الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة الإسراء
فائدة تنكير لفظ (ليلاً) في قوله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا}
{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} (الإسراء: 1)
قال الخطيب الشربيني رحمه الله: (قوله تعالى: {لَيْلًا} نُصب على الظرف والإسراء سير الليل، وفائدة ذكره الإشارة بتنكيره إلى تقليل مدّته فكان هذا الأمر الجليل في جزء يسير من الليل).
(1)
وجه الاستنباط:
التنكير في لفظ ليلاً دالٌ على معنى البعضية.
الدراسة:
استنبط الخطيب بدلالة اللازم من الآية فائدة تنكير لفظ {لَيْلًا} وهي الإشارة إلى تقليل مدة الإسراء، وأنه أسري به عليه الصلاة والسلام في بعض من الليل، إذ معلوم أن السرى لا يكون إلا بالليل، فدلَّ ذكره على مزيد بيان، إما للتأكيد، أو للتنبيه على أنه المقصود بالذكر، كما أفاد تنكيره معنى البعضية.
(2)
قال العكبري
(3)
: (وتنكيره يدل على قصر الوقت الذي كان الإسراء والرجوع فيه.
(4)
(1)
السراج المنير (2/ 306)
(2)
ينظر: البحر المحيط (7/ 9) والدر المصون (7/ 305)، واللباب في علوم الكتاب (12/ 194)، ومحاسن التأويل (6/ 427)
(3)
هو: عبدالله بن الحسين بن أبي البقاء العكبري، أبو البقاء محب الدين، الفقيه الحنبلي، النحوي الضرير، صاحب التصانيف، له كتاب:(إعراب القرآن)، و (متشابه القرآن)، و (إعراب الحديث) وغيرها، توفي سنة 616 هـ. ينظر: شذرات الذهب 5/ 153، وطبقات المفسرين للأدنه وي ص 219.
(4)
التبيان في إعراب القرآن (2/ 811)
وهذه الدلالة من الآية نصَّ عليها جمهور المفسرين كالسمعاني، والزمخشري، ومحمود النيسابوري، والرازي، والبيضاوي، والنسفي، والخازن، وأبو حيان، والبقاعي، والسيوطي، والشوكاني، والقاسمي، وابن عاشور، وغيرهم.
(1)
وقد أشار ابن عاشورإلى فائدة أخرى لهذا التنكير فقال: (في ذلك إيماء إلى أنه إسراء خارق للعادة لقطع المسافة التي بين مبدأ السير ونهايته في بعض ليلة، وأيضاً ليتوسل بذكر الليل إلى تنكيره المفيد للتعظيم. فتنكير ليلاً للتعظيم، بقرينة الاعتناء بذكره مع علمه من فعل أسرى، وبقرينة عدم تعريفه، أي هو ليل عظيم باعتبار جعله زمناً لذلك السرى العظيم، فقام التنكير هنا مقام ما يدل على التعظيم. ألا ترى كيف احتيج إلى الدلالة على التعظيم بصيغة خاصة في قوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ} [القدر: 1 - 2] إذ وقعت ليلة القدر غير منكرة)
(2)
.
ولا مانع من الجمع بينهما؛ إذ جاء التنكير في لفظ الليل للدلالة على تعظيمه، وإفادة معنى البضعية في جزء منه، كما نصَّ عليه الخطيب، والله تعالى أعلم.
(1)
ينظر: تفسير السمعاني (3/ 213)، والكشاف (2/ 646)، وإيجاز البيان عن معاني القرآن (2/ 493)، والتفسير الكبير (20/ 292)، وأنوار التنزيل (3/ 247)، ومدارك التنزيل (2/ 244)، ولباب التأويل (3/ 109)، والبحر المحيط (7/ 9)، ونظم الدرر (11/ 289)، وتفسير الجلالين (1/ 364)، وفتح القدير (3/ 246)، ومحاسن التأويل (6/ 427): التحرير والتنوير (15/ 11).
(2)
التحرير والتنوير (15/ 11)
غلبة رحمة الله سبحانه على غضبه.
