الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حيث يتصدقون بها. ومنه استدل بعض الناس على تفضيل الغني الشاكر على الفقير الصابر، وفي ذلك اختلاف بين السلف والخلف ، والصحيح: أن الفقير الصابر أفضل ، لقوله- عليه السلام:" اللهم أحيني مسكينا، [وأمتني مسكينا] ، واحشرني في زمرة المساكين ".
قوله: " ألا أعلمك "" ألا " كلمة تنبيه يُنبه بها المخاطبُ على أمر عظيم الشأن.
قوله: " منْ سبقك " في محل النصب على المفعولية، ويحتمل أن يراد
به السبق المعنوي في الفضيلة.
قوله: " من خلفك " أي: من بعدك في الفضيلة ممن لا يعمل هذا العمل.
قوله: " دبُر كل صلاة " أي: عقيب كل صلاة، والأعداد تصيرُ مائة
بلا إله إلا الله وحده إلى آخره.
قوله: " كفرت له ذنوبه " يعنى: من قالها غفرت له ذنوبه.
قوله: " ولو كانت مثل زبد البحر " أي: وإن كانت ، وهو عطف على محذوف ، والتقدير: إن لم تكنْ مثل زبد البحر وإن كانت، وهذا على تقدير أن تفرض أنها أجْسام وأعيان، وقد مر مثل هذا غير مرة. والحديث: قد أخرج مسلم بعضه من حديث أبي الأسود الديلي، عن أبي ذر، وفيه زيادة ونقص.
346- بابُ: ما يقُول الرجل إِذا سلم
أي: هذا باب في بيان ما يقول المصلي بعد فراغه من الصلاة.
1476-
ص- نا مسدد نا أبو معاوية، عن الأعمش، عن المُسيب بن رافع، عن وراد مولى المغيرة بن شعبة: كتب معاويةُ إلى المغيرة بن شعبة: أي شيءٍ كان رسولُ اللهِ يقولُ إذا سلّم من الصلاةِ؟ فأمْلاها المغيرةُ عليه،
وكتب إلى معاوية قال: كان رسولُ الله يقولُ: " لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمدُ، وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع " أعطيت/ ولا مُعطي لما منعت، ولا ينفعُ ذا الجد منك الجدُ " (1) .
ش- وراد: الثقفي أبو الورْد الكوفي مولى المغيرة بن شعبة وكاتبه. وقد مر تفسير قوله: " لا ينفع ذا الجد منك الجد" في " باب: ما يقولُ إذا رفع رأسه من الركوع". والحديث أخرجه: البخاري، ومسلم، والنسائي.
1477-
ص- نا محمد بن عيسى: نا ابن علية، عن الحجاج بن أبي عثمان، عن أبي الزبير قال: سمعت عبد الله بن الزبير على المنبرِ يقولُ: كان النبي- عليه السلام إذا انصرف من الصلاة يقولُ:" لا اله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمدُ، وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا اللهُ مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، أهل النعمة والفضلِ والثناءِ الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون "(2) .
ش- إسماعيل: ابن علية، وحجاج بن أبي عثمان: الصواف، وأبو الزبير: محمد بن مسلم بن تدرس المكي.
قولة: "أهل النعمة " بالنصْب على التخصيص، ويجوز النصب على النداء، ويجور الرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف، أي: أنت أهل النعمة الظاهرة والباطنة والفضل في كل شيء. و" الثناء الحسن ": يشمل أنواع الحمد والمدْح والشكر.
(1) البخاري: كتاب الأذان، باب: الذكر بعد الصلاة (844)، مسلم: كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب: استحباب الذكر بعد الصلاة (493 "، النسائي: كتاب السهو، باب: نوع آخر من القول عند انقضاء الصلاة (3/ 70) .
(2)
مسلم: كتاب الصلاة، باب: استحباب الذكر بعد الصلاة، وبيان صفته (594)، النسائي: كتاب افتتاح الصلاة، باب: التهليل بعد التسليم (69/3) .
وقوله: " الحسن " من الصفات المادحة ، لأن ثناء الله حسن، وان لم يُوصف بالحُسْن.
قوله: " مخلصين " نصب على الحال، والعامل محذوف تقديره: نُهللُ ونوحدُ مُخلِصين له الدين ، والمرادُ من الدين: التوحيدُ.
قوله: " ولو كره الكافرون " أي: وإن كره الكافرون، ومفعوله محذوف تقديره: ولو كرهوا كوْننا مخلصين دين اللهِ وكوننا عابِدين.
