المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌سورة طه فائدة الاستفهام في قوله تعالى: {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَامُوسَى} قال - الاستنباط عند الخطيب الشربيني في تفسيره السراج المنير

[أسماء بنت محمد الناصر]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌أهمية الموضوع:

- ‌أسباب اختيار الموضوع:

- ‌مجال البحث وحدوده:

- ‌الدراسات السابقة:

- ‌فأما الدراسات التي عنيت بتفسير الخطيب الشربيني فهي:

- ‌وأما دراسة موضوع الاستنباط لذاته أو عند المفسرين فقد سجل في رسائل علمية نوقش بعضها، والبعض لا يزال قيد الإعداد والمناقشة، وهي:

- ‌خطة البحث:

- ‌منهج البحث:

- ‌التمهيد

- ‌أولاً: - تعريف الاستنباط، ونشأته، وعلاقته بالتفسير. - أهميته، وطرق التوصل إليه

- ‌أولاً: تعريف الاستنباط:

- ‌ثانياً: نشأة الاستنباط وعلاقته بالتفسير:

- ‌ثالثاً: أهمية علم الاستنباط:

- ‌طريق الوصول إلى الاستنباط:

- ‌ثانياً: التعريف بالخطيب الشربيني رحمه الله

- ‌اسمه ونشأته:

- ‌شيوخه:

- ‌مكانته العلمية وآثاره:

- ‌مؤلفاته:

- ‌عقيدته ومذهبه:

- ‌أولاً: التوحيد:

- ‌ثانياً: الإيمان:

- ‌ثالثاً: القرآن:

- ‌رابعاً: النبوات:

- ‌خامساً: القدر:

- ‌سادساً: السببية وأفعال المخلوقات:

- ‌سابعاً: التحسين والتقبيح:

- ‌وفاته

- ‌ثالثاً: التعريف بتفسير"السراج المنير في الإعانة على معرفة بعض معاني كلام ربنا الحكيم الخبير

- ‌القيمة العلمية لتفسير السراج المنير، ومنهجه فيه:

- ‌منهجه في التفسير:

- ‌الباب الأول:منهج الخطيب الشربيني في الاستنباطمن خلال تفسيره "السراج المنير

- ‌الفصل الأول:أقسام الاستنباط عند الخطيب الشربيني في تفسيره

- ‌المبحث الأول:الاستنباط باعتبار موضوع المعنى المستنبط

- ‌المطلب الأول: الاستنباطات في علوم القرآن

- ‌ومن الأمثلة على استنباطاته في علوم القرآن:

- ‌أولاً: في مناسبات الألفاظ:

- ‌ثانياً: في أسرار التقديم والتأخير في القرآن

- ‌ثالثاً: في فوائد التكرار في القرآن الكريم:

- ‌رابعاً: في جواز وقوع النسخ في القرآن:

- ‌خامساً: في قصص القرآن:

- ‌سادساً: في المنطوق والمفهوم:

- ‌سابعاً: في الخصوص والعموم:

- ‌المطلب الثاني: الاستنباطات العقدية:

- ‌القسم الأول: استنباطات فيها تقرير مباشر لمسائل العقيدة، وهي على نوعين:

- ‌النوع الأول: تقرير مسائل على عقيدته الأشعرية:

- ‌النوع الثاني: تقرير مسائل على عقيدة أهل السنة والجماعة:

- ‌القسم الثاني: استنباطات فيها تقرير لمسائل عقدية على مذهب أهل السنة والجماعة والرد على مخالفيهم

- ‌المطلب الثالث: الاستنباطات الأصولية

- ‌المطلب الرابع: الاستنباطات الفقهية:

- ‌القسم الأول: استنباطات فقهية كلية، وهي ما يعرف بالقواعد الفقهية

- ‌حجية سد الذرائع:

- ‌الأصل في الأشياء الإباحة:

- ‌القسم الثاني: استنباطات لمسائل فقهية فرعية متنوعة، وهذا هو الأغلب في استنباطات الخطيب الفقهية

