المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌288- باب: صلاة الضحى - شرح سنن أبي داود للعيني - جـ ٥

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌245- جِماع أبواب صلاة الاستسقاء وتفريعها

- ‌246- باب: في أي وقت يحول رداءه

- ‌247- باب: رفع اليدين في الاستسقاء

- ‌248- باب: صلاة الكسوف

- ‌249- باب: من قال: أربع ركعات

- ‌250- بَابُ: القراءة في صلاة الكُسُوف

- ‌251- بَاب: ينادي فيهَا بالصّلاةِ

- ‌252- بَابُ: الصدَقة فيها

- ‌253- بَابُ: العِتْق فِيهَا

- ‌254- بَابُ: مَنْ قَال: يَركَعُ رَكعَتيْن

- ‌255- بَابُ: الصلاة عند الظلمة ونحوها

- ‌256- بَابُ: السُّجُود عند الآيات

- ‌257- بَابُ: صَلاةِ المُسَافِر

- ‌258- بَابُ: مَتَى يَقْصُر المُسَافِرُ

- ‌259- بَابُ: الأذانِ في السَّفر

- ‌260- بَابُ: المُسَافر يُصَلِي وهو يَشُكّ فِي الوَقتِ

- ‌261- باب: الجمعُ بين الصَّلاتين

- ‌262- بَابُ: قصر القراءة في السفرِ فِي الصلاةِ

- ‌263- بَابُ: التَّطَوُّع فِي السَّفَر

- ‌264- باب: التطوع على الراحلة والوتر

- ‌265- باب: الفريضة على الراحلة من غير عُذر

- ‌266- باب: متى يتم المسافر

- ‌267- باب: إذا أقام بأرض العدو يقصر

- ‌268- باب: صلاة الخوف

- ‌269- باب: مَن قال: يقومُ صف مع الإمام وصفّ وُجَاه العدوِّ

- ‌270- باب: مَن قال: إذا صلى ركعة

- ‌271- بَابُ: مَن قال: يكبرون جميعاً وإن كانوا مستدبري القبْلة

- ‌ 272- باب: من قال: يصلي بكل طائفة ركعة [

- ‌273- باب: من قال: يصلي بكل طائفة ركعة

- ‌274- باب: من قال: يصلي بكل طائفة ركعة، ولا يقضون

- ‌275- باب: قول من قال: يصلي بكل طائفة ركعتين

- ‌276- باب: صلاة الطالب

- ‌277- باب: تفريع أبواب التطوع وركعات السُّنَّة

- ‌278- باب: ركعتي الفجر

- ‌279- باب: تخفيفها

- ‌280- باب: الاضطجاع بعدها

- ‌281- باب: إذا أدرك الإمام ولم يصل ركعتي الفجر

- ‌ 282- باب: من فاتته متى يقضيها

- ‌283- باب: الأربع قبل الظهر وبعدها

- ‌284- باب: الصلاة قبل العصر

- ‌285- باب: الصلاة بعد العصر

- ‌286- بَابُ: مَنْ رَخّصَ فِيهمَا إذا كانَت الشمسُ مُرْتفِعةً

- ‌287- بَابُ: الصَّلاةِ قبْل المَغْرِب

- ‌288- بَابُ: صَلاة الضُّحَى

- ‌289- بَابُ: صَلاةِ النهارِ

- ‌290- بَابُ: صَلاةِ التَّسْبِيح

- ‌291- بَابُ: رَكعَتِي المَغْرب أيْنَ تُصَليانِ

- ‌292- بَابُ: الصَّلاةِ بَعْد العِشَاءِ

- ‌294- بَاب: قيام الليل

- ‌295- باب: من نام عن حزبه

- ‌296- باب: من نوى القيام فنام

- ‌297- باب: أي الليل أفضل

- ‌298- باب: وقت قيام النبي- عليه السلام من الليل

- ‌299- باب: افتتاح صلاة الليل بركعتين

- ‌300- باب: صلاةُ الليل مثنى مثنى

- ‌301- باب: في رفع الصوت بالقراءة في صلاة الليل

- ‌302- باب: في صلاة الليل

- ‌303- باب: ما يؤمر به من القصد

- ‌باب: تفريع أبواب شهر رمضان

- ‌304- باب: في قيام شهر رمضان

- ‌305- باب: في ليلة القدر

- ‌306- باب من قال: ليلة إحدى وعشرين

