الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني:
مميزات الاستنباط عند الخطيب الشربيني في تفسيره
.
تميَّز الاستنباط عند الخطيب الشربيني، واتَّسَم بما يأتي:
أولاً: وضوحه وسهولة عبارته، ويظهر ذلك في أكثراستنباطاته، فلا يتكلف العبارة، أو يتشدَّق بغريب الكلام، بل يستنبط الحُكم أو المعنى والفائدة بعبارة سهلة واضحة، تصل إلى فهم القارئ مباشرة دون أدنى كُلفة.
ثانياً: دِقَّة ملحظِه، فقد امتاز الاستنباط عند الخطيب بدِقَّة الملحظ، ولطافة المأخذ في مواضع كثيرة، فنجده يقع على لطائف من الاستنباط ونُكات قلَّ أن يُنبِّه عليها غيره، لدقّتها وقوة ملحظها.
ثالثاً: الإيجاز فيه وعدم الإطناب، حيث جاءت استنباطات الخطيب في أكثر أحوالها موجزة اللفظ مختصرة، تفي بالغرض من بيان المعنى المُستنبَط ووجهه، بلا إطالة وتفصيل، إلا فيما دعت الحاجة إليه، من بيان للحكم أو استدلال عليه، أو إيضاح لما قد يدِقُّ ويخفى ملحظه على عامة من قرأه.
رابعاً: قوته ووجاهته. تميَّز الخطيب بقوة الاستنباط ووجاهته في أكثر استنباطاته، ولاغرو فالخطيب - كما تقدم - فقيه مفسر نحوي، اجتمعت فيه مصادر قوة قلَّ أن تجتمع في غيره، وقد أثَّر ذلك في اختياراته، كما أنه قد اعتمد على تفاسير من سبقه، ممن كانت لهم عناية خاصة بهذا الجانب، فجاءت استنباطاته قوية الدلالة، مُذيلة بالتوجيه في أكثرها.
خامساً: عنايته الخاصة بالاستنباطات العقدية، فقد اعتنى الخطيب بالاستنباطات في العقيدة، وأولاها الكثير من التحرير والتدليل، سواء ما وافق فيه أهل السنة والجماعة، أو ما كان منها على مذهب الأشاعرة، مما قد يجعله مصدراً من مصادر
عقيدتهم في التفسير، وهذه وإن لم تكن بطبيعة الحال مِيزة إلا أنها سِمة من سِمات تفسيره.
سادساً: توظيفه علوم اللغة في الاستنباط، فالخطيب -كما تقدم - إمام في العربية، ولذا نجده كثيراً ما يحتكم إلى لغة العرب وقواعدها أثناء الاستنباط.
سابعاً: توظيفه السياق القرآني في الاستنباط، فأحياناً يقول:(وظاهر الآية يدلّ على كذا)، ولا شك أن إدخال الكلام في معاني ما قبله وما بعده، أولى من الخروج به عنهما، إلا بدليل يجب التسليم له كما هي القاعدة المعروفة في ذلك
(1)
، وكثيراً ما يستنبط مناسبات الألفاظ، وأسرار التقديم والتأخير، بدلالة السياق.
ثامناً: شمولية استنباطاته لكثير من الفنون والموضوعات، في العقيدة، واللغة، وعلوم القرآن وبلاغته، وإعجازه، والفقه وأصوله، والتربية والأخلاق والسلوك، وغيرها.
(2)
تاسعاً: التنوع في طرق الاستنباط، فقد يستنبط أحياناً بدلالة مفهوم الموافقة، أو المخالفة، أو بدلالة الاقتران أو دلالة الالتزام - وهي الغالبة على استنباطاته- أو غيرها من الدلالات.
عاشراً: عدم تعصبه في اختياراته واستنباطاته لمذهبه الفقهي الشافعي رغم ميله له، أو لأي مذهب من المذاهب الفقهية الأخرى بل يحتكِّم إلى الدليل.
الحادي عشر: تفرد الخطيب وسبقه لبعض الاستنباطات، فقد وقفت له على بعض الاستنباطات التي لم أجدها عند غيره.
(3)
(1)
ينظر: البحر المحيط في أصول الفقه للزركشي (8/ 54)، وقواعد الترجيح عند المفسرين لحسين الحربي (1/ 125)
(2)
ينظر: الباب الأول - الفصل الأول - من هذه الرسالة.
(3)
ينظر الاستنباط رقم: (102)، (160)، (171).