- ‌المطلب الخامس: الاستنباطات اللغوية

- ‌المطلب السادس: الاستنباطات التربوية السلوكية

- ‌المبحث الثاني:الاستنباط باعتبار ظهور النص المستنبط منه وخفائه

- ‌المطلب الأول: الاستنباط من ظاهر النص

- ‌المطلب الثاني: الاستنباط من نص غير ظاهر المعنى

- ‌المبحث الثالث:الاستنباط باعتبار الإفراد والتركيب

- ‌المطلب الأول: الاستنباط من الآية الواحدة

- ‌المطلب الثاني: الاستنباط بالربط بين آيتين أو أكثر

- ‌الفصل الثاني:دلالات وطرق الاستنباط عند الخطيب الشربيني في تفسيره

- ‌المبحث الأول:الاستنباط بدلالة النص (مفهوم الموافقة)

- ‌المبحث الثاني:الاستنباط بدلالة المفهوم (مفهوم المخالفة)

- ‌المبحث الثالث:الاستنباط بدلالة الالتزام

- ‌المبحث الرابع:الاستنباط بدلالة التضمن

- ‌المبحث الخامس:الاستنباط بدلالة الاقتران

- ‌المبحث السادس:الاستنباط بدلالة الجمع بين النصوص

- ‌الفصل الثالث:أساليب الاستنباط عند الخطيب الشربيني في تفسيره، ومميزاته

- ‌المبحث الأول:أساليب الاستنباط عند الخطيب الشربيني في تفسيره

- ‌المبحث الثاني:مميزات الاستنباط عند الخطيب الشربيني في تفسيره

- ‌الفصل الرابع:مصادر الاستنباط عند الخطيب الشربيني:

- ‌تمهيد:

- ‌المبحث الأول:المصادر الأصلية، وهي التي يعتمد عليها غالباً

- ‌أولاً: الرازي:

- ‌ثانياً: البيضاوي:

- ‌ثالثاً: الزمخشري:

- ‌رابعاً: القرطبي:

- ‌خامساً: البغوي:

- ‌المبحث الثاني:المصادر الفرعية، وهي التي لا يعتمد عليها إلا قليلاً أو نادراً

- ‌أولا: الخازن

- ‌ثانياً: أبو حيان

- ‌ثالثاً: ابن عادل الحنبلي

- ‌رابعاً: البقاعي

- ‌الباب الثاني:جمع ودراسة الاستنباطات عند الخطيب الشربينيفي تفسيره من أول سورة الفاتحة إلى آخر سورة الناس

