الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ليس بمخبر، وإنما قاله باجتهاد أداه إلى أن الوتر واجب، والاجتهاد لا يدخله الكذب، " أنما يدخله الخطأ، وقد جاء " كذب " بمعنى " أخطأ " في غير موضع، وقد ذكرنا الجواب عن هذا.
قوله: " كان له عند الله عهد " أي: موثق، ويجيء بمعنى اليمين،
والأمان، والوصية، والرعاية، والحِفاظ.
قوله: " إن شاء عذبه، وإن شاء أدخله الجنة " فيه دليل أن تارك الصلاة عمدًا ليس حكمه حكم الكفار، وهو حجة على من يقتل تارك الصلاة كفرا، والحديث أخرجه: النسائي، وابن ماجه. ورواه ابن حبان في لتصحيحه لا.
***
324- باب: كم الوتر
أي: هذا باب في بيان كمية الوتر.
1391-
ص- نا محمد بن كثير، أنا همام، عن قتادة، عن عبد الله بن شقيق، عن، ابن عمر " أن رجلا من أهلِ الباديةِ سَألَ النبيّ- عليه السلام عن صَلاة الليلِ فقال بإصْبعَيْه هكذا: مَثنى مثنى، والوترُ ركعةٌ من آخرِ الليلِ " (1)
ش- همام بن يحيى.
واستدل الشافعي بهذا الحديث أن الإيجار بركعة واحدة جائز، وقال الطحاوي: فذهب قوم إلى هذا فقلدوه، وجعلوه أصلاً، وخالفهم آخرون، فافترقوا على فرقتين، فقال بعضهم: الوتر ثلاث ركعات، لا يسلم إلا في آخرهن، وقال بعضهم: الوتر ثلاث ركعات، يسلم في الاثنين منهن، وفي آخرهن، وكان قول رسول الله: " الوتر ركعة من
(1) مسلم: كتائب صلاة المسافرين وقصرها، باب: صلاة الليل (749)، النسائي: قيام الليل، باب: الوتر بواحدة (1/ 233) .
آخر الليل " فقد يحتمل عندنا ما قال أهل المقالة الأولى، ويحتمل أن يكون ركعة مع شفع قد تقدمها، وذلك كله وتر فتكون تلك الركعة وترًا للشفع المتقدم لها، وقد بين ذلك ما قد رواه بعضهم: حدثنا يزيد بن سنان، أنا أبو عاصم، عن ابن عون، عن نافع، عن ابن عمر: " أن رجلاً سأل النبي- عليه السلام عن صلاة الليل؟ فقال: مثنى مثنى، فإذا خشيت الصبح، فصل ركعة توتر لك صلاتك " ثم أخرج الطحاوي هذا بإحدى عشر طريقا أخرى، كلها عن النبي- عليه السلام ولنا أحاديث أخرى تدل على أن الوتر ثلاث ركعات كالمغرب، منها ما رواه النسائي في " سننه " بإسناده إلى عائشة، قالت: " كان النبي- عليه [2/ 160 - أ] السلام- لا يُسلم/ في ركعتي الوتر ".
ومنها ما رواه الحاكم في " المستدرك " بإسناده إلى عائشة، قالت:"كان رسول الله- عليه السلام يوتر بثلاث لا يُسلم إلا في آخرهن " وقال: إنه صحيح على شرط البخاري، ومسلم، ولم يخرجاه. ومنها ما رواه الدارقطني، ثم البيهقي، عن يحيى بن زكرياء: نا الأعمش، عن مالك بن الحارث، عن عبد الرحمن بن يزيد النخعي، عن عبد الله ابن مسعود، قال: قال رسول الله- عليه السلام: " وتر الليل ثلاث كوتر النهار: صلاة المغرب لما. قال الدارقطني لم يروه عن الأعمش مرفوعًا غير يحمى بن زكرياء، وهو ضعيف، وقال البيهقي: الصحيح، وقفه على ابن مسعود، ورفعه يحيى بن زكرياء بن أبي الحواجب، وهو ضعيف، ورواه الثوري، وعبد الله بن نمير، وغيرهما عن الأعمش، في فوقفوه انتهي.
قلت: أخرجه النسائي من حديث ابن عمر، قال: نا قريبة، عن الفضل بن عياش، عن هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن ابن عمر، قال:[قال] رسول الله- عليه السلام: " صلاة المغرب وتر صلاة النهار، فأوتروا صلاة الليل " وهذا السند على شرط الشيخين، وأخرجه الدارقطني أيضًا،- العني: الحديث الأول- عن إسماعيل بن
مسلم المكي، عن الحسن، عن سعد بن هشام، عن عائشة مرفوعا نصحوه سواء.