- ‌307- باب: من روى أنها ليلة سبع عشرة

- ‌308- باب: من روى في السبع الأواخر

- ‌309 - باب من قال: سبعاً وعشرين

- ‌310- باب من قال: هي في كل رمضان

- ‌311- باب: في كم يقرأ القرآن

- ‌312- باب: تحزيب القرآن

- ‌313- باب: في عدد الآي

- ‌314- باب: تفريع أبواب سجود القرآن، وكم فيه من سجدة

- ‌315- باب: من لم ير السجود في المفصل

- ‌316- باب: من رأى فيها السجود

- ‌317- باب: السجود في- {إذَا السماءُ انشَقَّتْ} و {اقْرَأ}

- ‌318- باب: السجود في " ص

- ‌319- باب: الرجل يسمع السجدة وهو راكب أو في غير صلاة

- ‌320- باب: ما يقول إذا سجد

- ‌321- باب: فيمن يقرأ السجدة بعد الصبح

- ‌322- باب: استحباب الوتر

- ‌323- باب: فيمن لم يوتر

- ‌324- باب: كم الوتر

- ‌325- باب: ما يقرأ في الوتر

- ‌326- باب: القنوت في الوتر

- ‌328- بَاب: في الوِتْر قَبْلَ النَّوْم

- ‌329- بَابُ: وقْت الوتْرِ

- ‌330- بَاب: فِي نَقْضِ الوِتْرِ

- ‌331- بَابُ: القُنُوتِ في الصلَواتِ

- ‌332- بَابٌ: في فَضْلِ التطوع فِي البَيْت

- ‌333- بابٌ

- ‌334- بَابُ الحَثِّ عَلى قيام اللَّيل

- ‌335- بَاب: فِي ثواب قراءة القُرَانِ

- ‌336- بَابٌ: في فَاتحةِ الكِتَابِ

- ‌337- بَاب: مَنْ قالَ: هيَ مِنَ الطُّوَلِ

- ‌338- بَاب: مَا جَاء في آية الكُرسيِّ

- ‌339- بَاب: فِي سُورة الصَّمدِ

- ‌340- بَابٌ: في المُعَوِّذَتَيْن

- ‌341- كَيفَ يُستحبُّ التَّرَسُّلُ في القُرآنِ

- ‌342- بَابٌ: فِيمَنْ حَفِظَ القُرآنَ ثم نَسِيَهُ

- ‌343- بَابٌ: أُنزِل القُرآنُ على سبعة أحْرُفٍ

- ‌344- بابُ الدُُّّعاء

- ‌345- بابُ: التّسْبِيح بالحصى

- ‌346- بابُ: ما يقُول الرجل إِذا سلم

- ‌347- باب: فِي الاسْتغْفارِ

- ‌349- بابُ: الصّلاةِ على غيْر النبِي- عليها السلام

- ‌350- بابُ الدعاء بظهْرِ الغيبِ

- ‌351- باب: ما يقُول الرجلُ إذا خاف قوْمًا

- ‌352- بابُ الاسْتخارةِ

- ‌353- باب: فِي الاسْتِعاذةِ

الفصل: ‌288- باب: صلاة الضحى

‌288- بَابُ: صَلاة الضُّحَى

أي: هذا باب في بيان صلاة الضحى ، والضحى- بالضم والقَصْر-: ارتفاع أول النهار، وكذلك الضحوة، ويقال: الضحى فوق الضحوة، وبه سميت صلاة الضُحى.

1255-

ص- نا أحمد بن منيع، عن عباد بن عباد ح، ونا مسدد: نا حماد بن زيد المعنى، عن واصل، عن يحيى بن عقيل، عن يحيى بن يَعمُر، عن أبي ذر، عن النبي- عليه السلام قال:، يُصْبحُ على كل سُلامَى من ابن آدم صَدقة، تسليمُه على مَنْ لقي صَدقة، وأمرُه بالمعْروف صَدَقة، ونهيهُ عن المنكر صدقة، وإماطتُه الأذى عن الطريق صَدَقة، وبُضْعَتُه (1) أهلَه صدَقة، ويجزئ (2) من ذلك كلِه: ركعتان/ من الضحى " (3)[2/ 132 - أ] . ش- عباد بن عباد: ابن المهلب المهلبي البَصْري.

وواصل: مولى أبي عُيينة بن المهلب بن أبي صفرة البصري. روى عن: أبي الزبير المكي، ويحيى بن عقيل الخزاعي، ولقيط. روى عنه: هشام بن حسان، وحماد بن زيد، وشعبة، وغيرهم. قال أحمد، وابن معين: هو ثقة. وقال أبو حاتم: صالح الحديث. روى له: البخاري، ومسلم، والنسائي، وابن ماجه (4) .