- ‌سورة الفاتحة

- ‌سورة البقرة

- ‌سورة آل عمران

- ‌سورة النساء

- ‌سورة المائدة

- ‌سورة الأنعام

- ‌سورة الأعراف

- ‌سورة الأنفال

- ‌سورة التوبة

- ‌سورة يونس

- ‌سورة هود

- ‌سورة يوسف

- ‌سورة الرعد

- ‌سورة إبراهيم

- ‌سورة الحجر

- ‌سورة النحل

- ‌سورة الإسراء

- ‌سورة الكهف

- ‌سورة مريم

- ‌سورة طه

- ‌سورة الحج

- ‌سورة النور

- ‌سورة الفرقان

- ‌سورة الشعراء

- ‌سورة النمل

- ‌سورة القصص

- ‌سورة العنكبوت

- ‌سورة لقمان

- ‌سورة الأحزاب

- ‌سورة سبأ

- ‌سورة فاطر

- ‌سورة يس

- ‌سورة الصافات

- ‌سورة ص

- ‌سورة الزمر

- ‌سورة غافر

- ‌سورة فصلت

- ‌سورة الشورى

- ‌سورة الزخرف

- ‌سورة الجاثية

- ‌سورة الأحقاف

- ‌سورة محمد

- ‌سورة الحجرات

- ‌سورة الذاريات

- ‌سورة الرحمن

- ‌سورة الواقعة

- ‌سورة الحديد

- ‌سورة الحشر

- ‌سورة الممتحنة

- ‌سورة المنافقون

- ‌سورة الطلاق

- ‌سورة الملك

- ‌سورة الجن

- ‌سورة المزمل

- ‌سورة المدثر

- ‌سورة النازعات

- ‌سورة عبس

- ‌سورة الانفطار

- ‌سورة المطففين

- ‌سورة البروج

- ‌سورة الضحى

- ‌سورة البينة

- ‌سورة العاديات

- ‌سورة قريش

- ‌سورة المسد

- ‌سورة الناس

- ‌الخاتمة

الفصل: ‌ ‌سورة طه فائدة الاستفهام في قوله تعالى: {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَامُوسَى} قال

‌سورة طه

فائدة الاستفهام في قوله تعالى: {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَامُوسَى}

قال الله تعالى: {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَامُوسَى (17) قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى} [طه: 17 - 18].

قال الخطيب الشربيني رحمه الله: (فإن قيل: السؤال إنما يكون لطلب العلم وهو على الله تعالى محال فما الفائدة في ذلك؟

أجيب: بأنّ في ذلك فوائد؛ الأولى: توقيفه على أنها عصا، حتى إذا قلبها حيَّة علِم أنها معجزة عظيمة، وهذا على عادة العرب يقول الرجل لغيره هل تعرف هذا؟ وهو لا يشك أنه يعرفه، ويريد أن يضم إقراره بلسانه إلى معرفته بقلبه.

الثانية: أن يقرّر عنده أنها خشبة حتى إذا قلبها ثعباناً لا يخافها.

الثالثة: أنه تعالى لما أراه تلك الأنوار المتصاعدة من الشجرة إلى السماء، وأسمعه كلام نفسه

(1)

، ثم أورد عليه التكليف الشاق، وذكر له المعاد، وختم ذلك بالتهديد العظيم فتحيَّر موسى عليه السلام ودهش، فقيل له:«وما تلك بيمينك يا موسى» وتكلم معه بكلام البشر إزالةً لتلك الدهشة والحيرة).

(2)

(1)

الكلام الذي يثبته الأشاعرة لله تعالى هو معنى أزلي أبدى قائم بالنفس، ليس بحرف ولا صوت. ينظر: الإرشاد للجويني (1/ 128 - 137)، والمواقف للإيجي (1/ 293)، وينظر: المفسرون بين التأويل والإثبات للمغراوي ص 1222.

(2)

السراج المنير (2/ 499).

ص: 593

الدراسة:

استنبط الخطيب من الآية دلالتها باللازم على فوائد الاستفهام من الخبير سبحانه بقوله {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَامُوسَى} ، ومعلوم أنه لم يُرد بذلك إعلام الله تعالى؛ لأنه سبحانه أعلم بذلك منه، ولكنه جاء على وجه التقرير له والتنبيه على أن الذي في يده عصا لتقع المعجزة بها بعد التأمل فيها والتَّثبت منها، فأجاب موسى بذكر منافع العصا إقراراً منه بالنعمة فيها، واعتداداً بمنافعها والتزاماً لما يجب عليه من الشكر له سبحانه.

(1)

وهي فائدة حسنة، نصَّ عليها جمهور المفسرين كالطبري، والجصاص، والزجاج، والسمرقندي، والسمعاني، والبغوي، وابن العربي، وابن عطية

(2)

والرازي، والقرطبي، والنسفي

(3)

، وابن جزي، والخازن، وأبو حيان، وأبو السعود، وابن عاشور، وغيرهم.

