموع الفتاوى (4/ 332)

وينظرترجيح هذا القول في: تفسير السمعاني (4/ 410)، وأنوار التنزيل (5/ 16)، والبحر المحيط (9/ 119)، وتفسير القرآن العظيم (7/ 35)، وروح المعاني (12/ 127)، والتحرير والتنوير (23/ 161)، وأضواء البيان (6/ 317)، وتفسير سورة البقرة للعثيمين (2/ 45).

(2)

وبه قال الإمام أحمد بن حنبل وجماعة المحدثين، وهو قول علي وابن عمر، وأبو هريرة، وسعيد جبير، ومجاهد، والشعبي، والحسن البصري، ومحمد ابن كعب القرظي، وسعيد بن المسيب، وأبو جعفر الباقر، وأبو صالح، والربيع بن أنس، وغيرهم، ينظر: زاد المسير لابن الجوزي (3/ 549)، وفتح الباري لابن حجر (12/ 378)، والقول الفصيح في تعيين الذبيح للسيوطي (1/ 318)، وفيض القدير للمناوي (3/ 37)

(3)

ينظر: البحر المحيط لأبي حيان (9/ 119).

ص: 675

فهذه الآية قاطعة في أن المبشر به هو الذبيح، وقوله:{وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ} [هود: 71] الآية.

فقد صرَّح فيها أن المُبشَّر به إسحاق، ولم يكن من سؤال إبراهيم، بل قالت امرأته إنها عجوز وإنه شيخ، وكان ذلك في الشام لما جاءت الملائكة إليه بسبب قوم لوط، وهو في أواخر أمره، وأما البشارة الأولى لما انتقل من العراق إلى الشام حين كان سِنُّه لا يتغرب فيه الواد، ولذلك سأله فعلمنا بذلك أنهما بشارتان في وقتين بغلامين أحدهما بغير سؤال وهو إسحاق صريحاً، والثانية قبل ذلك بسؤال وهو غيره، فقطعنا بأنه إسماعيل وهو الذبيح).

(1)

ويؤيد ذلك أنه ذكر هِبته وهبة يعقوب لإبراهيم في قوله تعالى {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ} وقوله: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ} ولم يذكر الله الذبيح.

(2)

ويؤيد هذه الدلالة من الآية البشارة الثانية التي في سورة هود؛ لأن رسل الله من الملائكة بشرتها بإسحاق، وأن إسحاق يلد يعقوب، فكيف يُعقل أن يؤمر إبراهيم بذبحه، وهو صغير، وهو عنده علم يقين بأنه يعيش حتى يلد يعقوب.

فهذه الآية أيضا دليل واضح، فلا ينبغي للمنصف الخلاف فيه بعد دلالة هذه الأدلة القرآنية على ذلك

(3)

، والعلم عند الله تعالى.

(1)

الإكليل في استنباط التنزيل (1/ 218)، وينظر: القول الفصيح في تعيين الذبيح (1/ 318)

(2)

ينظر: مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام (4/ 332)

(3)

ينظر: تفسير القرآن العظيم (7/ 35)، وأضواء البيان (6/ 318)

ص: 676

النسب ليس له أثر في الهداية والضلال.

قال الله تعالى: {وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ} [الصافات: 113].

قال الخطيب الشربيني رحمه الله: (وفي ذلك تنبيه على أن النسب لا أثر له في الهدى والضلال، وأن الظلم في أعقابهما لا يعود عليهما بنقيصة وعيب، ولا غير ذلك والله أعلم).

(1)

وجه الاستنباط:

أنه لا يلزم من كثرة فضائل الأب فضيلة الابن.

(2)

الدراسة:

استنبط الخطيب رحمه الله من الآية دلالتها باللازم على أن النسب لا أثر له في الهدى والضلال، فقد يلد البر الفاجر، والفاجر البر، كما هي إشارة الآية إلى أن ذريةإبراهيم وإسحاق- عليهما السلام ليس جميعها كحالهما بل هم مختلفون، فمن ذرية إبراهيم أنبياء، وصالحون، ومؤمنون، ومن ذرية إسحاق مثلهم، ومن ذرية إبراهيم من حادوا عن سنن أبيهم، ومن ذرية إسحاق كذلك، ونظيره قوله تعالى:{قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} [البقرة: 124].

(3)

(1)

السراج المنير (3/ 469)

(2)

ينظر: التفسير الكبير (26/ 351)، ولباب التأويل (4/ 25)

(3)

ينظر: الكشاف (4/ 59).

ص: 677

وممن استنبط هذه الدلالة من معنى الآية: الزمخشري، والرازي، والقرطبي، والبيضاوي، والنسفي، وأبوحيان، والنيسابوري، وأبو السعود، وحقي، والشوكاني، والألوسي، وابن عاشور، وغيرهم.

(1)

فذكر سبحانه البركة في الذرية ثم بيَّن أن كون الذرية من هذا العنصر الشريف والمنبت المبارك ليس بنافع لهم، بل إنما ينتفعون بأعمالهم لا بآبائهم، فإن اليهود والنصارى وإن كانوا من ولد إسحاق فقد صاروا إلى ما صاروا إليه من الضلال، والعرب وإن كانوا من ولد إسماعيل فقد ماتوا على الشرك إلا من أنقذه الله بالإسلام.

وهي دلالة قوية صحيحة، كما دلَّت على أن فساد الأعقاب لا يعد نقيصة على الآباء، وإنما يُعاب المرء بسوء فعله، ويعاتب على ما اجترحت يداه، لا على ما وجد من أصله أو فرعه، وأن مناط الفضل هو ما اكتسب المرء من الصالحات، إذ الشرف بالحسب لا بالنسب.

(2)

وهذه إشارة حسنة ومأخذ لطيف من الآية، الله تعالى أعلم.

(1)

ينظر: الكشاف (4/ 59)، والتفسير الكبر (26/ 351)، والجامع لأحكام القرآن (15/ 14)، وأنوار التنزيل (5/ 16)، ومدارك التنزيل (3/ 134)، ولباب التأويل (4/ 25)، والبحر المحيط (9/ 120)، وغرائب القرآن (5/ 574)، وإرشاد العقل السليم (7/ 202)، وروح البيان (7/ 479)، وفتح القدير (4/ 466)، والتحرير والتنوير (23/ 162)، وروح المعاني (12/ 127)

(2)

ينظر: فتح القدير (4/ 466)، والتحرير والتنوير (23/ 162)

ص: 678