ويحيى بن عُقيل- بضم العين- الخزاعي البصري، نزل مرو. سمع: عبد الله بن أبي أوفى، وأنس بن مالك، وعمران بن حصين، ويحْيى بن يعمر. روى عنه: سليمان التيمي، ومنصور بن زاذان، وواصل مولى

(1) في حق أبي داود: " وبضعة " وذكر المصنف أنها نسخة.

(2)

كتب فوقها: " معاً " أي بفتح الباء وضمها.

(3)

النسائي في الكبرى، كتاب عشرة النساء.

(4)

انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (30/ 6666) .

ص: 181

أبي عُيينة، والحسن بن واقد. قال ابن معين: ليس به بأسٌ. روى له: مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه (1) .

وأبو ذر: جُندب بن جنادة.

قوله: " يُصبحُ على كل سُلامى "- بضم السين وتخفيف اللام- وهي عظام الأصابع والأكف والأرجل ، هذا أصله، ثم استعمل في سائر عظام الجسَد ومفاصله. وفي " صحيح مسلم ": أن رسول الله قال: " خلق الإنسان على ستين وثلثمائة مفصل، على كل مفصل صَدقةٌ ". وقيل: السلامى: جمع سُلامِيَةٍ، وهي الأنملة من أنامل الأصابع، وقيل: واحده وجمعه سواء، وقد جمع على سُلامَيات، وقيل: السّلامي: كل عظم مجوف من صغار العظام.

وقوله: " يصبح "(2) من أصبح من السم (3)، الذي يقترن مضمون الجملة بالوقت الخاص نحو قولك: أصبح زيد عالما، بمعنى: حصلت له هذه الصفة في هذا الوقت الخاص، وكذلك المعنى هاهنا يحصل لكل سلامى هذه الصفة في الوقت الخاص.

وقوله: " صدقة " مرفوع لإسناد " يُصبح "(2) إليها.

قوله: " تسليمُه " مبتدأ، وخبره: قوله: " صدقةٌ "، وهذا إلى آخره بيان للإجمال الذي في صدر الكلام ، وإنما أطلق على السلام صدقةً باعتبار أنه إيصال أُنْسٍ وأمْن من جهته إلى المُسلم عليه كما أن الصدقة إيصال بِرّ إلى الفقير، فكما أن الفقير ينتفعُ بالمُتصدق به، فكذلك المُسلَّم عليه ينتفع بالسلام من وجهين ، الأول: أنه يأمن قلبُه من جهته ، لأن الذي في قلبه المكر لأحد أو إيصال الشر إليه لا يبتدئ بالسلام، والثاني: أنه يحصل له ثوابٌ بردّ سلامه، الذي هو سَببٌ لحصول ذلك الثواب، فيُنفعُ به يوم القيامة.

قوله: " وأمرُه بالمعروف " هو اسم جامع لكل ما عرف من طاعة الله

(1) المصدر السابق (31/ 6887) .

(2)

في الأصل: " تصبح " خطأ.

(3)

كذا.

ص: 182

تعالى، والتقرب إليه، والإحسان إلى الناس، وكل ما ندب إليه الشرع ونهى عنه من المحسنات والمقبحات، وهو من الصفات العالية، أي: أمر معروف بين الناس إذا رأوه لا ينكرونه، والمعروف: النَصَفةُ وحُسْن الصحبة مع الأهل وغيرهم من الناس، والمنكر: ضد ذلك جميعه.

قوله: " وإماطتُه الأذى " أي: إزالته؟ من أمَاط يُميط. وهذا عام يتناول كل أذى يحصل للناس عن الطريق، ويَنْدرجُ فيه عزْلُ الولاة الظلمة الفسقة والحكام الرُّشَاة، والذين يتولون الوظائف الدنيّة بالبرطيل، والجُهال من الحكام ، فإنهم كلهم أذًى، وأي أذىً في طريق المسلمين وطريق الشرع؟! وكذلك يندرج فيه قطاع الطريق والسعاة الذين يَقْعدُون على طريق المسلمين، ويأخذون منهم المكس، فكل هؤلاء أذى في الطريق، وإماطتهم صدقة، وأي صدقة!