(4)

ولعل من الحكمة في سؤاله أيضاً إزالة الوحشة عنه، لأن موسى كان خائفاً مستوحشاً أخذته هيبة المقام عند سماع الخطاب فسأله لِيَسكُن بعض ما به وتزول

(1)

ينظر: أحكام القرآن للجصاص (5/ 52)

(2)

قال ابن عطية: ({وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَامُوسَى} تقرير مضمنه التنبيه وجمع النفس لتلقي ما يورد عليها، وإلا فقد علم الله ما هي في الأزل). المحرر الوجيز (4/ 40)

(3)

قال: (والسؤال للتنبيه لتقع المعجزة بها بعد التثبت، أو للتوطين لئلا يهول انقلابها حية، أو للإيناس ورفع الهيبة للمكالمة). مدارك التنزيل (2/ 360)

(4)

ينظر: جامع البيان (18/ 292)، وأحكام القرآن (5/ 52)، ومعاني القرآن وإعرابه (3/ 354)، وبحر العلوم (2/ 392)، وتفسير السمعاني (3/ 325)، ومعالم التنزيل (3/ 258)، وأحكام القرآن لابن العربي (3/ 257)، والمحرر الوجيز (4/ 40)، والتفسير الكبير (22/ 24)، والجامع لأحكام القرآن (11/ 186)، ومدارك التنزيل (2/ 360)، والتسهيل (2/ 6)، ولباب التأويل (3/ 202)، والبحر المحيط (7/ 321)، وإرشاد العقل السليم (6/ 10)، والتحرير والتنوير (16/ 205).

ص: 594

عنه الوحشة، ويطمئن قلبه بأنه في مقام الاصطفاء، وأن الله تعالى كلَّمه من دون واسطة، كما دلَّ عليه قوله بعد ذلك {لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى} [طه: 23].

(1)

وممن نصَّ على هذه الفائدة من المفسرين: السمرقندي، والقشيري، وابن عطية، والرازي، والنسفي، وأبو السعود، والألوسي، والسعدي، وابن عاشور، وغيرهم.

(2)

وهذه الفائدة لا تخلو من وجاهة، إلا أن سابقتها أظهر، وذكر بعض المفسرين في الآية فوائد أخرى غيرها

(3)

، والله تعالى أعلم.

(1)

ينظر: التحرير والتنوير (16/ 205)

(2)

ينظر: تفسير القرآن للسمرقندي (2/ 392)، ولطائف الإشارات (2/ 450)، والمحرر الوجيز (4/ 40)، والتفسير الكبير (22/ 25)، ومدارك التنزيل (2/ 360)، وإرشاد العقل السليم (6/ 10)، وروح المعاني (8/ 522)، وتيسير الكريم الرحمن (1/ 504) والتحرير والتنوير (16/ 205).

(3)

بعضها لا يخلو من بُعد، ينظر: التفسير الكبير (22/ 25)، وروح المعاني (8/ 522).

ص: 595

فائدة قوله تعالى: {فَطَرَنَا} .

قال الله تعالى: {قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} [طه: 72].

قال الخطيب الشربيني رحمه الله: ({لَنْ نُؤْثِرَكَ} أي: نختارك {عَلَى مَا جَاءَنَا} على لسان موسى {مِنَ الْبَيِّنَاتِ} التي عايناها، وعلمنا أنه لا يقدر أحد على مضادتها. ولما بدؤوا بما يدل على الخالق من الفعل ترقَّوا إلى ذكره بعد معرفته بفعله إشارة إلى عُلوِّ قدره، فقالوا: {وَالَّذِي} أي: ولا نؤثرك بالاتباع على الذي {فَطَرَنَا} أي: ابتدأ خلقنا، إشارة إلى شمول ربوبية الله تعالى لهم وله ولجميع الناس، وتنبيهاً على عجز فرعون عند من استخفَّه، وفي جميع أقوالهم هذه من تعظيم الله تعالى عبارة وإشارة وتحقير فرعون أمر عظيم).

(1)

وجه الاستنباط:

حيث جيء بالموصول {وَالَّذِي فَطَرَنَا} للإيماء إلى التعليل، لأن الفاطر هو المستحق بالإيثار.

(2)

الدراسة:

استنبط الخطيب من الآية دلالتها باللازم على ثبات السحرة، وتحقيرهم لشأن فرعون عند من استخفه من فحوى قوله تعالى:{لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا} ، فذِكره تعالى بأنه فاطرهم، للإشعار بعلة الحكم؛ فإن خلقه تعالى لهم وكون

(1)

السراج المنير (2/ 501)

(2)

ينظر: التحرير والتنوير (16/ 266).