ومنها ما رواه محمد بن الحسن في " موطئه "، عن يعقوب بن إبراهيم، أنا حصين، عن إبراهيم، عن ابن مسعود، أنه قال:" ما أجزأت ركعة قط " ورواه الطبراني في ما معجمها.
ومنها ما رواه الطحاوي: حدثنا روح بن الفرج، نا يحيى بن عبد الله ابن بكير، نا بكر بن مضر، عن جعفر بن ربيعة، عن عقبة بن مسلم، قال:" سألت عبد الله بن عمر عن الوتر؟ فقال: أتعرف وتر النهار؟ فقلت: نعم، صلاة المغرب، قال: صدقت، وأحسنت " وقال الطحاوي: وعليه يُحمل حديث ابن عمر أن رجلاً سأل النبي- عليه السلام.- عن صلاة الليل؟ فقال: لا مثنى مثنى، فإذا خشيت الصبح، فصل ركعة، توتر لك ما صليت ثم قال: معناه صل ركعة في ثنتي قبلها، وتتفق بذلك الأخبار.
ومنها ما رواه الطحاوي أيضًا: حدثنا صالح بن عبد الرحمن، نا سعيد بن منصور، نا هشام، عن حميد، عن أنس، قال:" الوتر ثلاث ركعات " قال: ومذهبنا أيضا قوي من جهة النظر، لأن الوتر لايح (1) إما أن يكون فرضًا، أو سُنَة، فإن كان فرضًا فالفرض ليس إلا ركعتين، أو ثلاثا، أو أربعًا، وكلهم أجمعوا أن الوتر لا يكون ثنتي ولا أربعًا، فثبت أنه ثلاث، وإن كان لسُنَّة فأنا لم نجد لسُنَّة إلا ولها مَثَلٌ في الفرض، والفرض لم نجد فيه وترا إلا المغرب، فهو ثلاث، فثبت أن الوتر ثلاث، انتهى.
قلت: هذا الذي ذكره نظر جيد، وقد ذكر الحازمي في كتابه " الناسخ والمنسوخ " من جملة الترجيحات أن يكون الحديث موافقا للقياس، ومن جملة ما يُقوي قول أصحابنا أن الحسن البصري حكى إجماع المسلمين على
(1) كذا، ولعلها بمعنى:" لا يخرج ".
الثلاث، على ما روى ابن أبي شيبة: حدثنا حفص، ثنا عمرو، عن الحسن، قال:" أجمع المسلمون على ابن الوتر ثلاث، لا يُسلّم إلا في آخرهن ". 1392- ص- نا عبد الرحمن بن المبارك، نا قريش بن حنان العالي، نا بكر بن وائل، عن الزهري، عن عطاء بن يزيد الليثي، عن أبي أيوب الأنصاري، قال: قال رسوِلُ اللهِ- عليه السلام " الوترُ حق على كلِّ مُسلمٍ، فمن أجب أن يُوترِ بخمس فليفعلْ، ومَن أحبَّ أن يوترَ بثلاث فليفعَل، ومن أحَبَّ أن يُوتر بواحدة فًليفعلْ "(1) .
ش- قريش بن حنان أبو بكر الًعجلي البصري من بكر بن وائل. روى عن الحسن البصري، وابن سيرين، وثابت البناني، وغيرهم. روى عنه: الأوزاعي، ووكيع، وعبد الرحمن بن المبارك، وغيرهم. وقال أحمد: لا بأس به، وقال ابن معين: ثقة. روى له: البخاري، وأبو داود.
وبكر بن وائل بن داود الكوفي. روى عن الزهري. روى عنه: أبوه وائل بن داود، وهشام بن عروة، وقريش بن حيان، وغيرهم، قال أبو حاتم: هو صالح. روى له: الجماعة إلا البخاري.
[2/ 160 - ب] قوله: " الوتر حق على كل مسلم " هذا صَريح/ في وجوب الوتر، لأكن كلمة " على " للإيجاب، ولا سيما متعلِّقُهُ لفظ " الحق "، الذي بمعنى الثابت، ولا ينفي الوجوب مع هذا إلا مكابر معاند.
وأما الجواب عن التخيير بين الخمس، والثلاث، والواحدة، فكان قبل استمرار الثلاث، وقال الطحاوي: وقد أجمعت الأمة بعد رسول الله عليه السلام على خلاف ذلك، فأوتروا وترًا لا يجوز لكل من أوتر عنده ترك شيء منه، فدلّ إجماعهم على نسخ ما تقدمه من قول رسول الله، لأن الله لم يكن ليجمعهم على ضلال. والحديث أخرجه النسائي، وابن ماجه، وقد وقفه بعضهم، ولم يرفعوا إلى رسول الله، ولكن هؤلاء
(1) النسائي: كتاب قيام الليل، باب: ذكر الاختلاف على الزهري (1/ 238)، ابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة، باب: ما جاء في الوتر بثلاث وخمس وسبع وتسع (1190) .