قوله: " وبُضْعَتُه أهلَه صدقة " وفي بعض النسخ: " بُضْعَة "- بضم الباء الموحدة وسكون الضاد المعجمة- والمعنى: مُباشرته أهله صدقةٌ، والبُضع يطلق على عقد النكاح والجماع والفرج. وانتصاب " أهله " على أنه مفعول المَصْدر المُضاف إلى فاعله.

قوله: لا ويجزئ لما بفتح الياء وضمها ، فالضم من الإجزاء، والفتح من جزى يجزي أي: كفى، والمعنى: يكفي من هذه الصدقات عن هذه الأعضاء ، إذ الصلاة عمل لجميع أعضاء الجسَد. وفيه دليل على عظم فضل الضحى، وكبْر مَوْقعها، وأنها تصح ركعتين.

قوله: " من الضحى " كلمة " من " بمعنى " في" أي: في الضحى، كما في قوله تعالى:{أفَا نُوديَ للصَّلاة مِن يَوم الجُمُعَة} (1) أي: في يوم الجمعة، ويجوز أن يكونن بَمعناهَ، والمعنى: ابتداؤها من وقت الضحى.

(1) سورة الجمعة: (9)

ص: 183

ص- وحديث عباد أتم، ولم يذكر مُسدد الأمر والنهي، زاد في حديثه:

وقال كذا وكذا.

، [2/ 132 - أ] ش-/ أي: حديث عباد بن عباد أتم ، لأنه ذكر فيه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولم يذكر مسدد ذلك في حديثه.

ص- وزاد ابن منيع في حديثه: قالوا: يا رسول الله، أحدُنا يَقضي

شهوتَه وتكون له صدقةٌ؟ قال: " أرأيت لو وَضعها (1) في غير حلِّها أَلم

يكن يأثمُ؟ ".

ش- أي: زاد أحمد بن منيع وهو أحد شيوخ أبي داود. وفيه إشارة

إلى صحة قول من يقول بالقياس، فافهم.

1256-

ص- نا وَهْبُ بن بَقيّة: أنا خالد، عن واصل، عن يحيى بن

عُقيل، عن يحيى، عن أبي الأسْود الدُؤَلي قال: بينما نحن عنْد أبي ذر قال:

تُصبح (2) على كل سُلامىِ من أحدكم في كل يوم صدقةٌ، فله بكُلً صَلاة

صدقةٌ وصيامٍ صدقةٌ، وحج صدقة وتسبيح صدقة وتكبير صدقةٌ وتحميدً

صدقةٌ، فعدّ رسول الله من هذه الأعمال الصالحة ثم قال: " يَجْزئ أحدَكمً

من ذلك ركعتا الضُّحى " (3) .

ش- خالد: ابن عبد الله الواسطي، وواصل: مولى أبي عُيينة، وقد

مر الآن ذكره- وأبو الأسْود: ظالم بن عمرو، وقيل: عَمرو بن سفيان،

وقيل: عمرو بن ظالم، وقيل: سارق بن ظالم، وقيل: ظالم بن

سارق، وقد ذكرناه مرةً. والدؤلي- بضم الدال وبعدها همزة مفتوحة

على مثال العُمَري، وقيل فيه غير ذلك.

(1) في الأصل: " وضعتها " وما أثبتناه من سجن أبي داود.

(2)

في سنن أبي داود: " يصبح"

(3)

مسلم: كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب: استحباب صلاة الضحى.. إلخ (84/ 7307) ، النسائي في الكبرى، كتاب عشرة النساء.

ص: 184

قوله: " فله بكل صلاة " أي: فله بمقابلة كل صلاة " صدقة " بمعنى: ثوابُ صدقة، وكذلك التًقدير في الباقي.

قوله: " يجزئ " أي: يكفي " أحدكم "، وهو منصوب على أنه مفعول " يجزئ "، والفاعل: قوله: " ركعتا الضحى ". والحديث أخرجه: مسلم ولكن الألفاظ مختلفة.

1257-

ص- نا محمد بن سلمة المرادي: نا ابن وهب، عن يحيى بن أيوب، عن زبّان بن فائد، عن سهل بن معاذ بن أنس الجهني، عن أبيه أن رسول الله- عليه السلام قال:" مَنْ قعد في مصلاه حين ينصرف من صلاة الصبح حتى يُسبّح ركعتي الضحى لا يقول إلا خيراً غُفر له خطاياه وإن كانت أكثر من زبد البَحْر "(1) .

