الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ش- استدل به أبو يوسف ومحمد، والشافعي، ومالك، وأحمد أن صلاة الليل مثنى مثنى، وهو أن يسلم في كل ركعتين. وهذا الحديث ونحوه محمول على بيان الأفضل ولو صلى أربعا بتسليمة جاز.
قوله: " فإذا خشي أحدكم الصبح " أي: فوات صلاة الصبح " صلى ركعة واحدة " وبه استدل الشافعي أن التطوع بركعة واحدة جائز.
قوله: " توتر له ما قد صلى " أي: ما قد صلى من الركعة الواحدة "وتوتر " على صيغة المجهول، أسند إلى " ما "، والمعنى تصير له تلك الركعة الواحدة وترا. وبه استدل الشافعي على أن الإيتار بركعة واحدة جائز، وسنذكر مستندات أبي حنيفة في باب الوتر، والجواب عن هذا الحديث ما قاله الطحاوي: أن معناه صلى ركعةً في ثنتين قبلها، وتتفق بذلك الأخبار.
قلت: أشار بذلك إلى الأخبار التي وردت في أن الوتر ثلاث ركعات بتسليمة على ما سنذكرها إن شاء الله تعالى.
[2/ 114 - ب] والحديث أخرجه البخاري، ومسلم، والنسائي/ وابن ماجه.
***
301- باب: في رفع الصوت بالقراءة في صلاة الليل
أي: هذا باب في بيان رفع الصوت بقراءة القرآن في صلاة الليل.
1297-
ص- نا محمد بن جعفر الوَرَكاني، نا ابن أبي الزناد، عن عمرو بن أبي عمرو ومولى المطلب، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: كانتْ قراءَةُ رسول الله- عليه السلام على قَدْرِ مَا يَسْمَعُهُ مَنْ فِي الحُجْرة وهو فيه البَيْتِ (1)
ش- ابن أبي الزناد عبد الرحمن بن عبد الله بن أكوان المدني، وعمرو ابن أبي عمرو ميسرة مولى المطلب بن عبد الله بن حاطب المدني.
(1) تفرد به أبو داود.
قوله: " من في الحجرة " فاعل قوله " يسمعه " والواو في قوله " وهو " للحال. ويستفاد منه جواز رفع الصوت بالقراءة في صلاة الليل.
1298-
ص- نا محمد بن بكار بن الرنان، نا عبد الله بن المبارك، عن عمران بن زائدة، عن أبيه، عن أبي خالد الوالبي، عن أبي هريرة، أنه قال: كانتْ قراءة النبيِّ- عليه السلام بالليلِ يَرفعُ طَوْراً ويخفض طَوْراً (1) . ش- عمران بن زائدة بن نشيط. روى عن أبيه. روى عنه ابن المبارك، وعيسى بن يونس، ووكيع وغيرهم. قال ابن معين: ثقة. روى له: أبو داود، والترمذي، وابن ماجه (2) .
وأبوه زائدة بن نشيط. روى عن أبي خالد الوالبي. روى عنه ابنه عمران، وفطر. روى له: أبو داود، والترمذي (3) .
قوله: " يرفع طوراً " انتصاب " طور " َ، على المصدرية من غير لفظ فعله، يقال: فعل هذا طورًا وطورين وأطواراً، كما يقال فعل مرةً ومرتين ومرارًا. ومرات، ومعنى " يَرفع طورًا " يرفع صوته بالقراءة مرة، ويخفض مرة.
ص- قال أبو داود: أبو خالد الوالبي اسمه هرمز.
ش- الكوفي، ويقال هَرِمُ. سمع ابن عباس، وأبا هريرة، وجابر بن سمرة. وروى عن علي مرسلاً. وروى عنه المنصور بن المعتمر، والأعمش، وفطر بن خليفة. قال أبو حاتم: صالح الحديث. مات سنة مائة. روى له: أبو داود، والترمذي، وابن ماجه (4) .
والوالبي نسبة إلى والبة حي من بني أسد خزيمة.
1299-
ص- نا موسى بن إسماعيل، نا حماد، وعن ثابت البياني، عن
(1) تفرد به أبو داود.