قال الله تعالى: {إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [الإسراء: 7]
قال الخطيب الشربيني رحمه الله: (هذه الآية تدل على أن رحمة الله غالبة على غضبه بدليل أنه تعالى لما حكى عنهم الإحسان ذكره مرّتين فقال تعالى: {إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ} ولما حكى عنهم الإساءة اقتصر على ذكرها مرّة واحدة فقال تعالى: {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} ولولا أن جانب الرحمة غالب، وإلا لما كان كذلك)
(1)
.
الدراسة:
استنبط الخطيب من هذه الآية دلالتها باللازم على سعة رحمة الله تعالى، وأنها غالبة على غضبه، بدليل تكرار لفظ الإحسان في الآية مقابل ذكر الإساءة مرّة واحدة، فدلّ على تغليب جانب الرحمة منه تعالى لعباده.
وممن نصَّ على هذه الدلالة من الآية: الرازي، والنيسابوري، وحقي، وغيرهم.
(2)
قال النيسابوري: (أعاد الإحسان ولم يذكر الإساءة إلا مرة، ففيه دليل على أن جانب الرحمة أغلب).
(3)
(1)
السراج المنير (2/ 314)
(2)
ينظر: التفسير الكبير (20/ 301)، وغرائب القرآن (4/ 326)، وروح البيان (5/ 134)
(3)
غرائب القرآن (4/ 326).
والذي يظهر والله تعالى أعلم أن هذه الدلالة صحيحة في نفسها، فرحمة الله تعالى واسعة، قد سبقت غضبه كما جاء في الصحيح
(1)
، لكنها غير ظاهرة الدلالة من معنى تكرار لفظ الإحسان؛ بل يحتمل هذا التكرار وجوهاً أقوى في الدلالة والمعنى.
منها: أنّ ذكر المحاسن وتكرارها أليق بالحكيم سبحانه من غيرها، ولذا قال تعالى:{إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} فقدَّم ذكر الإحسان وكرّره دون الإساءة، حكاه البيضاوي، والألوسي.
(2)
وقد تكون إعادة فعل {أَحْسَنْتُمْ} للتنويه والاهتمام بالإحسان، فلم يقل: إن أحسنتم فلأنفسكم. وهذا الأسلوب: إعادة الفعل عند إرادة تعلق شيء به، أسلوب عربي فصيح يقصد به الاهتمام بذلك الفعل، وقد تكرر في القرآن، كما قال تعالى:{وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ} [الشعراء: 130] وقال: {وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا} [الفرقان: 72] وقال: {هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنَا أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا} [القصص: 63]، أفاده ابن عاشور
(3)
، وغيره، ويجوز أن يكون تَركُ تكرير الإساءة استهجاناً لها وإزراءً بها، والله تعالى أعلم.
(1)
في رواية غلبت غضبي وفي رواية سبقت غضبي، أخرجه البخاري في كتاب التفسير، باب ما جاء في قول الله تعالى:{وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} [الروم: 27] برقم (3194)(4/ 106)
(2)
ينظر: حاشيه الشهاب على تفسير البيضاوي (3/ 109)، وروح المعاني (2/ 426)
(3)
ينظر: التحرير والتنوير (15/ 34)
عصمة القرآن من التحريف والتبديل وأنه نُقِل كما سُمع.
قال الله تعالى: {وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا} [الإسراء: 11].
قال الخطيب الشربيني رحمه الله: (تنبيه: حذفت واو «ويدع» أي: التي هي لام الفعل، خطاً
(1)
في جميع المصاحف، ولا موجب لحذفها لفظاً في العربية، لكنها لما كانت لا تظهر في اللفظ حذفت في الخط، ونظيره قوله تعالى:{سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ} [العلق: 18]{وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: 146]{يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ} [ق: 41]، {فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ} [القمر: 5]
قال الفراء: (ولو كان ذلك بالواو والياء لكان صواباً
(2)
(3)
).
(4)
الدراسة:
استنبط الخطيب نقلاً عن الرازي بدلالة اللازم من الآية تنبيهاً لطيفاً، وهو أنه تعالى قد عصم كتابه عن التحريف والتغيير، لأن إثبات الياء والواو في أكثر ألفاظ القرآن، وعدم إثباتهما في هذه المواضع المعدودة كما في لفظ {وَيَدْعُ} في هذه
(1)
في الأصل (خطأ)، والصواب (خطاً) كما هو واضح من السياق، وقال به بعض المفسرين.