ش- عبد الله: ابن وهب، ويحيى بن أيوب: الغافقي المصري. وزبان- بفتح الزاي والباء الموحدة المشددة- بن فائد- بالفاء- المصري الحَمراوي- بفتح الحاء المهملة- وهي محلة بطرف فسطاط مصر، كان على المظالم بمصر أيام عبد الملك بن مروان. روى عن: سهل بن معاذ بن أنس- نسخة-. روى عنه: يحيى بن أيوب، ورشدين (2) بن سعد، وابن لهيعة. قال أحمد بن حنبل: أحاديثه مناكير. وقال ابن معين: شيخ ضعيف. وقال أبو حاتم: صالح. روى له: أبو داود، والترمذي، وابن ماجه (3) .

وسَهْل بن معاذ ذكرناه، وهو ضعيف. وأبوه: معاذ بن أنس الصحابي عداده في أهل مصر.

قوله: " حتى يُسبح " أي: يتنفل " ركعتي الضحى ".

قوله: " وإن كانت " أي: خطاياه " أكثر من زبد البحر " يعني: إذا

(1) تفرد به أبو داود.

(2)

في الأصل: " رشد ".

(3)

انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (9/ 1953) .

ص: 185

فرضت أَجْساماً وأعياناً، ويجوز أن يكون كناية عن كثرة الذنوب على سبِيل المبالغة.

فإن قيل: الواو في قوله: " وإن كانت " عطف على ماذا؟ قلت: عطف على محذوف تقديرُه: إن لم يكن مثل زبد البحر، وإن كانت مثل زبد البَحْر.

1258-

ص- نا أبو توبة الربيع بن نافع: نا الهَيثم بن حميد، عن يحيى ابن الحارث، عن القاسم أبي عبد الرحمن، عن أبي أمامة أن رسول اللْه صلى الله عليه وسلم قال:" صلاة في إثر صلاة لا لغوَ بينهما: كتابٌ في عليين"(1) .

ش- يحيى بن الحاًرث: أبو عمرو المقرئ إمام جامع دمشق، والقاسِمُ: ابن عبد الرحمن أبو عبد الرحمن الدمشقي، وأبو أمامة: صُدَي بن عجلان الباهلي.

قوله: " صلاةٌ " مبتدأ، وإن كانت نكرةً ، لأنها تخصصت بالصفة، وخبرُه: قوله:" كتابٌ " أي: مكتوبٌ أي: مما يكتبُ في عليين ، وهي لوح من زبرجدة خضراء معلق تحت العرش، فيها أعمال المؤمنين، وقيل: أعلى الجنان، وقيل: السماء السابعة، وقيل: قائمة العرش اليمنى، وقيل: سدرة المنتهى، وهو جمع لا واحد له ولا تثنية، وقيل: واحده: علِي، وقد قررناه مرة مستوفًى. والأثر: بفتح الهمزة والثاء، وبكسر الَهمزة وسكون الثاء بمعنىً، يُقال: إِثْر الشيء، أي: عقيبُه، وجئتُ في أثَره، أي: عقيبه. واللغو: الكلام الباطل وما لا يُعْنَى، وقد ذكرنا الاختلاف في الاحتجاج بحديث القاسم هذا.

1259-

ص- نا داود بن رُشيد: نا الوليد، عن سعيد بن عبد العزيز،

[2/133-أ] / عن مكحول، عن كثير بن مرة أبي شجرة، عن نعيم بن هَمار قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يَقولُ: " قال الله عز وجل: يا ابن اَدمَ، لا تعجزني من أربع ركعاتٍ في أول نهارك كفِكَ آخره "(2) .

(1) تفرد به أبو داود.

(2)

الترمذي: كتاب الصلاة، باب: ما جاء في صلاة الضحى (475) .

ص: 186

ش- داود بن رُشيد- بضم الراء، وفتح الشن- وقد ذكر مرة. والوليد: ابن مسلم الدمشقي، وسعيد بن عبد العزيز: الدمشقي، فقيه أهل الشام بعد الأوزاعي، ومكحول: الدمشقي، وكثير بن مرة أبو شجرة: الحمصي.

ونعيم بن همار- بفتح الهاء وتشديد الميم، وفي آخره راء- ويقال:

ابن هبار- بالباء الموحدة موضع الميم- ويقال: ابن هدار- بالدال المهملة-، ويُقال: ابن همام- بميمين-، ويقال: ابن خمار- بالخاء المعجمة-، ويقال: ابن حمار- بكسر الحاء المهملة، وفي آخره راء- الغطفاني الشامي. روى عنَ: النبي- عليه السلام حديثا واحدا ، كذا قال صاحب " الكمال "، وقال غيره: وقع لنا أحاديث كثيرة من روايته. روى عنه: كثير بن مرة، وأبو إدريس الخولاني، وقيس الجذامي الشامي، وقيْس هذا لا يُنْسب. روى له: أبو داود (1) .