1478-
ص- نا مُحمد بن سُليْمان الأنباري: نا عبْدة، عن هشام بن عروة، عنِ أبي الزبير قال: كان عبد الله بن الزبير يُهللُ في دُبُر كلِّ صلاة، فذكر نحو هذا الدعاء، زاد فيه:" لا (1) حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، لا نعبُد إلا إياه، له النعمةُ " وساق بقية الحديث (2) .
ش- عبدة: ابن سليمان. وأخرجه: مسلم، والنسائي.
1479-
ص-[نا] مسدد، وسليمان بن داود العتكي- وهذا حديث مُسدد- قالا: نا المعتمرُ قال: سمعتُ داود الطُّفاوي: حدثني أبو مسلم البجلي، عن زيد بن أرقم قال: سمعتُ النبي- عليه السلام وقال سليمان: كان رسولُ الله- يقولُ دبر (3) صلاته: " اللهم ربّنا ورب كلِّ شيء، أنا شهيدٌ أنك أنت الربُّ وحْدك لا شريك لك، اللهمِ ربّنا وربّ كل شيءً، أنا شهيدٌ أن محمد عبْدُك ورسولُك، اللهم ربّنا ورب كلِّ شيء، أنا شهيد أن العباد كلّهُم إِخْوة، اللهم ربنا وربّ كلِّ شيء اجعلني مُخْلصًا لك وأهلِي في كلِّ ساعة في الدنيا والآخرة يا ذا الجلال والإكرام اسمعْ واستجبْ، الله كبر الأكبر، اللهم (1) نُور السموات والأرْضِ ". قال
(1) في سنن أبي داود: " ولا ".
(2)
مسلم: كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب: استحباب الذكر بعد الصلاة، وبيان صفته (594)، النسائي: كتاب السهو، باب: عدد التهليل والذكر بعد التسليم (3/ 70) .
(3)
في سنن أبي داود: " يقول في دبر ".
(4)
في سنن أبي داود: " الله ".
سليمانُ: " رب السموات والأرض، الله أكبر الأكبر، حسبي اللهُ ونعم الوكيلُ، الله أكبر الأكبر "(1) .
ش- المعتمر: ابن سليمان.
وداود الطفاوي: الصائم البصري. روى عن: أبي مسلم البجلي. روى عنه: المعتمر، وجرير بن عبد الحميد. روى له: أبو داود. والطفاوي: في قيس عيلان (2) نُسبوا إلى أمهم: طُفاوة بنت حزم بن ريان ، وهو بضم الطاء المهملة وبعدها فاء، وبعد الألف واو مفتوحة وتاء تأنيث، وفي الرواة: طُفاوي كان ينزل الطفاوة وهي موضع بالبصرة، ويحتملُ أن يكون بنو طُفاوة نزلوا هذا الموضع فسمي بهم كما وقع هذا في مواقع كثيرة بالعراق ومصر وغيرهما.
وأبو مسلم: ذكره في "الكمال" في باب الكنى ولم يذكر له اسمًا فقال: روى عن: زيد بن أرقم. وروى عنه: داود الطفاوي. روى له: أبو داود.
قوله: " دبر كل صلاته" وفي بعض النسخ: " في دبر صلاته ".
قوله: " ربّنا " نصب على النداء.
قوله: " أنا شهيد " فعيل بمعنى فاعل ، وأصل الشهادة: الإخبار بما شاهدهُ وشهِده. وقالت الفقهاء: الشهادة إخبار عن يقين وعيان لا عن تخمينِ وحُسْبان.
قوله: " اللهم نور السموات " أي: يا نُور السموات بمعنى منورهما، وقد مر تحقيق الكلام في معنى النور.
قوله: " قال سليمان " أي: قال سليمان بن داود شيخ أبي داود في روايته. والحديث فيه مقال بسبب داود الطفاوي. قال يحيى بن معين: ليس
(1) النسائي: في عمل اليوم والليلة عن محمد بن عبد الأعلى، عن المعتمر نحوه.
(2)
في الأصل: " غيلان".