(2)
معاني القرآن للفراء (2/ 117)
(3)
التفسير الكبير (20/ 305)
(4)
السراج المنير (3/ 319)
الآية، وفي قوله تعالى {سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ} [العلق: 18]، و {يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ} [ق: 41] ونحوها، يدل على أن القرآن نُقِل كما سُمع، وأن القراء متبعون للأثر والرواية لا مجرد الرسم، فلم يتصرف في القرآن أحد باجتهاده، وإنما هو الرواية والسماع، فدلَّ على أن القراءة سنة متبعة.
وهي دلالة ظاهرة قوية؛ إذ القياس إثبات الواو في قوله: {وَيَدْعُ} إلا أنه حذف في المصحف من الكتابة، لعدم التلفظ بها لوقوع اللام الساكنة بعدها، ولم تحذف في المعنى لأنها في موضع الرفع، والضمة تقوم مقامها.
(1)
قال أبو حيان: «{وَيَدْعُ} بغير واو على حسب السمع» .
(2)
قال أبو عمرو الداني
(3)
(4)
فثبت بهذا أن القراء يتقيدون بالرواية سماعاً دون الرسم، وليس رسم المصحف إلا كالتذكرة للقارئ، وأن القراءة سنة متبعة لا مجال فيها للرأي أو القياس.
(5)
والله تعالى أعلم.
(1)
ينظر: معاني القرآن للفراء (2/ 117)، وتفسير القرآن للسمرقندي (2/ 303)، وفتح القدير للشوكاني (3/ 251).
(2)
البحر المحيط (7/ 19).
(3)
هو عثمان بن سعيد بن عثمان بن عمر أبو عمرو الداني، نسبة إلى دانية إحدى مدن الأندلس، القرطبي الأموي، المعروف بالصيرفي، شيخ المقرئين. حافظ، مجود، له عدة مؤلفات منها: التيسير، والمقنع؛ وجامع البيان؛ والوقف والابتداء، توفي سنة 444 هـ. ينظر: سير أعلام النبلاء (18/ 77)، غاية النهاية في طبقات القراء (1/ 503).
(4)
في كتابه " جامع البيان "، نقله عنه ابن الجزري في النشر في القراءات العشر (1/ 10).
(5)
ينظر: المرشد الوجيز لأبي شامة المقدسي (1/ 90)، والنشر في القراءات العشر (1/ 10)، ورسم المصحف وضبطه بين التوقيف والاصطلاحات الحديثة شعبان اسماعيل (1/ 55).
لا وجوب قبل الشرع.
قال الله تعالى: {مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: 15].
قال الخطيب الشربيني رحمه الله: (في الآية دليل على أن لا وجوب قبل الشرع).
(1)
وجه الاستنباط:
أن الله تعالى نصَّ أنه لا يعذب أحداً حتى يبعث الرسول.
(2)
الدراسة:
استنبط الخطيب من الآية دلالتها بالنصّ على مسألة أصولية، وهي أنه لا وجوب قبل مجيء الشرع؛ لأنه تعالى نفى العقاب وإنزال العذاب قبل مجئ الرسل فقال {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} والوجوب لا تتقرر ماهيته إلا بترتيب العقاب على الترك، ولا عقاب قبل الشرع بحكم هذه الآية، فدلَّ على أن الواجبات إنما تجب بالشرع لا بالعقل، ولا يجب شيء على أحد قبل بعث الرسول صلى الله عليه وسلم.
(3)
(1)
السراج المنير (3/ 322)
(2)
ينظر: تفسير السمعاني (3/ 226)
(3)
ينظر: الوسيط للواحدي (3/ 101)
نصَّ على ذلك: الواحدي، والسمعاني، والكيا الهراسي، والبغوي، والقرطبي، والبيضاوي، وابن جزي، والخازن، والسيوطي، والألوسي، وابن عاشور، وغيرهم.