قوله: " لا تعجزني " - بضم التاء -؛ وهذا مجاز كنايةٌ عن تَسْويف العبد عمله لله تعالى ، والمعنى: لا تُسَوّف صلاة أربع ركعاتٍ لي في أول نهارك أكفك آخر النهار من كل شيء: من الهموم والبلايا ونحوهما، و" أكفك " مجزوم لأنه جواب النهي. والحديث أخرجه: الترمذي، عن أبي الدرداء، وأبي ذرّ، عن رسول الله، عن الله عز وجل أنه قال:"ابن آدم، اركعْ لي من أول النهار أربع ركعات أكفك آخره "، وقال: هذا حَديث حَسن غريب. انتهى. وفي إسناده: ابن عياش وفيه مقال، ومن الأئمة من يُصحح حديثه في الشاميين، وهذا الحديث شامي الإسْناد. وحديث نعيم بن هبار: قد اختلفت الرواية فيه اختلافا كثيرا، وحمل العلماء هذه الركعات على صلاة الضحى، وقال بعضهم: النهار يقع عند أكثرهم على ما بين طلوع الشمس إلى غروبها. وإخراج

(1) انظر ترجمته في: الاستيعاب بهامش الإصابة (3/ 558) ، وأسد الغابة (5/ 350) ، والإصابة (3/ 569) .

ص: 187

أبي داود والترمذي في صلاة الضحى يدل على أَن المراد منها: صلاة الضحى.

1260-

ص- نا أحمد بن صالح، وأحمد بن عمرو بن السَرحْ: نا ابن وهب: حدثني عياض بن عبد الله، عن مخرمة بن سليمان، عن كريب مولى ابن عباس، عن أم هانئ بنْت أبي طالب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى (1) يوم الفتح صلى سبحة الضحى ثمان ركعات يُسلم من كل ركعتَيْن (2) .

ش- مَخْرمة بن سليمان: الوالبيَ ، ووالبة: حي من بني أسدٍ بن خزيمة المديني. سمع: السائب بن يزيد، وعبد الرحمن الأعرج، وكريبا (3) مولى ابن عباس. روى عنه: مالك بن أنس، وعَبْد ربه بن سعيد، وعياض بن عبد الله الفهري، وغيرهم. قال ابن معين: ثقة. وقال أبو حاتم: صالح الحديث. وقال ابن سَعْد: قتلَتْه الحَرورية بقديد سنة ثلاثين ومائة وهو ابن سبعين سنة ً. روى له الجماعة (4) .

وأم هانئ: فاختة بنت أبي طالب بن عبد المطلب، أخت علي- رضي

الله عنه-. وقال أحمد: اسمُها: هند؛ والأول أكثر، روي لها عن رسول الله ستة وأربعون حديثا ، اتفقا على حديث واحدٍ. روى عنها: أبو مرة مولى أخيها عقيل، وقيل: مولاها، وعبد الرحمن بن أبي ليلى. روى لها الجماعة (5) .

(1) كذا، وهي غير موجودة في سنن أبي داود.

(2)

ابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة والسُنَة فيها، باب: ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى (1323) .

(3)

في الأصل: " كريب "

(4)

انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (27/5830) .

(5)

انظر ترجمتها في: الاستيعاب بهامش الإصابة (4/ 503) ، وأسد الغابة (7/ 404) ، والإصابة (4/ 503) .

ص: 188

قوله: " يوم الفتح " أي: فتح مكة. وقال البيهقي: غزا رسولُ الله

غزوة الفتح- فتح مكة- فخرج من المدينة في رَمضان ومعه من المسلمين

عشرة آلاف، وذلك على رأس ثمان سنين ونصف سنة من مَقدمه المدينة،

وافتتح مكة لثلاث عشرة بقين من رمضان. ً

قوله: " سبحة الضحى " أي: صلاة الضحى. وقد اختلفت الروايات

في عدد صلاة الضحى- كما ترى- وذلك بحسب اختلاف الحال والمكان

والحديث أخرجه: ابن ماجه.

ص- قال أبو داود: قال أحمد بن صالح: إن رسولَ الله صلى بوم الفتح

سبحة الضحى، فذكر مثله.