بشيء. وأخرجه النسائي. وقال الدارقطني: تفرّد به: معتمر بن
سليِّماًن، عن داود الطُّفاوي، عن أبي مسلم البجلي، عن زيد بن أرقم. 1480- ص- نا ابن معاذ: نا أبي: نا عبد العزيز/ بن أبي سلمة، عن عمه: الماجشون بن أبي سلمة، عن عبد الرحمن الأعْرج، عن عُبيد الله بن
أبي رافع، عن علي بن أبي طالب قال: كان رسولُ الله- عليه السلام إذا
سلّم من الصلاة قال: " اللهم اغفرْ لي ما قدّمتُ وما أخرتُ، وما أسررتُ وما أعلنتُ، وما أسْرفتُ وما أنت أعلمُ به مني، أنت المقدِّمُ والمؤخرُ (1) ، لا إله إلا (2) أنت "(3) .
ش- عبيد الله: ابن معاذ، وأبوه: معاذ بن معاذ بن حسان، والماجشون: يعقوب بن أبي سلمة المدني، وعبيد الله بن أبي رافع: أسْلم
ويقال: إبراهيم مولى النبي- عليه السلام.
قوله: " وما أسرفتُ " أي: وما كثرت من الذنوب والخطايا، واقتراف
الأوزار والآثام.
قوله: " أنت المقدم والمؤخر " معنى التقديم والتأخير فيهما، هو تنزيل
الأشياء منازلها، وترتيبها في التكوين والتفضيل وغير ذلك على ما تقتضيه الحكمة، وهذا تعليم منه عليه السلام لأمته. والحديث: أخرجه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.
1481-
ص- نا محمد بن كثير: أنا سفيان، عن عمْرو بن مُرة، عن
عبد الله بن الحارث، عن طليق بن قيس، عن ابن عباس قال: كان النبي
عليه السلام يدْعُو: " ربِّ أعني ولا تُعِنْ علي، وانصُرْني ولا تنْصرْ
عليّ، وامكُر لي ولا تمكرْ عليّ، واهْدِني ويسِّرْ هُداي إليّ، وانصرْني على
(1) في سنن أبي داود: " وأنت المؤخر".
(2)
مكررة في الأصل.
(3)
" الترمذي: كتاب الدعوات، باب: ما جاء في الدعاء عند افتتاح الصلاة بالليل (3421) .
منْ بغى علي، رب اجْعلني (1) لك شاكرا، لك ذاكرا لك رهابا (2) ، لك مِطواعا، إليك مُخْبِتا أو منيبا، رب تقبلْ توْبتي، واغسلْ حوْبتي، وأجبْ دعْوتي، وثبتْ حُجتِي، وأهد قلبي، وسدِّدْ لِسانِي واسْلُلْ سخِيمة قلبِي " (3) . ش- سفيان: الثوري.
وعبد الله بن الحارث: النجراني الزبيدي المكتب الكوفي. روى عن: جندب بن عبد الله البجلي، وعبد الله بن عمرو، وطليق بن قيس وغيرهم. روى عنه: عمرو بن مُرة الجملي، وحُميد الأعرج الكوفي، قال ابن معين: هو ثبت. روى له: مسلم، والترمذي.
وطليق بيت قيس: الحنفي الكوفي، أخو أبي صالح عبد الرحمن بن قيس. روى عن: عبد الله بن عباس، وأبي ذر، وأبي الدرداء. روى عنه: أخوه: عبد الرحمن، وعبد الله بن الحارث، قال أبو زرعة: كوفي ثقة. روى له: أبو داود، والترمذي، وابن ماجه.
قوله: " وامكر لي " قال الأزهري: المكر من الخلائق خبّ وخداع، ومن الله عز وجل مجازاة للماكر، ويجوز أن يكون استدراجه إياه من حيث لا يعلمون مكره. وقال غيره:" امكر لي ولا تمكر علي " مكر الله: إيقاعُ بلائه بأعدائه دون أوليائه، وقيل: هو استدراج العبد بالطاعات، فيتوهم أنها مقبولة له وهي مردودة ، المعنى: ألحق مكرك بأعدائي لا بِي. قوله: "على منْ بغى " من البغْي؛ وهو العُدوان والظلم.
قوله: " رهابا" فغال مبالغة راهب من رهِب- بكسر الهاء- إذا خاف، والرهبة: الخوف، والمطول: مفعال من صيغ المبالغة أي: كثير الطوع، كما يقال: مِسْقام لكثير السقم.
(1) في سنن أبي داود: " اللهم اجعلني ".
(2)
في سنن أبي داود: " راهبا ".
(3)
الترمذي: كتاب الدعوات، باب: في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم (3551) ، النسائي في " عمل اليوم والليلة "، ابن ماجه: كتاب الدعاء، باب: دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم (3830) .
قوله: " مخبتا " من الإخْبات؛ وهو الخشوع والتواضع. والمُنيب من
أناب إلى الله، أقْبل وتاب.