(1)
وهذا ما عليه أهل السنة، أن التكليف لا يلزم العباد إلا من الشرع، لا من مجرد العقل كما زعمت المعتزلة
(2)
، وفي المسألة خلاف مشهور للأصوليين
(3)
، والراجح فيها أنه لا حكم ولا تكليف قبل ورود الشرع
(4)
بدلالة هذه الآية، وغيرها من الآيات الكثيرة التي تشهد لهذا المعنى كقوله تعالى {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: 165] وقوله تعالى: {كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ} [الملك: 8]، إلى غير ذلك من الآيات الدالة على أنه تعالى لا يعذب قوماً عذاب استئصال، ولا يدخل أحداً النار إلا بعد إرسال الرسل.
قال القرطبي: (في هذا دليل على أن الأحكام لا تثبت إلا بالشرع، خلافاً للمعتزلة القائلين بأن العقل يقبح ويحسن ويبيح ويحظر).
(5)
(1)
ينظر: الوسيط (3/ 101)، وتفسير السمعاني (3/ 226)، وأحكام القرآن للكيا الهراسي (4/ 249)، ومعالم التنزيل (3/ 124)، والجامع لأحكام القرآن (10/ 231)، وأنوار التنزيل (3/ 250)، والتسهيل (1/ 443)، ولباب التأويل (3/ 125)، والإكليل (1/ 166)، وروح المعاني (8/ 38)، والتحرير والتنوير (15/ 52).
(2)
ينظر: الصواعق المرسلة في الرد على الجهمية والمعطلة (2/ 735)، ومدارج السالكين (1/ 234).
(3)
ينظر: المنخول للغزالي (1/ 76)، والمحصول للرازي (1/ 139)، والإحكام للآمدي (1/ 79).
(4)
قال الإمام النووي: (هذا هو الصحيح عند محققي الأصوليين لقوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} (الإسراء: 15).) شرح النووي على صحيح مسلم (9/ 101)، وينظر: فتح الباري (13/ 261).
(5)
الجامع لأحكام القرآن (10/ 231).
وتأويل المعتزلة هذه الآية، وحملُ الرسول على العقل مما لا يرتضيه العقل، وهو خلاف استعمال القرآن الكريم، ويبعده توبيخ الخزنة الكفار بقولهم {أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ} [غافر: 50] ولم يقولوا: أو لم تكونوا عقلاء!
(1)
فظهرصحة هذه الدلالة، وأن الأصل في الأعمال قبل ورود الشرع سقوط التكليف؛ إذ شرط التكليف العلم بالمكلف به.
(2)
وهو ما دلت عليه الآية، والله تعالى أعلم.
(1)
ينظر: روح المعاني (8/ 38).
(2)
ينظر: الموافقات للشاطبي (5/ 334).
المبالغة في تعظيم طاعة الوالدين والإحسان إليهما.
قال الله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} [الإسراء: 23].
قال الخطيب الشربيني رحمه الله: (لفظ الآية يدل على معانٍ كثيرة كل واحد منها يوجب المبالغة في الإحسان إلى الوالدين منها: أنه تعالى قال في الآية المتقدمة: {وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا} ثم أردفه بهذه الآية المشتملة على الأعمال التي بواسطتها يحصل الفوز بسعادة الآخرة، وجعل من جملتها البر بالوالدين، وذلك يدل على أنّ هذه الطاعة من أصول الطاعات التي تفيد سعادة الآخرة.
ومنها: أنه تعالى بدأ بذكر الأمر بالتوحيد، وثنَّى بطاعة الله تعالى، وثلَّث ببر الوالدين، وهذه درجة عالية، ومبالغة عظيمة في تعظيم هذه الطاعة.
ومنها: أنه تعالى لم يقل: وإحساناً بالوالدين بل قال {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} فتقديم ذكرهما يدل على شدّة الاهتمام بهما.
ومنها: أنه تعالى قال: {إِحْسَانًا} بلفظ التنكير، والتنكير يدل على التعظيم، أي: إحساناً عظيماً كاملاً لأنّ إحسانهما إليك قد بلغ الغاية العظيمة، فوجب أن يكون إحسانك إليهما كذلك، ثم على جميع التقديرات لا تحصل المكافأة؛ لأن إنعامهما عليك على سبيل الابتداء.