ص: 596

فرعون من جُملة مخلوقاته مما يوجب عدم إيثارهم له عليه

(1)

، وفيه تكذيب لفرعون في دعواه الربوبية.

قال ابن كثير: ({وَالَّذِي فَطَرَنَا} يحتمل أن يكون قسماً، ويحتمل أن يكون معطوفاً على البينات

(2)

، يعنون: لا نختارك على فاطرنا وخالقنا الذي أنشأنا من العدم، المبتدئ خلقنا من الطين، فهو المستحق للعبادة والخضوع لا أنت).

(3)

وممن استنبط هذه الإشارة من معنى الآية: أبو حيان، وابن كثير، والنيسابوري، وأبو السعود، والألوسي، والقاسمي، وابن عاشور، وغيرهم.

(4)

قال أبو حيان مؤكداً هذا المعنى: (لمَّا لاحت لهم حجة الله في المعجزة بدؤوا بها، ثم ترقَّوا إلى القادر على خرق العادة وهو الله تعالى، وذكروا وصف الاختراع وهو قولهم {وَالَّذِي فَطَرَنَا} تبييناً لعجز فرعون وتكذيبه في ادعاء ربوبيته وإلاهيته، وهو عاجز عن صرف ذبابة فضلاً عن اختراعها).

(5)

ولعل تأخير {وَالَّذِي فَطَرَنَا} عن {مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ} لأن البينات دليل على أن الذي خلقهم أراد منهم الإيمان بموسى ونبذ عبادة غير الله، ولأن فيه

(1)

ينظر: إرشاد العقل السليم (6/ 29)، ومحاسن التأويل (7/ 135)

(2)

هذان الوجهان في تفسير الآية ذكرهما الفراء والزجاج. ينظر: معاني القرآن (2/ 187)، ومعاني القرآن وإعرابه (3/ 368)

(3)

تفسير القرآن العظيم (5/ 304)

(4)

ينظر: البحر المحيط (7/ 359)، وتفسير القرآن العظيم (5/ 304)، وغرائب القرآن (4/ 558)، وإرشاد العقل السليم (6/ 29)، وروح المعاني (8/ 543)، ومحاسن التأويل (7/ 135)، والتحرير والتنوير (16/ 266).

(5)

البحر المحيط (7/ 359)

ص: 597

تعريضاً بدعوة فرعون للإيمان بالله

(1)

، وفي هذه الإشارات اللطيفة تنبيه لفرعون وقومه، والله تعالى أعلم.

كثرة أتباع موسى عليه السلام.

قال الله تعالى: {وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى} [طه: 77]

قال الخطيب الشربيني رحمه الله: (فيه دليل على أن موسى عليه السلام كثُر مستجيبوه، فأراد الله تعالى تمييزهم من طبقة فرعون وخلاصهم، فأوحى إليه أن يسري بهم ليلاً).

(2)

الدراسة:

استنبط الخطيب من الآية دلالتها باللازم على كثرة أتباع موسى عليه السلام – وأنه في تلك الحال كثُر مستجيبوه، حيث قال سبحانه {أَسْرِ بِعِبَادِي} فأمرُه تعالى لموسى أن يُسري بعباده من بني إسرائيل ليلاً من أرض مصر، تمييزاً لهم من قوم فرعون، وإيذاناً بخلاصهم ونجاتهم من فرعون وكيده، كما يفيده صيغة الجمع في قوله (عبادي).

وممن استنبط هذه الدلالة من الآية: الرازي، وابن عادل، وغيرهما.

(3)

(1)

ينظر: التحرير والتنوير لابن عاشور (16/ 266).

(2)

السراج المنير (2/ 521)

(3)

ينظر: التفسير الكبير (22/ 80)، واللباب في علوم الكتاب (13/ 331).

