الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة الشعراء
تقديم الثناء على الدعاء من المهمات
قال الله تعالى: {الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (81) وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ (82) رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} [الشعراء: 78 - 83]
قال الخطيب الشربيني رحمه الله في ختام تفسير هذه الآيات: (وفي ذلك تنبيه على أن تقديم الثناء على الدعاء من المهمات).
(1)
وجه الاستنباط:
الاقتداء بالأنبياء عليهم السلام في أفعالهم.
الدراسة:
استنبط الخطيب من الآية دلالتها باللازم على أهمية تقديم ثناء الله تعالى قبل دعائه؛ حيث قدَّم إبراهيم عليه السلام الثناء على الله تعالى، وذكره بالأوصاف الحسنة بين يدي طلبه ومسألته، ثم سأله تعالى فقال:{رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا} ، تعليماً لأمته إذا أرادوا مسألة، فدلَّ على أن تقديم الثناء على المسألة من المهمات.
وممن استنبط هذه الدلالة من الآية: الرازي، وأبو حيان، والنيسابوري، وغيرهم.
(2)
(1)
السراج المنير (3/ 54)
(2)
ينظر: التفسير الكبير (24/ 514)، والبحر المحيط (8/ 167)، وغرائب القرآن (5/ 274).
فهذه الآية فيها تعليم العباد كيفية الدعاء وآدابه، بتقديم الثناء على الله تعالى بما هو أهلُه من نعوت الجلال، وصفات العظمة والكمال، والبدء بحمده تعالى وشكره، والاعتراف بين يديه سبحانه بالذل والفقر إليه، تمهيداً لسؤاله، فهو تعالى يُحب من عبده التذلل إليه، والاعتراف بعظيم نعمه وفضله، فإذا قدَّم العبد صِدق التذلل، ثم أتبعه بصِدق الدعاء والمسألة، كان ذلك أدعى لإجابة الدعاء.
وقد سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً يدعو في صلاته، لم يُمجِّد الله ولم يصلِّ على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال عليه الصلاة والسلام:" عجِل هذا ". ثم دعاه فقال له ولغيره: "إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد الله عز وجل والثناء عليه، ثم ليصل على النبي ثم ليدع بما شاء".
(1)
وهكذا كان حال دعائه صلى الله عليه وسلم، فالمتأمل للأدعية الواردة في السُنَّة يجدكثيراً منها مبدوءاً بالثناء على الله، والاعتراف بفضله، وكذلك دعاء يونس عليه السلام قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم:" دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له "
(2)
.
(1)
أخرجه أبو داود في سننه برقم (1481)، (2/ 77)، والترمذي في سننه برقم (3477) (5/ 517) وقال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح، وأخرجه أحمد في المسند برقم (23982)، (6/ 18)، والحاكم في المستدرك برقم (840)، (1/ 354)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود رقم (1481)(2/ 77)، وفي صحيح سنن الترمذي رقم (3477)، (5/ 517)
(2)
أخرجه الترمذي في سننه، برقم (3505)، (5/ 529)، وأحمد في المسند برقم (1462)، (3/ 65) وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (2/ 130)، برقم (1644).
وبهذا يظهر أن المستحب في الدعاء البدء بالحمد والثناء على الله بين يدي الحاجة، والمسألة، كما هي إشارة الآية الكريمة، والله تعالى أعلم.
(1)
(1)
ينظر للاستزادة: الوابل الصيب من الكلم الطيب لابن القيم (1/ 89)، وفتح الباري لابن حجر (3/ 5)