(1)
(1)
السراج المنير (2/ 327)
الدراسة:
استنبط الخطيب من هذه الآية بدلالة النصّ عِظَم الوصاية ببر الوالدين والإحسان إليهما، وأن هذه الطاعة من أصول الطاعات التي تفيد سعادة الآخرة، لأنه تعالى أتبع الكلام عن السعي المشكور في الآخرة بقوله {وَقَضَى رَبُّكَ} ، فجعل البر بالوالدين من جملة الأعمال التي يفوز بها العبد في الآخرة.
وجعل الإحسان إلى الأبوين قريناً لتوحيد الله وعبادته تأكيداً لحقهما والعناية بشأنهما، كما قرن سبحانه في آية أخرى شكرهما بشكره فقال:{أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ} [لقمان: 14]، فإن شكرهما يدعو إلى شكر الله المقرب إليه.
ثم خصَّ سبحانه حالة الكِبَر بالذكر لكونها إلى البر من الولد أحوج من غيرها
(1)
، ونهى عن أدنى كلمة يمكن أن تنفلت في حال التضجر فقال:(ولا تقل لهما أف ولاتنهرهما).
قال القاسمي: (أوصى سبحانه بالإحسان إلى الوالدين، إثر تصدير ما يتعلق بحقوق الله عز وجل التي هي آكد الحقوق وأعظمها، تنبيهاً على جلالة شأن الوالدين بنظمها في سلكها بقول {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} وقد كثرت مواقع هذا النظم في التنزيل العزيز كقوله: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ} [لقمان: 14]).
(2)
وقدّم تعالى ذكرهما فقال {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} ولم يقل وإحساناً بالوالدين وهذا يدل أيضاً على شدّة الاهتمام بهما.
(1)
ينظر: فتح القدير للشوكاني (3/ 259)
(2)
محاسن التأويل (3/ 103)
كما أن في تنكير لفظ {إِحْسَانًا} دلالة أخرى؛ لأن التنكير يدل على التعظيم، فدلّ على أنه لا عبادة بعد تعظيم الله تعالى أعظم من بر الوالدين بدلالة هذه الآية.
وممن استنبط التأكيد على الوصاية بالوالدين من نظم الآية: الزمخشري، والرازي، والنسفي، والخازن، والشوكاني، والقاسمي، وغيرهم.
(1)
ويؤكد ذلك ماجاء في صحيح البخاري عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم أي العمل أحب إلى الله عز وجل؟ قال: «الصلاة على وقتها» ، قال: ثم أي؟ قال: «ثم بر الوالدين» قال ثم أي؟ قال: «الجهاد في سبيل الله»
(2)
، فأخبر صلى الله عليه وسلم أن بر الوالدين أفضل الأعمال بعد الصلاة التي هي أعظم دعائم الإسلام، وهو استنباط ظاهر قوي، والله تعالى أعلم.
(1)
ينظر: الكشاف (2/ 657)، والتفسير الكبير (20/ 323)، ومدارك التنزيل (2/ 252)، ولباب التأويل (3/ 127)، وفتح القدير (3/ 259)، ومحاسن التأويل (3/ 103)
(2)
أخرجه البخاري في كتاب الصلاة باب فضل الصلاة على وقتها، برقم (527)(1/ 112).
ضعف العبد وعجزه، والضعيف المحصور لا يليق به التكبر.
قال الله تعالى: {وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا} [الإسراء: 37]
قال الخطيب الشربيني رحمه الله في قوله: ({وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا} أي: بتطاولك، وهو تهكم بالمختال لأنّ الاختيال حماقة مجردة لا تفيد شيئاً ليس في التذلل، وفي ذلك إشارة إلى أنّ العبد ضعيف لا يقدر على خرق أرض، ولا وصول إلى جبال، فهو محاط به من فوقه ومن تحته بنوعين من الجمادات، وهو أضعف منهما بكثير، والضعيف المحصور لا يليق به التكبر).