ص: 598

وقد اختلفت الروايات في تحديد عدد بني إسرائيل الذين نجوا مع موسى، وروي عن ابن عباس مرفوعاً قال: كان أصحاب موسى الذين جاوزوا البحر اثني عشر سِبطاً، وكان في كل طريق اثنا عشر ألفاً كلهم من ولد يعقوب النبي صلى الله عليه وسلم.

(1)

وروي أن موسى عليه السلام نهض ببني إسرائيل، وهم ستمائة ألف، فسار بهم من مصر يريد بحر القلزم واتصل الخبر بفرعون فجمع جنوده وحشرهم، ونهض وراءه.

(2)

والذي يظهر والله أعلم أن عددهم كثير كما جاء في السِير، وإن كان جعلُ هذه الآية دلالة على كثرة عددهم بعيد، وغير ظاهر من الآية كل الظهور، والله تعالى أجلَّ وأعلم.

(1)

ينظر: تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر ص 80

(2)

ينظر: المحرر الوجيز (4/ 54).

ص: 599

لا شفاعة لغير المؤمن.

قال الله تعالى: {يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا} (طه: 109)

قال الخطيب الشربيني رحمه الله: ({لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ} أحداً {إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ} أن يشفع له {وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا} ولو الإيمان المجرد. قال ابن عباس: يعني قال: لا إله إلا الله

(1)

، فهذا يدل على أنه لا يشفع لغير المؤمن).

(2)

الدراسة:

استنبط الخطيب أن الشافع لا يشفع لغير المؤمن؛ لأن هذه الآية أفادت أن المشفوع له لا بد وأن يكون مرضياً عند الله تعالى، فدلَّت بمفهوم المخالفة على أن من لم يكن مرضياً عنده سبحانه لا شفاعة له.

وهذا على القول بأن الاستثناء متصل والمعنى لا تنفع الشفاعة أحداً إلا من أذن له الرحمن في أن يُشفع له.

(3)

وممن استنبط هذه الدلالة من الآية على هذا المعنى: الواحدي، والبغوي، والخازن، وأبو السعود، وغيرهم.

(4)

(1)

ينظر: التفسير الوسيط (3/ 222)، ومعالم التنزيل (3/ 275)

(2)

السراج المنير (2/ 535)

(3)

قال شيخ الإسلام: (وهكذا قال غير واحد من المفسرين. قالوا: وهذا يدل على أن الشفاعة لا تنفع إلا المؤمنين. وكذلك قال السلف في هذه الآية. قال قتادة: كان أهل العلم يقولون: إن المقام المحمود الذي قال الله تعالى: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} هو شفاعته يوم القيامة. وقوله: {إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا} إن الله يشفع المؤمنين بعضهم في بعض). مجموع الفتاوى (14/ 390)

(4)

ينظر: التفسير الوسيط (3/ 222)، ومعالم التنزيل (3/ 275)، ولباب التأويل (3/ 213)، وإرشاد العقل السليم (6/ 43).

ص: 600

قال البغوي: ({وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا} أي ورضي قوله. قال ابن عباس: يعني قال لا إله إلا الله، فهذا يدل على أنه لا يشفع لغير المؤمن).

(1)

وذكر جماعة من المفسرين أن الاستثناء منقطع، والمعنى لكن من أذن له الرحمن أن يشفع ورضي له قوله في الشفاعة.

(2)

قال الطبري في معناه: ({إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ} أن يشفع {وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا} وأدخل في الكلام " له " دليلاً على إضافة القول إلى كناية " من " وذلك كقول القائل الآخر: رضيت لك عملك، ورضيته منك).

(3)

ويشهد لهذا المعنى آيات كثيرة من كتاب الله كقوله تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} [البقرة: 255]، وقوله:{وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى} [النجم: 26]، وقوله:{يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا} [النبأ: 38].

(4)

والذي يظهر والله تعالى أعلم أن الإذن في الشفاعة يشمل الشافع والمشفوع له.