(2)
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (22/ 4490) .
(3)
المصدر السابق (9/ 1951) .
(4)
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (7337/33) .
النبي عليه السلام ح ونا الحسن بن الصباح، نا يحيي بن إسحاق، أنا حماد بن سلمة، عن ثابت البياني، عن عبد الله بن رباح، عن أبي قتادة، أن النبي- عليه السلام خَرَجَ لَيلة فإذا هو بأبي بكرِ يصلي يَخْفض من صَوتِه ، قال: ومَر بعُمرَ بنِ الخطاب وهو يُصَلِّي رَافعَا صَوْتَهُ. قال: فَلما اجْتمَعَا عندَ النبي- عليه السلام قالَ: قال (1) النبي- عليه السلام: " يا أبا بكْر مَرَرْتُ بك وأنْتَ تصلي تَخْفضُ صَوْتَكَ؟ " قال: قد أَسْمعتُ مَن نَاجَيْت يا رسولَ الله. قال: وقال لعمَرَ: " مَررتُ بك وأنتَ تُصَلي رَافعَا صَوْتَك؟ " قال: فقال يا رسولَ اللهِ: أوقِظُ الوَسْنَانَ وأطردُ الشيطانَ.
زاد الحسن في حديثه: فقال النبيُّ- عليه السلام: " يا أَبا بَكْر! ارْفعْ من صوتِكَ شيئا "، وقال لعمرَ:" اخْفِضْ من صوتِكَ شيئاً "(2) .
ش- حماد بن سلمة.
ويحي بن إسحاق السَيْلَحيني أبو زكريا البلخي (3) . سمع الليث بن سعد، ويحي بن أيوب المصَرين، وحماد بن كلمة وغيرهم. روى عنه: أحمد بن حنبل، وأحمد بن سنان القطان، ومحمد بن سعد كاتب الواقدي وغيرهم. قال أحمد: شيخ صالح ثقة. وقال ابن معين: هو صدوق. توفي ببغداد في سنة عشرين ومائتين. روى له مسلم، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه (4) .
والسيْلَحيني منسوب إلى سيلحين. قرية قدامة من سواد بغداد، وهي بفتح السين المهمَلة، وسكون الياء آخر الحروف، وبعدها لام مفتوحة، وحاء مهملة مكسورة، وياء آخر الحروف ساكنة، ونون، ويقال لها أيضا سالحين، وينسب إليها سالحيني.
(1) كلمة " قال " غير موجودة في سنن أبي داود.
(2)
الترمذي: كتاب الصلاة، باب: ما جاء في قراءة الليل (447) . (3) كذا، وفي تهذيب الكمال " البجلي ".
(4)
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (31/ 6781) .
وعبد الله بن رباح أبو خالد الأنصاري.
قوله: " مَن ناجيت " أي: مَن ناجيته، مِن ناجى يناجي مناجاة فهو مناج، والمناجي المخاطب للإنسان.
قوله: " أوقظ الوسنان " الوسن ثقل النوم، وقيل مبدؤه، وقيل: النعاس، وكذلك السنَةُ، والرجل وسنان والمرأة وسنى ووسنانة، قال ابن عرفة: السنَةُ النعاس، تبدأ في الرأس، فإذا دخل إلى القلب فهو نوم، وقال/ المفضل: السنَةُ ثقل في الرأس، والنعاس في العين، والنوم في (2/142-أ) القلب.
واختلف الناس أي المقامين أفضل؟ هل التناجي سراً مع المولى أم الجهر
لما فيه من تضاعف الأجر في تذكرة الغافل؟ وطرد العدو؟ وقال للصديق " ارفع من صوتك " حتى يقتدي بك من يسمعك، وهذا لخلوص نيته وسلامته عن الرياء، وتصديقه له في قوله:" أسمعت من ناجيت "، والسر لغيره أفضل، لأنه أقرب إلى الإخلاص، وأسلم من الآفات. قوله:" زاد الحسن " أي الحسن بن الصباح، أخرجه مسنداً ومرسلاً من طريق ثابت البياني، وأخرجه الترمذي، وقال: حديث غريب، وإنما أسنده يحيى بن إسحاق عن حماد بن سلمة، وكثر الناس إنما رووا هذا الحديث عن ثابت، عن عبد الله بن رباح مرسل.
