الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كراهة لحم أخيه، فهذا مبالغة في استكراه الغيبة
(1)
، وهي دلالة صحيحة قريبة، والله تعالى أعلم.
سورة الذاريات
رجم اللائط.
قال الله تعالى: {قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ (31) قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ (32) لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ (33) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ} [الذاريات 31 - 34].
قال الخطيب الشربيني رحمه الله: (ولما كان الإجرام ظاهراً قالوا {إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ} واللام في المسرفين لتعريف العهد، أي: لهؤلاء المسرفين إذ ليس لكل مسرف حجارة مسوّمة، وإسرافهم بأنهم أتوا بما لم يسبقهم به أحد من العالمين، وفي هذا دليل على رجم اللائط).
(2)
وجه الاستنباط:
الاقتداء بأفعال الله تعالى في عباده.
الدراسة:
استنبط الخطيب رحمه الله من الآية دلالتها باللازم على وجوب الحد في اللواط بالرجم، لأن الله جعل عذاب من أتى بهذه الفاحشة الشنيعة إمطار الحجارة، حيث أمطر على قوم لوط عليه السلام حجارة من السماء، فوجب أن يُعذَّب من أتى بها بإمطار الحجارة به وهو الرجم، قال تعالى:{لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ} أي رجماً لهم على فعلهم الفاحشة {مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ} أي: مُعلَّمة، على كل
(1)
ينظر: محاسن التأويل للقاسمي (8/ 537)، وينظر: المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر لابن الأثير (3/ 62)، وجواهر البلاغة في المعاني والبيان والبديع لأحمد الهاشمي (1/ 286).
(2)
السراج المنير (4/ 93)
حجر منها سِمة صاحبه لأنهم أسرفوا، وتجاوزوا الحد.
(1)
وقد نصَّ على هذه الدلالة من الآية: الرازي، وابن عادل، وغيرهما.
(2)
ويؤيده ماروي عن ابن عباس رضي الله عنه – أنه أخذ حكم الرجم من الآيات في عذاب الله لقوم لوط، كما أفاده ابن القيم.
قال ابن القيم: (ليس في المعاصي مفسدة أعظم من مفسدة اللواط، وهي تلي مفسدة الكفر، وربما كانت أعظم من مفسدة القتل .. ثم قال: قال عبد الله بن عباس: يُنظر أعلى ما في القرية فيرمى اللوطي منها، مُنكَّساً ثم يتبع بالحجارة
(3)
، وأخذ ابن عباس هذا الحد من عقوبة الله للوطية قوم لوط. وابن عباس هو الذي روى عن النبي صلى الله عليه وسلم:«من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط، فاقتلوا الفاعل والمفعول به» .
(4)
إلى أن قال رحمه الله: وأطبق أصحاب رسول الله على قتله، لم يختلف منهم فيه رجلان، وإنما اختلفت أقوالهم في صفة قتله، فظن بعض الناس أن ذلك اختلاف منهم فى قتله، فحكاها مسألة نزاع بين الصحابة، وهي بينهم مسألة إجماع، لا مسألة نزاع).
(5)
(1)
ينظر: جامع البيان للطبري (22/ 429)
(2)
ينظر: التفسير الكبير (28/ 179)، واللباب في علوم الكتاب (18/ 88)
(3)
ينظر: الدر المنثور في التفسير بالمأثور (3/ 497).
(4)
أخرجه الترمذي في سننه برقم (1456)، (4/ 57)، والإمام أحمد في مسند عبدالله بن عباس برقم (2732)، (4/ 464)، والحاكم في المستدرك على الصحيحين برقم (8047)، (4/ 395)، وصححه الألباني في إرواء الغليل (7/ 12) برقم (2350).
(5)
الجواب الكافي ص 240 وما بعدها، وينظر: المحلى بالآثار لابن حزم (12/ 390)
فالراجح في حد اللائط أنه الرجم بالحجارة حتى يموت بِكراً كان أو ثيباً، كما عليه الجمهور
(1)
، ويُستأنس له بحكم الله في قوم لوط الذين أتوا بما لم يسبقهم به أحدٌ من العالمين، كما هي دلالة هذه الآية، ونصَّ عليه الخطيب، والله تعالى أعلم.
(1)
(4 (وهذا قول علي، وابن عباس، وجابر بن زيد، وعبد الله بن معمر، والزهري، وأبي حبيب، وربيعة، ومالك، وأبو حنيفة، وإسحاق، وأحد قولي الشافعي وأحمد. ينظر: المغني (9/ 60)، والمجموع شرح المهذب للنووي (20/ 24)، والمبسوط للسرخسي (9/ 77)، وإرشاد السالك إلى أشرف المسالك في فقه الإمام مالك (1/ 114)، وقواعد الأحكام في مصالح الأنام لأبي محمد عبد العزيز بن عبد السلام السلمي الدمشقي (1/ 89).