الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
343- بَابٌ: أُنزِل القُرآنُ على سبعة أحْرُفٍ
أي: هذا باب في بيان أن القرآن أنزل على سَبْعةِ أحرفٍ، وفي بعض النسخ:" باب في قوله: نزل القرآن على سبْعة أحرف " وفي بَعضِها: " أنزل القرآن على سبْعة أحْرف " بدون لفظ الباب.
1445-
ص- نا القعنبي، عن مالك، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزُّبير، عن عبد الرحمن بن عَبْدٍ القارِي قال: سمعتُ عمرَ بن الخطاب يَقولُ: سمعتُ هشام بن حكيم بن حزام يقرأ سُورةَ الفُرقانِ على غَيْر ما أقرؤُهَا، وكان رسولُ الله أقرأنيهِ (1) ، فكِدتُ أنْ أعْجلَ عليه، ثم أمْهَلتُهُ حتى انصرفَ، ثم لبَبْتُه بِرَدائِي، فجئتُ به رسولَ الله فقلتُ: نا رسولَ الله! إني سمعتُ هذا يَقرأ سُورةَ الفرقانِ على غيرِ ما أقْرَأتَنَيهَا، فقال له رسولُ الَله:" اقْرأ " فقرأ القرَاءَة التي سمعتُه يقرأ، فقالَ رسولُ اَللهِ:" هكذا أنزِلَتْ " ثم قال لي: " اقرأَ " فقرأتُ، فقال:" هكذا أنزِلَتْ " ثم قال: " إن هذا القُرآنَ أنزِلَ على سبعة أحرُفٍ، فاقْرءُوا ما تيَسر منهُ "(2) .
ش- عبدَ الرحمن بن عبد- بالتنوين، والقارِيّ- بالتشديد- نِسْبة إلى قارة- وقد ذكرناه.
وهشام بن حكيم بن حزام- بكسر الحاء المهملة، وفتح الزايَ- ابن خويلد بن أسد بن عبد العزَى بن قصي بن كلاب القرشي الأسدي، أسلم يوم الفتح. رُوي له عن رسول الله ستة أحاديث. روى له: مسلم حديثًا واحدًا. روى عنه: عروة بن الزبير، وقتادة البصري- والد عبد الرحمن بن قتادة-، وجبير بن نُفير، مات قبل أبيه، وقيل ": إنه استشهد بأجنادين. روى له: أبو داود، والنسائي.
(1) في سنن أبي داود:" أقرأنيها".
(2)
البخاري: كتاب فضائل القرآن، باب: أنزل القرآن على سبعة أحرف (4992) مسلم: كتاب صلاة المسافرين، باب: القرآن على سبعة أحرف (818)، الترمذي: كتاب القراءات، باب: القرآن أنزل على سبعة أحرف
(4 294)، النسائي: كتاب الافتتاح (937، 939) .
قوله: " ثم لببته " - بتخفيف الباء وتشديدها، والتخفيف أعرف-
ومعناه: جمعت عليه ثوبه عند صَدْره في لبته، ومَسكته بها وسُقتُه
واللبّة: المنحر، ووقع هاهنا " لببته بردائي "، ولفظ البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي " بردائه " ويحتمل أن يكون جمعهما له " حصل
عنده من الإنكار عليه.
قوله: " على سَبعة أحرُف " قال العلماء: سبب إنزاله على سبعة أحرف
التخفيف والتَّسْهِيل ، ولهذا قال- عليه السلام:" هُون على أمتِي ".
واختلفوا في المراد بسَبْعة أحرف ، " (1) قال القاضي: قيل: هو
توسعة وتَسْهيل لم يقصد به الحصْر، وقال الأكثرون: هو حَصْرٌ للعدد في [2/171-ب] ، سَبْعة، ثم قيل: هي سَبْعة في المعاني/ كالوَعْد والوعيد، والمحكم والمُتشابه، والحلال والحرام، والقصص والأمثال، والأمر والنَهْي.
ثم اختلف هؤلاء في تعيين السَبْعة، وقال آخرون: هي في صورة
التلاوة وكيفية النطق بكلماتها من إدغام وإظْهار، وتفخيم وترقيق، وإمالة
ومَد ، لأن العرب كانت مختلفة اللغات في هذه الوجوه، فيسّرَ اللهُ تعالى عليهم، ليقرا كل إنسان بما يُوافقُ لغتَه، ويَسْهلَ على لسانه. وقال
آخرون: هي الألفاظُ والحروفُ.
ثم اختلف هؤلاء، فقيل: سبْعُ قراءات وأوجُه. وقال أبو عُبيد:
سبْع لغات للعرب يمنها ومعدها، وهي أفصح اللغات وأعْلاها، وقيل:
بل السبْعة كلها لمُضَر وحدها، وهي متفرقة في القرآن غير مجتمعة في
كلمة واحدة. وَقيل: بل هيِ مجتمعة في بعض الكلمات كقوله تعالى:
" وعَبَدَ الطَّاغُوتَ " و" نرْتَعْ ونَلعَبْ " و" " بَاعدْ بينَ أسْفَارِنَا "
و" بعَذاب بَئيس " وغير ذلك. وقال القاضي أبو بكَر ابن الباقلاني: الصحَيح: أن هًذه الأحرف السبعة ظهرت واستفاضَت عن رسول الله
عليه السلام، وضبطتها عنه الأمة، وأثبتها عثمان والجماعة في المصحف، وأخبروا بصحتها، وإنما حذفوا منها ما لم يثبت متواترا، وأن
(1) انظر: شرح صحيح مسلم (6/99 -100) .