1300-
ص- نا أبو حَصين بن يحيى الرازي، نا أسباط بن محمد، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلَمة، عن أبي هريرة، عن النبي- عليه السلام بهذه القصة لم يذكر:" فقال لأبي بكر. ارفعْ شيئاً "(1) ولا لعمر: (اخْفضْ شيئاً " زاد: " وقد سَمعْتُكَ يا بلالُ وأنتَ تَقرأ مِن هذه السورة ومن هذهَ السورة " قال: كَلام طيب يَجْمَعُهُ اللهُ بَعْضَه إلى بَعْض. فقالَ النبي عليه السلام (كُلكُمْ قَد أصَابَ)(2) .
(1)
في سنن أبي داود: " ارفع من صوتك شيئا ".
(2)
تفرد به أبو داود.
ش- أبو حَصِين - بفتح الحاء، وكسر الصاد- ابن يحيى بن سليمان (1) الرازي. روى عن أسباط بن محمد، وسفيان بن عيينة، ويحيى بن يمان، وعبد الرزاق وغيرهم. روى عنه أبو داود، وأبو زرعة، وأبو حاتم. وقال ابن أبي حاتم: هو صدوق ثقة، وسمعت أبي يقول لابن حصين: هل لك اسم؟ قال: اسمي وكنيتي واحد. فقلت: فأنا أسميك عبد الله. فتبسم. وسئل أبو حاتم عنه فقال: ثقة.
وأسباط بن محمد بن عبد الرحمن القرشي، ومحمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص.
قوله: " بهذه القصة " أي: القصة المذكورة.
قوله: " كلكم قد أصاب " أي: فيما فعل. ويستفاد منه جواز رفع الصوت بالقراءة في صلاة الليل، وجواز خفضه بها أيضاً، وجواز القراءة من السور المختلفة.
1301-
ص- نا موسى بن إسماعيل، نا حماد، عن هشام بن عروة، أعن عروة، عن عائشة، أن رَجُلاً قَامَ من الليل فَقَرأ، فَرَفَعَ صَوْتَه بالقُرآن، فَلما أصْبحَ قال رسولُ الله:" يَرحَمُ اللهُ فُلانًا، كَأينْ (2) من "آية أَذكَرنِيَهَا الليلة كُنت قَد أسقطتها " (3) .
ش- " كأين " معناه معنى " كم " في الخبر والاستفهام عند البعض، ويوافقها في خمسة أمور: الإبهام، والافتقار إلى التمييز، والبناء، ولزوم التصدير، وإفادة التكثير تارة وهو الغالب، نحو " وكَأيِّن مّن نبِيّ قاتل مَعَهُ رِبيونَ "(4) والاستفهام أحْرى وهو نادر، ويخالفها في خمسة أمور: أحدها أنها مركبة و " كم " بسيطة، والثاني أن مميزها مجرور ب "من " غالبًا، والثالث أنها لا تقع استفهامية عند الجمهور، والرابع أنها لا تقع مجرورة خلافا للبعض، والخامس أن خبرها لا يقع مفردًا، وهو
(1) في الأصل: " سلمان " خطأ.
(2)
في سنن أبى داود: " كأي ". (3) تفرد به أبو داود.
(4)
سورة آل عمران: (146) .
اسم مركب من " كاف " التشبيه و " أي " المنونة، وفيها لغات كأي وكاء بوزن كاعِ، وكئ بوزن كَيْع، وكَاءْي بوزن كَعْي، وكإ بوزن كَع. ويستفاد من الحديث أن الاستماع للقراءة سُنَة. وأخرجه البخاري، ومسلم، والنسائي بنحوه، وفي رواية لمسلم " كان النبي- عليه السلام يسمع قراءة رجل في المسجد فقال: رحمه الله لقد أذكرني أيةً كنت أْنِسيتُها ".