قال شيخ الإسلام: " {يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ} نفى النوعين: شفاعة الشفعاء والشفاعة للمذنبين. فقوله {إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ} يتناول النوعين: من أذن له

(1)

معالم التنزيل (3/ 275)

(2)

ينظر: جامع البيان (18/ 375)، والجامع لأحكام القرآن (11/ 247)، وتفسير القرآن العظيم (5/ 317)، وتيسير الكريم الرحمن (1/ 514)

(3)

جامع البيان (18/ 375)

(4)

ينظر: تفسير القرآن العظيم لابن كثير (5/ 317)

ص: 601

الرحمن ورضي له قولا من الشفعاء، ومن أذن له الرحمن ورضي له قولا من المشفوع له، وهي تنفع المشفوع له فتخلصه من العذاب، وتنفع الشافع فتُقبل منه، ويكرم بقبولها، ويثاب عليه، والشفاعة يومئذ لا تنفع لا شافعاً ولا مشفوعاً له {إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا} فهذا الصنف المأذون لهم المرضي قولهم: هم الذين يحصل لهم نفع الشفاعة، وهذا موافق لسائر الآيات، فإنه تارة يشترط في الشفاعة إذنه، كقوله {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} ، وتارة يشترط فيها الشهادة بالحق، كقوله {وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ} ثم قال {إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} .

(1)

وعليه فالمعنى المستنبط من الآية صحيح، ولن تُنال شفاعة أحد من الخلق، إلا إذا أذِن سبحانه في الشفاعة، ولا يأذن إلا لمن رضي قوله من الأنبياء والمرسلين، وعباده المقربين، فيمن ارتضى قوله وعمله، وهو المؤمن، فإذا اختل أحد هذه الأمور، فلا سبيل لأحد إلى شفاعة من أحد، والله تعالى أعلم.

(1)

مجموع الفتاوى (14/ 392) وينظر: إغاثة اللهفان لابن القيم (1/ 221).

ص: 602

سورة الأنبياء

الإشارة إلى كروية الأرض.

قال الله تعالى: {حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ} [الأنبياء: 96]

قال الخطيب الشربيني رحمه الله: ({وَهُمْ} أي: والحال أنهم {مِنْ كُلِّ حَدَبٍ} أي: نشز عال من الأرض {يَنْسِلُونَ} أي: يُسرعون من النسلان، وهو تقارب الخُطا مع السرعة كمشي الذئب

(1)

، وفي العبارة إيماء إلى أنّ الأرض كرة).

(2)

وجه الاستنباط:

قوله {حَدَبٍ} يفيد أن الأرض منضمٌ بعضها إلى بعض مدرمحة كالكرة.

الدراسة:

استنبط الخطيب بدلالة اللازم من الآية الإشارة إلى أن الأرض كرة، لأنه تعالى قال:{مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ} والحدَب هو

(3)

: المرتفع من الأرض

(4)

، والمعنى: أنهم يتفرقون في الأرض، وهم من كل شيء مرتفع من الأرض

(1)

ينسلون: أي يهرولون ويسرعون. قال أبو إسحاق: ينسلون: يخرجون بسرعة. وقال الليث: النسلان: مشية الذئب إذا أسرع، ينظر: العين للفراهيدي (7/ 257)، وتهذيب اللغة للأزهري (12/ 297) مادة (نسل).

(2)

السراج المنير (2/ 585)

(3)

قال الجوهري: (الحَدَبُ: ما ارتفع من الأرض، والجمع الحِداب. ومنه قوله تعالى: {مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ}. والحَدَبَةُ: التي في الظَهْرِ، وقد حَدِبَ ظهرُهُ فهو حَدِبٌ، واحدودبَ مثله). الصحاح (1/ 108)، وجمهرة اللغة (1/ 273)، وتهذيب اللغة للأزهري (4/ 248) قال: قال الفراء: {وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ} [الأنبياء: 96] من كل أكمة، ومن كل موضع مرتفع).