هذه الأحرف تختلف معانيها تارة وألفاظها أخرى، وليست متضادةً ولا
متنافية.
وقال الطحاوي: إن القراءة بالأحرف السبْعة كانت في أول الأمر خاصةً للضرورة لاختلاف لغة العرب، ومَشقّة أخذ جميع الطوائف بلغة، فلما كثر الناسُ والكتاب، وارتفعت الضرورة عادت إلى قراءة واحدة. وقال الداودي: وهذه القراءات السبْع التي يقْرأ الناسُ اليوم بها ليس هو كل حرف منها هو أحد تلك السبْعة؟ بل قد تكون متفرقة فيها. وقال أبو عبد الله ابن أبي مقرن: هذه القراءات السبْع إنما شرعت من حرف واحد من السبعة المذكورة في الحديث، وهو الذي جمع عثمان- رضي الله عنه عليه المصحفَ. وكذا ذكره النحاسُ وغيرُه. وقال غيره: ولا تكن القراءة بالسبْعة المذكورة في الحديث في ختمة واحدة، ولا ندري أي هذه القراءات كان آخر العرض على النبي- عليه السلام، وكلها مستفيضة عن النبي- عليه السلام ضبطها عنه الأئمة، وأضافت كل حرف منها إلى من أضيف إليه من الصحابة أي: إنه كان أكثر قراءة به، كما أضيفت كل قراءة منها إلى من اختار القراءة بها من القراء السَّبْعة وغيرهم. قال المازري: وأما قول من قال: المراد سبعة مَعان مختلفة كالأحكام والأمثال والقصص فخطأ ، لأن النبي- عليه السلام أشار إلى جواز القراءة بكل واحد من الحروف، وإبدال حرف بحرف، وقد تقرر إجماع المسلمين: أنه يحرم إبدال آية أمثال بآية أحكام. قال: وقول من قال: المراد: خواتيم الآي فيجعل مكان " غفور رحيم ": " سميع بصير" فاسد - أيضا- للإجماع على منع تغيير القرآن للناس (1) ، والله أعلم.
وا لحديث أخرجه: البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي.
1446-
ص- نا محمد بن يحيي بن فارس: نا عبد الرزاق: أنا معمر قال: قال الزهري: إنما هذه الأحرفُ في الأمرِ الواحد ، ليْسَ يختلفُ في حلال ولا حرامٍ (2) .
(1) إلى هنا انتهى النقل من شرح صحيح مسلم. (2) تفرد به أبو داود.
ش- عبد الرزاق: ابن همام، ومعمر: ابن راشد، ومحمد بن مُسلم: الزهري.
قوله: " إنما هذه الأحرف " أي: الأحرف السبعة المذكورة " في الأمر الواحد ليس يختلف " أي: الأمر الواحد مثلا إذا كانت سبع لغات في كلمة واحدة، وهي سَبعْ قراءات لا يختلف حكم تلك الكلمة في الحلال والحرام بسبب الاختلاف في اللفظ، فافهم.
1447-
ص- نا أبو الوليد الطيالسي: نا همام بن يحيي، عن قتادة، عن يحيى بن يَعْمُر، عن سليمان بن صُرَد الخُزاعي، عن أبيِّ بن كعب قال: قال النبيُّ- عليه السلام: " يا أبى! إِني أقرِئْتُ القرآنَ فقيلَ لي: على حرف أو حرفَيْنِ، فقال المَلَكُ الذي معي: قل: على حرفَيْنِ. قَلتُ: على حرفينِ، فقيلَ لي: على حرفين أو ثلاثٍ، فقال المَلَكُ الذي معي: قلْ: على ثلَاث (1) ، قلتُ: على ثلاث (1) حتى بَلَغَ سبعةَ أحرف، ثم قال: ليس منها إلا شافٍ كافٍ، إن قلتَ: "سَميعًا عليمًا، عزيزًا حكًيمًا، ما لم تختم آيةَ [2/172-أ] عذاب/ برحمة، أو آيةَ رحمة بعذاب " (2) .
ش- سُليماًن بن صُرد: الصحًابيّ. روى عن: أبيّ بن كعب الصحابيّ.
قوله: " أقرِئتُ " على صيغة المَجْهول.
قوله: " ليس منها إلا كاف شاف " أي: ليْس من هذه الأحرف السَبْعة حرفٌ إلا وهو حَرْف كاف لكل شيًءٍ، شاف مِن كل ذنب. والحاصل: أن حكم الجميع حكم القرًآَن في كونه كافيا شاًفيا.
قوله: " إن قلت: سميعا عليما " واصل بقوله " كاف "، يعني: إن قلت: سميعا عليما موضع عزيزٍ حكيم، أو بالعكس" فهو كاف ما لم تَختم آية عذاب برحمة، مثلا تكون الآية في العذاب ثم يَخْتمها بقوله " غفور رحيم، أو تكون في رَحْمة ثم يختمها بقوله:" تشديد العقاب "
(1) في سنن أبي داود: " ثلاثة ". (2) تفرد به أبو داود.