قوله: " حوْبتي " الحوبة- بالحاء المهملة المفتوحة وسكون الواو- الإثم
والخطيئة. وقال ابن عرفة: إنما يقال: حُوب وحوب وحوبة: الإثم.
قوله: " واسلُلْ "- بلاميْن- أي: أخرج، ومنه: حديث عائشة:
"فانسللْتُ من بين يديْه " أي: خرجت بتأن وتدْريج. والسخيمة- بفتح
السن المهملة، وكسر الخاء المعجمة، وسكون الياء آخر الحروف،
وبعدها ميم مفتوحة وتاء تأنيث- الحقْدُ في النفسِ. والحديث أخرجه الترمذي، والنسائي، وابن ماجه. وقال الترمذي: حسن صحيح.
1482-
ص- نا مسدد: نا يحيي، عن سفيان قال: سمعت عمرو بن
مُرة بإسناده ومعناه قال: " ويسِّرْ الهدى إلي " ولم يقُلْ: " هُداي "(1) .
ش- يحيى: القطان، وسفيان: الثوري.
1483-
ص- نا مسلم بن إبراهيم: نا شعبة، عن عاصم الأحول،
وخالد الحذاء، عن عبد الله بن الحارث، عن عائشة، أن النبي- عليه
السلام- كان إذا سلم قال: " اللهم أنْت السلامُ، ومنك السلامُ، تباركت ذا الجلالِ والإكرام (2) "(3) .
ش- السلام: اسم من أسماء الله تعالى، معناه: سلامته مما يلحق
الخلق من العيب والفناء والنقص، وقيل: سلِم الخلقُ من ظلمه ، بمعنى:
انه لا يتصفُ بالظلم، وقيل: مُسلِم عباده من الهلاك/ وقيل: مُسلم
(1) انظر التخريج المتقدم.
(2)
في سنن أبي داود: " يا ذا الجلال والإكرام ".
(3)
مسلم: كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب: استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته (136/ 592)، الترمذي: كتاب الصلاة، باب: ما يقول إذا سلم من الصلاة (298) ، النسائي (3/69) ، كتاب السهو، باب: الذكر بعد الاستغفار (1338)، ابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة، باب: ما يقال بعد التسليم (924) .
المؤمنين من العذاب، وقيل: المسلم على مصطفى عباده بقوله " وسلامٌ على عباده الذين اصْطفى " و (1) وقيل: المسلم على المؤمنين في الجنة لقوله (سلام قولا مِّن رب رحِيم)(2) وقيل: لطول بقائه.
قوله: " تباركت" أي: استحققت الثناء، وقيل: ثبت الخير عندك. وقال ابن الأنباري: تبارك العباد بتوحيدك.
قوله: " ذا الجلال " أي: يا ذا الجلال، أي: العظمة. والحديث أخرجه: مسلم، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
ص- قال أبو داود: سمع سفيان من عمرو بن مرة، قالوا: ثمانية عشر حديثًا.
ش- أي: سمع سفيان الثوري من عمرو بن مرة بن عبد الله المرادي الجملي الكوفي، قال ابن عيينة: قلت لسفيان: من أفضلُ من أدركت؟ قال: ما كان أفضل من عمرو بن مرة.
1484-
ص- نا إبراهيم بن موسى: أنا عيسى، عن الأوزاعي، عن أبي عمار، عن أبي أسْماء، عن ثوبان مولى رسولِ اللهِ- عليه السلام، أن النبي- عليه السلام كان إذا أراد أن ينصرف من صلاته استغفر ثلاث مراتٍ ثم قال:" اللهم " فذكر معنى حديث عائشة- رضي الله عنها (3) . ش- عيسى: ابن يونس، وعبد الرحمن: الأوزاعي. وأبو عمار: شداد بن عبد الله الدمشقي القرشي مولى معاوية بن أبي سفيان. سمع: أبا أمامة الباهلي. وروى عن: أنس بن مالك، وأبي هريرة، وعوف بن مالك، وشداد بن أوْس، وأبي السماء الرحبي، وعطاء بن أبي رباح.
(1) سورة النمل: (59) .
(2)
سورة يس: (58) .
(3)
مسلم: كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب: استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته (135/ 591)، الترمذي: كتاب الصلاة، باب: ما يقول إذا سلم من الصلاة (300)، النسائي:(3/ 68) كتاب السهو، باب: الاستغفار بعد التسليم (1336)، ابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة، باب: ما يقال بعد التسليم (928) .