(4)

قاله ابن عباس، وعكرمة، وأبو صالح، والثوري وغيرهم، وعن قتادة {مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ} قال: من كل أكمة. وقال ابن زيد، الحدب: الشيء المشرف. ينظر: جامع البيان (18/ 532)، وتفسير القرآن العظيم (5/ 372)

ص: 603

يهبطون مسرعين

(1)

، وفي هذا الحدب إشارة إلى كروية الأرض، أي أنها منضمٌ بعضها إلى بعض مدرمحة كالكرة، ومعلوم أن من الأدلة على كروية الأرض ظهور أعالي الأشياء قبل أسافلها، واختفاء أسافلها قبل أعاليها، واستدارة الأفق واتساعه تبعًا للارتفاع.

(2)

قال الراغب: (يجوز أن يكون الأصل في الحدب حدب الظهر، وهو خروجه ودخول الصدر والبطن، ثم شُبِّه به ما ارتفع من الأرض فسمي حدباً، ومنه محدب الفلك).

(3)

وقد اتفق أهل التفسير واللغة على أن " الفلك " هو المستدير

(4)

، قال تعالى:{لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} . قال ابن عباس وغيره من السلف: في فلكة مثل فلكة المغزل

(5)

، وهذا صريح بالاستدارة

والدوران

(6)

، وقال تعالى:{يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ} وهذا بيان واضح في تكوير بعضها على بعض.

(7)

(1)

ينظر: التفسير الوسيط (3/ 252)، وتفسير القرآن العظيم (5/ 372)

(2)

ينظر: قواعد الجغرافيا العامة الطبيعية والبشرية لجودة حسنين وفتحي أبو عيانة (1/ 31)

(3)

نقله عنه حقي في روح البيان (5/ 523)، ولم أقف عليه عند الراغب.

(4)

نقل شيخ الإسلام ابن تيمية الإجماع على ذلك في عدة كتب منها " الرسالة العرشية "(1/ 14)، ودرء تعارض النقل والعقل (7/ 3)، و" رسالة في الهلال " من مجموع الفتاوى (25/ 195)، وحكى الإجماع على ذلك ابن حزم في الفصل في الملل والنحل (2/ 78)

(5)

ينظر: جامع البيان (18/ 438)

(6)

وأصل ذلك أن الفلك في اللغة هو: الشيء المستدير، من ذلك فلكة المغزل بفتح الفاء، سميت لاستدارتها ; ويقال: فلك ثدي الجارية إذا استدار. ينظر: الصحاح (4/ 1604)، ومقاييس اللغة (4/ 452) مادة (فلك).

(7)

ينظر: مجموع الفتاوى (6/ 587)

ص: 604

نصَّ على هذه الإشارة من الآية: البقاعي، وغيره.

(1)

وقد حكى غير واحد من العلماء الإجماع على كروية الأرض، ونقل ابن تيمية عن بعض أهل العلم

(2)

قوله: (لا خلاف بين العلماء أن السماء على مثال الكرة. وقال: وكذلك أجمعوا على أن الأرض بجميع حركاتها من البر والبحر مثل الكرة. ثم قال: ويدل عليه أن الشمس والقمر والكواكب لا يوجد طلوعها وغروبها على جميع من في نواحي الأرض في وقت واحد، بل على المشرق قبل المغرب.)

(3)

والذي يظهر أن استنباط كروية الأرض من إشارة هذه الآية إلى حدب الأرض صحيح، والله تعالى أجلّ وأعلم.

(1)

نظم الدرر (12/ 481)

(2)

وهو أبو الحسين بن المنادي. ينظر: مجموع الفتاوى (25/ 195)، وقال ابن تيمية:(والقول بأن الفلك مستدير هو قول جماهير علماء المسلمين، والنقل بذلك ثابت عن الصحابة والتابعين، .. وقد نازع في ذلك طوائف من أهل الكلام والرأي، من الجهمية والمعتزلة وغيرهم). ينظر: درء تعارض العقل والنقل (7/ 3)، وينظر قول المخالف في الفرق بين الفرق للبغدادي: ص 318، والمواقف للإيجي:(1/ 199)، (1/ 217)

(3)

مجموع الفتاوى (25/ 195) بتصرف يسير.

ص: 605