(1)
الدراسة:
استنبط الخطيب من الآية دلالتها باللازم على فائدة قوله تعالى {إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ} وهي الإشارة إلى ضعف العبد وعجزه، وأنه مهما بلغ من القوة والشدة، إلا أنه ضعيف لا يقدر على خرق أرض، ولا وصول إلى جبال، فهو محاط محصور، والضعيف المحصور لا يليق به التكبر.
والخطاب في الآية جاء على سبيل التغليظ، والمقصود منه: التهكم بالمختال، والتشنيع بهذا الفعل
(2)
، أي: فاعرف قدرك، ولا تتكبر.
(3)
فإذا كنت لا تستوي
(1)
السراج المنير (2/ 340).
(2)
ينظر: أنوار التنزيل (3/ 255)، ومدارك التنزيل (2/ 257)، وإرشاد العقل السليم (5/ 172)، وروح البيان لحقي (5/ 159)، ومحاسن التأويل (6/ 461).
(3)
ينظر: أضواء البيان للشنقيطي (3/ 156).
في الأرض بمشيك، فقصرك نفسك على ما يوجبه الحق من المشي والتصرف أولى وأحق.
(1)
وممن استنبط هذه الإشارة من الآية موافقاً الخطيب: ابن عطية، والرازي، والقرطبي، وابن جزي، والشوكاني، والألوسي، وابن عاشور، والشنقيطي، وغيرهم.
(2)
قال الألوسي مقرراً هذا الاستنباط: (فيه تهكم بالمختال، أي: إنك لن تقدر أن تجعل فيها خرقاً بدوسك وشدة وطأتك، ولن تبلغ الجبال التي عليها طولا بتعاظمك ومد قامتك، فأين أنت والتكبر عليها؟ .. فأنت أضعف من كل واحد من هذين الجمادين، فكيف يليق بك التكبر، وقال بعض المحققين: مآل النهي والتعليل لا تفعل ذلك، فإنه لا جدوى فيه
(3)
، وهو وجه حسن.)
(4)
فجاءت إشارة هذه الآية إلى حرمة الخيلاء والكِبر؛ وأن الإنسان لا ينال بكبره وبطره شيئاً كمن يريد خرق الأرض، ومطاولة الجبال لا يحصل على شيء، وهو استنباط ظاهرقوي، والله تعالى أعلم.
(1)
ينظر: المحرر الوجيز لابن عطية (3/ 457)
(2)
ينظر: المرجع السابق، والتفسير الكبير (20/ 342)، الجامع لأحكام القرآن (10/ 261)، والتسهيل (1/ 446)، وفتح القدير (3/ 271)، وروح المعاني (8/ 73)، والتحرير والتنوير (15/ 103)، وأضواء البيان (3/ 156).
(3)
ينظر: المرجع السابق
(4)
روح المعاني (8/ 73).
فضل الصلاة والاستعانة بها في رد كيد الأعداء.
قال الله تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء: 78].
قال الخطيب الشربيني رحمه الله: ({أَقِمِ الصَّلَاةَ} بفعل جميع أركانها وشرائطها بحيث تصير كأنها قائمة بنفسها فإنها لب العبادة، لما فيها من المناجاة والإعراض عن كل غير - إلى أن قال-: وفي ذلك إشارة عظيمة إلى أنّ الصلاة أعظم ناصر على الأعداء الذين يريدون بمكرهم استفزاز الأولياء).
(1)
وجه الاستنباط:
لما ذكر تعالى مكايد المشركين بقوله {وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ} أرشد نبيه صلى الله عليه وسلم إلى خير مُعين، فأمره بإقامة الصلاة والاشتغال بعبادته، تفويضاً للأمور إلى الله، وتعويلاً على فضله في دفع شر أعدائه.
(2)
الدراسة:
استنبط الخطيب مِن مناسبة هذه الآية لما قبلها دلالتها باللازم على عظم شأن الصلاة وشرف هذه العبادة، وخاصيتها في دفع شر الأعداء، لما فيها من طمأنينة القلب وتفويض الأمر لله، والتوكل عليه في رد كيدهم؛ فلمَّا ذكر تعالى قبلُ كيد المشركين وإرادتهم استفزازه من الأرض، أمَره بأن يستعين بإقامة الصلوات والإقبال على عبادته، والابتهال إليه على دفع كيدهم ومكرهم.
