الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة العاديات
المحاسبة على النيات.
قال الله تعالى: {وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ} [العاديات: 10].
قال الخطيب الشربيني رحمه الله: ({وَحُصِّلَ} أي: أُخرج وجُمع بغاية السهولة {مَا فِي الصُّدُورِ} من خير وشر، مما يَظُن مُضمِره أنه لا يعلمه أحد أصلاً، وظهر مكتوباً في صحائف الأعمال، وهذا يدل على أن النيات يحاسب عليها، كما يحاسب على ما يظهر من آثارها، وتخصيص الصدر بذلك لأنه محله القلب).
(1)
وجه الاستنباط:
أنه تعالى قال {وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ} فنصَّ على ما في الصدر وهو القلب؛ إذ هو مناط العمل ومعقد النية.
الدراسة:
استنبط الخطيب رحمه الله من الآية دلالتها باللازم على المحاسبة على النيات لأنه تعالى قال: {وَحُصِّلَ} ، و «تحصيل ما في الصدور»: تمييزه وكشفه ليقع الجزاء عليه من إيمان وكفر ونية.
(2)
والمراد بما في الصدور: الأعمال
(3)
، وهذا كقوله تعالى:{يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ} [الطارق: 9]، ونصَّ على الصدور مع أن المراد القلوب ; لأنها هي مناط العمل ومعقد النية.
(4)
(1)
ينظر: السراج المنير (4/ 669).
(2)
ينظر: المحرر الوجيز لابن عطية (5/ 515).
(3)
ينظر: جامع البيان (24/ 569).
(4)
ينظر: أضواء البيان للشنقيطي (9/ 68)
فالعقيدة وصحة الأعمال كلها مدارها على النية، كما قال صلى الله عليه وسلم:«إنما الأعمال بالنيات»
(1)
وقال عليه الصلاة والسلام: «ألا إن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله .. الحديث» .
(2)
قال السمرقندي: (في الآية دليل أن الثواب يستوجب على قدر النية ويجري به
(3)
؛ لأنه قال عز وجل {وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ} يعني: يحصل له من الثواب بقدر ما كان في قلبه من النية).
(4)
ونصَّ على هذه الدلالة كذلك ابن عطية، وغيره.
(5)
والذي عليه أهل العلم في المحاسبة على النية، أن المسألة فيها تفصيل، فمن هَمَّ بالخير والحسنة، وعقد قلبه وعزمه على ذلك، كُتب له ما نواه، ولو لم يعمله، ومن هَمَّ بسيئة، ثم تركها لله، كتبت له حسنة كاملة، كما في الصحيح.
(6)
أما من همَّ بها، ثم انفسخ عزمه، بعد ما نواها، فإن كانت مجرد خاطر بقلبه، لم يؤاخذ به، وإن كانت عملاً من أعمال القلوب، التي لا مدخل للجوارح بها، فإنه يؤاخذ بها، وإذا كانت من أعمال الجوارح، فأصرَّ عليها، وعزم النية على مواقعتها، فأكثر أهل العلم على أنه مؤاخذ بها.
(7)
(1)
تقدم تخريجه وهو في صحيح البخاري.
(2)
أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب فضل من استبرأ لدينه برقم (52)، (1/ 20)
(3)
لعل الصحيح ويجزي به؛ ليستقيم المعنى.
(4)
تفسير القرآن للسمرقندي (3/ 610)
(5)
ينظر: المحرر الوجيز (5/ 515)
(6)
أخرجه البخاري في كتاب الرقاق باب من همَّ بحسنة أو بسيئة، برقم (6491)، (8/ 103)
(7)
ينظر: شرح النووي على مسلم (2/ 151)، وجامع العلوم والحكم لابن رجب (2/ 343 وما بعدها)، وفتح الباري لابن حجر (11/ 327)