ش- أي: مثل الحديث المذكور، فذكره مُعلقا.

ص- قال ابن السَرْح: إن أم هانئ قالت: دخَلَ علي رسولُ الله- عليه

السلام-، ولم يذكر سبحة الضحى بمعناه.

ش- أي: بمعنى الحديث المذكور، ولم يذكر أحمد بن السَرْح (سبحة

الضحى) ، وإنما قال:(صلى ثمان ركعاتِ) فذكره مُعلقاً.

1261-

ص- نا حفص بن عمر: نا شعبة، / عن عَمْرو بن مُرّة، عن [2/133-ب] ابن أبي ليلى قال: ما أخبرنا أحد أنه رأى النبي- عليه السلام صلى الضحى غير أم هانئ ، فإنها ذكرت أن النبيِ- عليه السلام يوم فتح مكة

اغتسل في بيتها وصلى ثمان ركعات، فلم يره أحد صلاهن بعدُ (1) .

ش- عبد الرحمن: ابن أبي ليلى الأنصاري.

قوله: " بعد " أي: بعد ذلك اليوم. والحديث أخرجه: البخاري،

ومسلم، والترمذي، وابن أبي شيبة، ولفظه: نا وكيع: نا ابن

أبي خالد، عن أبي صالح مولى أم هانئ، عن أم هانئ قالت: دخل

(1) البخاري: كتاب التهجد، باب: صلاة الضحى في السفر (1176)، مسلم: كتاب صلاة المسافرين، باب: استحباب صلاة الضحى (336)، الترمذي: كتاب الصلاة، باب: ما جاء في صلاة الضحى (474) .

ص: 189

رسول الله- عليه السلام بيتي يوم فتح مكة، فوضعت له ماء فاغتسل، ثم صلى ثمان ركعاتٍ صلاة الضحى لم يصلهن قبل يومه ولا بعده.

1262-

ص- نا مسدد: نا يزيد بن زُريع: نا الجُريري، عن عبد الله بن شقيق قال: سألت عائشة: هلِ كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُصلي الضُحى؟ قالت (1) : لا، إلا أنْ يجيء من مغيبه، قلت: هل كان رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يُقْرِنُ بَيْن السُوَر (2) ؟ قالَتْ: مِن المُفَصّلً (3) .

ش- الجُريري: سعيد بن إياس.

قوله: " من مغيبه " المغيب- بفتح الميم- مَصْدر، تقول: غاب عنه غَيبا وغَيبةً وغيابا وغُيوبا ومغِيباً ، والمعنى: إلا أن يرجع من سفره. والجمع بين حديث عائشة في نفي صلاته- عليه السلام الضحى وإثباتها: هو أن النبي- عليه السلام كان يُصليها في بعض الأوقات لفضلها، ويتركها في بعضها خشية أن تفرض (4) - كما ذكرته عائشة- وتأويل قولها:"لا، إلا أن يجيء من مغيبه " ما رأيتُه كما قالت في الرواية الأخرى: " ما رأيت رسول الله يصلي سُبْحة الضحى "، وسببه: أنه-عليه السلام ما كان يكون عند عائشة في وقت الضحى إلا في نادر من الأوقات، وقد يكون في ذلك مسافراً، وقد يكون حاضراً ولكنه في المسجد أو في موضع آخر، وإذا كان عند نسائه فإنما كان لها يوم من تسعة فيصح قولها:" ما رايته يُصليها " - كما في رواية مسلم- وكذا يصح قولها: " لا "- كما في رواية أبي داود- أو يكون معنى قولها: " لا ما رأيته يُصليها ": ما يداوم عليها؛ فيكون نفياً للمداومة، لا لأصلها، والله أعلم.

(1) في سنن أبي داود: " فقالت ". (2) في سنن أبي داود: " السورتين"(3) مسلم: كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب: استحباب صلاة الضحى

(75/ 717)، النسائي: كتاب الصوم، باب: ذكر اختلاف ألفاظ الناقلين لخبر عائشة فيه (4/ 152) .