ويؤيد صحة هذه الدلالة قوله تعالى: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ (97) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ} [الحجر: 97 - 98]،
(1)
السراج المنير (2/ 360)
(2)
ينظر: غرائب القرآن للنيسابوري (4/ 375).
وقوله: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ} [البقرة: 45].
(1)
فكأنه قيل له لا تبال بسعيهم في إخراجك، ولا تلتفت إليهم واشتغل بعبادة الله، وداوم على أداء الصلوات فإنه تعالى يدفع مكرهم وشرهم عنك، ويجعل يدك فوق أيديهم، ودينك غالباً على أديانهم.
(2)
وممن وافق الخطيب مستنبطاً هذه الدلالة من الآية: الرازي، والقرطبي، وأبوحيان، والنيسابوري، والألوسي، والقاسمي، وابن عاشور، وغيرهم.
(3)
ولا ريب أن الصلاة أكبر معين على الثبات في الأمر، وإرشاده تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم
إلى هذه العبادة خاصة دون سائر العبادات دليل على مكانة الصلاة في دفع كيد الأعداء، وكفاية شرورهم، وكان هديه صلى الله عليه وسلم في النوازل، وفي كل ما أهمه أن يفزع إلى الصلاة
(4)
، والله تعالى أعلم.
(1)
ينظر: محاسن التأويل للقاسمي (6/ 483)
(2)
ينظر: التفسير الكبير (21/ 382)
(3)
ينظر: التفسير الكبير (21/ 382)، والجامع لأحكام القرآن (10/ 303)، والبحر المحيط (7/ 97)، وغرائب القرآن (4/ 375)، وروح المعاني (8/ 126)، ومحاسن التأويل (6/ 483)، والتحرير والتنوير (15/ 181)
(4)
جاء ذكرُ صلاته مع دعائه صلى الله عليه وسلم حين التقاء الصَّف، عن عبدالله ابن مسعود قال:" لما التقينا يوم بدر، قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يُصلِّي فما رأيتُ ناشداً ينشد حقاً له أشدَّ من مناشدة محمد صلى الله عليه وسلم، وهو يقول: اللَّهمَّ إني أنشدك وعدَك"، ثم ذكر الدُّعاء الثابت المشهور. أخرجه النسائي في السنن الكبرى (8/ 28) برقم (8574)، وأخرج البخاري نحوه في كتاب التفسير باب قوله تعالى ({سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} [القمر: 45] برقم (4875)(6/ 143).
فضل التغليس بالفجر على الإسفار.
قال الله تعالى: {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء: 78]
قال الخطيب الشربيني رحمه الله: ({إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} أي: تشهده ملائكة الليل وملائكة النهار، ينزل هؤلاء ويصعد هؤلاء - إلى أن قال-: وهذا يدل على أنّ التغليس أولى من التنوير؛ لأنّ الإنسان إذا شرع فيها من أوّل الوقت، ففي ذلك الوقت ظلمة باقية، فتكون ملائكة الليل حاضرة، ثم امتدّت الصلاة بسبب ترتيل القراءة وتكثيرها، زالت الظلمة وظهر الضوء، وحضرت ملائكة النهار، وأمّا إذا ابتدأ بهذه الصلاة في وقت التنوير فهناك لم يبق أحد من ملائكة الليل، فلا يحصل المعنى المذكور، فقوله: {كَانَ مَشْهُودًا} يدل على أنّ التغليس أفضل).
(1)
وجه الاستنباط:
أنه تعالى وصف قرآن الفجر بكونه مشهوداً ومعناه في قول أكثر المفسرين
(2)
: أن ملائكة الليل وملائكة النهار يجتمعون في صلاة الفجر؛ وخصَّ الفجر بإضافة القراءة إليه، فدلّ ذلك على أن طول القراءة في هذه الصلاة مطلوب، ولن يتم هذا المطلوب إلا إذا شرع في أدائه في أول الوقت.
(3)
الدراسة:
(1)
السراج المنير (2/ 360)
(2)
ينظر: جامع البيان (17/ 520)، وتفسير القرآن العظيم (5/ 102)، والدر المنثور (5/ 321).
