الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
258- بَابُ: مَتَى يَقْصُر المُسَافِرُ
أي: هذا باب في بنان قصر المسافر متى يكون؟
1172-
ص- نا ابن بَشار، ثنا محمد بن جعفر، نا شعبة، عن يحيى بن
يزيد الهُنائي قال: سألت أنس بن مالك عن قَصْرِ الصلاة؟ فقال أنس: كان
رسولُ الله إذا خَرجَ مَسيرَ ثلاثة أميال أو ثَلاثة فَرَاسِخَ- شك (1) شعبةُ
شك (1) - يُصَلِّي رَكعتينَ (2) .َ
ش- محمد بن بشار.
ويحيى بن يزيد أبو نصر الهُنائي، ويقال: أبو زيد البصري. روى
عن: أنس بن مالك. روى عنه: شعبة، وإسماعيل ابن علية، وعتبة بن
حُميد. قال أبو حاتم: شيخ. روى له: مسلم، وأبو داود (3) .
والهُنائي- بضم الهاء-: نسْبة إلى هُناءة بن مالك بطن من الأزد،
وهم الجهاضم، وهم بالبصرة.
قوله: " ثلاثة أميال " الأميال جمعُ ميلٍ، وهو ثلث الفرسخ،
والفرسخ اثنا عشر ألف خطوة، وهي ذراع ونصف بذراع العامة، وهو
أربع وعشرون إصبعا. وقال الشيخ محيى الدين: " والميل ستة آلاف ذراع والذراع أربعة وعشرون إصبعا معترضة معتدلة، والإصبع ست شعيرات
معرضات معتدلات ".
وقال الخطابي (4) : " إن ثبت هذا الحديث/ كانت الثلاثة الفراسخ [2/ 109 - ب] حداً فيما يقصر إليه الصلاة إلا أني لا أعْرف أحداً من الفقهاء يقولُ به،
وأما مذاهب الفقهاء فإن الأوزاعي قال: عامة الفقهاء يقولون: مسيرة يوم
(1) كذا بالتكرار، وفي سنن أبي داود:" شعبةُ شك "، وعند مسلم: وشعبة الشاك ".
(2)
مسلم: كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب: صلاة المسافرين (12/ 691) .
(3)
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (32/ 6947) .
(4)
معالم السنن (1/ 226) .
تام، وبهذا نأخذ. وقال مالك: يقصر من مكة إلى عُسْفان وإلى الطائف وإلى جُدة، وهو قول أحمد بن حنبل وإسحاق، وإلى نحو ذلك أشار الشافعي حين قال: ليلتين قاصدتين، ويُروى عن الحسن والزهري قريب من ذلك قالا: يقصر في مسيرة يومين، واعتمد الشافعي في ذلك قول ابن عباس حين سئِل، فقيل له: يقصر إلى عرفة؟ قال: لا، ولكن إلى عسفان وإلى جدة، وإلى الطائف، ورُوي عن ابن عمر مثل ذلك، وهو أربعة بُرد، وهذا عن ابن عمر أصح الروايتين وقال سفيان الثوري وأصحاب الرأي: لا يقصر إلا في مسافة ثلاثة أيام ".
قلت: قال داود وأهل الظاهر: يجوز في السفر الطويل والقصير حتى
لو كان ثلاثة أميالٍ قصَر. وقال الشيخ محيي الدين في تفسير هذا الحديث (1) : " هذا ليس [على] سبيل الاشتراط، وإنما وقع بحسب الحاجة ، لأن الظاهر في أسفاره عليه السلام أنه ما كان يسافر سفرا طويلاً، فيخرج عند حضور فريضة مقصورة ويترك قصرها بقرب المدينة ويتمها، وإنما كان يُسافر بعيدا من وقت المقصورة فتدركه على ثلاثة أميال أو أكثر ونحو ذلك، فيصليها حينئذ، والأحاديث المطلقة مع ظاهر القرآن متعاضدان على جواز القصر من حين يخرج من البلد، فإنه حينئذ يسعى مسافرا " انتهي.
وقال النمري: يحيى بن يزيد شيخ من أهل البصرة، وليس مثله ممن يحتمل أن يحمل مثل هذا المعنى الذي خالف فيه جمهور الصحابة والتابعة، ولا هو ممن يُوثقُ به في ضبط مثل هذا الأصل، وقد يحتمل أن يكون أراد ما تقدم ذكره من ابتداء قصر الصلاة إذا خرج ومشى ثلاثة أميال.
قلت: يحيى بن يزيد قد نص البخاري وغيره أنه سمع من أنس بن مالك، ولم يذكروا فيه طعناً والحديث قد أخرجه مسلم في " صحيحه " من روايته، وهو والحديث الذي بعده محمولان على أنه أرادَ ابتداء القصر
(1) شرح صحيح مسلم (5/ 200 - 201) .
في السفر الطويل، وحديث أنس الثاني جاء مفسرا أنه كان في حجته صلى الله عليه وسلم.
1173-
ص- نا زهير بن حرب، نا ابن عيينة، عن محمد بن المنكدر وإبراهيم بن مَيْسرة، سمع أنس بن مالك يقولُ: صليتُ مع رسولِ الله "عليه السلام الظُّهرَ بالمدينةِ أربعا والعَصرَ بِذِي الحُلَيْفَةِ رَكعتينِ (1) .
ش- سفيان بن عيينة.
وإبراهيم بن ميسرة الطائفي سكن مكة وحديثه في أهلها. سمع: أنس ابن مالك، وطاوس بن كيسان، ووهب بن عبد الله، وغيرهم. روى عنه: أيوب السختياني، وابن جريج، والثوري، وابن عيينة، وغيرهم. وقال ابن معين: ثقة. مات قريبا من سنة ست وثلاثين ومائة (2) .
قوله: " بذي الحليفة " ذو الحليفة ميقات أهل المدينة بينهما ستة أميال، ويقال: سبعة، وهذا مما احتج به أهل الظاهر في جواز القصر في طويل السفر وقصيره، ولا حجة لهم في ذلك ، لأن المراد به حين سافر- عليه السلام إلى مكة في حجة العدل صلى الظهر بالمدينة أربعا ثم سافر فأدركته العصر وهو مسافر بذي الحليفة، فصلاها ركعتين، وليس المراد أن ذا الحليفة غاية سفره، فلا دلالة فيه قطعاً وأما ابتداء القصر فيجوز من حين يُفارق بنيان بلده أو خيام قومه، إن كان من أهل الخيام، هذا مذهب العلماء كافةً إلا رواية ضعيفة عن مالك، أنه لا يقصر حتى يجاوز ثلاثة أميال، وحكي عن عطاء وجماعة من أصحاب ابن مسعود أنه إذا أراد السافر قصر قبل خروجه، وعن مجاهد أنه لا يقصر في يوم خروجه حتى
(1) البخاري: كتاب تقصير الصلاة، باب: يقصر إذا خرج من موضعه (1089)، مسلم: كتاب صلاة المسافرين، باب: صلاة المسافرين وقصرها (11/ 690)، الترمذي: كتاب الصلاة، باب: ما جاء في التقصير في السفر (546)، النسائي: كتاب الصلاة، باب: عدد صلاة الظهر في السفر
(1/ 235) .
(2)
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (2/ 255) .