الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث السادس:
الاستنباط بدلالة الجمع بين النصوص
.
(1)
وهي ما يُسمَّيها ابن القيّم دلالة التركيب.
قال رحمه الله: (أو بدلالة التركيب، وهو ضم نصٍ إلى نص آخر، وهي غير دلالة الاقتران، بل هي ألطف منها وأدق وأصح).
(2)
وقال: (وأخصُّ من هذا وألطف ضمُّه إلى نصٍ آخر، مُتعلِقٍ به فيُفهم من اقترانه به قدراً زائداً على ذلك اللفظ بمفرده، وهذا باب عجيب من فهم القرآن لا ينتبه له إلا النادر من أهل العلم، فإن الذهن قد لا يشعر بارتباط هذا بهذا وتعلُّقه به.)
(3)
وهذا المنهج في الاستنباط بدلالة الجمع بين النصوص تعلَّمه الصحابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(4)
ومن أمثلة الاستنباط بدلالة الجمع بين النصوص:
عند قوله تعالى: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف: 15]
قال الخطيب الشربيني رحمه الله: (وفي ذلك دلالة على أنّ أقل مدّة الحمل ستة أشهر، لأنه لما كان مجموع مدة الحمل والرضاع ثلاثين شهراً، وقال تعالى {وَالْوَالِدَاتُ
(1)
جعل بعض الأصوليين هذه الدلالة داخلة في دلالة الإشارة. ينظر: أصول السرخسي (1/ 237)، والإحكام للآمدي (3/ 65)، وشرح الكوكب المنير لابن النجار (3/ 476)
(2)
إعلام الموقعين عن رب العالمين (1/ 273)
(3)
المرجع السابق (1/ 267)
(4)
كما أشكل على عمر بن الخطاب، وأهمه من أمر الكلالة، فراجع رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك فقال له: تكفيك آية الصيف، التي نزلت في آخر سورة النساء، يعني قوله تعالى {قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ} [النساء: 176]، وهذا ما فهمه الصدِّيق وخفي على عمر رضي الله عنهما حتى دلَّه رسول الله وهداه إلى الجمع بين النصوص والاستنباط منها. ينظر: سبل الاستنباط من الكتاب والسنة ص 190.
يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} [البقرة: 233]، فإذا أسقطنا الحولين الكاملين وهي أربعة وعشرون شهراً من ثلاثين بقي مدة الحمل ستة أشهر).
(1)
- وعند قوله تعالى: {إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} [ص: 83]
قال الخطيب الشربيني رحمه الله: (قيل إن غرض إبليس من هذا الاستثناء أنه لا يقع في كلامه الكذب؛ لأنه لو لم يَذكُر هذا الاستثناء، وادَّعى أنه يغوي الكل لظهر كذبه حين يعجز عن إغواء عباد الله تعالى المخلصين، وعند هذا يقال: إن الكذب شيء يستنكف منه إبليس فليس يليق بالمسلم، وهذا يدل على أن إبليس لا يغوي عباد الله تعالى المخلصين، وقد قال تعالى في صفة يوسف عليه السلام {إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} [يوسف: 24]، فتحصل من مجموع الآيتين أن إبليس ما أغوى يوسف عليه السلام وما نُسب إليه من القبائح كذب وافتراء).
(2)
(1)
السراج المنير (3/ 21)
(2)
السراج المنير (3/ 512)