(3)
ينظر: غرائب القرآن للنيسابوري (4/ 376).
استنبط الخطيب بدلالة اللازم من الآية أن التغليس بالفجر أفضل من التنوير؛ فإذا شرع المسلم في صلاته من أوّل الوقت لا تزال الظلمة باقية فتكون ملائكة الليل حاضرة لبقاء الظلمة، وأمّا إذا ابتدأ بالصلاة في وقت التنوير لم يتبق أحد من ملائكة الليل فلا يحصل هذا المعنى، فثبت بهذا أن الصلاة في أول وقتها أفضل.
وممن استنبط هذه الدلالة من الآية: الرازي، والقرطبي، والخازن، والنيسابوري، وغيرهم
(1)
.
(2)
وقد اختلف العلماء في أفضلية وقت صلاة الفجر على قولين: الأول: أن التغليس بها أفضل
(3)
لما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: كن نساء المؤمنات يشهدن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر متلفعات بمروطهن، ثم ينقلبن إلى بيوتهن حين يقضين الصلاة، لا يعرفهن أحد من الغَلَس.
(4)
وروى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «فضل صلاة الجمع على صلاة الواحد خمس وعشرون درجة، وتجتمع ملائكة الليل وملائكة النهار في صلاة الصبح» . يقول أبو هريرة: اقرءوا إن شئتم {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ
(1)
خالف الألوسي في هذه الدلالة، والظاهر خلاف قوله. ينظر: روح المعاني (8/ 131).
(2)
ينظر: التفسير الكبير (21/ 384)، والجامع لأحكام القرآن (10/ 307)، ولباب التأويل (3/ 140)، وغرائب القرآن (4/ 376).
(3)
ينظر: التمهيد لابن عبدالبر 4/ 337، والاستذكار 1/ 36، والمغني 1/ 237، وحاشية العدوي 1/ 307، والذخيرة للقرافي 2/ 29، والفواكه الدواني للنفراوي 1/ 166. والمجموع للنووي 3/ 53.
(4)
أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب وقت صلاة الفجر رقم (553) 1/ 210، وباب صلاة النساء خلف الرجال رقم (829)(1/ 296)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب التبكير بالصبح في أول وقتها وهو التغليس رقم (645 – 646)(1/ 446).
الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا}.
(1)
قال شيخ الإسلام: (التغليس أفضل إذا لم يكن ثمَّ سبب يقتضي التأخير، فإن الأحاديث الصحيحة المستفيضة عن النبي صلى الله عليه وسلم تبين أنه كان يُغلِّس بصلاة الفجر).
(2)
والقول الثاني: أن الإسفار بها أفضل
(3)
، وهو مخالف لما كان صلى الله عليه وسلم يفعله من المداومة على التغليس، وأيضا فإن فيه تفويت شهود ملائكة الليل.
(4)
وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن أبي بكر، وعمر، وعثمان أنهم كانوا يُغلِّسون، ومُحال أن يتركوا الأفضل ويأتوا الدون، وهم النهاية في إتيان الفضائل
(5)
.
وعليه فالتغليس بالفجر أفضل، وهو فعله صلى الله عليه وسلم حتى مات، وفعل الخلفاء الراشدين بعده، واستنباطه من الآية ملحظ دقيق لطيف، من لطائف الإشارات عند الخطيب، والله تعالى أعلم.
(1)
أخرجه البخاري في كتاب التفسير باب: قوله {إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} برقم (4717)، (6/ 86)
(2)
مجموع الفتاوى (22/ 95)
(3)
وبه قال أبو حنيفة وأصحابه. ينظر: المبسوط 1/ 145، والبحر الرائق 1/ 260، وبدائع الصنائع 1/ 124
(4)
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (10/ 307)
(5)
التمهيد لابن عبد البر 4/ 340، وينظر: المغني لابن قدامة 1/ 237، وتحفة الأحوذي للمباركفوري 1/ 403، وينظر: ينظر: تحفة الأخيار في الأفضل التغليس أو الإسفار لأبي عبد الله محمد بن المصطفى الأنصاري ص 20.