ويستفاد منه كراهة أن يقول نسيت آَية كذا، وهي كراهة تنزيه، لأنه يتضمن التساهل فيها، ولا يكره أن يقول أنسيتها. وفيه جواز النسيان عليه عليه السلام فيما قد بلَّغه إلى الأمة، وقد تقدم الكلام فيه في باب سجود السهو مستوفى.
ص- قال أبو داود: رواه هارون النحويُ، عن حماد بن سلمة في سورة آل عمران في الحروف " وكَأيّن من نَّبِي ".
ش- هارون بن موسى الأزدي العَتكي مولاهم أبو عبد الله، ويقال أبو موسى النحوي البصري الأعور، صاحب القراءة. روى عن: أبان بن تغلب وغيره. روى عنه: حماد بن زيد وغيره قال (1) أبو زرعة: ثقة. وذكره ابن حبان في " الثقات " روى له الجماعة سوى ابن ماجه (2) . وأراد بالحروف القراءات، وأراد من لغات كأين اللغة المشهورة.
1302-
ص- نا الحسن بن علي، نا عبد الرزاق، أنا معمر، عن إسماعيل بن أمية، عن أبي كلمة، عن أبي سعيد قال: اعْتكَفَ رسولُ الله في المسْجِد، فَسمعهم يجهرون بالقراءَة فكَشَفَ السِّتْرَ وقال " ألا إِن كُلَكُمْ يُناجِي (3) ربهَ، فلا يُؤذيَنْ بَعْضُكُم بَعضًا، ولا يَرْفَعُ بَعْضُكُم عَلى بَعضٍ فِي القِراءَةِ " أو قال: " في الصلاةِ "(4) .
(1) في الأصل: " قالت ".
(2)
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (30/ 6530) .
(3)
في سنن أبي داود: " مناج ". (4) تفرد به أبو داود.
[2/142-ب] ، ش- عبد الرزاق/ بن همام، ومعمر بن راشد، وأبو سعيد الخدري. قوله:" ألا " للتنبيه.
قوله: " فلا يؤذين " بنون التأكيد الخفيفة. ويستفاد منه أن رفع الصوت
بالقراءة بحيث أنه يؤذي رفيقه مكروه، وأن التهدي والسكون أفضل، وأن
إقامة النفل في المسجد غير مكروهة. والحديث أخرجه: النسائي.
1303-
ص- نا عثمان بن أبي شيبة، نا إسماعيل بن عياش، عن بحير
ابن سعد، عن خالد بن معدان، عن كثير بن مرة الحضرمي، عن عقبة بن
عامر الجهني قال: قال رسول الله- عليه السلام ْ: " الجَاهِرُ بالقُرآنِ كالجاهِرِ بالصَدَقَةِ، والمُسِرُّ بالقرآنِ كالمُسِرِّ بالصدَقَةِ "(1) .
ش- إسماعيل بن عياش فيه مقال، ومنهم من يصحح حديثه عن
الشاميين وهذا الحديث شامي الإسناد.
وبحير- بفتح الباء الموحدة، وكسر الحاء المهملة، وسكون التاء آخر
الحروف، وفي آخره راء- ابن سعد السَّحوليُ. أبو خالد الحمصي.
سمع خالد بن معدان. روى عنه: ثور بن يزيد، وبقية بن الوليد،
ومعاوية بن صالح، وإسماعيل بن عياش وغيرهم. قال أبو حاتم:
صالح الحديث. وقال ابن سعد: كان ثقة. روى له: الترمذي،
وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه (2) .
والسَّحوليُّ نسبة إلى سَحول أخو الخبائْر، وهو بطن من ذي الكلاع،
وهو ابن سوادة بن عمرو بن سعد بن عوف.
وجه التشبيه بين الجاهر بالقراَن والجاهر بالصدقة، أن الجاهر بالصدقة
قلَّما يخلو عن الرياء، فلذلك كان الإخفاء فيها أفضل، فكذلك الإخفاء
(1) الترمذي: كتاب فضائل القران، باب:(20)(2919)، النسائي: كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب: فضل السر والجهر (1663) .
(2)
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (4/ 642) .