(4)

في الأصل: " تعرض "

ص: 190

فإن قيل: قد صح عن ابن عمر أنه قال في الضحى: هي بدعة. قلنا: هو محمول على أن صلاتها في المسجد، والتظاهر بها كما كانوا يفعلونه بدعة؛ لا أن أصلها في الثبوت ونحوها مذموم. أو يقال: قوله: " بدعة " أي: المواظبة عليها؛ لأنه- عليه السلام لم يواظب عليها خشية أن تفرض، وهذا في حقه- عليه السلام، وأما في حقنا: فقد ثبت استحباب المحافظة بحديث أبي الدرداء وأبي ذر وقد يقال: إن ابن عمر لم يبلغه فعل النبي- عليه السلام الضحى وأمره بها، وكيف كان فجمهور العلماء على استحباب الضحى ، وإنما نقل التوقف فيها عن ابن مسعود، وابن عمر. قال أبو بكر بن أبي شيبة: نا وكيع: لا شعبة، عن توبة العنبري، عن مورق العجلي قال: قلت لابن عمر: أتصلي الضحى؟ قال: لا. قلت: صلاها عمر؟ قال: لا. قلت: صلاها أبو بكر؟ قال: لا. قلت: صلاها النبي- عليه السلام؟ قال: لا أخال.

نا وكيع: نا ابن أبي خالد، عن الشعبي، عن ابن عمر قال: ما صليت الضحى مذ أسلمت، إلا أن أطوف.

نا ابن علية، عن الجُريري، عن الحكم بن الأعرج قال: سألت ابن عمر عن صلاة الضحى وهو مستند ظهره إلى حجرة النبي- عليه السلام فقال: بدعة، ونعْمت البدعةُ.

ونا شعبة، عن عمرو بن مرة، عن أبي عبيدة قال: لم يخبرني أحد من الناس أنه رأى ابن مسعود يصلي الضحى.

قوله: " يَقْرِنُ بين السُوَر" من قرَن بين الشيئين: إذا جمع بينهما، ومضارعُه: يقرن بكسر الراء- والمفصل: السبع السابعُ من القرآن ، سمي به لكثرة فصوله؛ وهو من سورة محمد، وقيل: من سُورة الفتح، وقيل: من سورة قاف إلى آخر القرآن. والحديث أخرجه: البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي مختصرا ومُطولا.

1263-

ص- نا القعنبي، عن مالك، عن ابن شهاب، عن عروة بن

ص: 191

الزبير، عن عائشة زوج النبي- عليه السلام أنها قالت: ما سبح رسول الله سُبْحة الضحى قط، وإني لأسبحها / وإن كان رسولُ الله لَيدعُ العملَ وهو يُحِبُّ أن يعْمل به خَشْية أن يَعْمل به الناس فيُفْرض علَيْهم (1) .

ش- " ما سبح " بمعنى: ما تنفل ، والسبحَة: النافلة.

قوله: " وإني لأسبحها " أي: أصليها، وفي رواية:" لأسْتَحبّها " من

الاستحباب.

قوله: " وإن كان "" إن " مُخففة من مُثقلة، وأصلُه: إنه كان رسولُ الله، واللام في " لَيدعُ " للتأكيد أي: ليتركُ ، والواو في " وهو يُحب " للحال، وانتصاب " خشية " على التعليل.

قوله: " أن يعمل به الناس "" أن " مَصْدرية، ومحلها الجر بالإضافة ، والمعنى: خشية عمل الناس به.

قوله: " فيُفرض " عطف على " أن يعمل ". والحديث أخرجه: البخاري، ومسلم. وقد أخرج مسلم في " الصحيح " من حديث عائشة قالت: كان رسول الله- عليه السلام يُصلي الضحى أربعاً ويزيدُ ما شاء اللهُ. وقد مرّ وجه الجمعْ بينهما عن قريب، فمَعْنى قولها: أما سبح، يعني: مواظباً عليها ومُعْلِناً بها.

1264-

ص- نا ابن نفيل، وأحمد بن يونس قالا: لا زهير: نا سماك قال: قلت لجابر بن سَمُرة: أكنتَ تُجالسُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم كثيراً، فكان لا يَقومُ من مُصلاه الذي علىَ فيه الغداة حتى تَطلع الشمسُ فإذا طلعت قَامَ (2) .

(1) البخاري: كتاب التهجد، باب: من لم يصل الضحى، ورآه واسعا (1177) مسلم: كتاب صلاة المسافرين، باب: استحباب صلاة الضحى (718) .

(2)

مسلم: كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب: فضل الجلوس في مصلاه بعد الصبح وفضل المساجد (670) ، وأعاد القصة الأخيرة في كتاب الفضائل، باب: فضائل النبي صلى الله عليه وسلم (2322)، النسائي ": كتاب السهو، باب: قعود الإمام في مصلاه بعد التسليم (3/ 80) .

ص: 192